محمد بن سلمان.. قائد التحول    تقدم وازدهار    الطبع السعودي    سماحة المفتي.. رحل وبقي الأثر    بلادنا أعزَّها الله    مؤتمر الاستثمار الثقافي 2025 ينطلق في الرياض بعد غدٍ الاثنين    الحرب على غزة.. شهداء وجرحى ومنظمة أطباء بلا حدود تعلق عملها    غوارديولا: أرقام هالاند التهديفية جنونية    وزير الخارجية يلتقي الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة    ضبط 4 يمنيين لتهريبهم (60) كجم "قات" في عسير    تقنية جازان تحتفي باليوم الوطني    نموذج إلكتروني للمشاركة في تشغيل المركبات ذاتية القيادة    تأهيل وادي قناة بالمدينة    أمريكا تلغي تأشيرة رئيس كولومبيا بسبب تصرفاته "المتهورة" في نيويورك    نيوم يواصل تألقه بالفوز على الرياض    أمانة العاصمة المقدسة تطلق بطولة البلوت ضمن فعاليات اليوم الوطني ال95    القيادة تهنئ تركمانستان بذكرى الاستقلال    تعرف على غيابات الهلال أمام ناساف الأوزبكي    اتفاقيات سياسية سعودية مع 4 بلدان    ضبط 18421 مخالفا للأنظمة خلال أسبوع    سوق الأعمال في المعرض السعودي للفعاليات    الارتقاء بالمحتوى الرقمي    السعودية تسعى لتوطين الصناعات العالية القيمة مع شركات صينية    رحل من كان أبا للجميع    حماة البيئة    مراكز الرؤية.. دموع الأطفال تتكلم    المؤتمر الصحفي الحكومي يستضيف وزيري الإسكان والإعلام ورئيس "هيئة العقار"    الأمير سعود بن نهار يشهد احتفال أهالي الطائف باليوم الوطني السعودي ال 95    "الجوازات": للزائر حرية القدوم والمغادرة عبر جميع منافذ المملكة    النقل تفتح باب الاستثمار في المركبات ذاتية القيادة    أموريم: برينتفورد أقوى من مانشستر يونايتد    د. البقمي: سجلات المتبرعين وبنوك الحبل السري تدعم الطب التجديدي    المملكة تستضيف الدورة ال 27 لهيئة الغابات والمراعي في الشرق الأدنى    فعاليات قرية جازان التراثية تشعل الواجهة الجنوبية احتفاءً باليوم الوطني السعودي ال95    عطيف يحصل على وسام الملك عبدالعزيز    الملحقية الثقافية بماليزيا تحتفي باليوم الوطني السعودي ال٩٥    ملتقى علمي في سيئول يناقش الترجمة والذكاء الاصطناعي    جمعية إحسان لحفظ النعمة تنفذ برنامج "عزنا بوطنا" للأطفال احتفاءً باليوم الوطني ال95    البرنامج الوطني للتشجير: جهود مكثفة لإعادة تأهيل الأراضي ورصد الغطاء النباتي    مستشفى الملك فهد الجامعي يحقق إنجازًا بزراعة عظم ومفصل المرفق وترميم الأربطة المحيطة    أمطار رعدية غزيرة على عسير وفرصة للسيول بعدة مناطق    د. العسكر: عيادات غير مرخصة تستغل "الخلايا الجذعية" بادعاءات علاجية خطيرة    في صمت النفس غربة الواقع وتمرد العقل    لوران بلان يُبرر خسارة الاتحاد في الكلاسيكو    رسالة سعودية إلى العالم    مهنة التسول    المزاح والضغوط النفسية    محافظ طريب يرعى احتفال مركز الصبيخة باليوم الوطني 95    مزاد نادي الصقور السعودي.. مبيعات تتجاوز 41 مليون ريال في 5 أعوام    إيران لا تعتزم الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي    محافظ قلوة يرعى احتفال أهالي المحافظة باليوم الوطني ال 95    نجوم الفنون القتالية يتحدثون عن استعداداتهم في المؤتمر الصحافي ل«دوري المقاتلين المحترفين» في الرياض    "الشؤون الإسلامية" تُقيم خطبة الجمعة في مسجد السلام في تشيلي    دولتي عظيمة    إمام المسجد الحرام: حب الوطن نعمة وواجب شرعي يستوجب الشكر والدفاع    الرئيس الأمريكي وقادة دول عربية وإسلامية في بيان مشترك: إنهاء الحرب خطوة نحو السلام    تصعيد متبادل بالمسيرات والهجمات.. والكرملين: لا بديل عن استمرار الحرب في أوكرانيا    كوب «ميلك شيك» يضعف تدفق الدم للدماغ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أقيمت في القاهرة وغابت عنها اسماء كبيرة ، ندوة "الثقافة الفلسطينية" لم تأت بجديد
نشر في الحياة يوم 03 - 08 - 2003

هل كان المثقفون الفلسطينيون في حاجة إلى ندوة موسعة تستمر ثلاثة أيام لاكتشاف فكرة يعاد إنتاجها يومياً منذ نصف قرن، وهي أن مستقبل العمل الثقافي الفلسطيني يتصادم بالضرورة مع السياسات العنصرية الصهيونية؟ هذا السؤال وسواه من الأسئلة فرضت نفسها على الذين تابعوا الندوة التي أقيمت في القاهرة تحت عنوان "المشروع الثقافي الفلسطيني واستراتيجيته المستقبلية" ونظمها المجلس الأعلى للتربية والثقافة الفلسطيني التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية بالتعاون مع المجلس الأعلى للثقافة في مصر وبدعم ورعاية من المنظمة العربية للعلوم والثقافة "اليكسو" والمجلس الفلسطيني للتنمية والاعمال "بكدار" واللجنة الوطنية لليونيسكو.
وكان واضحاً منذ الجلسة الافتتاحية أن الندوة حصرت نفسها في إطار صياغات "خطابية" لا علاقة لها بالخطابات النقدية التي تستهدف مساءلة المؤسسة الثقافية الفلسطينية الرسمية وتسعى إلى حصر أخطائها التي كانت بالضرورة الابنة الشرعية لاخطاء كامنة في بنية المؤسسة السياسية التي لعبت دوراً في إفساد النخب الثقافية على الصعيدين العربي والفلسطيني.
وفي هذا السياق بدا واضحاً غياب الكثير من المثقفين الفلسطينيين الذين صنعوا مسافة بينهم وبين ممارسات السلطة الفلسطينية وسعوا إلى نقدها عبر كتابات معروفة. ومن بين هؤلاء أسماء في حجم محمود درويش واداورد سعيد وهشام شرابي وكذلك غابت أسماء أخرى لها حضورها في المشهد الإبداعي الفلسطيني مثل سميح القاسم وزكريا محمد وغسان زقطان وسحر خليفة وليانة بدر، ما أعطى انطباعاً بأن ثمة رغبة في جعل الندوة ليست اكثر من مناسبة لاعادة انتاج الكثير من الأفكار الشائعة عن "ثقافة المقاومة" أو الاحتفال بعودة نشاطات المجلس الأعلى الفلسطيني للثقافة والتربية بعد غياب عشرة أعوام، وهي عودة ارتبطت بجهود رئيسه الجديد الروائي يحيى يخلف. ويقول يخلف ل"الحياة": وجهنا الدعوة الى اسماء كبيرة وكثيرة لكن ظروفهم حالت دون مشاركتهم في الندوة التي كان من الصعب أيضاً، ولاسباب ترتبط بالتنظيم أو التمويل، دعوة الجميع اليها لكن من حضروا يمثلون تيارات وأجيالاً مختلفة في الثقافة الفلسطينية للتأكيد على غنى هذه الثقافة وتنوعها وليس صحيحاً على الإطلاق أننا غيبنا الأسماء التي لها آراء ناقدة لأداء المؤسسة الفلسطينية لان المجلس مؤسسة للفلسطينيين وليس مؤسسة للسلطة".
هوية مطموسة
وعلى رغم روح التسامح والتفاؤل التي أبداها يخلف بمسار الندوة إلا أن جلساتها لم تؤكد تماماً صحة هذا التفاؤل إذ انهمك المشاركون في مناقشة قضايا تتسم بالعمومية مثل "العولمة وتجديد الخطاب الديني" وسواها من القضايا الموجودة على جدول أعمال مختلف المؤتمرات العربية، ومن ثم لم تنجح الندوة في تكريس أعمالها للحالة الفلسطينية التي وإن كانت جزءاً لا يتجزأ من الثقافة العربية إلا أنها تعاني ظرفاً استثنائياً تاريخياً يجعل لها هذه الخصوصية التي حاولت مداخلات قليلة الاقتراب منها مثل مداخلة القاص محمد علي طه الذي تحدث عن سياسات الاقتلاع التي تقوم بها إسرائيل في المدن الفلسطينية.
وكشف عن محاولات "أسرلة" زهاء 150 ألف عربي بقوا داخل حدود الدولة الوليدة عبر "عبرنة اللغة" وإلغاء الأسماء العربية الراسخة في الذاكرة واختزالهم في تعبير "عرب إسرائيل" بما يحمله ذلك من معنى طامس للهوية. وقال ان الخطر في وجود عدد من الفلسطينيين يتقبل هذه التسمية الجديدة خصوصاً بعد ان نجحت إسرائيل في نشر هذه التسمية في بعض عالمنا العربي وبعض الفضائيات والصحف العربية.
وعلى رغم كل ذلك فإن طه رأى ان "فلسطينيي 1948 استطاعوا مواجهة سياسة الاضطهاد والتمييز والعدمية القومية وأن يبلوروا هوية فلسطينية عند الأكثرية منهم وعبر عن ذلك الأدب الفلسطيني الثوري المنتج في الداخل لكنه حذر في الوقت نفسه من وسائل الإعلام العبرية والدوائر الرسمية التي سعت إلى خلق لغة دارجة جديدة... لغة خليط بين العربية والعبرية". وقال طه: "لن تجد شخصاً الآن يتحدث من دون استعمال كلمات عبرية سواء كان عاملاً أو مثقفاً"، وأضاف: "أخشى ما أخشاه أن تتحول لغتنا ذات يوم إلى لغة لا يفهمها عالمنا العربي".
مقاومة مستمرة
يبدو ان المخاوف التي طرحها طه كانت في ذهن زياد أبو عمرو وزير الثقافة الفلسطيني الذي تحدث في الجلسة الافتتاحية عن "ضرورة تبني خطة لمواجهة مجمل السياسات الاستعمارية الاستيطانية التي تهدف إلى إلغاء وجودنا المادي على أرضنا وطمس تاريخنا وهويتنا الوطنية والسياسية وتدمير ثقافتنا وتراثنا الوطني". وكذلك تحدث عن أهمية "صيانة الوعي الفلسطيني" في مواجهة عملية "التزييف المخططة". وهي عملية تتطلب صوغ علاقة سليمة وتكاملية بين الثقافة الفلسطينية وعمقها الثقافي العربي وانفتاحها على الثقافات العالمية وتحديد المفاهيم العقلانية للتعامل مع ظاهرة العولمة بما يحد من آثارها السلبية علينا".
وكان جابر عصفور الامين العام للمجلس الاعلى للثقافة في مصر أشار إلى معنى قريب في الجلسة ذاتها حينما تحدث عن وعي "المقاومة المستمرة" التي لا ينغلق فيها العقل على نفسه ولا يتحجر فيها الذهن على بعض الأفكار القديمة مع ثقافة المقاومة التي لا تتردد في نقد ذاتها وتصفية الرواسب التي تعرقل خطاه، وتشدد على ضرورة التفاعل الوثيق بين الثقافة الفلسطينية والعربية في بُعدها المقاوم والإنساني والتي لا تنكر العالم حولها والمعنى المتجدد للمقاومة وعدم الخلط بينه وبين الاستسلام. ويبدو لافتاً في هذا السياق ما طرحه الناقد فيصل دراج عن سؤال المستقبل وأزمة اللحظة الراهنة عبر الإشارة إلى الشروط التي تساهم في إنجاز مهمات التكامل الثقافي العربي في ظل المتغيرات العالمية وهي شروط تلزم هذا التكامل بالقيام بوظيفتين. الأولى، توطيد مواقع الثقافة العربية على أسس عقلانية وقومية وديموقراطية، والثانية أن يساهم بمقدار في ما يسميه "عولمة الثقافة" من خلال البرهان العملي على الحضور الفعلي للثقافة العربية كعنصر فاعل في الثقافة الإنسانية الراهنة. ولفت النظر إلى "عملية السلام"، كتحدٍ جديدٍ للهوية العربية، في حين ركزت ورقة حسن خضر مدير تحرير مجلة "الكرمل" الفلسطينية على كيفية خروج العرب من مأزق العلاقة المأزومة مع الغرب وهو خروج يستلزم بالضرورة تحرير النسق الثقافي العربي من التمركز حول الذات. وبرأيه لا يمكن نقد أو نقض هذا التمركز من دون حل إشكالية العلمانية باعتبارها ظاهرة وثيقة الصلة بالدولة القومية الحديثة ومن دون السؤال عن مصير الحركات الأصولية. وكذلك شددت الورقة على اهمية تفكيك آليات القمع الكامنة في النسق الثقافي العربي ذاته مع التأكيد على اهمية انتهاج منهج جديد قائم على التعددية وقبول الاختلاف وهو الأمر الذي حددته ورقة مروان دويري في تأكيدها على التعددية كشكل من أشكال مواجهة هيمنة الغرب واعتبر أن الحوار القائم حالياً بين الفصائل الفلسطينية هو خطوة مهمة لتأكيد معنى التعددية. ولكنه رأى ان السلطة مطالبة اكثر من غيرها بترسيخ هذه التعددية.
وصدر عن الندوة بيانٌ ختامي حمل عنوان "بيان القاهرة حول الثقافة الفلسطينية" وجاء فيه أن الثقافة الفلسطينية هي جزء من الثقافة العربية الإسلامية وان المشروع الثقافي الفلسطيني يتصادم بالضرورة مع السياسات العنصرية الإسرائيلية ويدينها إدانته للاحتلال الصهيوني ذاته وما يستتبعه من سياسات تهويد وقتل وحصار. ودان المشاركون "الولايات المتحدة الأميركية واحتلالها العراق والقرصنة الفظة التي ارتكبت بحق تراثه الإنساني" كما أكد البيان "ان لا ثقافة حقيقية من دون ديموقراطية".
وصدرت كذلك بيانات تفصيلية حول التصورات المستقبلية للثقافة الفلسطينية في مجالات التعليم والتنمية الثقافية أقرتها مجموعة من لجان العمل المشكّلة في الندوة بغية وضع التشريعات والقوانين المنظمة لعمل المؤسسات الثقافية مع تأكيد ضرورة دعم بنيتها التحتية افادة من خبرات ودعم الجهات الراعية للندوة التي كانت في تجليها الأخير شكلاً من أشكال تنشيط الذاكرة المهددة هي الأخرى بالاحتلال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.