شاهدت بالصدفة، على إحدى الفضائيات الأجنبية حلقة مثيرة تناولت المسابقة الدولية حول "عجائب الدنيا السبع" الجديدة. وكانت مدينة البتراء الواقعة جنوبالاردن واحدة من تلك "العجائب" الاحدى والعشرين التي اختارها"متصفحو"الانترنت أو روّاد الانترنت. وسيواصل هؤلاء تنافسهم لاختيار سبع"عجائب"عالمية تحلّ محلّ"العجائب السبع"القديمة التي اندثرت وتوارت ولم يبقَ منها سوى"إهرامات"مصر. الحلقة البديعة لم تهدف الى"إثارة""الجماهير"التلفزيونية للتصويت لهذه"العجيبة"أو تلك، بل اكتفت بتقديم المسابقة و"العجائب"الاحدى والعشرين متيحة أمام هذه"الجماهير"فرصة مشاهدتها ولو عبر الكاميرا وإدراك أسرارها ومعالمها، ما يسهّل على المشاهدين"عملية"الاقتراع. ومن بين"العجائب"التي بلغت المرحلة ما قبل النهائية"برج ايفل"في فرنسا،"سور"الصين، متحف"آيا صوفيا"في تركيا،"تاج محل"في الهند وسواها. على الشاشة الصغيرة بدت هذه المعالم الاثرية أو الحضارية ساحرة جداً، حتى أن المشاهد ليحار أي معلم يختار ليصوّت له. طبعاً سيلعب"الانتماء"دوراً كبيراً في عملية الاختيار أو التصويت. فالفرنسيون مثلاً سيصوتون ل"برجهم"الشهير، والصينيون وما أكثرهم سيختارون"سورهم"وكذلك الهنود ما أكثرهم أيضاً سيصوتون"لتاجهم"... وهكذا دواليك. ومع ان المباراة موجهة الى شعوب"الانترنت"في العالم أجمع، فهذا لا يعني أن البلدان التي تشهد"طوفاناً"في أعداد ابنائها أو مواطنيها لن يكون لها الحظ الأوفر بالفوز. هل تمكن المقارنة مثلاً بين أعداد الشعب التركي وأعداد الشعب الهندي؟ أو بين أعداد الشعب الأردني وأعداد الشعب الصيني؟ ما يهمّنا عربياً هو أن يفوز الاردن وتحل مدينة البتراء في قائمة"عجائب الدنيا السبع"الجديدة. فالاردن هو جزء من عالمنا العربي وفوزه يعني فوزنا جميعاً. وهنا لا بدّ من لفت الفضائيات والتلفزيونات العربية الى المشاركة في"المسابقة"الدولية في طريقتها الخاصة طبعاً. فهي تستطيع أن تشجع كثيراً المواطنين العرب على دعم الاردن والبتراء عبر التصويت الالكتروني. ويكفي أن تخصص هذه الفضائيات والتلفزيونات الأرضية دقائق قليلة لعرض جماليات مدينة البتراء وكنوزها الأثرية ومعالمها. فهذه الدقائق قادرة على إثارة حماسة المواطنين العرب، المقيمين والمهاجرين، ليدعموا الاردن في هذه المسابقة. هذه المهمة، مهمة"التعبئة"غير الحزبية طبعاً وحدها شاشاتنا الصغيرة، الفضائية والأرضية تستطيع أن تضطلع بها ويجب فعلاً أن تضطلع بها. ولعلها مناسبة ملائمة جداً لإبراز الوجه الحضاري لعالمنا العربي، الوجه الثقافي المشرق الذي يكاد يطغى عليه طابع الدم والقتل.