تقع جزيرة"كورولي"في شمال ايطاليا، على مقربة من البندقية العائمة في مياه البحر الادرياتيكي، وهي واحدة من المدن المشهورة، ليس فقط في المجال السياحي المعهود، وانما ايضاً كمدينة تمتلك مصحات طبيعية لعلاج مختلف أنواع الأمراض البشرية. على الصعيد السياحي، فإن للجزيرة شواطئ رملية جذابة للغاية، ومسابح من النوع الراقي. ومع ان سياحتها متطورة وتكسب المزيد من السياح سنوياً فإن الإقامة في فنادقها المختلفة بدءاً من صنف الفنادق الراقية جداً وصولاً الى الفنادق المتواضعة، لا تكلف كثيراً. إذ توجد منافسة بينها وبين المدن الايطالية السياحية الأخرى، لذلك تحاول تقديم أفضل الخدمات بأسعار مناسبة للغاية لجذب المزيد من السياح اليها. وهي مرتبطة بحركة مواصلات سهلة، جوية وبرية وبحرية، والسفر اليها لا يكلف الكثير، فقد اتفقت سلطات هذه الجزيرة مع مكاتب السفر المختلفة باعتماد لائحة اسعار منخفضة تشجيعاً للحركة السياحية. ويستطيع الزائر التأكد من تلك الاسعار عبر مواقع الانترنت المختلفة. وللجزيرة ثروة ثقافية هائلة، اذ تعتبر بحكم مجاورتها لمدينة البندقية، من أهم المراكز الحضارية في ايطاليا، وهي مشهورة بصناعة الزجاج على أنواعه، حيث تعتبر هذه الصناعة جزءاً من تقاليدها القديمة. اما على صعيد العلاج في مصحاتها الطبيعية، فالجزيرة تعتبر من المراكز المهمة في هذا الميدان، ومعظم مصحاتها يقع في الشريط الساحلي الذي يبلغ طوله نحو 15 كيلومتراً وتتمتع هذه السواحل الفاتنة برمال ذهبية نظيفة وشمس دافئة. وتمتد الى المناطق السياحية البحرية ثلاثة طرق رئيسية، هي الطريق الذي يصل الى ميناء"سانتا مارغريت"والمنطقة الحديثة"دون فيردي"التي تعني المنطقة الخضراء والمنطقة القريبة التي هي مركز المدينة التاريخي والأثري. والقليل من الناس يعرف أن تاريخ"كورولي"هو أقدم من تاريخ البندقية، فهذه الجزيرة كانت في الأصل مسكونة قبل البندقية. ومن المعالم القديمة جداً فيها الكاتدرائية الرومانية"دوم القديس شتيبان"أي"بيت القدس شتيبان"، التي بنيت العام 1038م، على أساسات الكنيسة الأقدم المبنية منذ القرن الثامن. وفي داخلها توجد أعمال مذهلة من الفن البيزنطي، ومنها تحف مصنوعة من الذهب الخالص في القرنين الثاني عشر والثالث عشر، وقدمت هدية من قبل الملكة القبرصية كاترينا كورنارو الى الأبرشية كتعبير عن الامتنان. والكاتدرائية تعتبر قطعة من الفن الراقي الذي يسحر المشاهد، وهي تعلو نحو 23 متراً وبطول يبلغ 41 متراً، ويوجد أمامها واحد من الأجراس الكبيرة يبلغ علوه نحو 48 متراً. وكان الرومان استخدموا الجزيرة كميناء تجاري وموقع عسكري على ضواحي المدن الايطالية الأخرى منذ القرن الأول قبل الميلاد، وقد سميت ب"كورولي"لكن اسمها اللاتيني هو"كابرولة"، أي جزيرة النعاج، لأنها كانت مغطاة بالغابات التي تعج بالحيوانات البرية، خصوصاً النعاج. وكما هي الحال بالنسبة الى البندقية، فقد حصلت الجزيرة على اسمها الجديد في القرن الخامس من قبل قطاع الطرق الذين كانوا يسرقون هذه النعاج من أهالي القرى في الجزيرة. وفي القرن العاشر أصبحت"كورولي"جزءاً من جمهورية البندقية، واستمرت مرتبطة بها تجارياً وسياسياً الى حين سقوط نظامها الجمهوري. وحتى القرن الثامن عشر، كان مركز المدينة التاريخي يطفو على شبكة من القنوات المائية كما هي الحال في البندقية، ولكن مع مرور الوقت توصلت"كورولي"الى حل لهذه المشكلة من خلال بناء قنوات أخرى لامتصاص هذه المياه. وفي المدينة تنتشر أجمل البيوت التي تدعى ببيوت الصيادين، وهي شيدت على الطراز التقليدي الذي يجذب اهتمام السياح بشكل بارز. مركز المدينة يعج بالمطاعم والمقاهي ومحلات الترفيه المختلفة، وهي مشهورة بمطاعمها القديمة الفاخرة التي ما زالت محتفظة برونقها الفني الأصيل. ومعظم هذه المطاعم يقدم أنواعاً مختلفة من السلطات والوجبات الايطالية الفاخرة. وتضم المدينة ايضاً عدداً من المعالم السياحية الأخرى، فكنيسة"مودونا انديل"الواقعة قرب الساحل المتاخم لمركز المدينة تحتوي على غاليري فني راق، يلتقي فيه صيفاً كل عام عشرات الفنانين من كل أرجاء العالم، خصوصاً النحاتين الذين يقومون بانجاز المزيد من أعمالهم النحتية اثناء وجودهم هناك. وسواحل الجزيرة تشهد على مدى المواسم السياحية حركة نشطة لعشاق الطبيعة والباحثين عن الجمال، حتى ان بعضهم يصفها وكأنها لؤلؤة تطفو في مياه البحر الادرياتيكي كما لو كانت فتاة تختزن جمالاً قاطعاً كالسيف. وهذا الوصف ليس بعيداً عن وصف همنغواي الذي زار الجزيرة في شتاء العام 1948 وكتب عنها أجمل العبارات في كتابه المشهور"هناك قرب النهر وبين الاشجار"، الذي صدر في ايطاليا العام 1965. وجاء همنغواي الى هذه المنطقة بدعوة من البارون"ريجوند نانوك فرانخيتي"الذي كان يخرج معه للصيد، وقد تردد على المنطقة تباعاً بعد ان استهوته كثيراً. و"كورولي"تشتهر بحدائقها الرائعة ومنتزهاتها المفتوحة التي تضم عدداً من الاعمال النحتية التي انجزها خيرة النحاتين الايطاليين. وهي تعتبر واجهة سياحية متألقة، خصوصاً انها تقابل من الطرف الآخر أجمل المناطق السياحية في العالم، اي السواحل الكرواتية. لذلك فإن المنافسة على جذب أعداد غفيرة من السياح تدفع الايطاليين الى ابداء المزيد من الاهتمام والعناية بهذه الجزيرة الرائعة لتحقيق أفضل النتائج في ميدان صناعة السياحة عموماً.