فهد بن سلطان يشيد بأعمال "الأمر بالمعروف"    تقرير "911" على طاولة نائب أمير الرياض    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الوليد بن خالد بن طلال    بعد غيبوبة طويلة مؤثرة في المشاعر.. الأمير الوليد بن خالد بن طلال إلى رحمة الله    «سدايا» تُطلق البيئة التجريبية لتطبيق «توكلنا»    أمير الشرقية يدشن مشروعات في القطاع الجوي ب1.6 مليار ريال    أمير المدينة يطلع على مؤشرات سلامة المنتجات    تدشين المخطط العام لمطار الملك فهد الدولي    الإكوادور تسلّم الولايات المتحدة زعيم أخطر عصابة لتهريب المخدرات    غزة تختنق جوعاً تحت الحصار    كييف تقترح إجراء محادثات سلام مع موسكو.. الأسبوع المقبل    جدة تشهد منافسات بطولة العالم للبلياردو 2025    رسميًا.. الهلال خارج السوبر … ورد فعل الاتحاد السعودي    الكابتن عمر الثاقب ل«الرياض» بعد فوزه بالذهبية: تنظيم بطولات البادل بالمملكة يرفع مستوى الوعي بها ويشجع على ممارستها    المحسن: لا نشعر بالمرحلة الانتقالية في «الدانة»    ناشئو أخضر اليد يواصلون معسكرهم الإعدادي استعداداً لمونديال 2025    القصيم وجدة يتنافسان على لقب بطولة المنتخبات الإقليمية تحت 13 عاماً    في كأس العالم للرياضات الإلكترونية| سيدات Team Vitality يتوجن بلقب MLBB    خادم الحرمين الشريفين يتلقى رسالة خطية من ملك مملكة إسواتيني    مكافحة التعصب الرياضي    محمد بن عبدالعزيز يتسلم تقرير التعليم    ضبط 21058 مخالفًا للإقامة والعمل وأمن الحدود    آشي والليثي يحتفلان بزواج أحمد    «قصبة المضمار»    «فنون المدينة» «تحكي قصصًا»    29 مليون ريال في 4 أعوام.. المزاد الدولي لمزارع الإنتاج للصقور يجمع العالم في الرياض    «إثراء» يعلن فوز أربعة فرق في منافسة سباق «STEM»    وزير الإعلام يزور مقر شبكة "العربية" بالرياض ويطّلع على جاهزيتها التشغيلية بعد انتقالها الكامل    جمعية "واعي جازان " ومركز مسارات يسلطان الضوء على ظاهرة الطلاق العاطفي    مكة والمدينة تتصدران متوسط مدة الإقامة بالفنادق    تداوليغلق على تراجع    التنظير بين التجربة الشخصية والحكم على الآخرين    القطاعات غير النفطية تعزز النمو الصناعي    أمانة الرياض توقع إتفاقية لتأهيل مرصد الأهلة بتمير بالتعاون مع الأهالي والسكان    أمير تبوك يواسي الدكتور عبدالله الشريف في وفاة والدته    61 ألف مستفيد من الإرشاد بالمسجد النبوي    أمير تبوك يستقبل مدير فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمنطقة    أمير منطقة جازان يستقبل رئيس مجلس إدارة كلية "منار الجنوب" للعلوم والتقنية    أمير منطقة جازان يتسلّم التقرير الشامل لأداء "تعليم جازان" وخططه المستقبلية    الجوازات تحث المواطنين على التأكد من مدة صلاحية الجواز قبل السفر خارج السعودية    المياه الوطنية تبدأ تنفيذ 9 مشاريع مائية وبيئية في نجران بأكثر من 551 مليون ريال    الأرصاد : رياح شديدة السرعة على عدد من محافظات منطقة مكة    هونج كونج تصدر أعلى تحذير من العاصفة مع اقتراب الإعصار ويبا    الرنين المغناطيسي يقتل رجلا    إشادة إقليمية بدور قطر في الوساطة.. السعودية ترحب بإعلان المبادئ «شرق الكونغو»    أزياء مستلهمة من ثقافة المملكة    5 أفلام صيفية تتنافس في الصالات العربية    86 ألف مكالمة في يوم واحد إلى مركز 911    الشرع يحذر من مشاريع الانفصال والتدخلات الخارجية.. وقف شامل لإطلاق النار في السويداء    وسط تقييمات متباينة بين الطرفين.. تصعيد متبادل بين واشنطن وطهران بشأن «النووي»    مطلقات مكة يتصدرن طلبات النفقة المستقبلية باستقطاع شهري    الإطاحة بمقيمين لترويجهما مادة الكوكايين المخدر    أشياء يومية تعج بالبكتيريا الخفية    فوائد غير متوقعة للنحاس عند كبار السن    دراسة: البيض لا يرفع مستويات الكوليسترول الضار    وفاة «مؤثر» اتبع حمية اللحوم لمدة 3 سنوات    ترسيخ الاعتدال ومحاربة التطرف    السعودية تُرحب بالتوقيع على إعلان مبادئ بين الكونغو وتحالف نهر الكونغو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الانغلاق والانفتاح الخاطئ يناهضان الإبداع في الثقافة العربية
نشر في الحياة يوم 11 - 07 - 2008

يرى بعض العاملين في مجال الفكر والثقافة ان الثقافة العربية تعاني منذ فترة ضموراً في الإبداع في ميادين الفكر والعلم. ويطاول هذا الضمور معظم التيارات الفكرية والرموز التي تعبّر عنها. ولا يتم الاعتراف بهذا"النقص"والخلل، فيما نشهد ادعاءات تجابي هذا الحكم ويقول بها اكثر من صاحب اتجاه فكري.
يخصص الكاتب الجزائري عبدالله البريدي بحثاً خاصاً قصره على السلفية والليبرالية بصفتهما اتجاهين فكريين يدعي كل منهما أنه يجسد طريق الخلاص وسبيل النهوض ومبعث الإبداع. صدر الكتاب بعنوان"السلفية والليبرالية، اغتيال الإبداع في ثقافتنا العربية"، عن المركز الثقافي العربي.
يركز البريدي على محورين أساسيين، الأول مقاربة السلفية والليبرالية وتحديد معالمهما، والثاني معالجة الأسباب التي جعلت هذين التيارين معوقين للإبداع.
تدعي السلفية انها"الدين"الصحيح الموافق للكتاب والسنّة والسلف الصالح. وإذا كان الإسلام عرف وجود 72 فرقة بينها فرقة واحدة ناجية وسائر الفرق الى النار، فإن السلفية ترى في نفسها هذه"الفرقة الناجية". وفي هذا المجال تشدد السلفية على انها الفرقة التي"لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها"، واذا كان هناك من خطأ فهو من مسؤولية بعض الأتباع أو من"أدعياء السلفية"وليس من فكرها أو منهجها.
وبسبب هذه الوثوقية من علمها وشموليتها، تطلق السلفية تصنيفات تختزل فيها المواقف الى من هو"سلفي"وپ"غير سلفي"، وتحاسب البشر استناداً الى هذا الانتماء. وبسبب هذا التشدد في التصنيف تتغاضى السلفية بل تتجاهل حقائق تاريخية ترى ان الإسلام لم يكن ديناً مغلقاً، بل انه اتى بشعائر وعبادات وأحكام ومعاملات تحوي حدوداً دنيا وحدوداً قصوى بما يسمح للفقيه بمراعاة الظروف والوقائع الحياتية في تطبيق النص الديني.
تمثل الليبرالية وجهاً شبه مناقض للاتجاه السلفي، فهي انبثقت من الثقافة الغربية وبالتحديد من أطروحة"الإنسانية"التي خاضت معركة منذ مطالع القرن السادس عشر ضد الكنيسة وتسلطها وتحكمها بمصائر الناس ومعاشهم. شكلت هذه المعركة بواكير النهضة الأوروبية التي شهدت توسعاً في القرون التي تلت.
مآخذ على الليبرالية
عارضت الليبرالية الحكم المطلق وطالبت بإقامة الحكم الدستوري المستند الى سلطة الشعب والانتخابات البرلمانية الدورية وتداول السلطة. انطوت الليبرالية على مفاهيم وقيم لا تزال تشكل أهدافاً لمجمل شعوب العالم مثل الحرية والعدالة وحقوق الإنسان والتسامح والتعددية الفكرية والمشاركة السياسية، وهي قيم اختصرها مفهوم الديموقراطية الذي توسع لاحقاً بحيث اشتمل على الليبرالية وغيرها من المفاهيم.
يؤخذ على الليبرالية انها تحوي قدراً كبيراً من الغموض والالتباسات والتناقضات. فهي تغالي في إعطاء حيز كبير للبعد"الفرداني"على حساب الجماعة، وهي مرتبكة في الميدان الاقتصادي بين رفض مطلق لتدخل الدولة استناداً الى المقولة الرئيسة التي قامت عليها، اي"دعه يعمل، دعه يمر"، وحاجة حقيقية لتدخل الدولة للحد من انفلات السوق ولتحقيق حد من العدالة الاجتماعية. وليس أدل على هذا التناقض من تناحر الليبراليات في كل مكان وتنوع أو تعدد مفاهيمها وأفكارها. ولا يخلو العالم العربي من هذا التناحر بين الليبراليات خصوصاً عندما تعبّر عن نفسها في انتماء سياسي سواء كان داخلياً أم خارجياً.
يطرح الكاتب سؤالاً يتناول الإعاقات التي منعت الإبداع في عالمنا العربي انطلاقاً من قراءته لليبرالية والسلفية ويخرج بحكم يحمّل الاتجاهين الفكريين - السياسيين المسؤولية عن هذا"القحط"الذي تقيم فيه المجتمعات العربية.
ويشير الى ان السلفية منذ بواكير النهضة العربية والإسلامية في نهايات القرن التاسع عشر جهدت للحيلولة دون الانفتاح على الثقافات الأخرى بحجة ان ما لدينا من رصيد معرفي وفكري كاف للإجابة عن كل القضايا. إضافة الى ان السلفية عجزت عن تجاوز"الوعظ النهضوي"الذي ظل يركز على مقولة محورية عمادها"الرجوع الى الدين". وتعود الإعاقة الإبداعية لدى السلفية الى"العقل"الذي فشل من الإفادة من الاتساع الهائل للفقه الإسلامي مما جعله"عقلاً استرجاعياً"لا"عقلاً توليدياً".
في المقابل، يسجل للفكر الليبرالي انه قام في الفترة المبكرة من النهضة العربية بجهود كبيرة في نقل الأفكار والإفادة من ثقافة الآخر خصوصاً الغربي منها، ومن خبراته في مجالات الفلسفة والعلوم والإدارة والاقتصاد والتقنية والشؤون العسكرية. لكن الليبرالية غالت في مجال النقل والاقتباس، فلم تفرق بين ما يسوغ نقله وما لا يسوغ، مما جعلها في قفص الاتهام بأنها همشت التراث العربي والإسلامي الى حدود القطيعة معه. وهو شأن جعل هذا العقل مستسلماً أمام النتاج الغربي وفق تطبيقاته الإنسانية في المجتمعات الغربية فكرياً وسياسياً، وتضخيمه لهذه التجربة التي رأى فيها تمثيلاً للكمال المطلق.
يسجل الكاتب حكماً على العقلين متهماً اياهما بالفشل في تطوير طرائق التفكير والإدارة وفي العجز عن ابتكار أدوات منهجية وتشخيصية جديدة، وقد اخفقا في إبداع نظريات ونماذج ومصطلحات جديدة في مختلف الحقول المعرفية .
يعود هذا العجز الى إقامة العقلين في التقليد واجترار مقولات لا تجيب عن متطلبات الواقع العربي، سواء بالإصرار على البقاء في الماضي بحسب السلفية، أو بالهروب الى الأمام واستحضار مقولات لا تتناسب مع واقعنا منقولة من تجارب أخرى كما هي حال الليبرالية.
يبدو ان الخروج من المأزق ينطلق من نقد العقل السائد في كل مدارسه الفكرية والسياسية، وبالانفتاح على الآخر بما هو حضارة وعلم من أي مصدر أتى، إضافة الى العودة الى التراث وأخذ ما هو حي فيه والتخلي عما تجاوزه الزمن، وهي أمور تترافق مع تخطي القيود والأنماط الجامدة التي لا تزال تأسر الإنسان العربي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.