أمير حائل يستقبل رئيس كتابة العدل بالمنطقة    نائب أمير المنطقة الشرقية يطلع على برامج وجهود جمعية هداية للدعوة والإرشاد    هيئة العقار تباشر إجراءات ضد 25 مطورا خالفوا أنظمة البيع على الخارطة    أمير تبوك يسلم 448 وحدة سكنية دعما للأسر المستفيدة من برنامج الإسكان التنموي    الكرملين: اقتراح أوكرانيا بشأن هدنة في عيد الميلاد مرهون بالتوصل لاتفاق سلام    غزة: وفاة رضيع بعمر أسبوعين نتيجة البرد الشديد    أبها يحافظ على الصدارة.. وسباق الهدافين يشتعل بين سيلا سو و نوانكو    تعليم الطائف يؤكد أهمية الشراكات في تطوير الأداء التعليمي وتحقيق الاستدامة    تجمع القصيم الصحي ينال الاعتماد البرامجي للتخصص الدقيق في طب العناية الحرجة للكبار    أمير جازان يستقبل القنصل العام لجمهورية السودان    حقوق الإنسان ب"التعاون الإسلامي" تؤكد أولوية إشراك الشباب في العمل الإنساني وبناء السلام    هيئة الربط الكهربائي الخليجي وجمعية طاقة مستدامة نحو مستقبل طاقة مستدام في المنطقة    ياسر القحطاني يطلب استقالة الاتحاد السعودي    القيادة تهنئ ملك مملكة البحرين بذكرى اليوم الوطني لبلاده    برندان رودجرز مدربًا لنادي القادسية    أمير جازان يستقبل مدير عام حرس الحدود    زين السعودية تطلق باقة صنع في السعودية لدعم التحول الرقمي للقطاع الصناعي    القحطاني: المقاطع المتداولة عن غرق مواقع في الرياض غير صحيحة ولا تعكس واقع الحالة المطرية    تركيا تقول إنها أسقطت طائرة مسيرة غير خاضعة للرقابة    سعود بن طلال يكرّم الفائزين بجائزة الأحساء للتميّز    نائب وزير البيئة: الحدود الشمالية بيئة استراتيجية للاستثمار وفرص واعدة لتحقيق تنمية مستدامة    مؤشر الدولار ينخفض بنسبة 0.2 بالمئة    القطيف تحتفي بثقافة الطفل في «أسبوع الطفل الأدبي»    المطر في الشرق والغرب    ورشة نقدية تقرأ الجمال في «كتاب جدة»    «الدارة» ترصد تاريخ العمل الخيري بمكة    السكتيوي: بالانضباط التكتيكي هزمنا الإمارات    نجاح ترميم مجرى الدمع بالمنظار    لبنان عالق بين التفاوض واستمرار التصعيد العسكري    القيادة تعزّي ملك المغرب في ضحايا فيضانات مدينة آسفي    وزارة الخارجية تعرب عن تعازي المملكة ومواساتها للمملكة المغربية جرّاء الفيضانات في مدينة آسفي    أمير منطقة الرياض يوجه الجهات المعنية بسرعة رفع تقارير نتائج الحالة المطرية    38 مليون عملية إلكترونية عبر «أبشر» خلال شهر    إغلاق موقع مخبوزات مخالف في جدة    انطلاق تمرين مواجهة الكوارث البحرية الخميس    موجز    الأمير فيصل بن خالد يرعى توقيع 21 اتفاقية ومذكرة.. 40 ملياراً قيمة فرص استثمارية بمنتدى الشمالية    قطع شرايين الإمداد الإنساني.. «الدعم السريع» يعمق الأزمة بالتصعيد في كردفان    «جوارديولا».. رقم تاريخي في الدوري الإنجليزي    شراكات في صناعة السينما بمهرجان البحر الأحمر    اختتمت مشاركتها في المعرض بمدينة ميلانو الإيطالية.. السعودية تبهر زوار «أرتيجانو آن فييرا» بعمقها الحضاري    ضمن أعمال منتدى تحالف الحضارات.. مناقشات دولية في الرياض تعزز الحوار بين الثقافات    تعديل السلوك    (الرياضة… حين تتجاوز حدود الملعب)    الأهلي ينهي خدمات رئيس الجهاز الطبي    دواء مناعي يعالج التهاب مفاصل الركبة    فيديوهات قصيرة تهدد نمو الأطفال    وميض ناري على مذنب    علامة مبكرة لتطور السكري الأول    أسعار تطعيم القطط مبالغة وفوضى بلا تنظيم    نائب أمير الشرقية يستقبل مجلس «مبرة دار الخير»    الدكتور علي مرزوق يسلّط الضوء على مفردات العمارة التقليدية بعسير في محايل    حين تُستبدل القلوب بالعدسات    المرأة العاملة بين وظيفتها الأسرية والمهنية    دور إدارة المنح في الأوقاف    طلاب ابتدائية مصعب بن عمير يواصلون رحلتهم التعليمية عن بُعد بكل جدّ    «الحياة الفطرية» تطلق مبادرة تصحيح أوضاع الكائنات    تنظمها وزارة الشؤون الإسلامية.. دورات متخصصة لتأهيل الدعاة والأئمة ب 3 دول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تاريخ نص : يوم للقرآن في ليون . النص القرآني في المسابقات الرسمية في فرنسا
نشر في الحياة يوم 12 - 02 - 2005

بإشراف كاتيا زخريا، أستاذة الأدب العربي الكلاسيكي ومسؤولة دراسات الدكتوراه في اللغة والحضارة العربية في جامعة ليون الثانية، ومحمد شريف فرجاني أستاذ الإسلاميات ورئيس قسم الدراسات العربية في الجامعة نفسها، نظّمت جامعة ليون الثانية في منتصف الشهر الجاري يوماً علميّاً بعنوان:"القرآن: تاريخ نصّ"، تضمّن سلسة محاضرات لأكاديميين جاؤوا من آفاق مختلفة، وساعتين من حوار مع الحضور، تطاول زمنه، أثناء الاستراحة وبعد انتهاء الندوة، وتمدد إلى أروقة الجامعة وإلى المقاهي المحيطة بها.
نُظّم هذا اليوم ضمن إطار برنامج تأهيل المرشحين لمسابقات اختيار مدرّسي المرحلة الثانوية - اختصاص لغة عربية Agrژgation dصarabe، بعد أن أُدرج تاريخ النص القرآني هذه السنة ضمن المواد المطلوبة في المسابقة في مجال"الحضارة العربية الكلاسيكية"، في بادرة تفيض دلالاتها عنها، لم تكن حماسة البعض لها أقلّ من ريبة البعض الآخر إزاءها نظراً للوضع السياسي الراهن في ما يخص المسلمين في فرنسا، مع العلم أن النصّ القرآني كان قد طُرح في دورات سابقة منها دورة 1990، إنما من مناظير مختلفة وفي ظروف سياسيّة بعيدة عن تلك التي تشهدها فرنسا اليوم.
وإذا كان متوقّعاً أن تتنوع اتجاهات المشاركين في الملتقى، ربّما إلى حدّ التعاكس، فإن ما أدهش المنظمين كان حضوراً كبيراً لم يكن الفضول وحده دافعه لتجشم عناء الجلوس والاستماع طوال ما يفوق خمس ساعات ونصف الساعة، تنوّع بين طلاب وباحثين جاؤوا من مدن مختلفة ورجال دين مسيحيين ومثقفين وشبان وشابات مهتمين، لم تشِ أسئلتهم وردود فعلهم بمصادرهم الفكرية المتباينة وحسب، بل أخبرت، قبل أي شيء، بأن حواراً أكاديمياً مفتوحاً مادته تاريخ النصوص الإسلامية المقدّسة، مطلوب من جمهور فرنسي أعرض من الأكاديمية، بدأت تضجره مسرحية متلفزة طويلة وخانقة، يتحارب فيها الأخيار والأشرار مدججين تارة باللحية وطوراً بصندوق الاقتراع.
مداخلة محمد نجيب نويري جامعة منوبة - تونس بعنوان"جمع أبي بكر للقرآن: نصّ ابن أبي داود السجستاني"حاولت إبراز التداخل بين عملية التأريخ للقرآن والتأسيس الفكري والسياسي للدولة الإسلامية الناشئة آنذاك، والتي كانت ترنو إلى ضبط مرجعياتها وتحديد أسس التعامل النظري والإجرائي معها. من خلال تحليله لمجموعة من الأخبار من"كتاب المصاحف"للسجستاني، قرأ المحاضر تقارباً بين بناء النصّ من خلال خيارات تتابُع الأخبار المتباينة فيه من جهة، وبين تكون فئة"أهل السنة والجماعة"من جهة أخرى والتي ستعتمد لاحقاً على جملة من هذه الأخبار لتكوين قاعدة نظرية سيكون فيها جمع النصّ القرآني، كعمليّة تستمدّ قدسيّتها من قدسيّة مادّتها، عنصراً تأسيسيّاً. ضمن المنظور نفسه لكن في إطار أوسع، جاءت مداخلة ألفريد لويس دو بريمار جامعة بروفانس بعنوان"مقاربة تاريخية-نقدية وسرديّة لتاريخ المتن القرآني". بريمار تناول مفهوم التاريخ في المصادر الكلاسيكية العربية وعلاقة المؤرخ المعاصر بهذه المصادر، وتوقف على الصعوبة القصوى في التعامل مع المصدر الكلاسيكي نظراً للظرف الذي تكوّن فيه والذي كان للتأريخ فيه دور إيديولوجيّ تأسيسيّ يرجح على دوره المعرفي.
في هذا السياق، اقترح الباحث المقاربة الجمالية السرديّة لنصوص الأخبار التي تذكر المرحلة الأولى للدولة الإسلامية ومنها أخبار تدوين النصّ القرآني وجمعه، حيث أن فهم التكوين السردي لهذه النصوص يساهم، إلى جوار أدوات من الحقول المعرفية الأخرى، في تحديد تطور الرؤية النظرية للفرق الإسلامية في مرحلة تشكيلها. وأشار إلى أن تباين الأخبار وتناقضها إن كان يفرض على الباحث البقاء ضمن حيز الافتراض حين يقارب المرحلة الإسلامية الأولى، فإنه يسمح بقراءة واضحة لمرحلة تكوُّن وتدوين هذه الأخبار .
هذا ما عادت إليه جاكلين شابي جامعة باريس الثامنة في مداخلتها"قراءة النصّ المقدّس. من التقليد الديني إلى التأريخ: النموذج القرآني"حيث اقترحت مقاربة متعددة المناهج لهذه الأخبار يتقاطع فيها الأنتروبولوجي والسوسيولوجي مع التاريخي لفهم مرحلة التأريخ الكلاسيكية وتكوين افتراضات عن مرحلة تأسيس الدولة. شابي قاربت القداسة كفعل قراءة والنصّ المقدّس كفعل تلقٍّ، حيث يستمدّ النصّ قداسته من علاقته بمتلقّيه وليس من ذاته كبنية معزولة عن التاريخ، مما يجعل القداسة مفهوماً تابعاً لتغيّر إطار التلقّي، أي تغيّر السياق التاريخي للجماعة البشرية. ومن هنا توقّفت عند ما وصفته بقطيعة أنتروبولوجية جذرية بين مرحلة ما قبل الفتوحات المرحلة العربية الصرفة - التأسيسيّة ومرحلة انتهاء التوسع الجغرافي وبداية دمج الشعوب الجديدة في الدولة المرحلة الإسلامية - الإمبراطورية، طرحت من خلالها سؤالاً عن طبيعة المقدّس الإسلامي الكلاسيكي وتحوّلاته بين المرحلتين وعلاقته بالمتحوِّل الاجتماعي-الاقتصادي والمتخيَّل الجمعي.
هذا التفاعل بين القدسي والتاريخي تطرّق إليه حسن سحلول جامعة ليون الثالثة في إطار أصغر عبر دراسته ل"مفهوم النسخ في القرآن". من خلال قراءته للجدل الذي دار بين فقهاء الفترة الكلاسيكية حول مفهوم الناسخ والمنسوخ وتعريفه، أبرز سحلول أن الاتفاق الإسلامي على قداسة النصّ كمفهوم مطلق لم يمنع السياق التاريخي من فرض معاييره على هذه القداسة ليعطيها صفة متحوّلة بداياتها في الفترة النبوية حيث"النصّ يراجع نفسه"في تجاوب مع المتحوّل الاجتماعي السياسي فيحدد ما كان عمّمه ويلغي ما زال شرطه، ويمتد إلى الفترة الكلاسيكية حيث قارئ النصّ المفسّر أو الفقيه يدخل في تفاعل مع مادّته ويحدد، من خلال تحديد رؤيته للآيات الناسخة والأخرى المنسوخة ولآليّة النسخ وشروطه وسياقه، سلّماً لفاعليّة المقدّس.
هذه الصفة التحوّلية في بنية المقدّس تناولها المختار بن عبد اللاوي جامعة الحسن الثاني - الدار البيضاء في الإطار ذاته إنما من زاوية أعرض في مداخلته"في حركيّة النصّ المقدّس في الإسلام". حيث تحدّث عن"نصّ عمودي"أي بدئي أو مُنزل، من منظور ديني ونصّ"أفقي"وهو تمدد النصّ الأوّل عبر خضوعه للقراءة، أي التأويل. من خلال هذا التقسيم قدّم المحاضر محاولة لتعريف النصّ المقدس الإسلامي تتجاوز المتن المركزي، أي النصّ القرآني، وتشمل"تمدّداته الأفقيّة"الواسعة وهي، بشكل أساسي، الحديث النبوي والتفسير الذي يستند في أحيان كثيرة إلى الحديث، وسير الخلفاء واجتهادات الفقهاء. هذا التمدد الأفقي، كما قرأه المحاضر، يعطي النصّ الإسلامي المقدس تنوعاً وتعدداً، في جدل بين مكوّناته يأخذ أحياناً طابع الاختلاف، وأخرى طابع التكامل، ويقيم، نوعاً من الهرميّة في قدسيّة النصّ تحدد المعطياتُ التاريخية مراتبَها التصاعدية. يصبح النصّ البدئي، بذلك، وفيما قدسيّته تثبته كبؤرة نظرية دائمة للسياق، متحوّلاً من خلال تحوّل قارئه ومقاربته ل"معناه القدسي"، ومتمدداً بفعل القراءة التي تعيد إنتاج النصّ على مساحة أكبر، إلى حيث السياق يطرح إشكاليّاته ويلحّ في السؤال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.