مع اقتراب موعد تنصيب الرئيس الروسي المنتخب ديمتري ميدفيديف رسمياً في السابع من أيار مايو المقبل، زادت التعليقات في شأن طبيعة العلاقة المقبلة بين الرئيس الحالي فلاديمير بوتين وخليفته، وتحولت إلى مادة أساسية لأحاديث السياسيين الروس... ونكات الشارع. "قررت أكاديمية مرموقة في روسيا منح بوتين وميدفيديف درجة الدكتوراه على رسالتهما العملية في مجال"كيف تصل إلى ولاية ثالثة من دون تعديل دستوري". هكذا انعكست التغيرات في هرم السلطة الروسية في أحاديث الروس. ولا يبدو مزاج النخب السياسية بعيداً عن المغزى الذي تحمله نكات الشارع التي دخلت مبنى الهيئة الاشتراعية أيضاً، إذ تشير إحدى النكات إلى حديث بين نائبين فور الإعلان عن حصول ميدفيديف على 70 في المئة من أصوات الناخبين الروس، لاحظ خلاله أحدهما أن هذه النسبة"ذاتها التي حصل عليها في الولايتين السابقتين"، متناسياً أن الرئيس الجديد شخص آخر. وعلى رغم تأكيدات الرئيس الحالي وخليفته المنتخب أن مركز القرار في روسيا"سيبقى كما هو في الكرملين"ولن ينتقل إلى ديوان الحكومة حتى لو تولى رئاستها بوتين، تبدو أوساط السياسيين الروس على قناعة بأن البلاد، ستدخل مرحلة فريدة بعد السابع من أيار مايو المقبل، يكون صاحب القرار الأساسي فيها ليس رئيس البلاد بل"زعيم الأمة"بحسب الصفة التي صارت دائمة التردد على ألسنة سياسيين موالين لبوتين. ونشرت إحدى الصحف أخيراً واحدة من النكات التي تعكس نظرة الروس إلى طبيعة العلاقة بين سيد الكرملين الجديد ورئيس وزرائه المقبل، فاعتبرت أن الخبر الرسمي الذي سيكون الأكثر تردداً خلال المرحلة المقبلة سيأتي على الشكل الآتي:"قام الرئيس ميدفيديف بزيارة أمس إلى مبنى الحكومة قدم خلالها تقريره الأسبوعي!". ولاحظ خبراء روس أن التحركات السياسية الآن تعزز ذلك التوجه، إذ أعلن قبل يومين رئيس مجلس الدوما بوريس غريزلوف وهو زعيم حزب"روسيا الموحدة"الموالي لبوتين، عن قناعته بان الأخير سيصبح رئيساً للحزب خلال مؤتمره المقبل بعد أيام، في حين لم يوجه الحزب دعوة للرئيس المنتخب للانضمام إلى صفوفه. وبحسب الخبراء، يعني ترؤس بوتين الحزب الذي يسيطر على ثلثي مقاعد الهيئة الاشتراعية"تعزيز صلاحياته كمرجع سياسي أعلى"، خصوصاً أنه سيكون أيضاً رئيساً للوزراء. واللافت أن هذه الأحاديث تزامنت مع توقعات بإدخال تعديل دستوري يسمح بوجود فاصل زمني مدته عامان بين انتخابات البرلمان والرئاسة في روسيا. وبرأي فلاديمير جيرينوفسكي زعيم الحزب الليبرالي الديموقراطي، فإن الاحتمال الأكثر واقعية لتنفيذ ذلك، إجراء انتخابات رئاسية مبكرة خلال السنة 2009، ومعها تنتهي مدة ولاية ميدفيديف. وفي تلك الحال تكون الطريق مفتوحة أمام بوتين للعودة في ولاية جديدة إلى الكرملين كما يقول المحللون. أما خلال الفترة حتى ذلك الموعد فلا ينتظر أحد في روسيا تغيراً في السياسة العامة للبلاد، لأن"الرئيس بوتين سيحافظ على مكانه". ويصر كثيرون الآن على أن صلاحيات رئيس الوزراء"واسعة جداً وتشمل كل نواحي السياسة الداخلية والخارجية لكنها لم تكن مستثمرة من جانب رؤساء الوزراء السابقين"في إشارة إلى نية رئيس الوزراء المقبل استخدام"كل صلاحياته". وأيضاً، لا ينتظر الروس تغيرات حتى لو شكلية، فمثلاً أصدرت المطبعة الحكومية الصورة الرسمية للرئيس الجديد لكن الصورة الأكثر انتشاراً هي تلك التي تجمعه مع بوتين.