شهدت سوق السيارات في العراق ركوداً ملحوظاً أخيراً، اذ انخفضت نسبة مبيعاتها قياساً لما كان عليه الحال في الشهور السابقة، على رغم استقرار سعر صرف الدولار أمام الدينار العراقي وانخفاض أسعار غالبية السلع والبضائع في السوق المحلية. لكن الانخفاض في أسعار السيارات الذي توقعه الكثير بعد تسلم العراقيين السيادة والتحسن النسبي في الوضع الأمني لم يتحقق، اذ ارتفعت الأسعار بشكل ملحوظ لاسيما المستوردة حديثاً التي تدخل العراق عبر الاردن وسورية براً ودول الخليج بحراً الى ميناء ام قصر في البصرة في جنوبالعراق. ويعزو بعض التجار ارتفاع أسعار السيارات الى توزيع وزارة التجارة العراقية السيارات الحديثة، المسجلة عليها من قبل المواطنين منذ الثمانينات وبأسعار عالية، الامر الذي كان له الاثر في رفع أسعار عموم أنواع السيارات الحديثة في السوق المحلية. ويقول البعض الآخر ان السبب الاساسي لارتفاع أسعار السيارات هو فرض الدولة ضريبة جديدة على السلع والبضائع التي تدخل العراق، إضافة الى التعرفة الجمركية، وتعرف ب"ضريبة اعادة اعمار العراق"وتبلغ خمسة في المئة من قيمة السلع المستوردة. وتحسب الضريبة الجمركية على السلع الداخلة الى العراق استناداً الى تقديرات"مخمنين"يعملون على تحديد قيمة السيارة الواصلة عبر الحدود، بالاستعانة بقوائم تسعيرة اصدرتها مديرية الجمارك العراقية للبضائع والسلع المستوردة، بما فيها السيارات، وبعد سلسلة من التخفيضات يخصم من المبلغ النهائي المقدر لقيمة السيارة خمسة في المئة كضريبة إعمار. ويرى المحللون الاقتصاديون ان تطبيق سلسلة التخفيضات المقررة تتيح لمفتشي الجمارك فرصة كبيرة لابتزاز المستوردين، الامر الذي يخفض سقف ارباح التاجر من البضاعة المستوردة، ما يؤدي الى لجوئه لرفع الاسعار سعياً للحصول على سقف ربحي مرضٍٍ. ويؤكد بعض التجار المستوردين للسيارات ان الضريبة الاخيرة نشّطت عملية دفع الرشاوى والوساطات ودخول السلع بطرق غير مشروعة عبر المنافذ الحدودية. ويلفت التاجر حميد يوسف، صاحب معرض لبيع السيارات، الى ان الضريبة التي تفرض اعتماداً على نوع السيارة وطرازها ووضعها العام هي التي تؤثر في خفض أو رفع السعر النهائي للسيارة، مشيراً الى لجوء غالبية المخمنين الى التلاعب في تحديد مواصفات السيارة وطرازها لخفض أو رفع قيمة الضريبة المفروضة، الامر الذي يسبب اختلاف أسعار السيارات ذات المواصفات المشتركة الداخلة من منفذ حدودي الى آخر. ويرتفع سعر السيارة التي تدخل من"منافذ متشددة"، ان صح التعبير، اذ تفرض الضرائب بصورة رسمية بعيداً عن الرشاوى وتكون تكاليفها عالية، فيما تنخفض أسعار السيارات التي تقل قيمة ضرائبها على رغم الرشاوى التي تدفع جراء ذلك. ويقول التاجر خليل مثنى ان اهم هذه الضرائب هي"ضريبة المواصفات"وتمثل 30 في المئة والتي يتم التلاعب بها على نطاق واسع وهي خاضعة للتقويم، اذ يرفعها البعض أو يخفضها لقاء رشوة تدفع للقائمين على استحصالها عادة. ويقول أحد مستوردي السيارات الحديثة ان الضرائب التي فرضت على بضاعته، مع ما دفعه من رشاوى، رفعت سعر السيارات الى الضعف في منفذ اليعربية وإلى اقل من الضعف في معبر الوليد الحدودي. ويشير خبراء في السوق المحلية الى أن تجارة السيارات لم تعد مربحة سيما مع اغراق السوق بمختلف انواعها. ويؤكدون ان حركة المبيعات لم تعد تسد ما يتم انفاقه من اجور للنقل والحماية والضرائب والرشاوى وكلها امور، كانت غالبيتها غير موجودة قبل سنة ونصف السنة لغياب أجهزة الرقابة.