لن ينسى التاريخ ما حدث لمدينة برلين، عاصمة ألمانيا واكبر المدن في المساحة وعدد السكان، وهي نظمت الالعاب الاوليمبية عام 1936 في الاحتفالات المشهورة للزعيم الالماني القديم ادولف هتلر للدعاية للرايخ الثالث والحزب النازي، وتعرضت برلين لأكبر عملية تدمير وقصف وهدم خلال الحرب العالمية الثانية، وانتهت بشكل مأسوي بتقسيمها الى شطرين، احدهما غربي تابع لألمانيا الغربية وبه الطابع الليبرالي الغني، والثاني شرقي تابع لالمانياالشرقية وبه الطابع الشيوعي، وارتفع بين الشطرين جدار حجري عملاق لأكثر من 20 عاماً، ومع توحد الالمانيتين في مطلع التسعينات سقط جدار برلين في مشهد اسطوري يذكره العالم دائماً. مدينة برلين تحمل طابعاً فريداً بين المدن الالمانية والاوروبية في الحيوية، والحياة في المدينة تستمر 24 ساعة بلا نوم من دون كلل أو ملل، وهي مركز السياسة والحكومة وكذلك الثقافة والفنون والإبداع، وهي مقر رئيسي للأزياء والموضة في المانيا واوروبا، وصناعة السينما في العاصمة هي الانجح في اكبر دول اوروبا تعداداً واقتصادياً، وبرلين مركز مهم للإعلام والصحافة ايضاً، ومهرجانات برلين لا تنتهي بواقع ثلاثة على الاقل شهريا في كل المجالات والفنون، وأهل برلين مشهورون بين الالمان بعشقهم للفكاهة والنكات والحوار المرح الطويل، وهم متعصبون لمدينتهم في كل شيء، ولكنهم لا يجدون نجاحاً في كرة القدم لأنهم لا يمتلكون نادياً قوياً ينافس على البطولات المحلية أو الدولية. ووسط المدينة الكبيرة به اكبر عدد من المطاعم والبارات والمقاهي في العالم قياساً بالعدد والمساحة، وهو ما يعكس حجم اهتمام السكان والزوار بارتياد تلك الاماكن، وبرلين تحتضن سنوياً ملايين عدة - يمكن ان يصلوا الى 10 ملايين او اكثر - من السائحين والجديد في العاصمة ان بها كل الطبقات في المطاعم والبارات المتجاورة، ويمكن أن تلتصق جدران مطعم فاخر للصفوة ترتفع فيه كلفة الشخص الواحد الى 500 يورو مع مطعم شعبي يدفع فيه الشخص 20 يورو لوجبة عشاء شهية. ومع الآثار الباقية من جدار برلين تمثل المدينة صندوقاً للعجائب التاريخية والسياحية والحضارية على أعلى مستوى من الابداع، وبوابة براندنبورغ يزورها الآلاف يومياً، والقبة الزجاجية الفريدة لقصر الرايش ستاغ تتجه اليها العيون دائماً، وميدان الكسندر، إذ توجد احدى اشهر الساعات في العالم، وقصر شارلو تنبورغ وميدان بوتسدام ذو التصميم الخاص وجزيرة المتاحف وعدد من الشوارع التجارية أبرزها فريدريش وكودام. وملعب برلين تحفة معمارية، وهو تأسس في مطلع الثلاثينات لاستضافة الالعاب الاوليمبية، وافتتح عام 1936 وكان مسرحاً للعشرات من البطولات الكبرى والمئات من المباريات المهمة في مختلف الالعاب، وتم تحديثه جداً في السنوات الاخيرة، وبات تحفة فنية بعد ان عمل سقف ملون له، وهو أكبر ملاعب النهائيات وسعته الكاملة 74220 ألف متفرج، وهي ستقل في المباريات بشكل متصاعد لتوفير اكبر عدد من الاماكن للشرطة والامن والضيوف والصحافيين، وينتظر الجميع بفارغ صبر المباراة النهائية للمونديال التي يحتضنها ملعب برلين مساء 9 تموز يوليو المقبل، ولن ينسى أحد منظر كابتن المنتخب الفائز وهو يرفع الكأس الذهبية. ويفتتح الملعب الاوليمبي أبوابه في المونديال مساء 13 حزيران يونيو بأقوى مباريات الدور الاول اكثرها جذبا للجماهير بين البرازيل وكرواتيا في المجموعة السادسة، ويتجه عشاق السويد وباراغواي الى الملعب بعد يومين مساء 15 حزيران لمباراتهما في المجموعة الثانية، ويخوض اصحاب الملعب المنتخب الالماني مباراتهم الثالثة الاخيرة في المجموعة الاولى في برلين مساء 20 حزيران ضد اكوادور. وينتظر كلينسمان ورجاله دعماً هائلاً من جماهير العاصمة في حال الحاجة إلى الفوز والتأهل عبر لقاء اكوادور، والتوانسة لهم موعد للتعرف على المدينة الالمانية الاولى في مباراتهم في ختام المجموعة الثامنة ضد اوكرانيا مساء 23 حزيران، وتقام مباراة ربع النهائي مساء 30 من الشهر نفسه، ويمكن ان يوجد فيها المنتخب الالماني مجدداً اذا تخطى مجموعته في الدور الاول وعبر بعدها من ثمن النهائي. وتنفرد مدينة برلين بين المدن الالمانية الاثنتي عشرة التي تحتضن مباريات البطولة انها الوحيدة التي تنقل كل المباريات على شاشاتها العملاقة في الشوارع من البداية الى النهاية، ويقتصر البث في المدن الاخرى على المباريات المقامة فقط في المدينة. وتنتشر الشاشات الكبيرة المنصوبة بين قوس النصر وبوابة براندنبورغ وميدان بوتسدام، وتسع الاماكن الموجودة امام تلك الشاشات لأكثر من مليون مشاهد من عشاق كرة القدم، وهو ما سيدخل المدينة الى موسوعة غينيس للارقام القياسية باعتبار ان المشاهدين في الهواء الطلق لأي مباراة يمثلون اكبر عدد من الجماهير المتابعين لحدث رياضي واحد.