رأى خبراء ان الاتفاق النووي المدني بين الهندوالولاياتالمتحدة الذي اقره الكونغرس الاميركي الاربعاء، هو من الانجازات النادرة لأدارة الرئيس جورج بوش في السياسة الخارجية ويمهد لتوطيد العلاقات بين اكبر ديموقراطيتين في العالم. واعتبر الخبراء ان الاتفاق سيساعد الهند على تعزيز اقتصادها الذي يشهد نمواً سريعاً غير انه في حاجة الى إمدادات هائلة من الطاقة، لقاء تعهدات في شأن منع انتشار الأسلحة النووية. ويوفر الاتفاق فرصاً للشركات الأميركية، غير انه يثير مخاوف المجموعات الداعية الى الحد من الأسلحة التي تخشى ان يساهم في زيادة مخاطر انتشار الأسلحة النووية. وقال نيكولاس بيرنز المسؤول الكبير السابق في وزارة الخارجية الأميركية والذي فاوض في القسم الأكبر من الاتفاق الذي أعد منذ ثلاث سنوات، بعد تصويت مجلس الشيوخ بغالبيته الكبرى على الاتفاق النووي مع الهند:"انها خطوة تاريخية في العلاقات الهندية - الأميركية". وأزال الاتفاق آخر عقبة قانونية من أمام بيع الولاياتالمتحدةالهند تكنولوجيا نووية ووقوداً نووياً على رغم عدم توقيع نيودلهي معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية. والتعاون النووي ممنوع مع الهند منذ ان أجرت اختباراً نووياً محظوراً عام 1974. وقال بيرنز الأستاذ حالياً في جامعة هارفرد:"كانت هذه مفاوضات شاقة للغاية استمرت ثلاث سنوات حول مجموعة المسائل الأكثر تعقيداً التي يمكن تصورها، لكنها تكللت بالنجاح لأنها جاءت لمصلحة البلدين". وقال ان"بناء الهند عدداً اكبر من محطات توليد الطاقة النووية لن ينعكس ايجاباً على الشعب الهندي فحسب بل سيستفيد منه ايضاً كل الذين يدعون الى خفض انبعاثات ثاني اكسيد الكربون". ونفى بيرنز ان يكون الاتفاق مناورة اميركية لاستخدام الهند كثقل يقابل صعود الصين. وجاء إقرار الاتفاق في الكونغرس بمثابة دعم لبوش الذي يواجه ظروفاً صعبة قبل خروجه من البيت الأبيض في كانون الثاني يناير المقبل، في ظل أزمة مالية حادة وإخفاقات متتالية في السياسة الخارجية منذ اجتياح العراق. وقال المجلس الأميركي للسياسة الخارجية قبيل التصويت في مجلس الشيوخ الأربعاء، ان"في متناول الأميركيين نجاحاً نادراً في السياسة الخارجية". وقال السناتور الجمهوري الكبير ريتشارد لوغار الذي قام بمراجعة معمقة للاتفاق انه"من اهم المبادرات الديبلوماسية الاستراتيجية في العقد المنصرم". غير ان عدداً من خبراء مراقبة الأسلحة انتقدوا الاتفاق معتبرين ان لا صدقية لاتفاق ينص على الفصل بين المفاعلات النووية العسكرية والمدنية، موضحين انه قد يسمح بزيادة إنتاج القنابل النووية. وبموجب اتفاق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ، سيتم تفتيش 14 من اصل 22 مفاعلاً نووياً هندياً بينها ستة مفاعلات موضع اتفاقات تفتيش أخرى، في حلول عام 2014 على ان تتم عمليات التفتيش الأولى عام 2009. وقال داريل كيمبال المدير التنفيذي للجمعية الأميركية لمراقبة الأسلحة ان"اتفاق التعاون النووي الأميركي - الهندي كارثة على صعيد منع انتشار الأسلحة النووية". ورأى أنه"لا يجلب الهند الى خط منع الانتشار النووي وخطة الفصل الهندية المزعومة لا صدقية لها في ما يتعلق بالحد من انتشار الأسلحة النووية". وللاتفاق النووي أهمية كبيرة على صعيد الأعمال. وأعلنت غرفة التجارة الأميركية انه من المتوقع بعد سقوط العزلة النووية المفروضة على الهند منذ 34 سنة، تدفق استثمارات جديدة بقيمة قد تصل الى 150 بليون دولار 107 بلايين يورو لزيادة طاقة التوليد النووي للكهرباء بحلول 2030. وقال بروس جوستن نائب الرئيس التنفيذي لغرفة التجارة:"إذا سمح للشركات الأميركية بخوض المنافسة، فإن حصة متواضعة في هذا القطاع الاقتصادي قد تولد 250 ألف وظيفة أميركية في مجال التكنولوجيا المتطورة". وبحسب توقعات وزارة الخارجية، فإن الهند تعتزم استيراد ثماني مفاعلات نووية بطاقة الف ميغاواط بحلول 2012. وقال وزير الدفاع السابق وليام كوهن الذي يعمل حالياً مستشاراً في مجال الأعمال:"إذا فازت الولاياتالمتحدة بعقدين فقط من أصل هذه العقود الثمانية، فإن ذلك سيعني ثلاثة الى خمسة آلاف وظيفة مباشرة وعشرة آلاف الى 15 الف وظيفة غير مباشرة في الولاياتالمتحدة".