طغى الهاجس الأمني والخوف من الفتنة المذهبية على الوضع السياسي المشدود في لبنان أمس، وعلى المداولات في شأن الفراغ الحكومي، ومطالبة بعض افرقاء المعارضة باستقالة رئيس الجمهورية اميل لحود مقابل تحميل أطراف موالية المعارضين مسؤولية عدم القبول بالحوار. وفيما خلف انفجار العبوة الناسفة في سيارة في منطقة الجديدة في ضاحية بيروتالشرقية الشمالية 11 جريحاً وأضراراً مادية كبيرة، وخشية من مسلسل حوادث أمنية تحت مظلة الانقسام السياسي الذي تعيشه البلاد، أعلن الرئيس لحود أمس الغاء مشاركته في القمة العربية التي تعقد غداً الاثنين في الجزائر، واتصل بالرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة لابلاغه بالقرار"نظراً الى التطورات الراهنة على الساحة اللبنانية والتي تتطلب بقاءه في بيروت"، كما جاء في بيان رئاسي قبل ظهر أمس. راجع ص 2، 3 و4 وخرق الامين العام ل"حزب الله"السيد حسن نصرالله حذره الامني الذي يحول دون قيامه بزيارات علنية الى القيادات السياسية، فزار مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني، بعد ظهر امس وأعلن ان"هناك من يريد ان تكون فتنة مذهبية في لبنان، لكن العلاقات بين السنّة والشيعة ممتازة وهناك تواصل دائم وتعاون". وفي القاهرة ذكرت"وكالة أنباء الشرق الاوسط"المصرية ان الرئيس المصري حسني مبارك سيتوجه الخميس المقبل الى باريس، بعد مشاركته في القمة لاجراء مباحثات مع نظيره الفرنسي جاك شيراك حول الازمة اللبنانية السورية. وطلب لحود من الأجهزة الامنية التشدد في حفظ الامن والحؤول دون أي استغلال للوضع السياسي الراهن للاساءة الى الأمن. وأقام الجيش بعد انفجار الجديدة والعثور على عبوة وهمية في منطقة الدورة، وظهور بعض المسلحين في احد احياء بيروت، حواجز على مداخل المدينة واتخذ تدابير احتياطية وأصدر بياناً اكد فيه التشدد في ملاحقة من يعكر صفو الامن، مشيراً الى انه"لن يسمح باستغلال حرية التعبير"، والى ان"الجو المتشنج في البلاد يجعل لأي خلل أمني مفعولاً اكبر من تأثيره العادي". ولم يخرج حادث التفجير الذي حصل بعيد منتصف ليل اول من امس عن التجاذب السياسي، فأعلن رئيس المجلس النيابي نبيه بري ان الامور"بلغت حداً بدأ يهدد السلم الاهلي والاستقرار عبر تفجيرات بقصد استجلاب قوات دولية". وأكد"اننا لن نقبل بأي شكل من اشكال الوصاية او الانتداب الاجنبي من أي نوع كان، ونحن الذين رفضنا ونرفض حكومة عسكرية من ابناء بلدنا، فلن نقبل بتعبيرات خارجية عسكرية". وربط رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بين المتفجرة في الجديدة وبين الاحداث السياسية، فأشار الى المؤتمر الصحافي للمدير العام للأمن العام اللواء الركن جميل السيد، بالقول:"بالأمس كشف موظف أمني عن حقيقة النظام وهددنا، الأمر الذي أدى الى وضع سيارة مفخخة في نيو جديدة وقد تكون هناك سيارات اخرى ومحاولات اغتيال جديدة، لذلك تجب ازالة مفاعيل التمديد للرئيس لحود من اجل صيانة العلاقة اللبنانية السورية وتحصينها وفتح صفحة جديدة بين البلدين". وكرر المطالبة بانتخاب رئيس جديد للجمهورية من قبل المجلس النيابي الحالي. وكان لحود اصدر بياناً قبل الظهر دعا فيه لقاءي"البريستول"المعارض و"عين التينة"الموالي الى"فتح حوار فوري بدءاً من اليوم للتوافق تحت مظلة مصلحة لبنان والى وقف جميع انواع السجالات السياسية والاعلامية وتقاذف الاتهامات غير المسؤولة التي تزيد من الاحتقان". وكان السيد حسن نصرالله سئل بعد لقائه المفتي قباني، عن رأيه في تصريحات البطريرك الماروني نصرالله صفير في نيويورك اول من أمس ان"حزب الله حزب لبناني كان وراء تحرير الجنوب من الاحتلال الاسرائيلي، لكن الآن بعد انجاز ذلك لا يوجد ما يدعو لاستمرار امتلاكه اسلحة"فقال:"كنا نتمنى ألا تحسم المسائل بهذه الطريقة". وأوضح انه ابلغ موفدي صفير يوم سفره الى اميركا بأن"كل ما هو شأن لبناني نحن كلبنانيين جاهزون لمناقشته في ما بيننا ونحن حريصون على بلدنا ومصالحه... وسلاح المقاومة لا يحق لأحد على الاطلاق التدخل فيه لا الولاياتالمتحدة والأمم المتحدة ومجلس الامن". وقال انه ليس اللقاء الوحيد الذي سيخرج اليه بعد اجتماع مع المفتي، معتبراً انفجار اول من امس"هدفه العودة الى التشنج والانقسامات المناطقية والطائفية وهذا يخدم اسرائيل". وفيما دعا المفتي قباني الى لجنة تحقيق دولية في جريمة اغتيال الحريري، اعتبر نصرالله ان المعارضة"تراهن على مناخ وعلى انها قادرة على تحقيق غلبة ما". ورأى ان هذا"تقويم غير دقيق لاعتبارهم ان لا داعي للجلوس وهذه حسابات خاطئة ولبنان لا يقوم الا بالتلاقي والحوار". وأكد المفتي قباني على رفض قرار مجلس الامن الدولي الرقم 1559 ووقوفه مع حماية المقاومة ومع علاقات الاخوة مع سورية. وكانت لجنة المتابعة المنبثقة عن لقاء"البريستول"المعارض حذرت من"المنظومة المخابراتية في النظام". واشار بيان للجنة الى"افادة مصادر متعددة عن تهديدات بالاغتيال تستهدف عدداً من قيادات المعارضة". وتحدث عن نية"المجموعة المخابراتية الشروع في حملة ضد جريدة"المستقبل"وتلفزيون"المستقبل"، وعن تحويل مراكز بعض الاحزاب الموالية لسورية الى مراكز للمخابرات السورية".