توقعت مجموعة البنك الدولي، التي تضم مؤسسة التمويل الدولية المتخصصة في تمويل مشاريع القطاع الخاص الإنمائية، بأن تقدم الاقتصادات الناشئة والنامية أداء استثنائياً عام 2006، سواء على صعيد نمو الناتج المحلي، الذي سيحتفظ بتفوقه على الاقتصادات الصناعية، أو على مستوى أسواق المال التي سترفع قيمتها السوقية الإجمالية إلى أكثر من خمسة تريليونات دولار، للمرة الأولى في تاريخها. وأكد نائب الرئيس التنفيذي لمؤسسة التمويل الدولية لارس ثونيل، أن الأسواق الناشئة كمجموعة، أثبتت قدرتها على النمو بوتيرة عالية ومستدامة، واجتذاب رأس المال. وقال بمناسبة احتفال المؤسسة بيوبيلها الذهبي أول من أمس، إن" في الأسواق الناشئة كماً هائلاً من الحيوية،"مشيراً إلى أن هذه الأسواق التي تضم الغالبية العظمى من الاقتصادات النامية اجتذبت في العام الماضي 350 بليون دولار من الاستثمارات الخاصة، أي أربعة أضعاف المساعدات الإنمائية الدولية. وخصت مجموعة البنك الدولي النشاط الاستثماري بأقوى التوقعات، مشيرة إلى أن القيمة السوقية للأسهم المتداولة في أسواق المال الناشئة تتجه إلى الارتفاع من أقل من تريليوني دولار في 1995، لتتجاوز خمسة تريليونات دولار في 2006، ما يعني أنها لن تشكل أكثر من 12 في المئة من القيمة السوقية لأسواق المال العالمية فحسب، بل أنها مستمرة في تحقيق نمو مضطرد يفوق أداء أسواق المال في الدول الصناعية. واعتمدت المجموعة في تقديراتها على عدد من المؤشرات العالمية المتخصصة بأسواق المال الناشئة، خصوصاً مؤشر"مورغان ستانلي كابيتال انترناشيونال"، الذي يشمل بعض الأسواق العربية، مثل مصر والأردن والمغرب، ويستثني أسواق مال مجلس التعاون الخليجي، التي تجاوزت قيمتها السوقية حاجز التريليون دولار في نهاية العام الماضي. لكن هذا الاستثناء المرتبط بدرجة انفتاح السوق على الاستثمارات الخارجية، يبدو في طريقه إلى التصحيح، ما حدا بمؤسسة مورغان ستانلي أخيراً الى اعلان خطة جدية لإنشاء مجموعة من المؤشرات الخليجية. وأبرز مسؤول مؤسسة التمويل الدولية تزايد اهتمام الاستثمار العالمي بأسواق المال الناشئة، وأفاد بأن صناديق المعاشات والمؤسسات الاستثمارية الدولية ضخت 20.3 بليون دولار في صناديق الأسهم الناشئة العام الماضي، أي خمسة أضعاف ما استثمرته في هذه الصناديق عام 2004، مشيراً إلى أن المبالغ الجديدة رفعت القيمة الإجمالية للاستثمارات الدولية في أسواق المال الناشئة إلى أكثر من تريليون دولار. يشار إلى أن مؤسسة التمويل الدولية التي تشارك مجموعة البنك الدولي أهدافها، وتحصر نشاطها الاستثماري في القطاع الخاص لدولها ال 178، لعبت دوراً رائداً في إنشاء صناديق استثمارية قطرية للأسهم المدرجة في أسواق المال النامية في بداية الثمانينات من القرن الماضي، وابتكرت مصطلح"الأسواق الناشئة"، الذي ينطبق على أي دولة ذات دخل منخفض أو متوسط، وتكون القيمة السوقية لسوقها المالية أقل من ناتجها المحلي. ولفت ثونيل إلى أهمية الدور الإنمائي للاستثمارات الدولية، مشيراً إلى أن صافي الاستثمارات المباشرة والسهمية الدولية المتدفقة إلى الأسواق الناشئة، ارتفع إلى حدود 200 بليون دولار سنوياً، وأصبح مصدراً مهماً للتنمية في الدول النامية، حيث شكل 80 في المئة من إجمالي مصادر التمويل الخارجية المتاحة لهذه الأسواق، من 1999 إلى 2003، مقارنة ب 60 في المئة في الفترة من 1993 إلى 1998. وعزا اهتمام الاستثمار الدولي بالأسواق الناشئة إلى حيوية اقتصاداتها، لافتاً إلى أن نسبة النمو المتوقع أن تحققها الاقتصادات النامية في 2006، تراوح بين 5.5 و5.9 في المئة، موضحاً أن هذه النسبة التي تزيد على ضعفي وتيرة النمو المتوقع في الدول الصناعية، لا تحكي الواقع، إذ أن حجم الطاقات الاقتصادية الكامنة في الدول النامية، وما يعرف ب"الاقتصاد غير الرسمي"، يراوح بين 40 و80 في المئة من الاقتصاد الرسمي. وبانتظار ظهور المؤشرات التي تنوي مورغان ستانلي إصدارها، كشفت مؤسسة"ستاندرد آند بورز"في مؤشرين رئيسين، مدى ضخامة المكاسب التي حققتها أسواق المال الناشئة في عام 2005، حيث راوحت بين 35 و42 في المئة في المناطق الناشئة الأربعة الرئيسة، وراوحت تفصيلا بين 52 و67 في المئة في أوروبا الشرقية، وبين 33 و64 في المئة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، وبين 48 و50 في المئة في أميركا الجنوبية و27 و29 في المئة في آسيا. وتغطي مؤشرات ستاندرد آند بورز، وقاعدة البيانات الملحقة بها التي ابتاعتها من مؤسسة التمويل الدولية عام ألفين، أداء أسهم ألفي شركة مدرجة في أسواق مال 53 بلداً من بلدان الاقتصادات الناشئة، وتشمل من الدول العربية السعودية والبحرين وعمان ومصر والأردن والمغرب.