وفد سعودي يضم 120 رجل أعمال يصل إلى دمشق    اللجنة التنفيذية لمنظمة التعاون الإسلامي تؤكد ضرورة وقف إطلاق النار في قطاع غزة وتسهيل عودة النازحين    فرنبخشة يتغلب على الاتحاد برباعية في أولى وديات معسكر البرتغال    انطلاق بطولة الهيئات المفتوحة لرفع الأثقال في الرياض بمشاركة 94 لاعباً ولاعبة    القيادة تهنئ رئيس جمهورية مصر العربية بذكرى اليوم الوطني لبلاده    اختيار سلمان: هكذا أطلق صقره ليحلق بالوطن    المبعوث الأميركي: المطلوب قرار من حكومة لبنان لحصر السلاح    تأهيل 31 شركة للمنافسة على الرخص التعدينية    توثيق 1810 عقارات يوميا    7.9% نموا بالأجور الدنيا    تركي آل الشيخ يكشف عن جزء من أبرز مفاجآت فعاليات موسم الرياض المقبل    أواصر راسخة    ابن فرحان يتلقى رسالة من لافروف واتصالاً من وزير الخارجية البريطاني    المملكة توزّع (420) سلة غذائية للنازحين من محافظة السويداء إلى محافظة درعا    «سلمان للإغاثة» يوزّع (840) حقيبة إيوائية في منطقتين بإقليم جامو وكشمير في باكستان    القيادة تعزي رئيس بنغلاديش    السد القطري يضم البرازيلي"فيرمينو"من الأهلي    "الشعفي" يُرزق بمولودته الأولى "سما"    إطلاق النسخة الثانية من مبادرة «تفعيل مجتمع الأفلام المحلي»    السياحة الريفية    «سوار الأمان».. حلول ذكية في المسجد الحرام    الذكاء الاصطناعي في صيف 2025    بكين تحتج على عقوبات أوروبية تستهدف موسكو    (إسرائيل) تلوح بتجديد الحملة على إيران    عسير.. حين يتحوّل الفن إلى تراث حي    ترمب يتعهد بخفض الرسوم عن الدول التي تفتح أسواقها أمام منتجات بلاده    جمعية "واثق" بتبوك تحتفي بتخريج الدفعة العاشرة من برنامج "منزل منتصف الطريق"    الجبل الأسود بجازان.. معانقة السماء    أمير جازان ونائبه يتفقدان مشروعات فيفاء    هيئة مدينة مكة تُطلق أعمال المسح الاجتماعي الاقتصادي    420 موهوبًا وموهوبة يختتمون الرحلة الإثرائية بجازان    تتحدث عن شرح حديث " إنما الأعمال بالنيات " محاضرة تنفذها إسلامية جازان غداً بالمسارحة والحُرّث    القبض على إثيوبي في عسير لتهريبه (66) كجم "حشيش"    155 ألف مستفيد من خدمات مستشفى ينبع    وجاؤوا يركضون مهلا يا دعاة الضلالة    ( لا يوجد عنوان )    مجسات ذكية لراحة مرضى السكري دون ألم    أسباب وعواقب إدمان الحلويات    لماذا غسل الدجاج غير مستحب    وزير الداخلية يلتقي منسوبي الوزارة المبتعثين في بريطانيا    منسوبات واعي يطلعن على مركز التراث وبيت الحرفيين بجازان    منع الفنان راغب علامة من الغناء في مصر    أكد دعم سوريا لضمان أمنها واستقرارها.. مجلس الوزراء: السعودية تدعو لاتخاذ قرارات عملية أمام التعنت الإسرائيلي    1.2 تريليون ريال صفقات عقارية بنظام الوساطة    سبعة آلاف طفلٍ في مركز ضيافة المسجد النبوي    حكمي.. قصة تحدٍ ملهمة في عالم التوحد وحفظ القرآن    مفوض إفتاء جازان يستقبل منسوبي إدارة جمعية سقيا الماء    عزز صفوفه بالخيبري.. الأهلي يشارك في السوبر بديلاً للهلال    أكد وجود انتهاكات جسيمة.. لجنة تقصي الحقائق تسلم تقريرها للرئيس السوري    رئيس الوزراء يدعو لتعزيز التواجد في عدن.. تحذير يمني من وجود المقرات الأممية بمناطق الحوثي    "البيئة": تمديد مهلة رخص مياه الآبار لمدة عام    "هلال مكة" يفعل مساراته الطبية الإسعافية القلبية والدماغية    أمير جازان ونائبه يتفقدان عددًا من المشروعات التنموية والسياحية بمحافظة فيفاء    الجامعة العربية تدعو المجتمع الدولي لكسر حصار غزة    الأمير محمد بن عبدالعزيز يستقبل رئيس ووكلاء جامعة جازان    السعودية ترحب بمطالبة دولية لإنهاء حرب غزة    تقنية تحسن عمى الألوان    رئيس باكستان يمنح رئيس أركان القوات البحرية وسام "نيشان الامتياز" العسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رواية أميركية مضادة للرواية الرسمية عن المفاوضات العربية - الإسرائيلية
نشر في الحياة يوم 09 - 01 - 2005


Clayton E. Swiasher
The Truth about Camp David:The Untold Story about the Collapse of the Middle East Peace Process
الحقيقة عن كامب ديفيد: القصة التي لم تُخبّر عن انهيار عملية السلام في الشرق الأوسط.
.Nation Books, New York
.2004
.405 pages
كلايتون سويشر محقق أميركي سابق تحول إلى صحافيٍ استقصائي في هذا الكتاب الذي يروي القصة غير الروية للمفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية والسورية - الإسرائيلية في عامي 1999 و2000 أي في الفترة التي كان إيهود باراك رئيساً للوزراء في إسرائيل وخاض مع الطرفين السوري والفلسطيني مفاوضاتٍ تعتبر الأكثر جوهرية وتقدماً على المسارين. كما انها، وفي نفس الوقت، كانت الأكثر إثارة للجدل والروايات المتعاكسة والمتضادة حول حقيقة ما جرى.
سويشر في كتابه هذا يبدأ من سؤال لماذا يكرهوننا؟، السؤال الذي طُرح بإلحاح في الأوساط السياسية والفكرية والصحافية الأميركية بعد أحداث الحادي عشر من أيلول سبتمبر، ويحاول سويشر الإجابة عنه في الغوص في السياسة غير المتوازنة التي اتبعتها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وفي انحيازها الدائم لإسرائيل كما تجلى في موقف كلينتون خلال المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية في كامب ديفيد2 والمفاوضات السورية - الإسرائيلية في شبيردزتاون في عام 2000، حيث جرى تحميل الطرفين العربيين مسؤولية الإخفاق في المفاوضات. فعرفات رفض عرضاً سخياً قدمه عليه باراك، والأسد رفض عرضاً"تاريخياً"قدمه له كلينتون في اجتماعه معه في جنيف في آذار مارس 2000.
يعتمد سويشر في كتابه على لقاءاته مع عددٍ كبير من المسؤولين والدبلوماسيين الأميركيين والإسرائيليين والفلسطينيين والسوريين، وبعضهم يتحدث لأول مرة مما يضفي على الكتاب أهمية خاصة ويعطيه حيوية في عرض مواقف الأطراف كافة. كما أن الكتاب - الذي هو بالأصل أطروحة جامعية - يأتي بعد صدور كتاب دنيس روس، المبعوث الأميركي السابق لعملية السلام في منطقة الشرق الأوسط، الشهير"السلام المفقود:خفايا الصراع حول سلام الشرق الأوسط". لكن سويشر في الحقيقة لم يطلع على جميع فصول كتاب روس مما جعله يسقط في أخطاء حول معلومات تاريخية حساسة، خاصة ًبالنسبة للمسار السوري - الإسرائيلي الذي اشتهر بالكتمان وعدم العلنية في الكثير من تفاصيله وقضاياه.
كما أن كتاب سويشر يستند في الكثير من تحليلاته على كتاب الباحث والصحافي الفرنسي اليهودي شارل أندرلاين"الحلم المحطم"، وعلى رواية بوب مالي وحسين آغا في"نيويورك ريفيو أوف بوكس"والتي ناقضا فيها الرواية الرسمية الأميركية التي زعمت أن عرفات أضاع فرصة تاريخية للوصول إلى اتفاق سلام إسرائيلي _ فلسطيني في كامب ديفيد2 عندما أعاد طرح قضية اللاجئين.
سويشر يروي أيضاً وبالكثير من التفصيل حقيقة ما جرى في مفاوضات شبيردزتاون بين الوفدين السوري والإسرائيلي في نهاية 1999 وبداية 2000، وحقيقة العرض النهائي الذي قدمه كلينتون في لقاءه الأخير معه في جنيف في 2000.
فالحقيقة أن الأسد كان جاداً تماماً في الوصول إلى اتفاق سلام وهو ما ظهر في المرونة غير المعهودة للوفد السوري في مفاوضات شبيردزتاون، إذ كانوا على استعداد لبحث جميع القضايا العالقة"بعقلٍ مفتوح"حتى في موضوع ترسيم الحدود، ولم يتصلب السوريون لدرجة تقديم خرائط جاهزة وناجزة وطلبوا من الإسرائيليين الموافقة عليها بشكل أولي مسبق، وإنما قبلوا بأن خط حزيران يونيو ليس حداً واضحاً وإنما هو وضع يجري بحث ترسيمه بين الطرفين، بالاستناد إلى المواقع والشهادات التاريخية التي تُظهر موقع الطرفين عشية حرب حزيران، وكان في ذلك منتهى المرونة لكن بالطبع دون القبول بالتنازل عن ما حصّلوه سابقاً من السيادة السورية على مثلث الحمة وشاطئ شمال شرق بحيرة طبرية. لقد كانت رؤيتهم واضحة تماماً في ذلك، خاصة في ما يتعلق بالحدود والترتيبات الأمنية، وهو ما يعرفه الأميركيون والإسرائيليون تماماً، لكن باراك قدم إلى شبيردزتاون وهو غير راغب في الوصول إلى اتفاق كما كان قد أخبر مارتن إنديك بذلك،ولذلك لجأ إلى المماطلة عبر تأخير عقد اجتماع لجنتي الحدود والمياه مما نزع الثقة به لدى الوفد السوري، وبدأت الشكوك تترسخ لديه يوماً بعد يوم في المفاوضات بأن باراك غير جاد في الوصول إلى اتفاق سلام، وكان بنفس المعنى يستثمر خلافاته المتصاعدة مع حزب شاس وغيره من أعضاء ائتلافه الحاكم لابتزاز السوريين وإجبارهم على تقديم المزيد من التنازلات، وأيضاً لابتزاز الأميركيين وتحريضهم على تقديم المزيد من المساعدات المالية والعسكرية.
يمكن القول إذاً إن باراك أضاع"فرصة حقيقية"ربما لن تتكرر للوصول إلى اتفاق خلال مفاوضات شبيردزتاون، إذ أتى إلى المفاوضات لا لكي يتوصل إلى اتفاق وإنما ليعزز مواقفه السياسية والإعلامية بالاعتماد على الأميركيين، وهو ما فعله تماماً مع الفلسطينيين فيما بعد في مفاوضات كامب ديفيد 2. فقد كان باراك يكرس جهده لمهمة وحيدة وهي إظهار"الوجه الحقيقي"لعرفات، فلم يعد يفاوض كي يصل إلى نتيجة بل كي يبرهن أنه لا يمكن الوصول إلى نتيجة، وعلى حد تعبير المناضل القديم في سبيل السلام يوري افنيري، فقد كان باراك"مجرم سلام"يُحب باستمرار تحميل الطرف الآخر مسؤولية الفشل، وهو ما كان الأميركيون يساعدونه في ترويجه. ولو أن كلينتون كان يضيق ذرعاً بباراك في بعض الأحيان، حتى أنه أثناء قمة كامب ديفيد 2 التي جمعته مع باراك وعرفات، وأمام ما شاهده من تناقض مواقف باراك وعدم قدرته على اتخاذ قرار، انفجر في وجهه قائلاً"لا أستطيع أن أقابل عرفات بمثل هذا التراجع!... هذا غير معقول. غير جدي. لقد ذهبت إلى شبيردزتاون [من أجل المفاوضات السورية-الإسرائيلية] ولم أسمع منك شيئاً مفيداً طوال أربعة أيام، ذهبت إلى جنيف [من أجل لقاء الأسد] ووجدت نفسي مثل دمية خشبية تحركها على هواك. لن أدع مثل هذا الأمر يحدث هنا"، وهو ما دفعه إلى وصفه في مذكراته في ما بعد"بعدم الخبرة"في العمل السياسي.
لم تقم قمة جنيف أيضاً بمعزل عن هذه الفصول الهزلية التي كان يديرها باراك، إذ راهن على مرض الأسد والأزمة الاقتصادية التي تمر بها سورية وانعكاسات ذلك على خلافة الأسد، وبكلمة، فإنه اعتبر أن ما سيفرضه السلام من تغيرات عميقة داخل النظام السياسي في سورية سيجبر الأسد على توقيع اتفاق سلام في زمنه لتكييف هذه التغيرات وإدخالها في نظامه، لأنه سيكون حتماً الأقدر على فعلها من خليفته بحكم موقعه الذي ترسخ عبر السنين ولخبرته في التعامل بكفاءة مع الأزمات الإقليمية والدولية. كما أن باراك اعتبر أن استعداد كلينتون للقاء الأسد سيشكل عامل ضغط إضافيا على الأسد يجبره على تقديم التنازلات لأنه يعلم عواقب فشل مثل هذا اللقاء عليه. لكن الأسد بدد كل حسابات باراك ولم يكن ليقبل غير ما هو مقتنع به خاصة في ما يتعلق بالسلام مع إسرائيل، وهو ما يحمل فريق السلام الأميركي مهمة التحضير الجيد للقمة. فالأسد كان سابقاً قد رفض فكرة التنازلات عن الأراضي المتبادلة وانتقد بشدة ما فعله الأردنيون عند التوقيع على اتفاق وادي عربة، فكيف له أن يقبل ما رفضه علناً مسبقاً. وهو لذلك خرج من لقاءه مع كلينتون في جنيف أكثر قناعة بأن باراك غير معني بالوصول إلى اتفاق سلام يحقق التسوية للطرفين بقدر ما يطمح إلى إنجاز اتفاق يحقق شروطه. وللأسف فإن كلينتون رغم دوره الاستثنائي في إنجاح المفاوضات، اكتفى بدور الوسيط في لقاء جنيف، وهو ما أثار حفيظة الأسد عندما وجد الرئيس الأميركي يقتصر على قراءة الأوراق التي بعثها له باراك دون محاولة صياغة اقتراح أميركي يحقق التسوية للطرفين.
لذلك لم تكن قمة جنيف بالنسبة للكثير من المسؤولين السوريين الرسميين سوى"خدعة"قصد منها تغيير الصورة الحقيقة عن باراك بوصفه متهرباً من السلام كما ترسخت خلال مفاوضات شبيردزتاون. كما أنها كانت تغطية للانسحاب الإسرائيلي اللاحق بعد شهر من جنوب لبنان. والحقيقة التي لم يعد يختلف عليها أحدٌ من المراقبين والباحثين الغربيين والإسٍرائيليين هي أن باراك أضاع فرصة حقيقية للوصول إلى السلام مع سورية خلال مفاوضات شبيردزتاون. ويمكن مراجعة الحجم الكبير من المقابلات والحوارات والمقالات التي تثبت ذلك وترويه بالكثير من التفصيل، سواءً ممن شارك في المباحثات من الجانبين الإسرائيلي والأميركي أو ممن راقبها وتابعها أو درسها من الغربيين والإسرائيليين. وكتاب سويشر هذا يعد وثيقة إضافية .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.