على عكس ما فعلته السنة الماضية، حين منحت جائزة نوبل الفيزياء عن بحوث تستند الى نظرية عن الضوء وضعها جايمس ماكسويل عام 1850، ارتأت"لجنة نوبل منح الجائزة لبحوث عن نظرية "البيغ- بانغ"، أو "الانفجار الكبير"، التي تُعتبر موضوعاً مُعاصراً في فيزياء الفضاء. وهكذا تقاسم العالمان الاميركيان جون ماذر 60 سنة، من"مركز غودار للطيران"في ولاية ميريلاند، وجورج سموت 61 سنة، من"مختبر لورنس بيركلي الوطني"في ولاية كاليفورنيا مبلغ عشرة ملايين كرون 1.37 مليون دولار، تقديراً لاشتغالهما على شكل الثقوب السود وقد صاغ نظريتها الفيزيائي الاميركي ستيفن هوكنز في ثمانينات القرن العشرين، وعن قياس الفوارق التي تحصل في احتساب كمية الأشعة العميقة في خلفية الكون عند قياسها من اتجاهات مختلفة. والمعلوم ان نظرية"البيغ- بانغ"، التي صاغها الاميركي جون غاموه في العام 1948، تُعيد اصل المجرّات الى ذرة هائلة الكثافة والحرارة، انفجرت قبل قرابة 15 بليون سنة، ما أطلق كميات خرافية من الطاقة والمادة، التي بردت تدريجاً للتحوّل الى مجرّات ونجوم تتباعد عن بعضها بشكل مستمر، ما يولّد ظاهرة"توسّع الكون". وبعد ذلك، لاحظ عالم الفلك الأميركي روبرت هيرمان، ان القول بالتوسّع الكوني يوصل الى توقع وجود أشعة باردة وخافتة، بقيت منذ زمن الانفجار الكبير كأنها الصدى، وتُشكّل نوعاً من"الخلفية"في مشهدية الكون. وقد تمكّن القمر الاصطناعي الأميركي"كوبيه"من التقاط هذه الأشعة عام 1992، وتبيّن انها من نوع موجات الراديو القصيرة"مايكروويف". واستطاع العالمان سموت وماذر دراسة وضع تلك الأشعة كما كانت بعد 380 الف سنة على"البيغ- بانغ"، وهي ما تعتبر بمثابة الدقائق الأولى بعد الانفجار الكوني الكبير. كما دلّت أبحاث سموت وماذر الى ان تلك الأشعة لا تسير بشكل متساو في الاتجاهات المختلفة، ما يُعتبر تأييداً لنظرية"التوسع الكوني"، التي صاغها إدوين هابل في عشرينات القرن العشرين.