تحت رعاية وزير الداخلية.. اللواء القرني يشهد حفل تكريم المتقاعدين من منسوبي"مكافحة المخدرات"    7.1 مليار ريال صادرات كيماوية    2.1 % نسبة التضخم    انطلق في الرياض وجوائز مليونية.. 10 آلاف مشروع في كأس العالم لريادة الأعمال    ترمب: نحتاج معاهدة سلام.. وبوتين: المحادثات بناءة.. واشنطن وموسكو.. مباحثات مثمرة لحل الأزمة الأوكرانية    تحذيرات من تهديد للأمن الإقليمي وتصفية القضية الفلسطينية.. رفض دولي قاطع لخطة إسرائيل الكبرى    عشرات القتلى ومخاوف من انهيار المنظومة الإنسانية.. سلسلة غارات إسرائيلية على غزة    نائب وزير الرياضة يتوّج الأسترالي نيل روبرتسون بلقب بطولة الماسترز للسنوكر 2025    التحول في التعليم    محمد بن عبدالرحمن يدشن 314 مشروعاً تعليمياً في الرياض    وزارتا الإعلام والتعليم تطلقان برنامج الابتعاث إلى 15 دولةً    ابتعاث الإعلام.. شراكة استراتيجية لتأهيل جيل إعلامي منافس عالمياً    بيع 3 صقور ب 214 ألف ريال في الليلة الثانية من المزاد الدولي لمزارع إنتاج الصقور 2025    مذكرة تعاون بين وزارتي الإعلام والتعليم لإطلاق مبادرة "ابتعاث الإعلام"    المشاركون في مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية يغادرون مكة متجهين إلى المدينة المنورة    الاتفاق يتعادل إيجابياً مع الرفاع البحريني ودّياً    "الفتح"يتغلّب على أوردينو الأندوري برباعية ودية    خلال معسكره الخارجي في إسبانيا .. "نيوم"يتعادل مع روما الإيطالي    الفريق الفتحاوي يختتم معسكر إسبانيا بالفوز في مباراتين وديتين    بايرن ميونيخ يهزم شتوتجارت بثنائية ويتوج بكأس السوبر الألماني    غوارديولا: فوز واحد لا يعني أن سيتي عاد لمستواه    كومان يشارك في تدريبات النصر    الذهب يسجل خسائر أسبوعية مع تقلص توقعات خفض أسعار الفائدة    45% من النمو الاقتصادي للقطاع الخاص    الاستدامة تهدد وظائف الاستثمار الاجتماعي    الإنسانية في فلسفة الإنسانيين آل لوتاه أنموذجا    كيف سقطت ورقة " معاداة السامية "    صندوق الاستثمارات العامة.. من إدارة الثروة إلى صناعة القوة الاقتصادية    مشاهد إيمانية يعيشها المشاركون في رحاب المسجد الحرام    "هجرس".. أصغر صقار خطف الأنظار وعزّز الموروث    النفط يستقر على انخفاض وسط آمال تخفيف العقوبات على الخام الروسي    الشؤون الدينية تنفذ خطتها التشغيلية لموسم العمرة    خطيب المسجد الحرام: شِدَّةَ الحَر آية يرسلها الله مَوعِظَةً وعِبْرَة    إمام المسجد النبوي: العِلْم أفضل الطاعات وأزكى القُربات    ترمب يستعد للقاء زيلينسكي في واشنطن ويطرح رؤية لاتفاق سلام شامل    جامعة أمِّ القُرى تنظِّم مؤتمر: "مسؤوليَّة الجامعات في تعزيز القيم والوعي الفكري" برعاية كريمة من خادم الحرمين الشَّريفين    التعليم تشدد على ضوابط الزي المدرسي    انتشال جثث بعد مقتل 320 شخصاً خلال 48 ساعة جراء الأمطار الموسمية في باكستان    نتنياهو يفتح الباب أمام مقترح صفقة جزئية مع حماس لإطلاق الأسرى    اللاونجات تحت عين الرقيب    «متحف طارق عبدالحكيم» يختتم المخيم الصيفي    دراسة: احتساء القهوة صباحا يزيد الشعور بالسعادة    خفض الكوليسترول خلال 10 أيام    السجائر الإلكترونية مستعمرة بالفطريات    "الشؤون الإسلامية" بجازان تنفذ أكثر من 460 جولة ميدانية لصيانة عدد من الجوامع والمساجد بالمنطقة    أميركا: وقف إصدار جميع تأشيرات الزيارة للقادمين من غزة    العدل تطلق خدمات مركز الترجمة الموحد عبر منصة تقاضي    فريق قوة عطاء التطوعي ينفذ مبادرة "احتواء 1″ بجازان    «التعليم» تنشر ضوابط الزي المدرسي والرياضي للطلاب والطالبات    المعلمون يعودون غدًا استعدادًا للعام الدراسي الجديد 1447ه    تجمع تبوك الصحي يطلق مشروعات تطويرية لطب الأسنان    أمير عسير يستقبل سفير بلجيكا    المملكة تعزي وتواسي باكستان في ضحايا الفيضانات والسيول    محمد بن عبدالرحمن يعزي في وفاة الفريق سلطان المطيري    نائب أمير جازان يستقبل مدير مكتب تحقيق الرؤية بالإمارة    أحداث تاريخية في جيزان.. معركة أبوعريش    نائب أمير جازان يلتقي شباب وشابات المنطقة ويستعرض البرامج التنموية    اطلع على أعمال قيادة القوات الخاصة للأمن البيئي.. وزير الداخلية يتابع سير العمل في وكالة الأحوال المدنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أين الشباب في الجزائر ... المدينة المغلقة في عصر الانفتاح والمختنقة في زمن الحياة ؟
نشر في الحياة يوم 02 - 06 - 2008

من كان يصدق من الجزائريين في سبعينات القرن الماضي وثمانيناته أنّ العاصمة الجزائر ستغدو مطلع الألفية الثالثة هيكل مدينة خاملة تلم أطرافها سريعاً حتى قبل أن يسدل الليل كامل عتمته؟ سريعاً انكفأت المدينة على نفسها وغدت حياة الانطلاق والسهر والحركة الدائمة مجرد ذكرى تبدو قديمة جداً.
المدن التي نسكنها تشبهنا الى حدّ التطابق... توالت الحضارات على الجزائر العاصمة ومعها تلاحقت الطباع والتقاليد الخاصة. من عهد الأتراك وما تركوه من مميزات خاصة في المعمار واللباس إلى الحضور الفرنسي بكامل أشكاله: نمط العيش، اللغة، الأشكال، الأكل، حلم الانتقال إلى البلد الأصل... وجزئيات أخرى أكبر من أن تتبلور. في النهاية ليست المدينة سوى ذاك المزيج المتراكم من كل شيء ومن لا شيء.
"ماذا حدث في هذه المدينة؟ وجهها تغيّر وامتلأ بالندوب وعادت الأمراض الفتاكة بعدما نسيناها. هي المدينة الآن تتسرب من بين أصابعنا كحبات رمل تستبيحها أقدام القتلة. القصبة القديمة بأسواقها الشعبية, الباعة المتجولون, البهارات الهندية، سوق الذهب التركية, السباكون, الخرّازون, الحدّادون, صانعو الأحذية الصغار, ضريح سيدي عبدالرحمن الثعالبي وبقايا أبواب وفتحات الجيوش الانكشارية التي تغلق الشوارع كلما نزلت إلى المدينة...". هكذا كتب الروائي واسيني الأعرج في رائعته"سيدة المقام"في استرجاع لخصوصية الوطن الجزائري بكل اتساعه وتفرّده. من يقرأ اليوم لواسيني الأعرج يدرك هشاشة المدن وهشاشة النفس أمام النص الجميل.
الجزائر مدينة تحتاج الى أكثر من زمن واحد لتعيد ترتيب جغرافيتها الواسعة. هي التي اختلطت عليها المؤثرات الخارجية الكثيرة، وجعلتها تصرّ على البقاء متفردة في كل شيء عن المدن الأخرى على رغم تطابق الأوضاع والظروف. تشابه المدن مع الأفراد فرض علينا حتمية تصديق المثل الذي يقول:"ما يتزاوجوا حتى يتشابهوا".
وهكذا صارت العاصمة نسخة طبق الأصل عن تردد سكانها ومواربة مواطنيها الذين استكانوا سريعاً نحو الاختفاء والبقاء في الجحور والأماكن المغلقة عوضاً عن التماهي داخل حارات المدينة وأزقتها التي كثيراً ما انتظرت زبائنها.
الجزائر قبل زمن، وكم يبدو هذا الزمن قديماً، كانت فضاء مختلفاً تماماً عمّا هي عليه الآن. شباب الأمس هم رجال اليوم، وهم يحكون بإسهاب عن معنى المدينة في شكله المطلق. يتحدثون عن المغامرة والانطلاق والتحرر في مداخل ومخارج تغيرت الآن إلى درجة التبدل الكامل.
زين الدين 45 سنة يقول:"أين هي العاصمة اليوم؟ لا شيء مما كانت عليه. اندثرت الأسواق الشعبية الجميلة، غابت رائحة شهر رمضان المرتبطة بهيكل المدينة أكثر من أي تفصيل آخر. حتى الجزئيات التي كانت تصنع خصوصية العاصمة محّت ومن أدق تفصيل كالحايك وهو رداء أبيض كانت ترتديه المرأة الجزائرية تغطي به كامل جسدها إلى نمط تصرف الأزواج والعشاق في ما بينهم. هل من يتجرأ اليوم على أن يمسك يد خطيبته أو حبيبته أو زوجته من دون أن يشعر بإحراج وكأنه يقوم بأمر غريب؟".
تساؤلات زين الدين بقيت من دون إجابات، ومقولة ان عصر التكنولوجيا والتطور فرض فلسفته فغيّر هيكل المدينة لم تعد مقنعة تماماً. فهناك الكثير من المدن التي صمدت بأشد تفاصيلها خصوصية في وجه الزمن، وهذا هو الفارق الذي يصنع المدن العريقة والحضارية.
ومن استفسار بسيط عفوي ينطلق الطاهر 40 سنة في محاضرة طويلة عن الثوب الرديء الذي اتخذته العاصمة رداء ويبدو أنه سيكون أبدياً لها."لماذا صارت العاصمة مدينة مكفّنة قبل الوقت؟ بمجرد أن يحلّ وقت المغرب تغلق كل الأماكن أبوابها في وجه المواطنين، ما عاد هناك من فضاء واسع يمكنه أن يستقبل زواره ليلاً.
انقضى عهد الإرهاب والخوف ومع ذلك لا يزال نمط الانبطاح والاختباء سارياً في النفوس". يواصل بنوع من الحماسة:"أعرف أنّ مثل هذا النوع من العادات يترسّخ أكثر بحكم التقليد واتباع الآخرين وكثيراً وما حاولت تحريض أصدقائي وزملائي على السهر والخروج وكسر حاجر الانكفاء، لكن السلوك الفردي أيضاً لم يغيّر في المعادلة شيئاً. نحتاج إلى إستراتيجية توعية وإلى برامج مكثفة من أجل إنعاش المدينة وإعادة الحياة إلى كامل أركانها القصية".
شباب اليوم لا يعتبرون الأمر بالسوء الذي يراه هؤلاء الأكبر سناً الذين عرفوا المدينة في مراحل عزها. فبالنسبة إلى الشباب مدينتهم هي شيء راسخ بكل التراكمات التي تصنع منها هيكل اليوم، ولا يرون فيها شيئاً متغيراً أو سلبياً، استيقظوا على وجهها الحالي الذي يعني الصمت والمواربة، فاعتادوا على بعض الزوايا الخاصة بهم دون غيرهم. يسهرون طويلاً في أماكن تكاد تكون فارغة إلاّ منهم.
أمير الذي يبلغ من العمر 25 سنة تروقه العاصمة كما هي. مكان ضيق على رغم مساحتها الواسعة، تحتويه هو ورفاقه القلائل في الليل الذي يعني الطريق السريع الفارغ من السيارات عكس ما كان عليه نهاراً. مقاهٍ قليلة متفرقة وحانات أخرى مترامية ورغبات كثيرة لا تجد لها صدى فتنام قبل الجميع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.