غادرت امس السفيرة الاميركية في دمشق مارغريت سكوبي الى واشنطن بعد لقاء مع وزير الخارجية فاروق الشرع امل فيه ان يشكل استدعاؤها الى بلادها "فرصة لنقل مواقف سورية مباشرة" الى الادارة الاميركية. وكان واضحاً ان الحكومة السورية قررت اتباع اسلوب التهدئة مع الادارة الاميركية بعد قرارها استدعاء سكوبي ل"التشاور" من دون تحديد الفترة التي ستقضيها في واشنطن. وبعد قطيعة استمرت منذ حرب العام 1967، استأنفت دمشقوواشنطن العلاقات الديبلوماسية في العام 1974 بعد جولات مكوكية قام بها وزير الخارجية الاسبق هنري كيسنجر. وكانت سورية الدولة الوحيدة بين الدول السبع المدرجة على القائمة الاميركية للدول الراعية ل"الارهاب" التي تقيم علاقات ديبلوماسية كاملة مع واشنطن، كما ان رؤساء اميركيين زاروا دمشق والتقوا الرئيس الراحل حافظ الأسد مرات عدة في جنيف. وكانت واشنطن قررت استدعاء سفيرها في منتصف الثمانينات بعد محاولة تفجير طائرة "عال" الاسرائيلية في العام 1986، التي أسفرت عن قطع العلاقات الديبلوماسية بين لندنودمشق. وعلى رغم ان "قانون محاسبة سورية واستعادة سيادة لبنان" يتضمن عقوبة خفض العلاقات الديبلوماسية او تقييد حركة الديبلوماسيين في مناطق محددة، عيّن الرئيس جورج بوش سكوبي سفيرة لدى اختياره بعض عقوبات "قانون المحاسبة" في ايار مايو الماضي لابقاء "اقنية الحوار مفتوحة". وقالت مصادر رسمية ان سكوبي سلمت الشرع بعد ظهر امس "رسالة" من وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس الى الشرع "تتعلق بمستجدات الاوضاع في لبنانوالعراق وعملية السلام" وأن الوزير السوري حمل السفيرة سكوبي "رسالة جوابية رداً على القضايا والمسائل الواردة في الرسالة". وفيما أعرب الشرع عن "الاهتمام باستدعاء السفيرة سكوبى الى واشنطن لأنه يشكل فرصة لنقل مواقف سورية مباشرة الى الادارة الاميركية ازاء التطورات في المنطقة"، املت سكوبي "في ان تعود الى ممارسة عملها في دمشق فى اقرب وقت". ولم يعرف مضمون الرسالة التي نقلت من رايس الى الشرع. لكن يعتقد بأنها تتعلق بموضوع عناصر النظام العراقي السابق والقرار 1559 والعلاقة مع المنظمات الفلسطينية. وفيما تعتقد مصادر ديبلوماسية ان "استدعاء السفيرة جاء على خلفية خيبة امل من تراكم مجموعة من الاسباب تتضمن عدم تسليم عناصر النظام العراقي السابق وطرد قادة المنظمات الفلسطينية وتفكيك حزب الله"، تشير مصادر سورية الى جهودها في "ضبط الحدود العراقية وعدم السماح لأي شخص باستهداف الامن العراقي والدور الايجابي لاقناع المنظمات الفلسطينية في التهدئة والحوار الفلسطيني"، قبل ان تميز بين "مطالب اميركية كانت دمشق متعاونة في شأنها لأن لها مصلحة وطنية في ذلك وبينها العمل على الحفاظ على الامن والاستقرار في العراق، ومصالح اسرائيلية تتعلق بحماس والجهاد الاسلامي وحزب الله التي لا تشكل خطراً على اميركا وانها ملتزمة مقاومة الاحتلال بالوسائل المشروعة". وتزامن ذلك مع لقاء بين نائب وزير الخارجية وليد المعلم والسفراء العرب في دمشق لوضعهم في صورة الموقف السوري من قمة شرم الشيخ وزيارة مبعوث الامين العام للامم المتحدة في شأن 1559 تيري رود لارسن واغتيال الرئيس رفيق الحريري والمهمة التي كلف بها من الرئيس بشار الأسد في شأن فتح الحوار مع جميع القوى اللبنانية. وكانت سكوبي اجتمعت بعد ظهر اول من امس الى نائب وزير الخارجية وليد المعلم لابلاغه نيتها مغادرة دمشق بناء على طلب رايس. وقالت مصادر رسمية ان قرار واشنطن "تزامن مع تزايد الضغوط التي تمارس ضد سورية بسبب مواقفها الثابتة حيال ما يجري في العراق وفلسطين وتجاه عملية السلام" وان استدعاء سكوبي "لا يضيف جديداً الى العلاقات السورية - الأميركية التي يشوبها التوتر وعدم الاستقرار" مع تمسك المصادر الرسمية ب"اعتماد لغة الحوار الكفيلة بإيجاد الحلول لمختلف القضايا التي يثار الخلاف حولها". من جهته، قال وزير الإعلام مهدي دخل الله ان استدعاء سكوبي"ضغط جديد على سورية في هذه المرحلة، وخصوصاً أنه جاء بعد الجريمة النكراء التي حصلت في بيروت"، قبل ان يشير الى ان "القنوات الديبلوماسية ستبقى مفتوحة" بين دمشقوواشنطن. وعن الاتهامات الاميركية لدمشق بعدم التعاون في شأن الموضوع العراقي، قال دخل الله: "أصبح هذا الخطاب مكرراً ومملاً في بعض الأحيان وفي كثير من الأحيان يصل إلى حدود الدعاية السياسية"، لافتاً الى ان بلاده "ضد الحروب وضد العدوان وضد الاحتلال. لكنها تتعاون مع الحكومة العراقية الموقتة في إطار حماية الحدود والتأكيد على استقرار العراق، لأن الخطر دوماً يأتي من اتجاهي الحدود وليس من اتجاه واحد، وان استقرار العراق معناه استقرار لسورية".