يفاخر الفرنسي جان تود بأن لا شيء في عالم سباقات السيارات، الذي أفلح فيه، يثير إهتمامه غير حظيرة فيراري الإيطالية للفورمولا واحد، التي تولى إدارتها وحققت معه ألقاباً وإنجازات عالمية عدة. ولعل أبرز ما ميز تلك المسيرة الحقبة الاستثنائية، لبطل العالم السابق الألماني ميكايل شوماخر، الذي إعتزل في نهاية الموسم الماضي. وما يعزز فخر تود 61 سنة ان"الحظيرة الحمراء للحصان الجامح"، ظلت مميزة على مدى 50 عاماً حتى في أحلك الظروف التي عاشتها، وهي على حدّ تعبيره من"تلك المجموعة التي تضم مؤسسات معدودة ذات هوية مميزة". حين يتكلم تود عن الحظيرة الإيطالية المرتبط بها معنوياً ومادياً يستخدم عبارات خاصة ذات دلالات ومعايير ترمز الى هذه العلاقة، ولا يتوانى عن وصف العمل في فيراري ب"الثقافة المنتجة"التي تستخدم أسلوب التحرك المعتمد في لعبة الركبي أي"طريقة التقدم معاً والاندفاع الى الأمام ككتلة متراصة". ويكشف تود الذي بات مديراً عام لپ"فيراري - مازيراتي"، والذي يحمل على منكبيه 40 عاماً من العمل في مجال رياضة السيارات في مختلف الفئات، أن الحقبة المقبلة تحمل تغييرات في سبيل التطور،"واستناداً الى الإرث العريق وتقويم التجارب على أنواعها، اعتمدت هيكلية جديدة على رأسها إدارة تقنية أنيطت مسؤولياتها الى ماركو ألموندو وباتت تتفرع منها اختصاصات الهيكل، السباقات والمحرك". ويشير الى أن"هذه الخطوة كانت ضرورية بعد استقالة المهندس روس براون". من يجالس تود، صاحب الشخصية القوية والكتومة عموماً، ومايسترو المنافسة على الحلبات، يلاحظ على الفور ان هذا الفرنسي القصير القامة، يبدو دائماً منتشياً بانتصارات فيراري، صحيح انه يتحاشى غالباً الظهور الإعلامي وربما انتفت الطموحات التي يصوب نحوها، لكنه معتد بنفسه من دون شك، فهو المدير الفرنسي صاحب الكلمة المسموعة في"المؤسسة الوطنية الإيطالية"، وهي ظاهرة لم تكن مقبولة سابقاً. في المقابل، يعتبر تود اليقظة الدائمة مرادفاً ليومياته، ومحفزاً له لضبط الأوضاع كلها وجعلها تحت السيطرة ب"عصاه السحرية"، ويفصل بين العلاقات الشخصية والأمور المهنية. من هنا ردّه على ما أشيع عن تركه فيراري بالتزامن مع اعتزال شوماخر، بأن"كلانا يحترم عقوده ولا نخلط الأمور بتاتاً". في الموسم الجديد، سيأخذ"شومي الكبير"دور المستشار"ويهتم بالسائقين والتكتيك عموماً، فتحليلاته للسباقات، في ضوء خبرته، مفيدة جداً، خصوصاً في المرحلة الانتقالية التي نمرّ بها. أنا شخصياً أرتاح لآرائه ونظرته الى الأمور، ولا سيما ان البرازيلي فيليبي ماسا والقادم الجديد الفنلندي كيمين رايكونن يحتاجان الى خبرته". ويكشف تود الى ان رايكونن من طينة السائقين الذين يحققون الفارق،"حين تتوافر فرص متساوية للجميع، فقط أصحاب المواهب يبرزون ويتفوقون على الباقين، لذا أقول اعطوا كيمي سيارة جيدة وهو كفيل بالسيطرة على البطولة". ولفت رايكونن أنظار فريق التخطيط في فيراري، وتود أحد أركانه، منذ أن قاد لفريق ساوبر أواخر عام 2000،"حتى انه أثار إعجاب شومي"، هذا فضلاً عن طبعه الهادئ وشخصيته المحببة. ويوضح تود جازماً أن قدوم رايكونن الى فيراري لم يكن مرتبطاً بمغادرة شوماخر. بعد هذه الأعوام من الخبرات المتراكمة، ينظر تود الى عالم الفورمولا واحد الى انه صناعة على غرار صناعة السيارات العادية،"يجب أن تكون مثمرة ومجزية، شرط تقلّص الموازنات الخيالية، الى ما دون200 مليون يورو واستخدام أقل من 400 موظف، فلا يجوز أن يحتاج موسم مؤلف من 17 أو 18 سباقاً الى 900 شخص. الموازنة المحددة تصبح مريحة للفرق، وصحيح ان التقنيات الجديدة ممتازة وتُسعد المهندسين وتُلبي طموحاتهم لكن تعقيداتها لا تقدم الكثير لإثارة المنافسة، لذا الأفضل التوفير والعمل ضمن محاور أربعة: تقليص النفقات، جذب المتفرجين دائماً، تطوير تكنولوجيا ركيزتها زيادة الأمان والسلامة، ولا مناص من تشجيع الفرق الصغيرة الخاصة لأن أهداف شركات السيارات الكبيرة متحولة ومتحركة وتمويلها حظائر للسباقات مرتبط بخططها التسويقية عموماً".