تأسست فرقة الاوركسترا السيمفونية الوطنية العراقية عام 1959 وتخطت عقوداً من الحرب والعقوبات الدولية والإهمال الحكومي والعنف الطائفي الذي راح ضحيته عشرات الآلاف من العراقيين وأرغم ملايين على الفرار حفاظاً على ارواحهم. ونهبت مكتبتها الموسيقية ومخازن الآلات الموسيقية عقب الغزو الأميركي ودمرت الصواريخ احد الاماكن الرئيسة التي تحيي فيها الفرقة حفلاتها. وخطف بعض افرادها او قتلوا جراء اعمال العنف الطائفي ووجهت الى البعض الآخر تهديدات بالقتل. وتضم الفرقة 60 عازفاً يمثلون طوائف وأعراقاً مختلفة من الشيعة والسنّة والمسيحيين والعرب والاكراد والتركمان وهم يعتبرون انفسهم أسرة من الناجين. وعزفت الفرقة سيمفونية"الدانوب الازرق"ليوهان شتراوس في أول حفلاتها في موسمها الجديد والتي اقيمت في نادٍ اجتماعي في حي المنصور غرب بغداد. ويقول محمد أمين عزت قائد الاوركسترا منذ عام 1989:"الاوركسترا السيمفونية ملك لنا، يتغير الحال ألف مرة ولكننا مستمرون ". وقبل الغزو الاميركي، كانت الاوركسترا تعلن عن حفلاتها في وسائل الاعلام، خصوصاً في التلفزيون. لكن وفي ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، ينتقل الخبر شفاهة، اذ يتصل المنظمون هاتفياً بقائمة من هواة الموسيقى او يضعون ملصقات في كليات موسيقية. ويقول عزت:"لا يمكننا الاعلان عن موعد الحفلات لأن اي تجمع هو هدف لعمليات ارهابية ". وأبلغ الضيوف الذين وجهت اليهم الدعوة لحضور الحفلة بالوجود في النادى الاجتماعي عند الظهيرة"لأسباب امنية ". ولم يحدد موعد الحفلة نظراً لأنه يتعين على الموسيقيين والضيوف تجاوز نقاط تفتيش تابعة للجيش والشرطة وطرق مغلقة للوصول. ومع بداية الحفلة بعد ساعتين من الموعد المحدد للتجمع كانت القاعة التي تتسع لنحو 500 شخص شبه مملوءة. وضم الجمهور اقارب الموسيقيين وأصدقاءهم وأعضاء النادي. ودفع معظمهم عشرة آلاف دينار عراقي ثمانية دولارات للتذكرة. وارتقى عازفون يرتدون بزات سوداً ويحملون آلاتهم في أيديهم المسرح وعزفوا مقطوعات لباخ ودفوراك وفيفالدي ومقطوعة شعبية عراقية. ومن المقرر ان تقيم الاوركسترا عشر حفلات في موسم 2007-2008 ويشمل البرنامج رحلة الى الولاياتالمتحدة حيث كانت الفرقة قدمت حفلة في مركز كنيدي في واشنطن عام 2003 وحضر الحفلة آنذاك الرئيس الاميركي جورج بوش. وكانت الاوركسترا في أوجها في منتصف الثمانينات حين استضافت موسيقيين اجانب وقادة للأوركسترا من الاتحاد السوفياتي السابق وألمانيا وفرنسا وهنغاريا. انتهى هذا"العصر الذهبي "للفرقة مع نشوب حرب الخليج عام 1991 التي اعقبها فرض عقوبات دولية دامت عقداً كابد خلاله المواطن العراقي العادي الفقر. وشح التمويل الحكومي وبلغ أجر الموسيقيين الذي تدفعه الدولة 30 ديناراً عراقياً 22 دولاراً في الشهر وعجزت الفرقة عن استبدال الآلات القديمة او غير الصالحة. وبعد الغزو الاميركي للعراق عام 2003 زادت اجور اعضاء الفرقة الى 570 دولاراً في الشهر ولكنهم يشتكون من إهمال حكومي ويقولون انهم يعتمدون على المعونة الاجنبية. وحصلت الفرقة على آلات موسيقية جديدة من خلال تبرعات من شركة ياماها اليابانية ومنظمة غير حكومية سويسرية. كما ترعى شركة هاتف محمول الاوركسترا.