كيف يقرأ سفراء دول اعضاء في مجلس الامن"المشهد السوري"بعد الضغوطات الاميركية والفرنسية لاخراج القوات السورية من لبنان؟ وهل هناك من"جزرات"تقدم الى دمشق في حال تعاونها مع المطالب الدولية؟ وما هي العقوبات المحتملة في حال عدم استجابة سورية؟ وما هي خلفية الحملة على سورية في الايام الاخيرة؟ تقول مصادر ديبلوماسية غربية ل"الحياة"ان الضغوط الاميركية - الاوروبية جاءت بسبب"تراكم سياسات"في السنوات الاخيرة، قبل ان تشير الى ان استجابة دمشق ل"كل المطالب في شكل علني ورمزي"ستؤدي الى تقديم"اربع جزرات"الى سورية بينها العمل على استئناف مفاوضات السلام مع اسرائيل. لكن خبراء سوريين يعتقدون بأن التلويح باحتمال استئناف مفاوضات السلام في الوقت الراهن يستهدف الاشارة الى ان ذلك سيحصل"بعد تقليص دور سورية الاقليمي ونزع اوراق اساسية منها لاضعاف موقفها على مائدة المفاوضات"". وكان لافتا ان عدداً من السفراء الغربيين بدأ تغيير لهجته في الايام الاخيرة. وقال احدهم ل"الحياة"امس:"دوري كديبلوماسي ألا أعطي انطباعاً خاطئاً عن سياسة بلدي مع سورية لأن الكلام الجميل لا يخدم دمشق وربما يؤدي الى الفهم الخاطئ لسياستنا". وزاد:"يجب التشدد لاسماع السوريين الحقيقة في اذانهم". ويفسر هذا الكلام الحملة التي حصلت في الايام الاخيرة خصوصا بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري الاسبوع الماضي. وتضمن ذلك تصريحات اميركية بتحميل سورية "المسؤولية عن الاستقرار في لبنان"بعد العملية ثم سحب واشنطن سفيرتها في دمشق ما رغريت سكوبي، قبل وضوح مطالب اميركية - فرنسية ب"خروج القوات السورية من لبنان"وتنفيذ القرار 1559. وقالت المصادرالديبلوماسية الغربية:"ليست هناك أي دلائل ملموسة على علاقة سورية باغتيال الحريري. يمكن ان تكون سورية ضحية الاغتيال، لكن لا بد ان تسأل دمشق نفسها: لماذا توجه الينا اصابع الاتهام؟". وفيما قالت هذه المصادر:"لم تكن هناك مشكلة بالدور السوري في لبنان قبل سنة، لكن المشكلة حصلت بعد التمديد. أي انهم جلبوا المصيبة لأنفسهم"، تشير المصادر السورية الى وجود"نيات مبيتة ضد سورية بدأت قبل ثلاثة اشهر"لدى لقاء الرئيسين جورج بوش وجاك شيراك في 24 حزيران يونيو العام الماضي. وبعدما قالت المصادر الديبلوماسية"ان عملية اغتيال الحريري زادت ملفا جديدا ضد سورية في التراكم السياسي"الحاصل في السنوات الاخيرة، اوضحت ان"التراكم"يشمل العراق و"حماس"و"الجهاد"و"حزب الله". عن العراق، قالت المصادر الغربية:"نقدر الجهود السورية لضبط الحدود ومنع التسلل. حصلت اعتقالات لمتسللين وجهود جدية تضمنت تسليم عراقيين الى حكومتهم ومغاربة الى بلادهم لأن في ذلك مصلحة لسورية. لكن لا بد من اتخاذ خطوات اضافية: في المطارات والمدن وتفكيك شبكات دعم وتمويل وتسهيل نقل الجهاديين الى العراق، اضافة الى طرد عناصر النظام العراقي السابق الذي يساهمون في تمويل التمرد". وكانت هذه المصادر تشير الى قائمة التسعة التي قدمها مساعد وزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الاوسط وليم بيرنز في ايلول سبتمبر الماضي. وبين الاسماء المدرجة سبعاوي حسن ابراهيم الاخ غير الشقيق للرئيس السابق صدام حسين وطاهر الحبوش مدير الاستخبارات السابق وعضو القيادة القطرية محمد يونس الاحمد وعضو القيادة القومية في سورية العراقي فوزي الراوي. وتؤكد المصادر السورية ان"المعلومات المقدمة من الاميركيين والبريطانيين غير موثقة، وأن هناك أسماء مفبركة وليس هناك دليل على وجود هؤلاء في سورية". كما نفى الراوي ل"الحياة"امس"أي علاقة"له بدعم التمرد مع انه يعارض الاحتلال ويؤمن بشرعية المقاومة مع تمييزها عن الارهاب. وقالت المصادر الغربية:"من جهة هناك حقائق، ومن جهة اخرى هناك الجهة الرمزية لان اميركا وبريطانيا تريدان دليلا على ارادة سورية علنية بطرد واحد من هؤلاء التسعة". ويعتبر موضوع"حزب الله"الثاني في"التراكم"، ذلك ان الخطاب الجديد الذي يقدمه المسؤولون الغربيون في محادثاتهم مع سورية يقوم على ان هذا الحزب"يقوم بمشاكل ضد السلطة الفلسطينية". وعندما يسأل الديبلوماسيون عن الدليل يقولون:"هناك دلائل كافية. ليست كافية لتقديمها الى المحكمة لكنها دلائل استخباراتية وصحافية تفيد ان حزب الله يلعب دورا في الاراضي الفلسطينية، كما ان الحزب لا ينفي ذلك". وعلمت"الحياة"ان كندا وايطاليا ودولا اوروربية اخرى طلبت من سورية"استخدام نفوذها لمنع حصول ذلك"، فيما كان الجانب السوري يؤكد"دعم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ودعم الحوار الفلسطيني". وهناك اعتقاد سوري بأن هذا التركيز على انخراط"حزب الله"في الوضع الفلسطيني يستهدف نسف فرضية انه"حركة مقاومة لبنانية ليس لها نشاط خارج لبنان وانها غير متورطة في الارهاب الدولي". وعن العقوبات المحتملة على سورية، قالت المصادر:"من دون دلائل قاطعة على علاقة سورية باغتيال الحريري، لا يمكن فرض عقوبات اوروبية ودولية ورفع الملف الى مجلس الامن"، لكنها تشير الى ان الاتجاه العام حاليا"يقوم على ان عدم استجابة سورية يعني عدم توقيع اتفاق الشراكة السورية - الاوروبية خصوصا انه يكفي صوت واحد لعدم حصول التوقيع". ورفضت هذه المصادر تقدير الفترة التي ستبقى فيها سكوبي في واشنطن، لكنها قالت"انها سكوبي اخذت كلبيهما معها ما يعني انها ستبقى فترة طويلة". واستبعدت استدعاء السفير البريطاني بيتر فورد الى بلاده، مشيرة الى انه"لا بد من تقديم جزرات الى الجانب السوري بعد تقديم الضغوط لدفع دمشق الى التعاون"قبل ان توضح:"يمكن الحديث عن اربع جزرات: البحث لاحقا في استئناف مفاوضات السلام، الامتناع عن ممارسة ضغوطات سياسية، عدم فرض عقوبات اقتصادية، والاستمرار في توقيع الشراكة مع اوروبا".