اختلط على العابرين، أمس، في شوارع بيروت التمييز بين التعزيزات الامنية المتخذة تحضيراً للعرض العسكري الذي يقام اليوم لمناسبة احتفال لبنان بذكرى استقلاله وبين التعزيزات التي اتخذت امام الجامعات ووزارة الخارجية وأمكنة اخرى محتملة لأن تكون مقصداً ل"تظاهرة سلمية" دعا اليها طلاب "التيار الوطني الحر" الذي يتزعمه العماد ميشال عون و"القاعدة الكتائبية" وحزب "الوطنيين الاحرار" و"الخط المباشر" وذلك "حداداً"، كما ورد في الدعوة، على "الاستقلال المسلوب ولرجاء القيامة وحرية لبنان وسيادته واستقلاله". كانت الدعوة المعلنة الى التظاهر امام وزارة الخارجية محاولة من الطلاب لتضليل الاجهزة الامنية، ما جعل الاستنفار على اشده امام كل جامعة وكلية. فطوق عناصر مكافحة الشغب جامعة الحكمة ومعهد الفنون الجميلة والجامعة اليسوعية، وراحت دوريات المشاة تعمل على تفريق اي تجمع محتمل للطلاب، ما جعلهم يلجأون الى اجهزتهم الخلوية "للتنسيق" في ما بينهم على رغم تأكد البعض من انها تحت الرقابة. وفاجأت مجموعة من الطلاب عناصر الأمن عند تقاطع المتحف - الادارة المركزية للجامعة اللبنانية، حين جلسوا على الرصيف وراحوا يهتفون "حرية وسيادة واستقلال" ويلوحون بأعلام لبنانية. وسارع رجال الأمن الى محاصرتهم واصطدموا معهم مستخدمين اعقاب البنادق واعتُقل نحو عشرة طلاب وفر الباقون في اتجاه كلية الطب التابعة للجامعة اليسوعية القريبة من المكان. والتحق طلاب من جامعات اخرى بالحرم الجامعي اليسوعية الذي جهز بمكبرات صوت تردد اناشيد حماسية وبأعلام لبنانية من مختلف الاحجام، فيما نظمت القوى الامنية صفوفها في الخارج. الطلاب الذين انتشروا على الادراج والسطوح المقابلة للطريق وعند مدخل الحرم الذي لم يتخطه اي عنصر امني الى الداخل، زادوا من هتافاتهم ضد سورية وراح احدهم يخاطب رجال الامن عبر مكبر الصوت مذكراً اياهم بأن نسبة الحرائق كانت خلال فصل الصيف كبيرة، في محاولة للتهكم على استخدام الاطفائيات ضد الطلاب بينما دعاهم طالب آخر الى "غسل رؤوس المسؤولين بدلاً من رؤوسنا" واقترح آخر "التظاهر على الحدود علّ الجيش يلحق بهم". وازداد الطلاب حماسة بعد كلمة تلاها احدهم اكد فيها "ان استقلالنا لا يأتي من قوات استطلاع اجنبية ولا من نواب معلبين ومصدّرين من عنجر، وليعلم الجميع اننا مع التعاون والتنسيق لكن ضد التسلط والتوجيه". وكانت لحظة الصفر حين دعا الطلاب الفتيات الى التراجع الى الخلف وراحوا يتقدمون لخرق صفوف رجال الأمن المجهزين بالبنادق والهراوات التي استخدموها لمنع الطلاب من الاقتراب. وعلا صراخ الفتيات وبعضهن شتم بالفرنسية واستخدمت اخريات شتائم متداولة. وأدى الصدام الى اعتقال الطالب رياض عقيقي الذي اصيب في وجهه، والى اصابة رئىس الهيئة الطالبية في كلية طب الاسنان جوزيف بجاني في رأسه ونقل الى مستشفى "اوتيل ديو". الطلاب اغلقوا بوابة الجامعة وواصلوا هتافاتهم من خلفها وعمد بعضهم الى رشق عناصر الأمن بحبات البندورة والحامض، لكن نداء عبر مكبر الصوت من احد ممثلي الطلاب للكف عن ذلك والاكتفاء برفع الاعلام اللبنانية دون غيرها اوقف "المواجهة" ولم تتدخل خراطيم المياه ولم يحاول الطلاب تكرارها. وأحصي توقيف 15 طالباً بعضهم من الاحرار ومن الكتلة الوطنية ومنهم: جوزيف ودوري وإدي شمعون وطارق ماضي وأنطوان شيبان ونبيل وكريم ابو شرف وأنطوان شحادة ورام عزام وإدي جرجي وباتريك يوسف وشادي حنا ولويس ابو حبيب.