استضافت مكتبة الإسكندرية بالتعاون مع مركز الدراسات في المدينة، أعمال 17 فناناً وفنانة تحت عنوان"الإسكندرية فسيفساء الماضي والحاضر". استخدم الفنانون خامات الفسيفساء بأساليب وتقنيات ورموز وتكوينات غاية في الثراء والتنوع، ليقدموا شريحة مميزة للحال المعاصرة لهذا الفن. وألقى مدير المركز جون إيف امبروز محاضرة اكد فيها أن فن الفسيفساء يبرز الجانب المميز والحيوي للفنانين الاسكندرانيين. وقال إن الجدران الحديثة في المدينة مغطاة بالكثير من لوحات الفسيفساء ذات الأحجار الملونة التي تنسجم مع أهم الاعمال الفنية الأثرية المحفوظة في متاحف الإسكندرية. وأشار إلى لوحتين من الفسيفساء هما"الكلب"و"المصارعين"وجدتا في قصر البطالمة وتعرضان حالياً في متحف الآثار في مكتبة الإسكندرية. ونوّه أمبروز بالدور الكبير للإسكندرية في تطوير فن الفسيفساء منذ العصر الهلينستي. وكانت الإسكندرية مركزاً مهماً من مراكز إبداع الفسيفساء وتصنيعها على مدى ما يقرب من ألف سنة خلال عصريها اليوناني والروماني، وكان لها فنانوها وأسلوبها المميز في تناول الفسيفساء، ويحتوى متحفها اليوناني الروماني على أحد اهم اعمال الفسيفساء في تاريخ هذه التقنية الذي انتقل بها مما هو معروف بفسيفساء الحصى إلى فسيفساء تسرات Tesserae البالغة الدقة التي تحمل توقيع الفنان سوفيلوس Sophilos. وامتد تأثير مدرسة الإسكندرية في الفسيفساء إلى الشمال الأفريقي، ليبيا وتونس غرباً وفلسطين والشام شرقاً وإلى بومبي وباليسترينا في إيطاليا على الجانب المقابل من البحر المتوسط. تلك الأماكن عرفت ما هو معروف في تاريخ الفسيفساء بموضوعات النيل التي ابتدعتها الإسكندرية وانتقلت منها إلى تلك الاصقاع البعيدة من خلال تصنيع وتصدير لوحات الفسيفساء الصغيرة المعروفة بالأيمبليماتا Emblimata أو تأثراً بموضوعاتها وأسلوبها وفنانيها، وربما يكون من أشهر وأجمل هذه الموضوعات فسيفساء النيل المعروضة في متحف مدينة باليسترينا شرق العاصمة الايطالية. وإذا كانت الفسيفساء بمفهومها اليوناني الروماني، قد توقفت في مصر لما يقرب من 1400 سنة، إلا أن المعرض الذي يضم أعمال كوكبة من الفنانين الذين يمارسون الفن من زوايا عدّة، يحاولون إلقاء بعض الضوء على تلك التقنية الجميلة والمهمة باعتبارها وسيطاً تعبيرياً مهماً بعدما ظلت لسنين عديدة ينظر إليها على أنها مجرد زخرفة معمارية. نشر في العدد: 16681 ت.م: 05-12-2008 ص: 27 ط: الرياض