تمكن الجيش اللبناني بعد ليل من الاشتباكات مع مجموعة متشددة قوامها 5 أفراد، في مبنى الشهال في محلة أبي سمراء في مدينة طرابلس شمال لبنان من القضاء على أفراد المجموعة، بينما سقط له شهيد و10 جرحى بينهم ضباط، إضافة الى شهيد من قوى الأمن الداخلي ومدنيين. ودهم الجيش، العاشرة والنصف ليل أول من أمس، اثر معلومات توافرت لديه عن وجود مشتبه بهم في أحد منازل مجمع الشهال ففوجئ بإطلاق نار كثيف أدى الى إصابة عدد من الجنود. إثر ذلك، استقدم الجيش تعزيزات وفرض طوقاً أمنياً حول المنطقة وعمل على إجلاء المدنيين من المجمع واقتحم المنازل التي أطلقت النار منها فأسقط عناصر المجموعة بين قتيل وجريح. وجاءت هذه المداهمات بعد مداهمة قام بها الجيش قبل يومين، في أبي سمراء لمنزل ومخزن لعمر حدبا الموقوف لدى استخبارات الجيش منذ خمسة ايام وصادرت حمولة أكثر من شاحنة من أسلحة وذخائر. وعلمت"الحياة"أن استخبارات الجيش اللبنانية أوقفت قبل أيام حدبا الذي يعمل سائق أجرة، وهو عاد الى لبنان قبل فترة بعدما أمضى سنوات في استراليا مهاجراً، وأقر حدبا خلال التحقيقات بموضوع الشقتين في أبي سمراء، الأولى في طلعة الرفاعية والثانية في حي الزيتون، فدهمت قوة من الجيش قبل ظهر السبت شقة الرفاعية وصادرت منها أسلحة وذخائر إضافة الى أقنعة وملابس عسكرية ورزم متفجرات من مادة"تي ان تي"، ولم تحصل خلال تلك المداهمة أي مواجهة وأحيلت القضية على المراجع المختصة. وليلاً اتجهت قوة أخرى من الجيش الى الشقة الثانية في حي الزيتون، وهو حي جديد يقع على أطراف محلة أبي سمرا لناحية الكورة، ولدى وصول الوحدة العسكرية الى مبنى الشهال حيث تقع الشقة أطلقت النار عليها فاستشهد جندي من"المغاوير"النخبة وجرح 10 بين ضابط وجندي بجروح بليغة، في هذه الأثناء حاول المسلحون اللجوء الى شقة أخرى في المبنى تعود الى المواطن محمد عبدالرحمن ذيب، فصادف أن صهره المؤهل في قوى الأمن الداخلي خالد خضر كان في زيارته، فاشتبك معهم فأرداه المسلحون شهيداً مع ابنتيه إحداهما في الرابعة من عمرها وحميه، بينما أصيبت زوجته بجروح خطيرة. وعلى أثر ذلك دارت معركة بين المسلحين والجيش الذي تمكن من اخلاء المدنيين أثناءها، استمرت الى ظهر أمس، في المبنى نفسه ولم تحصل مطاردات كما تردد، وتمكن الجيش من قتل أفراد المجموعة، وتبين أنهم لبناني وشيشاني روسي، و3 سعوديين. وتبين ان الشقة التي كانت تقيم فيها المجموعة تعود الى شخص يدعى باسم السيد الذي يملك في المبنى نفسه محلاً للعصير والمرطبات، وحين اندلعت الاشتباكات بادر السيد الى تسليم نفسه الى استخبارات الجيش خصوصاً أنه لم يكن في المبنى، وأقر بأنه صاحب الشقة وأنه لا يعرف الأسماء الحقيقية لأفراد المجموعة بل جنسياتهم وألقابهم. لكن ترددت معلومات ان السيد الذي لا يعرف الناس هويته السياسية ولم يلاحظوا عليه شيئاً، هو رئيس المجموعة ويعتقد بأن له علاقة بهم وأنه كان يستضيفهم في منزله. وتردد أيضاً أن عناصر المجموعة طلبوا خلال الاشتباك معهم وساطة أحد المسؤولين في تنظيم اسلامي في المدينة. بيان الجيش وصدر عن قيادة الجيش اللبناني - مديرية التوجيه بيان عن الحادث، قالت فيه إن"قوة من الجيش دهمت بعد ظهر أمس السبت مخزناً للأسلحة في حي أبي سمرا - طرابلس، وضبطت في داخله كمية كبيرة من الأسلحة والأعتدة العسكرية، شملت بنادق حربية ورشاشات وقاذفات"ب - 7"وقنابل يدوية متنوعة، وقذائف"انيرغا"وذخائر مختلفة، إضافة إلى جعب ومناظير وألبسة عسكرية وخيم وأجهزة هاتف لاسلكي وكومبيوتر. وتمت مصادرة هذه الأسلحة والأعتدة وأودعت المراجع المختصة". وأضاف البيان:"لدى قيام قوة أخرى من الجيش ليل أمس السبت بمداهمة مبنى يقع ضمن الحي نفسه، بعد توافر معلومات عن وجود شقة مشبوهة داخله، تعرضت لإطلاق نار من عناصر مسلحة حاولت اعتراضها ومنعها من تنفيذ مهمتها، وحرصت الوحدات العسكرية على إخلاء المدنيين من المبنى قبل اقتحامه حفاظاً على أرواحهم، ما أدى إلى وقوع عدد من الإصابات في صفوف العسكريين، وبعد إخلاء المبنى المذكور من سكانه، تم اقتحامه فجر اليوم أمس، والقضاء على المسلحين كافة الذين كانوا يتحصنون في داخله، ومعظمهم من غير اللبنانيين والذين اتخذوا من قاطنيه دروعاً بشرية لهم، وقد سقط للجيش من جراء هذه الاشتباكات شهيد وعدد من الجرحى بين ضابط وعسكري، كما سقط عدد من الشهداء المدنيين نتيجة غدر هؤلاء المسلحين بهم، وقد صودرت كمية من الأسلحة والأعتدة العسكرية، ومعدات خاصة بالتفخيخ الإلكتروني". وأكدت قيادة الجيش مجدداً إصرارها على"قطع دابر الإرهاب أنّى وجد وإلى أي جهة انتمى"، منبهة المواطنين إلى"مخاطر تسلل الإرهابيين إلى صفوفهم"، ودعتهم إلى وجوب إبلاغ قوى الجيش بأسرع وقت ممكن عن تواجد مشبوهين في أحيائهم السكنية أو في محيط قراهم وبلداتهم، حفاظاً على أمنهم وسلامتهم". ونعى الجيش الرقيب الشهيد جاد جوزف مخلوف مواليد القاع - بعلبك 1980، والعريف الشهيد طالب حسين الخطيب مواليد لبايا - البقاع الغربي 1984، اللذين"استشهدا أثناء قيامهما بواجبهما العسكري في مهمة الحفاظ على الأمن والاستقرار في منطقة الشمال". ونعت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، المؤهل خالد مصطفى خضر الذي"استهشد بتايخ 24 - 6 - 2007 في محلة أبي سمرا - طرابلس، مع ابنتيه ووالد زوجته الذي كان يستضيفهم في منزله في المحلة المذكورة، على يد عناصر مسلحة اقتحمت المنزل واتخذت منهم دروعاً بشرية لاعتراض قوة من الجيش ومحاولة منعها من تنفيذ مهمتها في تفتيش شقة مشبوهة داخل المبنى الذي يقع فيه المنزل، ومن ثم غدروا بهم". وأوضح نعي قوى الأمن الى أن"خضر من بلدة طاران - الضنية، مواليد 1964، متاهل وله 3 أولاد، التحق بقوى الأمن في 1984 وترقى الى رتبة مؤهل، وحائز عدداً من الأوسمة". وبعد انتهاء عملية الجيش تنادى الناس في شكل عفوي الى النوافذ والشرفات وكذلك الى الشوارع هاتفين تضامناً مع الجيش ورافعين لافتات تأييد وأعلام لبنان وراية الجيش. وبسبب الأحداث قرر وزير التربية والتعليم العالي خالد قباني، استبدال ثلاثة مراكز للامتحانات الرسمية في مدينة طرابلس، بثلاثة مراكز كانت محددة أصلاً في منطقة أبي سمراء لامتحانات شهادة الثانوية العامة فرع العلوم العامة. وأصبحت المراكز الجديدة كالآتي: روضة الفيحاء، خلف سبينس، بدلاً من ثانوية المربي جورج صراف الرسمية في أبي سمرا، وثانوية طرابلس الرسمية للبنات- البولفار، بدلاً من ثانوية الحدادين الرسمية للبنات في أبي سمرا، وثانوية أندريه نحاس الرسمية للبنات في الميناء، بدلاً من مدرسة التدريب التربوي في ابي سمرا. وطلب الى جميع المرشحين والمراقبين الالتحاق بالمراكز البديلة ابتداء من الساعة السابعة صباح اليوم الاثنين الواقع فيه 25/6/2007، وستبقى مواعيد المسابقات بحسب مواقيتها المحددة في مذكرة الامتحانات الرسمية. مواقف في المواقف، أسف الرئيس السابق للحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي لتكرر الأحداث الامنية في مدينة طرابلس، و"هي اساساً في غنى عنها ولطالما عايشت ظروفاً قاسية". ورأى أن"هذه الأحداث الخارجة على مفاهيم مدينة طرابلس وقيمها وأفكارها، تزيد من حدة المآسي والركود والتعثر المتعدد الذي تعاني منه". وشدد على أن"الأفكار المتطرفة لا تمت الى حقيقة مدينتنا بصلة"، داعياً الى"تعاون الجميع لمعالجة ظاهرة التطرف من أي شكل كان والتي يغذيها الواقع السياسي السيئ في لبنان"، والى"تأمين المقومات الحياتية الأساسية للناس، لان الفقر المدقع الذي يلحق بالناس يوفر أرضية صالحة للانجرار وراء الأعمال المخلة بالقانون والمصادر المالية المشبوهة". وطالب ميقاتي بأن"نتعاون جميعاً لتحصين مدينتنا وتمتين أسباب استقرارها، وإلا فإن المرحلة المقبلة قد تضعف بنية طرابلس وتعرضها للمزيد من الخضّات"، داعياً الجميع الى"دعم الجيش اللبناني لأنه وحده يحفظ الأمن والاستقرار ويعزز سلطة الدولة وحدها على كل الأراضي اللبنانية". واستنكر رئيس"حزب الشباب الوطني"النائب السابق أحمد كرامي"الاحداث والتطورات المؤسفة التي عصفت بمنطقة ابي سمرا الآمنة". وشدد على"رفض التعرض للقوى الامنية والجيش اللبناني اثناء اداء الواجب الوطني في الحفاظ على السلم والامن الاهليين".