سيطرت الفوضى والغليان على اراضي السلطة الفلسطينية، خصوصاً في غزة، ولم تستطع قوات الشرطة ولا نداءات السلطة رد الفلسطينيين الغاضبين عن المراكز الثقافية والاقتصادية الاجنبية وحماية الرعايا الاجانب العاملين في اراضي السلطة الذين خُطف عدد منهم، قُدر بستة في غزة استراليان وفرنسيان وسويسري وكوري وواحد اميركي في الضفة، رداً على مهاجمة قوات الاحتلال الاسرائيلي سجن اريحا صباح امس. وسارعت منظمات وفصائل عدة الى التهديد ب"رد مزلزل"على العدوان الاسرائيلي في حين سارعت دول عدة الى اطلاق تحذيرات لمواطنيها بعدم التجول الا تحت الحماية الكافية، كما لجأ عدد من الأجانب في غزة الى مراكز الشرطة طلباً للحماية. وسارعت منظمات فلسطينية وعربية الى اصدار بيانات"تشجب التصرف الاسرائيلي"وادانة انسحاب المشرفين الاميركيين والبريطانيين على سجن اريحا. وفي رام الله اقتحمت مجموعة من الشبان الفلسطينيين الغاضبين المركز الثقافي البريطاني وحاول آخرون اقتحام مصرف اجنبي لكن الشرطة منعتهم. وقال شهود عيان ان"بعض الفلسطينيين اقتحم المركز الثقافي البريطاني، الواقع في مبنى وسط المدينة وتم اخراج محتوياته وتكسيرها وسط الشارع. وهاجم آخرون بنك"اتش اس بي سي"البريطاني وسط رام الله وحطموا زجاجه الامامي، لكن لم يتمكنوا من دخوله. وأعلن مصدر أمني فلسطيني ان"مسلحين اختطفوا مدرساً اميركياً في الجامعة العربية الاميركية في جنين، شمال الضفة الغربية. وتزامن"الهجوم"على المركز مع اقتحام مئات الفلسطينيين الغاضبين المركز الثقافي البريطاني في غزة. وقال مراسل"فرانس برس"ان"مئات الفلسطينيين الغاضبين اقتحموا المركز الثقافي البريطاني وسط غزة واطلقوا النار بكثافة على المبنى وكسروا الاثاث والنوافذ واشعلوا النار في المبنى وسيارة تابعة للمركز". وقال متحدث باسم وزارة الداخلية الفلسطينية ان ناشطين"اختطفوا اثنين من الاستراليين في غزة في اطار الاحتجاجات واطلق سراح المختطفين لاحقاً. واعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية الفلسطينية، توفيق ابو خوصة، ان قائد الشرطة الفلسطينية اصدر تعليمات الى جميع افراد الشرطة باطلاق النار على"كل من يعتدي"على المؤسسات العامة والدولية. وافادت مصادر في الشرطة ان اشتباكاً مسلحاً وقع صباح امس بين مسلحين من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وعناصر من الشرطة الفلسطينية عندما حاول المسلحون اقتحام البعثة الديبلوماسية الاردنية في غزة، ما ادى الى اصابة اثنين من المهاجمين. وأوضحت المصادر ان"مجموعة من مسلحي الجبهة الشعبية حاولت اقتحام مقر البعثة الاردنية في غزة واشتبكت مع الحراس من افراد الشرطة واصيب اثنان من المهاجمين بجروح خطرة". وتم بعد ظهر امس اغلاق معبر رفح الحدودي، بين قطاع غزة ومصر، حتى اشعار آخر بعدما انسحب المراقبون الدوليون منه بطلب من حكوماتهم. وكانت مصادر أمنية قالت ان مسلحين فلسطينيين فتحوا النار امس على قافلة أجانب كانوا يحاولون مغادرة قطاع غزة، وكانت القافلة في طريقها الى معبر رئيسي الى اسرائيل وترافقها قوة امن فلسطينية. ولم يصب احد وتم اجلاء الأجانب. واعلن متحدث باسم"كتائب غيفارا"، المجموعة العسكرية القريبة من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، مسؤولية الكتائب عن خطف طبيبتين فرنسيتين اثنتين من مؤسسة اطباء العالم تعملان في غزة، مطالبة بحماية احمد سعدات الامين العام للجبهة الشعبية. وقال المتحدث ل"فرانس برس"تتمثل"مطالبنا بمغادرة القوات الاسرائيلية من محيط المقاطعة في اريحا التي تضم السجن وان تتدخل الحكومة الفرنسية لحماية الرفيق احمد سعدات وفؤاد الشوبكي ورفاقه". وأوضح المتحدث نفسه ان الطبيبتين"خطفتا وهما في طريق مغادرتهما الى معبر ايريز"شمال قطاع غزة. واضاف ان"هذه رسالة للرأي العام العالمي". وفي باريس اكدت وزارة الخارجية خطف اثنين من الفرنسيين في غزة يعملان لحساب منظمة"اطباء العالم"غير الحكومية. وقال الناطق باسم الوزارة"نحن على اتصال مع ممثلي السلطة للافراج عن المخطوفين. وقال شاهد من"رويترز"ان فلسطينيين اقتحموا امس مبنى في غزة تابعاً لهيئة تعليمية مقرها الولاياتالمتحدة وسط الاحتجاجات. وقال الشاهد ان"مجموعة من الفلسطينيين اقتحمت المبنى الذي تديره هيئة أميركا والشرق الاوسط للخدمات التعليمية والتدريبية وألحقت به أضرارا بسيطة". كما اقتحم نشطاء مؤيدون للجبهة الشعبية مجمع الاتحاد الاوروبي في غزة وهشموا نوافذه وألحقوا به أضرارا أخرى. الأجنحة العسكرية وهددت الاجنحة العسكرية الفلسطينية اسرائيل امس ب"رد مزلزل"اذا مست بالأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ورفاقة، محملة الاميركيين والبريطانيين مسؤولية ما سيحدث للمعتقلين. ودعت كتائب الاقصى"الاميركيين والبريطانيين الى مغادرة الاراضي الفلسطينية فوراً والا سيحدث ما لا يحمد عقباه ردا على التخاذل والتآمر". واعلنت"حالة النفير العام في كل انحاء فلسطين". وقالت كتائب احمد ابو الريش، القريبة من حركة فتح، ان"أي مساس بأحمد سعدات ورفاقه وكل سجناء سجن اريحا هو البركان الذى لا ينطفئ وستدفع اسرائيل ثمناً غالياً". وقالت كتائب ابو على مصطفي، الجناح العسكري للجبهة الشعبية، ان"المنطقة بأسرها ستتحمل تبعات المساس"بسعدات ورفاقه بما فيها السلطة الفلسطينية التي تعهدت بحمايته بإشراف بريطاني وأميركي". وقالت كتائب المقاومة الوطنية، الجناح العسكري للجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين، في بيان"نحذر حكومة الاحتلال الصهيوني من المساس بالرفاق". وتوعدت كتائب المقاومة الوطنية"الاحتلال الصهيوني برد عنيف ومزلزل على هذه الخطوة"، داعية المجتمع الدولي واللجنة الرباعية الى"التدخل لوضع حد لهذه الاعتداءات الصهيونية". كما هدد ابو عبير، المتحدث باسم لجان المقاومة الشعبية، بجعل الارض"تلتهب تحت اقدام الغزاة"، مشددا على ان"كل صهيوني يُعتبر هدفا لعمليات المقاومة". وقال النائب سعيد صيام القيادي في حماس ان"الحركة تدين وبشدة وتستنكر هذا الاعتداء الجديد على سجن اريحا". وفي لندن، نصحت وزارة الخارجية كل البريطانيين"الذين لا يحظون بحماية امنية كافية ومتواصلة"بمغادرة الاراضي الفلسطينية وتحدثت عن"محاولات خطف في غزة". وقالت الوزارة في بيان لها"نحض الرعايا البريطانيين كافة الذين لا يحظون بحماية امنية كافية ومتواصلة ومحترفة ووثيقة على مغادرة الاراضي المحتلة". وبرر وزير الخارجية البريطاني جاك سترو امس قرار لندن سحب الحراس البريطانيين المكلفين الاشراف على سجن اريحا قبل شن الجيش الاسرائيلي عملية لاقتحامه. واعلن في بيان خطي في مجلس العموم ان"بريطانياوالولاياتالمتحدة ابلغتا مراراً السلطة الفلسطينية بمخاوفهما في شأن امن مراقبينا". وقال:"لسوء الحظ لم يطرأ أي تحسن... وبعثنا بالتالي رسالة مشتركة بريطانية - اميركية الى الرئيس الفلسطيني محمود عباس في الثامن من آذار مارس 2006". وأدلى سترو ببيانه بعدما ندد عباس بالعملية العسكرية الاسرائيلية على سجن اريحا محملاً المسؤولية للحراس الاميركيين والبريطانيين المكلفين الاشراف عليه. واعلن ديفيد غرين مدير المركز الثقافي البريطاني ل"هيئة الاذاعة البريطانية"بي بي سي ان المركز الثقافي في غزة"أصيب باضرار جسيمة". وقال ان"الطابق الارضي والطابق الاول احرقا بالكامل"موضحا انه تم اجلاء جميع العاملين فيه في اللحظة الاخيرة. واوضح:"دخل ملثمون مسلحون ظهراً بالتوقيت المحلي الى المبنى وبدأوا باطلاق النار على مركزنا". واضاف:"استدعينا العسكريين وخلال ثلاث دقائق وصلت مجموعة كبيرة من الحرس الرئاسي لتولي زمام الامور والسيطرة على الوضع". ومضى يقول:"وصل متظاهرون وكان عدد منهم يحمل السلاح. ويبدو ان الحرس الرئاسي لم يتمكن من السيطرة على الوضع. وبدأ المتظاهرون بتخريب المبنى واحرقوا سيارة واشتعلت النيران في المبنى بكامله". وبحسب غرين كان معظم العاملين في المركز من الفلسطينيين. قدومي وفي تونس حمل رئيس الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية فاروق القدومي الولاياتالمتحدةوبريطانيا المسؤولية عن مداهمة سجن في اريحا، وقال للصحافيين اننا"نحمل دولتي الحراسة كامل المسؤولية عما يحدث". واضاف:"ندين بشدة هذا العدوان الصارخ على مرأى كل العالم... بهدف القضاء على الاخوة المناضلين احمد السعدات وفؤاد الشويكي ورفاقهما بعد انسحاب الحرس الاميركي الانكليزي بالتنسيق مع العدو الاسرائيلي". وطالب القدومي الرأي العام العالمي والامم المتحدة بايقاف الاعتداءات الاسرائيلية. وقال:"نهيب بالرأي العام العالمي والامم المتحدة ان توقف هذه الجرائم وتلجم افواه الارهاب المنظم ووضع حد للممارسات الاسرائيلية في حق الشعب الفلسطيني وقياداته الوطنية". وحذر تيسير خالد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير عضو المكتب السياسي للجبهة الديموقراطية من"خطورة التصعيد الاسرائيلي"، وحمل الادارة الاميركية والحكومة البريطانية المسؤولية عن امن سجناء اريحا. كما حملت المؤسسة الفلسطينية لحقوق الانسان شاهد الاحتلال الاسرائيلي مسؤولية حماية حياة"المناضل احمد سعدات ورفاقه". مصر والجامعة وأعرب وزير الخارجية المصري أحمد ابو الغيط عن استهجانه لما حدث مشيراً الى أن استخدام القوة لحل المشاكل العالقة بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية"أمر غير مقبول ويتنافى والاتفاقات الموقعة بين الجانبين". واشار الى أن معالجة المشاكل الناشئة عن تطبيق اتفاق سجن اريحا"كان يجب أن تتم بالتشاور بين أطراف الاتفاق جميعا وليس باتخاذ اجراءات أحادية الجانب أو باستخدام القوة المسلحة والتعرض لرجال الامن الفلسطيني الذين يقومون بواجبهم في ظروف شاقة". ودان الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى"العمليات العسكرية الاسرائيلية لاقتحام سجن اريحا"، وتساءل عن معنى انسحاب المراقبين الدوليين قبيل بدء العملية والذي يثير عدداً من علامات الاستفهام عن احتمالات التنسيق تمهيداً لهذا العدوان الواضح.