بعد نحو يومين على توجيهات الرئيس اليمني علي عبدالله صالح للحكومة بإلغاء عقوبة الحبس للصحافيين، وتضمنت توصياته اجراء تعديلات على قانون الصحافة بهدف توسيع الحريات الصحافية في اليمن، أصدرت محكمة ابتدائية يمنية حكماً بحبس رئيس تحرير صحيفة "الشموع" الأسبوعية المستقلة ثلاثة أشهر مع النفاذ الفوري وتوقيف الصحيفة عن الصدور خلال المدة نفسها مع غرامة مالية مقدارها مليوني ريال نحو 11 ألف دولار، بالإضافة إلى غرامة 100 ألف ريال 550 دولاراً لخزينة الدولة، في قضيتي نشر منفصلتين ضد الصحيفة. وأستنكرت نقابة الصحافيين هذا الحكم واعتبرته "افراغاً لتوجيهات الرئيس من محتواها". وأثارت هذه الأحكام، وهي الأقسى في تاريخ الصحافة اليمنية حتى الآن، استياءً واسعاً في الوسط الصحافي باعتبارها انتهاكاً صارخاً لحقوق الصحافة اليمنية وحريتها، خصوصاً أنها صدرت بعد 48 ساعة على توجيهات الرئيس صالح التي قوبلت بارتياح كبير من جانب الصحافيين. وكانت القضية الأولى ضد "الشموع" صدر بها حكم بحبس رئيس التحرير الزميل عبد الباسط الشمري لمدة شهر ودفع 150 ألف ريال غرامة للخزينة العامة ومليون ريال تعويضاً لصاحب الدعوى رجل الأعمال عبدالناصر السنيدار بسبب تقرير نشرته الصحيفة مطلع العام الجاري عن قائمة سوداء أصدرها البنك المركزي اليمني وتضمنت اسماء 245 من التجار ورجال الأعمال المدينين للبنوك، وكان اسم السنيدار ورد ضمنها. وجاء الحكم بثلاث عقوبات متلازمة ضد الصحيفة، وهو ما يخالف القانون. أما القضية الثانية التي أصدرت فيها القاضي نفسه مُسعد الدعيش حكماً بحبس الشميري 3 أشهر ودفع غرامات فتتعلق بمقال نشرته "الشموع" ينتقد ارساء مناقصة انشاء محطة توليد الكهرباء في عدن على شركة تخص رجل الاعمال حسن عبده جيد الذي رفع دعوى ضد الصحيفة. وقال الناشر سيف الحاضري، صاحب امتياز جريدة "الشموع"، ل "الحياة" إن هذه الأحكام "غير عادلة" وتعتبر "انتصاراً لظاهرة الفساد التي تتصدى لها" جريدته، مشيراً الى أن الموضوع "لم يتعرض لرجل الأعمال حسن عبده جيد ولم يذكر اسمه على الإطلاق، وإنما كتب بأسلوب فيه اشارات على عدم قدرة الشركة التي رست عليها المناقصة على انشاء مثل هذا المشروع ومع ذلك حكمت المحكمة ضدنا". وأضاف الحاضري أن قاضي المحكمة أمر على الفور بحبس رئيس التحرير عبدالباسط الشميري وهو ما حصل فعلاً. وفيما دانت نقابة الصحافيين الحكم ضد "الشموع" واعتبرته انتهاكاً صارخاً للحقوق والحريات الصحافية، وصف المحامي محمد ناجي علاو المستشار القانوني للنقابة الحكم بأنه غير قانوني لأن قاضي المحكمة تجاوز ولايته في حبس رئيس التحرير وليس من اختصاصه التنفيذ، لأن ذلك من اختصاص النيابة العامة "فضلاً عن أن الاحكام جائرة وتتجاوز حدود العقل والقانون".