كشفت مصادر سورية مطلعة ل "الحياة" أمس، أن زيارة وزير الخارجية وليد المعلم الى أنقرة أسفرت عن الاتفاق على خمس نقاط مشتركة لتحقيق الاستقرار والامن في العراق، بينها أن "تنبع المصالحة من الداخل" وحل الميليشيات وجدولة انسحاب القوات الأجنبية. ويُتوقع في ضوء هذه الزيارة أن تكون الاستراتيجية الجديدة للرئيس الاميركي جورج بوش في شأن أمن العراق، نقطة خلاف أساسية بين وزراء خارجية دول جوار العراق في الاجتماع المقرر في بغداد في آذار مارس المقبل. واستقبل أمس الرئيس بشار الاسد رئيس"هيئة علماء المسلمين"الشيخ حارث الضاري، وأكد له"حرص سورية على أمن العراق واستقراره ووحدة أراضيه ووقوفها على مسافة واحدة من جميع الأطراف العراقية"، وذلك بعد أسبوع على زيارة الرئيس جلال طالباني الى دمشق. وكان المعلم نقل أول من أمس رسالتين من الرئيس بشار الأسد الى نظيره التركي أحمد نجدت سيزر ورئيس الوزراء رجب طيب أردوغان. وأوضحت المصادر أمس أن المحادثات السورية - التركية"تركزت على الموضوع العراقي، وتطرقت الى الملفين الفلسطيني واللبناني"، موضحة أنها أسفرت عن الاتفاق على خمسة مبادئ مشتركة في ما يخص الملف العراقي، تتضمن"وحدة العراق أرضاً وشعباً وسيادته واستقلاله، والقلق من بذور الفتنة المذهبية والطائفية ورفضها، ودعم التحرك العراقي لتحقيق المصالحة الوطنية، ودعم العملية السياسية، والمشاركة في مؤتمر دول الجوار في بغداد كي يتعدى البيانات ليخرج بنتائج مفيدة وملموسة". وكانت الخارجية العراقية بعثت دعوات رسمية إلى وزراء خارجية دول الجوار مع مصر لعقد اجتماع في العاصمة العراقية، ليكون أول اجتماع على هذا المستوى يُعقد في بغداد. ويتوقع أن يشكل الموقف من استراتيجية بوش نقطة خلافية، إذ فيما أظهرت دول عربية"معتدلة"تأييداً لهذه الخطة خلال زيارة وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس الشهر الماضي الى دول خليجية والقاهرة، فإن هدف زيارتي المعلم الى طهران الاسبوع الماضي وانقرة أول من أمس، كان اتخاذ موقف مشترك من هذه الاستراتيجية. ونقلت مصادر الخارجية السورية عن الوزير المعلم أن ما أعلنه الرئيس بوش"لا يشكل استراتيجية، بل سياسة أميركية تجاه العراق، لأن الاستراتيجية يجب أن تتضمن جانباً للحل السياسي في حين أن هذه السياسة تقوم على زيادة عدد القوات الموجودة في العراق فقط". وفيما رأى المعلم أن"استخدام القوة لا يحل المشكلة، بل لا بد من حل سياسي ينبع من العراق وتدعمه دول الجوار"، قالت مصادر مطلعة إن الحل يتضمن ثلاث دوائر"عراقية تمثل المركز، ثم دائرة اقليمية تتمثل بدعم دول الجوار وأخرى دولية". ولوحظ أن الوزير السوري تحدث للمرة الأولى في شكل علني عن موقف بلاده من كيفية رؤية سورية للحل الداخلي في العراق وتحقيق المصالحة الوطنية فيه، إذ قال إن الحل يجب أن يتضمن"بناء الجيش العراقي وقوى الأمن على أسس وطنية وليس طائفية. وهذا يرتبط بحل الميليشيات وجدولة انسحاب القوات الاجنبية من العراق واعادة النظر في دستور العراق". وعلمت"الحياة"أن تصريحات الشيخ الضاري لم تقابل بارتياح في أوساط سورية، وخصوصاً قوله إن"سورية لا تستجيب لطلبات الاحتلال بتسليم الفارين من جحيم العراق والاحتلال والميليشيات والاستبداد والاقصاء"، و"ليس هناك عملية سياسية في العراق، ومW ا يعلن عنه في الاعلام كله اعلان، وما جرى من اجتماعات لمصالحة سياسية هو اجتماعات اعلامية ليست جادة". ويختلف موقف الضاري الذي أعلنه أمام مكتب نائب الرئيس فاروق الشرع، عن تأييد دمشق العملية السياسية، لاعتقادها بأن هذا يساهم في انهاء الوجود الاجنبي وعن توقيع وزير الداخلية السوري اللواء بسام عبدالمجيد مع نظيره العراقي جواد البولاني اتفاقاً على"تبادل تسليم المطلوبين قضائياً"، أي بعد توفر الداعي القضائي المتعلق بالارهاب والفساد، وليس لأسباب سياسية.