أثارت التعديلات الدستورية التي طلبها الرئيس المصري حسني مبارك من البرلمان أمس انتقادات حادة من جماعة "الإخوان المسلمين" التي اعتبرت أن التعديلات تستهدفها، إضافة إلى تهديد بعض نواب الحزب الوطني الديموقراطي الحاكم بالاستقالة في حال الإبقاء على تفويض الرئيس حل البرلمان وتغيير النظام الانتخابي الذي نجح معظمهم في ظله قبل الانضمام إلى الحزب. وسعت دوائر الحكم إلى احتواء المخاوف من إلغاء الإشراف القضائي على الانتخابات. وقال رئيس مجلس الشورى صفوت الشريف إن التعديلات الدستورية ستعرض في استفتاء شعبي في نيسان ابريل المقبل بعد تصديق مجلس الشعب على المواد ال 34 التي طلب مبارك تعديلها. وأكد أمام أول اجتماع للجنة التشريعية لمناقشة التعديلات، استمرار الإشراف القضائي على الانتخابات، لكن"بالقدر الذي يحدده الدستور بعد التعديل". وشدد على"ضرورة وجود القضاء في المكان والشكل الذي يحفظ قدسيته". وكلف اللجنة التشريعية البحث في طريقة للإشراف القضائي، مرجحاً"تشكيل لجنة مستقلة محايدة للإشراف على الانتخابات مع استمرار الاشراف القضائي". وأضاف:"لا ردة عن الإشراف القضائي والتعديل هو تصحيح للإشراف ليكون فاعلاً ويحقق نتائج نزيهة من خلال لجنة مستقلة تتولى الانتخابات منذ تقديم طلبات الترشح حتى إعلان النتائج". وأكد أن انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى التي تجرى العام المقبل، ستتم وفقاً للنظام الفردي. ولفت إلى أن"التعديلات الجديدة لا تنص على نظام بعينه لإجراء الانتخابات، بل وضع صيغة دستورية للوصول إلى النظام الأمثل لاجراء الانتخابات". وهاجم"الإخوان"التعديلات، معتبرين أنها تأتي لمصلحة الحزب الحاكم وتكريس سلطته. وأكدت الكتلة البرلمانية للجماعة، أن"التعديلات الدستورية المقترحة تهدف إلى إقصاء الغالبية العظمى من شعب مصر بمختلف اتجاهاته السياسية عن العمل السياسي ومنعه من ممارسة حقوقه". وقالت في بيان أمس إن التعديلات"تأتي في ظل تراجع واضح في عملية الإصلاح السياسي والدستوري، التي أعلن عنها وانتظرها الشعب المصري، وفي توقيت يمر فيه المجتمع بظروف بالغة السوء، تتطلب إيجاد مناخ مناسب لإزالة حالة الاحتقان السياسي". واعتبرت أن الاقتراحات"لا تعبر عن التوافق المجتمعي اللازم لأي تعديل دستوري، وتجاهلت الاقتراحات التي تم تقديمها في نهاية الدورة البرلمانية السابقة، الأمر الذي يفقدها مشروعيتها الشعبية والسياسية". واعتبرت طلب مبارك حظر قيام الأحزاب على اساس ديني"إضافة لمزيد من القيود التي تكبل الحياة السياسية والحزبية، وتجاهل لواقعها الذي لا يعبر بحق عن المجتمع ولا يحقق مقوماته الأساسية". واعتبرت أن إلغاء النظام الفردي في الانتخابات"صادر حقاً أصيلاً من الحقوق والحريات العامة، وهو الترشيح، في محاولة إقصائية لقطاعات واسعة من الشعب المصري، فقصر التمتع بهذا الحق على المنتمين إلى الأحزاب، وهم نسبة لا تتجاوز 3 في المئة من مجمل الشعب المصري، ما يحرم 97 في المئة من هذا الحق". ورأت في تعديل الإشراف القضائي على الانتخابات"عصفاً بإمكان إجراء أي انتخابات حرة نزيهة في المستقبل". في موازاة ذلك، ظهرت خلافات حادة بين نواب الحزب الحاكم في مصر حول التعديلات الدستورية التي طلب الرئيس حسني مبارك إجراءها. واحتج بعضهم على منح الرئيس سلطة حل البرلمان بقرار جمهوري من دون عرض الأمر في استفتاء على الشعب. وطالبوا"بحماية البرلمان في المستقبل من أي تعسف من جانب الرئيس في استخدام هذا الحق". وتحفظوا على فكرة إلغاء الإشراف القضائي الكامل على العملية الانتخابية، مشددين على ضرورة الإبقاء على شعار"قاض لكل صندوق". ودعوا إلى الإبقاء على نظام الانتخابات الفردي من دون تغيير. ووصل الأمر إلى تهديد بعض نواب الحزب بالاستقالة في حال الإصرار على تمرير هذه التعديلات من دون تغيير عليها.