لم تتضح أسباب التحرّك الطالبي في جامعة "القديس يوسف" اليسوعية أمس ولا توقيته. الا ان ما كان لافتاً إعلان عنوان جديد للتظاهرة هو "الاحتجاج على هجرة الشباب التي تزداد يوماً بعد يوم"، لكن الطلاب أصروا على ربط اسباب ذلك ب"انه نتيجة مباشرة للوصاية السورية وللسلطة اللبنانية المنفذة لسياساتها". هذا ما جاء في بيان دعوة طلاب لبنان الى التظاهر الموقع من "الهيئات الطالبية في الجامعة اليسوعية" في مشاركة "القاعدة الطالبية الكتائبية - الحركة الاصلاحية" و"منظمة الطلاب في حزب الأحرار" و"طلاب القوات اللبنانية" و"مجموعة بلا حدود". ورد دعاة التظاهرة السبب الى "تدهور الحال الاقتصادية شيئاً فشيئاً لتصبح الحال الاجتماعية أسوأ من أي وقت مضى، بينما نرى اركان السلطة غير مبالين بما يعيشه المجتمع اللبناني وفي شكل خاص الشباب منه". واللافت أيضاً هو عدم مشاركة مناصري "التيار الوطني الحر" بقيادة العماد ميشال عون على رغم بروز عنوان معارضة الوجود السوري في لبنان في التحرك. وهم أعلنوا انهم سينفذون في 12 آذار مارس الجاري اعتصاماً في ذكرى "14 آذار" اندلاع حرب التحرير، من دون ان يحددوا مكانه بعد. وكان الطلاب أعلنوا في بيانهم هذا، دعوتهم الى الاعتصام في الجامعة ثم الانطلاق في اتجاه البرلمان في وسط بيروت، قبل نحو 48 ساعة. ثم تبعه قرار لمحافظ بيروت وجبل لبنان يعقوب الصراف منع فيه التظاهر في المحافظتين "تداركاً لأي أعمال مخلة بالأمن في اطار التحضير للعمليات الانتخابية البلدية" التي ستجرى في أيار مايو المقبل. وتطبيقاً لهذا القرار ضربت قوة كبيرة من قوى الأمن الداخلي والجيش اللبناني قدرت بنحو 800 جندي وضابط، وسيارات الدفاع المدني، طوقاً شديداً في محيط الجامعة وعلى مداخلها. ولم تمنع القوى الأمنية الطلاب الذي جاؤوا من غير فرع من الوصول الى الجامعة ودخول حرمها، حتى تجمع نحو 400 منهم داخلها. اتفقوا على ان يرفعوا علم لبنان فقط و"ابقاء التظاهرة في اطار مطلبها الاجتماعي" وعدم رفع رايات الأحزاب المشاركة "كي لا تعطى بعداً سياسياً" وكذلك عدم رفع لافتات. والتزم كثر بالاتفاق لكنه خرق برفع رايات معدودة للأحرار والكتائب. وتجمهر الطلاب وقرروا الثانية عشرة الخروج في تظاهرتهم وما كادوا يصلون الى بوابة المدخل الرئيس حتى منعتهم فرقة من مكافحة الشغب، فاتجهوا الى المدخل الثاني وكذلك كانت القوى الأمنية في انتظارهم، فقرروا العودة الى المدخل الرئيس مصممين على الخروج، مرددين شعارهم المعروف "حرية سيادة استقلال" وهتافات ضدّ سورية منها "ما بدنا مجلس نواب يوقف للسوري ع الباب" و"ايه ويللا سورية تطلع برا". وراح الطلاب يتدافعون في شكل أشد للخروج فتصدت لهم مكافحة الشغب بالهراوات وبخراطيم المياه مما دفع بعضهم الى الرد برشق القوى الأمنية بالحجارة والقوارير الفارغة مما أدى الى وقوع جرحى من الطرفين هم: ثلاثة ضباط في قوى الأمن الداخلي منهم المقدم سامي دميان، ونقيب من آل شحود و5 عسكريين، ورئيس مصلحة طلاب "الكتائب - الحركة الاصلاحية" نجل الرئيس اللبناني السابق سامي أمين الجميل ومسؤول الخلية في الجامعة جلبير رزق، ومناصرو "القوات اللبنانية" المحظورة جان طويلة وشاهين نصر وكميل بتراني ومن حزب "الوطنيين الأحرار" رئيس مصلحة الطلاب ادوار شمعون وروي نادر ونادر نادر وروي حصني. بعدما هدأت "المعركة" قرر الطلاب بالتنسيق مع ادارة الجامعة وقف الدروس. لكنهم بقوا ساعات في جو من القلق خصوصاً بعدما بلغتهم أخبار توقيف عدد من الطلاب ونقلهم الى مخفر الأشرفية، وأشيعت معلومات عن نية بتوقيف المسؤولين عن التحرك وبخاصة سامي الجميل وادوار شمعون ولويس أبو شرف. ف"الشيخ" الجميل بدا متألماً من جرح أصابه في رجله و"قلقاً" من خبر توقيفه لدى خروجه من الجامعة وراح يقول: "سننتظر ونرى". واكتفى بالقول ل"الحياة" عما حصل "انهم القوى الأمنية منعونا من ممارسة حقنا الديموقراطي في التعبير عن رأينا". أما رئيس مصلحة الطلاب في "القوات اللبنانية" دانيال سبيرو فاعتبر ان قرار منع التظاهر "دليل ضعف وخوف من الحركة الطالبية الحرة، وهذا شيء طبيعي". وفي ظل أجواء الترقب هذه، انضمت الى الطلاب النائبة نائلة معوض التي قادت مع رئيس الجامعة الأب شاميسيه "تفاوضاً أدى الى عدم توقيف الطلاب" بحسب ما قال ل"الحياة" مسؤول مصلحة طلاب "الأحرار" ادوار شمعون وهو من الذين قيل انهم سيوقفون. وقال مصدر أمني رفيع ل"الحياة" ان "اربعة او خمسة طلاب اقتيدوا الى مخفر الأشرفية لكن سرعان ما تركوا تنفيذاً لقرار بعدم توقيف أي طالب وان لدى القوى الأمنية تعليمات واضحة في هذا الشأن، مؤكداً في المقابل ان هناك قراراً واضحاً بمنع التظاهر، ومشيراً الى ان بعض الطلاب حاول استدراج القوى الأمنية الى مشكلة تؤدي الى توقيفات لكنهم لم يفلحوا. ولاحقاً أكد النائب العام التمييزي القاضي عدنان عضوم عدم وجود توقيفات بين الطلاب الذي ارادوا التظاهر خلافاً للقانون. وأوضح ان النيابة العسكرية تحقق في الحادث وبخاصة رشق القوى الأمنية بالحجارة ووقوع جرحى في صفوفها. ولاحقاً أعلنت قوى الأمن ان "عدداً كبيراً من الطلاب تجمعوا داخل حرم جامعة "القديس يوسف" رافعين أعلاماً لبنانية ولافتات تحمل شعارات ضد الهجرة ومنددة بالوجود السوري الشقيق في لبنان، من دون أن يتعرض لهم أحد. ثم حاولوا الخروج للانطلاق بتظاهرة ومسيرة غير مرخصة، فأنذروا بوجوب البقاء داخل الحرم الجامعي وعدم المغادرة ولكنهم عمدوا إلى رشق رجال قوى الأمن الداخلي بالحجارة، وأمام هذا الواقع وعلى رغم كل الإنذارات التي وجهت إليهم ثبت عناصر القوة الأمنية في أماكنهم، ما حمل الطلاب على التدافع متابعين استفزازاتهم بالأذى عبر رشقهم بالحجارة والعصي والزجاجات الفارغة ومطلقين شعارات معادية للمسؤولين اللبنانيين وللوجود السوري الشقيق في لبنان. فضطرت القوة الأمنية إلى التصدي للمتظاهرين، فنتج من ذلك إصابة 3 ضباط أحدهم ضابط قائد بجروح مختلفة في اليد والوجه وخمسة عناصر بجروح ورضوض وأدخلوا إلى المستشفى للمعالجة. كما تعرض بعض العتاد العسكري للكسر وفقدت بعض الأمتعة الأميرية".