قبل عصر الفضائيات والقنوات التلفزيونية المتخصصة، وقبل كل برامج الرحلات والعطلات التي تنتشر على القنوات التلفزيونية الآن، كان هناك رحالة شهير بدأ قبل عشرين عاماً، رحلته التلفزيونية الأولى، والتي اطلق عليها"حول العالم في ثمانين يوماً". اليوم، يستعد مايكل بلين و"بي بي سي"للاحتفال بالذكرى العشرين لهذا البرنامج من خلال التحضير لبرنامج موازٍ بعنوان"إعادة الزيارة لثمانين يوماً"، وفيه يسافر مايكل بلين وبعض الفريق الذي شاركه الرحلة الأولى الى أماكن منتخبة من رحلته الأولى التاريخية في محاولة للعثور على بعض الشخصيات التي ظهرت وتحدثت في البرنامج، وأنشأت علاقات صداقة مع المقدم. في البرنامج الذي من المتوقع ان يعرض نهاية هذا العام، سيبحث مايكل بلين عن السفينة العربية القديمة التي نقلته الى مدينة دبي، وعن ملاحيها الذين رافقهم في رحلة طويلة متنقلاً بين دول الخليج العربي وإيران. كذلك يسعى المقدم الى مقابلة بعض الروس الذين رافقوه في رحلته الى الاتحاد السوفياتي وقتها، وبعض فقراء مدينة مومباي الهندية... وتأتي أهمية هذه الرحلة التي أخذت صاحبها الى عدد من دول العالم، من كونها رسمت تاريخاً فنياً جديداً لمايكل بلين نفسه، ولبرامج الرحلات التي بدأ إنتاجها في تسعينات القرن العشرين، والتي استلهمت الكثير من برنامج بلين الأول، وما اعقبته من برامج رحلات للمقدم نفسه، وتعتبر الآن من أهم كلاسيكيات التلفزيون، لجمال تصويرها، وعاطفية مشاهدها، وكوميدية المقدم وكاتب النصوص في البرامج. وعلى رغم قدم إنتاج بعض أجزائها، ما زالت تباع بنسب كبيرة. وربما لا يعرف كثر ممن شاهدوا برامج رحلات بلين خارج بريطانيا، بلد المقدم، أن شهرته تعود الى عمله الكوميدي في مجموعة"مونتي بايتون"التي ظهرت في أواخر ستينات القرن العشرين، ويعتبرها كثر الأب الروحي للكوميديا البريطانية الحديثة، خصوصاً انها تتميز بجرأتها وسوداويتها أحياناً، وكسرها لكل القيود السابقة. بعد توقف الفرقة عن عمل البرامج المسرحية والتلفزيونية، تحول مايكل بلين الى السينما، وعمل في أدوار في أفلام، أشهرها"سمكة اسمها المعجزة"سنة 1988، وهو العام ذاته الذي قام فيه برحلته التلفزيونية الأولى، والتي حصلت على نجاح كبير في داخل بريطانيا وخارجها، الأمر الذي شجع"بي بي سي"، منتجة البرنامج الأول، على إنتاج برامج رحلات أخرى، قادت مقدمها الى غالبية دول العالم، وقدمت قصصاً جميلة ومؤثرة عن حياة الناس العاديين في مدن وقرى صغيرة وريف لم يعرف التلفزيون أو نجومه، ليكون الحوار مع المقدم الشهير، تواصلاً إنسانياً، يجد الطريق دائماً، للتغلب على معوقات اختلاف اللغة، بكوميديا محببة هادئة، بعيدة كثيراً من الكوميديا الصادمة لفريق"مونتي بايتون". بعد الرحلة الأولى حول العالم، قام مايكل بلين، برحلات عدة، أهمها رحلته"من القطب الجنوبي الى القطب الشمالي"سنة 1991، إضافة الى الرحلة التي اتبع فيها اثر كاتب الرحلات والروائي الأميركي الشهير أرنست هيمنغواي سنة 1999، والرحلة التي نالت شهرة عالمية كبيرة حول الصحراء العربية والأفريقية سنة 2002. ومع رحلة الصحراء - عرضتها"بي بي سي الأولى"في أربع حلقات - أصدر مايكل بلين كتاباً عن الرحلة يضم الكثير من التعليقات، إضافة الى شرح بعض التحديات التي واجهها وفريقه التلفزيوني في واحدة من أكثر المناطق صعوبة في العالم. وفي 2004، قدم مايكل بلين برنامجاً عن رحلته الى جبال الهمالايا، لتكون رحلته في شرق أوروبا التي اطلق عليها"رحلة الى أوروبا الجديدة"، الرحلة التلفزيونية الأخيرة له، وهو البرنامج الذي بيعت حقوق عرضه قبل إنجازه نهائياً الى غالبية الدول الأوروبية. إذن، مع"إعادة الزيارة لثمانين يوماً"، مغامرة جديدة لبلين الذي لا يخفي خوفه، من عدم عثوره على أصدقائه القدامى الذين ربما يكونون رحلوا عن عالمنا هذا، وبخاصة ان بعضهم كان يعيش حياة قاسية، في ظروف حياتية غير سهلة، الأمر الذي سيضاعف الأهمية العاطفية للرحلة المقبلة التي ستكون"شخصية جداً"، كما وصفها مايكل بلين نفسه. نشر في العدد: 16684 ت.م: 08-12-2008 ص: 30 ط: الرياض