منذ ليل الثلثاء - الاربعاء الماضي، تدور عند اطراف مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة معارك دامية بين رجال المقاومة من الفصائل الفلسطينية المختلفة وبين مئات من جنود الاحتلال الاسرائيلي اسفرت أمس عن سقوط 7 شهداء، في وقت اكد رئيس الحكومة الاسرائيلية ارييل شارون ان الهجوم "سيستمر طالما ان الخطر قائم"، مضيفاً ان "علينا توسيع مناطق تحركنا لابعاد اطلاق الصواريخ لكي لا يتمكن الارهابيون من قصف المستوطنات الآن وخلال الانسحاب". لكن معركة اخرى تدور في اجواء المنطقة بين سلاحين، أحدهما متطور جداً، والآخر بدائي تماماً. منذ اندلاع الانتفاضة قبل اربع سنوات تستخدم اسرائيل طائرات تجسس صغيرة من دون طّيار لرصد تحركات الناشطين وقادة الفصائل الميدانيين والسياسيين على حد سواء، وعجز الفلسطينيون خلال تلك السنوات، وبسبب عدم امتلاكهم اي قدرات تكنولوجية، عن التصدي لهذه الطائرات أو التعامل مع تهديداتها. ومع ذلك، فإن رجال المقاومة لم يعدموا الحيلة والوسيلة للتهرب من بعضها، سواء كانت من دون طيار ام مروحيات تستخدم في الاغتيالات. وبعد ان امتنع كثير من المقاومين عن استخدام الهواتف الخليوية والثابتة والسيارات واعتمدوا طرق اتصالات بدائية او أجهزة تشبه اتصالات المباني "انتر كوم"، لجأوا اخيرا الى الدخان والبطانيات للاحتماء بها من "كاميرات" الطائرات من دون طيّار. ولأن الطائرات من دون طيار لا تغادر سماء القطاع، وبامكان الواحدة منها الطيران مدة 24 ساعة متواصلة، أصدر رجال المقاومة في مخيم جباليا للاجئين، تعليمات الى الاطفال والفتية بإشعال النار في عشرات بل مئات من اطارات السيارات القديمة لتكوين طبقة كثيفة من الدخان الاسود في سماء المنطقة. واعتقد المقاومون ان سحب الدخان ستحول دون التقاط صور لهم وتحديد اماكن وجودهم ومن ثم اطلاق الصواريخ باتجاههم، او ارسال اشارات الى المروحيات لتهاجمهم. وجاءت هذه التعليمات من رجال لجان المقاومة الشعبية في اعقاب اغتيال عدد من المقاومين بصواريخ يعتقد انها اطلقت من طائرات التجسس. لم ينجح الدخان في تأدية المهمة وحين تكرر اطلاق الصواريخ، كما تقول فصائل المقاومة، لجأ المقاومون الى طريقة بدائية اخرى للتمويه، وطالبوا الشبان والفتية بتغطية الشوارع والازقة التي ينتشرون فيها بالبطانيات والحرامات والشوادر كي يتم حجبهم عن عدسات الكاميرات المثبتة على الطائرات. ومع ذلك، تواصل قوات الاحتلال اغتيال المقاومين من دون ان يدري احد مصدر هذه الصواريخ، في وقت تحوم في سماء القطاع طائرات "اف 16" و"اباتشي" وطائرات استطلاع تجسس من دون طيار التي طورت اسرائيل منها قبل اشهر طائرة بطول 33 سنتيمتراً فقط يطلقها جندي بيده ويتحكم بها من خلال جهاز حاسوب محمول. ولكن ما كشفته اسبوعية اميركية متخصصة في شؤون الطيران، يدحض ما يعتقده المقاومون الفلسطينيون، ويثبت عدم قدرة الطائرات من دون طيار على اطلاق صواريخ. ونقل موقع "يديعوت احرونوت" على الانترنت عن الاسبوعية الاميركية ان الصناعات الجوية الاسرائيلية تعمل بالتعاون مع شركة "اورورا" الاميركية على تطوير طائرة من دون طيار يمكن تزويدها صواريخ وقنابل. واضاف انها المرة الاولى التي يتأكد فيها وجود جهود اسرائيلية من اجل تصنيع وسيلة طيران مسلحة ومن دون طيار. وحسب الاسبوعية، فإن الصناعات الجوية الاسرائيلية والشركة تطوران طرازا مسلحا لطائرة بلا طيار اسمها "ما حتس" سبق ان طورتها الصناعات لاغراض استخبارية. وتقوم الفكرة على صنع طائرة حجمها كبير بقدر كاف ويمكنها التحليق فترة زمنية طويلة، وقادرة على حمل قنابل ذكية وصواريخ دقيقة. واشارت الى ان طائرة "ما حتس" يمكنها الطيران مدة 30 ساعة متواصلة، لافتة الى ان الجيش الاسرائيلي يستخدم طائرات من دون طيار ترصد تحركات الخلايا التي تعمل على اطلاق الصواريخ والقذائف وتزود الطائرات المقاتلة معلومات دقيقة تساعدها في اطلاق الصواريخ في اتجاه هذه الخلايا.