كانت مؤسسة الفكر العربي، وأنا عضو في مجلس ادارتها، قررت عقد مؤتمرها السنوي في بيروت في الأسبوع الأول من هذا الشهر، ثم قررت خلال حرب الصيف البحث عن عاصمة عربية أخرى تستضيف المؤتمر، الا ان نهاية الحرب جعلت الأمناء وأعضاء مجلس الادارة يعودون الى بيروت تضامناً مع لبنان. وجاءت التظاهرات الاخيرة والمواجهة لتجعلنا نقرر إلغاء مؤتمر بيروت. وكنتُ وعائلتي، وجاري وعائلته في لندن قررنا الذهاب الى بيروت خلال فترة الأعياد، كما فعلنا في السنوات السابقة، وحجزنا تذاكر السفر وغرف الفنادق، وساعة كتابة هذه السطور كنتُ ألغيت حجوزات الأولاد، وكذلك فعل جاري وربما ألغينا سفر الكبار اذا استمر الوضع. أقول ان المشاكل المستمرة في لبنان أثرت في عملي وفي اجازتي العائلية، ولا حاجة بأي قارئ ان يذكّرني بضرورة التعليق على أخبار بلدي، فأنا لم افعل لأنني لم أجد ان عندي ما أزيد على ما يعرف القارئ، ولم أطرق الموضوع ومعه المواجهة الموازية بين الفلسطينيين، إلا بعدما أجريت اتصالات مباشرة، اختتمتها بحديث هاتفي طويل مع الأخ عمرو موسى، الأمين العام لجامعة الدول العربية، في نهاية وساطته يوم الخميس الماضي، فكان أن نشرت تعليقاً يوم الجمعة الماضي، وسأكتفي اليوم بالبريد السابق للمقال هذا، فقد تلقيت حوالى 60 رسالة لاحقة سأعود اليها عندما يسمح الوقت. أرجو ان يكون تعليقي الجمعة لاقى قبولاً من القارئ لائق الأسد الذي "هرول" الى مقالي بعد جلسة مجلس الوزراء اللبناني الأسبوع الماضي، فوجد انني أخطأت بحق القراء لتجاهلي الموضوع، والقارئة نورة أحمد التي تقول ان عيني مغمضة عن كوارث لبنان وأركز على أميركا. أركز على أميركا لأن الكوارث تأتي منها، والقارئة سوزان تلغي حاجتي الى الكتابة عن أي موضوع فهي تقول انه "موزون مئة في المئة ولكن من يسمع أو يفهم، فأنت من نوع المثال: على بال مين ياللي بترقص بالعتمة". وهي تضيف ان اسرائيل وحدها تكسب من الصراع العربي - العربي. القارئ رامز الريس يؤيد ما ذهبت اليه، ولكن يزيد ضرورة المحافظة على لبنان، فهو في رأيه "جوهرة التاج والديموقراطية العربية الوحيدة"، ثم يزيد محذراً من الاطماع الايرانية في المنطقة، وبالتحديد على الخليج ولبنان. في المقابل القارئ أو القارئة ميامناز، في رسالة الكترونية بالانكليزية، ينتقد الذين يعتبرون فرنسا أمهم، والقارئ هشام سمرة يقول ان حكومة فؤاد السنيورة لم تعمل شيئاً للبنان أي حكومة عملت يا أخ هشام والقارئة دون، أي الفجر بالعربية، تقول بشكل غامض "للحديث صلة". كانت هناك رسائل أخرى، وقد بعثت بردود خاصة لكثيرين، وعادت اليّ رسالتان لأن العنوانين كانا زائفين. وأعترف بأن هذه طريقة مثلى لمن يريد اغاظتي، فأنا أهتم بكل رسالة، وأحاول جهدي ان أخصص وقتاً للقراء وسط عملي اليومي، ثم أجد ان قارئاً يبدي رأياً جارحاً أو متطرفاً، ويخاف أن يسجل اسمه كأنني جهاز استخبارات عربي من إياهم. أكثر موضوع حظي باهتمام القراء في الأسبوعين الأخيرين كان حملتي على الارهاب والارهابيين، وتسجيل اساءاتهم للإسلام والمسلمين. وفي حين ان كثيرين مثل القارئ محمد عبد المنعم والقارئ ناصر والقارئة نصرت أيدوني وزادوا علي، فقد كانت هناك آراء أخرى. والقارئ محمد يقول اننا متهمون بالارهاب قبل ان توجد "القاعدة"، وقبل حرب أفغانستان، بل قبل منظمة التحرير الفلسطينية، فنحن متهمون بالارهاب منذ أسست الدول الاستعمارية اسرائيل. وما يسمى الارهاب هو من صنع الاستعمار وأجهزة استخباراته. ومثله القارئ منير الذي حمَّل الاستعمار المسؤولية ثم طالب باقتراحات لحل المشكلة، فزاويتي خلت من مثل هذه الاقتراحات. الأخ محمد بن فالح الدوسري، في رسالة بالفاكس قدم اقتراحات للقضاء على الفكر الارهابي هي: أولاً، ألا يغفل الاعلام ابداً التحذير من مساوئ الارهاب وسحب الحجة من الارهابيين، وثانياً ان يوجه الدعاة من علماء وخطباء وطلبة علم الى المنهج النبوي في التعامل مع العصاة والمخالفين، وثالثاً ان تعزز الدولة الحضور الأمني في جميع مناحي الحياة والقضاء على البطالة ومحاورة الشباب وتبصيرهم والصبر عليهم. كله صحيح، وثمة اقتراحات كثيرة أخرى، الا ان المشكلة هي اننا بحاجة الى انتظار سنوات، وربما جيل آخر، قبل ان تؤتي الجهود ثمارها. وأكتفي بملاحظة للقارئ محمد الذي رأى بنات محجبات من ماليزيا وإندونيسيا في شيكاغو، ويسأل كيف اعتنقت شعوب في الشرق الاقصى الإسلام، وهل كان ذلك بالسيف. أقول ان السيف لم يستعمل، وإنما وصل الاسلام الى هذه الشعوب من طريق التجارة والدعاة، وأكبر بلد إسلامي في العالم اليوم، أي إندونيسيا، هو من هذه البلدان. وأمامي بضع عشرة رسالة عن عنصر الجهل في السياسة الأميركية، ولا أريد ان أسجل أسماء، وإنما أقول ان القراء زادوا على ما كتبت فجهلنا ضرره علينا وحدنا، أما الجهل الأميركي فيلف العالم، خصوصاً انه ينتهي باختيار رئيس جاهل نصّب نفسه شرطياً للعالم كله، من دون ان تكون للعالم كلمة في اختياره. وأشكر كل القراء الذين شاركوني الفرحة في سقوط جون بولتون، ذلك المتطرف الذي ما كان يجوز ان يدخل الأممالمتحدة. أخيراً عندي ثلاث رسائل من قارئ كردي اسمه محمد، وثلاث رسائل بالفرنسية من قارئ يستعمل اسماً فنياً، أو حركياً. القارئ الكردي عنده اعتراض على شيء كتبته، الا انني لم أفهم ما يريد ان يقول، وربما استعنت بزميلنا السابق كمران قره داغي لفك طلاسم رسائله. اما الرسائل بالفرنسية فتتحدث عن ثلاثة مواضيع لا رابط بينها لتنتهي بكلام عنصري. ولا يهمني ان يعترض أي قارئ، فنحن نقول في لبنان ان "اللي يعطيني معاش يقطعو"، ولكن أقول انه اذا شاء قارئ ان يرى رأيه منشوراً فعليه ان يلتزم حدود الأدب والقانون.