هل مديرك معجزة؟    «بيئة جازان» تنظم ورشة عمل عن طرق الاستفادة من الخدمات الإلكترونية الزراعية    قطار الرياض ينقل أكثر من 23.6 مليون راكب بالربع الثاني ل 2025    دمج وإغلاق 267 منصة رقمية لتحسين تجربة المستفيدين    السعودية ترحب بإعلان الرئيس الفرنسي عزم بلاده على الاعتراف بدولة فلسطين الشقيقة    المملكة ترحب بإعلان ماكرون عزم بلاده على الاعتراف بدولة فلسطين    طحين الدم    الأخضر الأولمبي يختتم مشاركته في دورة أوزبكستان الودية بمواجهة اليابان    أخضر الصالات يواصل تحضيراته في معسكر الدمام استعداداً للمشاركة في بطولة القارات وتصفيات آسيا    حرس الحدود بجازان ينقذ مواطنَيْن من الغرق أثناء ممارسة السباحة    وفد ثقافي وفني يزور هيئة التراث في جازان لتعزيز التعاون في مجالات الهوية والتراث    القمامة الإعلامية وتسميم وعي الجمهور    «هُما» القصيبي من جديد..    خطبة الجمعة تحذر من إساءة استغلال الذكاء الاصطناعي    القبض على يمني و4 سودانيين في عسير لترويجهم «الإمفيتامين»    الهلال الأحمر يفعل «المسار العاجل» وينقذ حياة مواطن بجدة    وزير الرياضة "الفيصل" : لحظة تاريخية لرياضة المملكة بتخصيص ثلاثة أندية    ويتكوف يعلن فشل مفاوضات الدوحة حول غزة ودراسة «خيارات أخرى»    المملكة تشارك في مؤتمر الأطراف باتفاقية الأراضي الرطبة "رامسار"    أمير جازان من الدائر: البن ثروة وطنية والدعم مستمر    6300 ساعة تختتم أعمال الموهوبين في أبحاث الأولويات الوطنية بجامعة الإمام عبد الرحمن    إيزاك يبلغ نيوكاسل برغبته في استكشاف خيارات أخرى    "سلام" توقّع اتفاقية مع وزارة الاتصالات وتقانة المعلومات السورية    هيئة الأدب تستعد لإطلاق النسخة الرابعة من معرض المدينة المنورة للكتاب2025    أمير تبوك يطمئن على صحة الشيخ عبدالعزيز الغريض    أمير منطقة جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأهالي محافظة الدائر    الشؤون الإسلامية في جازان تواصل تنفيذ الدورة العلمية الصيفية الثالثة    أوتافيو في حيرة بين القادسية وأوتافيو    الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يلتقي وزيري الخارجية والداخلية الأفغانيين في كابل    وزير الخارجية يُجري اتصالًا هاتفيًا بوزير خارجية إريتريا    مستشفى المهد يعتمد تقنية تخدير الأعصاب لتقليل الألم    رسميًا.. فيرمينو ينضم إلى السد القطري    تحطم طائرة الركاب الروسية المفقودة    الإحصاء: ارتفاع الصادرات غير البترولية بنسبة 6.0% في مايو 2025م    الأمير محمد بن عبدالعزيز يستقبل قائدَي قوة جازان السابق والمعيّن حديثًا    الإحسان الطبية تنفذ مشروع «الإستشاري الزائر» في مستشفى صامطة العام    حرس الحدود بجازان ينقذ مواطنين من الغرق أثناء ممارسة السباحة    منظمة الصحة العالمية تنفي انتهاك السيادة الأمريكية    أكثر من 7 آلاف زيارة منزلية خلال 6 أشهر بمستشفى الظهران    موجز    توجه رئاسي لحصر القوة بيد الدولة.. غضب على «حزب الله» في الداخل اللبناني    تعاون سعودي – سريلانكي في مجالات الإعلام    الشهري ينال الماجستير بامتياز    الصنهاج والزهراني يحتفلان بزواج ريان    بالتنسيق مع 5 وزارات تمهيداً لوضع الإجراءات.. "البلديات" تشترط عدم كشف مساكن العمالة للجيران    المفتي يطلع على أعمال "حياة"    أكدت تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة.. "الموارد البشرية": تطوير برنامج الرعاية الاجتماعية المنزلية    "الداخلية" تعلن فتح تحقيق في انتهاكات السويداء.. لا إعدامات جماعية في سوريا    بين ضغوط ترمب ومواقف متصلبة.. محادثات بين موسكو وكييف في إسطنبول    ابتكارات واستثمارات في"قمة البروبتك".. السعودية ترسم مستقبل التقنيات العقارية    واست رئيس بنغلاديش في ضحايا سقوط الطائرة.. القيادة تهنئ الرئيس المصري بذكرى اليوم الوطني لبلاده    دوران يسجل في فوز فنربخشة برباعية على الاتحاد وديًا    «سلمان للإغاثة» يوزّع (840) حقيبة إيوائية في منطقتين بإقليم جامو وكشمير في باكستان    اختيار سلمان: هكذا أطلق صقره ليحلق بالوطن    «سوار الأمان».. حلول ذكية في المسجد الحرام    "الشعفي" يُرزق بمولودته الأولى "سما"    أمير جازان ونائبه يتفقدان مشروعات فيفاء    مفوض إفتاء جازان يستقبل منسوبي إدارة جمعية سقيا الماء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشباب النيويوركي يخرج من فقاعته وينظر إلى الشرق الأوسط بتسامح أكبر . مانهاتن في عين عربية: الزوار اكثر حذراً من السكان !
نشر في الحياة يوم 01 - 07 - 2003

على جسر بروكلين ليلاً، فوق النهر الشرقي، التفت يساراً واحبس أنفاسك... بعد برهة ستطلع الجزيرة الساحرة، مانهاتن، بنكهتها المختلفة. تتملّك حواسك من دون جهد... سهلة ممتنعة.
في الجزيرة الشاهقة العمارات، تشعر بضآلتك ويتملكك بعض الخوف. فمدينة المال والأعمال نهاراً، هي مدينة المسارح والأضواء والزينة مساء. واضحة المعالم... خارطة تقاطعات طولية وعرضية تمتد حول حديقة تفتح أبوابها للصغار والكبار، للمتريّضين والعشاق، للمتعبين وطالبي الاستجمام.
تصل وفي ذهنك ألف سؤال. أنت العربي الميمّم صوب الجزيرة، تخاف أصابع الاتهام، فتفاجأ بأن لا غرباء في مانهاتن. تأسرك طيبة السكان، فتحتار في أمر هذا البلد وأهله حتى يخبرك العارفون كيف آلفت المصيبة بين القلوب وأدخلت الحرارة إلى النفوس.
يقول تايلر 26 عاماً وهو يعمل في مجال البيع بالتجزئة: "تشعر اليوم بالودّ بين الناس أكثر من قبل، بات لدينا شعور حقيقي بأننا نشكل مجموعة واحدة وبأننا ينبغي أن نقف جنباً إلى جنب". ويؤكد أليكس وهو محام 27 عاماً، ذلك بقوله: "المدينة اليوم مختلفة. فيها درجة أعلى من التعاطف بين السكان".
يتطلب الأمر بضعة أيام كي تدرك ما لا يمكن إدراكه من الوهلة الأولى. فكلما تكرر عبورك أمام الحفرة الهائلة التي خلّفها اعتداء الحادي عشر من ايلول سبتمبر 2001، تدرك أن الثقب في المشهد لا يكاد يوازيه في الحجم سوى الفراغ في وجدان النيويوركي. "أنا أسأل نفسي كل يوم... ماذا لو تكرر ما حصل؟ انه أمر مخيف ومحزن"، يقول روكو، سائق الباص الشاب، ابن المدينة التي فقدت في أقل من ساعتين من الزمن رمزين شامخين وظلاً شاهقاً في الأفق.
هذا الأسى الذي ولّد رقة محببة في نفوس سكان نيويورك، أنتج نوعاً من الهستيريا الأمنية على المستوى الرسمي، تبلغ أشدّها في المطارات وفي "الموقع صفر" أو "غراوند زيرو" وهو ما كان يعرف بمركز التجارة العالمي.
في المطارات يخضع القادمون لتفتيش دقيق لا يُغفل كعب الحذاء النسائي. وتطرح على القادم كمية من الأسئلة تجعله يفكر جدياً في العودة من حيث أتى، لكنه ما يلبث أن ينسى معاناته عند الدخول في إيقاع الحياة اليومية للمدينة. تقول مليسا الطالبة الجامعية، 25 عاماً: "لا يسيطر الحذر على تصرفاتنا، وحدهم زوار نيويورك قلقون وحذرون. أما نحن فنعيش حياتنا بكل بساطة".
وفي "غراوند زيرو" يتفحص رجال الأمن أذونات الدخول الممنوحة لعدد محدد من الزوار، وغالبيتهم من أهالي الضحايا، بينما لا يُسمح للزائرين سوى بالمراقبة من خلف السياج.
وتنتشر مئات الأعلام الأميركية في المكان وحوله. ويتولى عدد من المتطوعين شرح تاريخ المكان لعشرات الزوار الذين يتوافدون يومياً من داخل الولايات المتحدة وخارجها. داخل السياج، تقلّ سيارات تابعة لشرطة نيويورك الزوار حاملي التراخيص إلى المزار الخاص نحو 3000 شخص قتلوا في الاعتداء، كما يسمح لحملة الأذونات الخاصة بالتفرج عن كثب على الأشغال الجارية في الورشة وهي مقسومة إلى ورش عدة فرعية. وقد بدأ العمل فعلياً في ورشة إعادة بناء محطة للقطار تهدمت بفعل الاعتداء. أما البرج الجديد الذي اتفق على بنائه مكان البرجين التوأمين المتهدمين، فلن يبدأ العمل فيه قبل حلول الصيف المقبل.
عندما افتتح الأميركيون البرجين عام 1973، أرادوا فيهما صرحاً يشهد على "عظمة" النظام الرأسمالي. وكان تشييد البناءين الشاهقين وارتفاع الواحد منهما 450 متراً استغرق ستة أعوام وثمانية أشهر. شكل التوأم مع خمسة مبان أخرى المجمع الذي عرف بمركز التجارة العالمي.
قبل انهياره، كان المركز يضم نحو 500 شركة من 26 بلداً، توظف 50 ألف شخص. إلاّ أن المجمع كان يستقبل يومياً نحو 200 ألف زائر. كان عدد كبير منهم يقصد سطح البرج الجنوبي الذي أتاح لأهالي نيويورك أن يروا مدينتهم كما لم يحلموا بها من قبل. رؤية على امتداد 64 كيلومتراً في كل اتجاه. "أراد الإرهابيون خطف الأنظار... فقرروا أن يغيروا خطوط الأفق النيويوركي إلى الأبد"، تقول ميزا 29 عاماً التي تعمل في احد مصارف المدينة.
لا شك في أن اعتداءات11 ايلول غيرت صورة هذا الأفق لا في أعين سكان المدينة فحسب، بل في نظر الكثيرين حول العالم ممن قدمت لهم هوليوود على مر السنين مشهد البرجين علامة شبه حصريّة للمدينة.
وكما في أفلام هوليوود، يقسم العالم في نظر العديد من شباب نيويورك إلى فئتين: فئة الأخيار وفئة الأشرار. وهم وإن كانوا اليوم أكثر متابعة لأحداث العالم، إلاّ أن نظرتهم التي يلعب الإعلام الأميركي دوراً رئيساً في تشكيلها، لا تزال تفتقد إلى حد أدنى من العمق الثقافي الذي يتطلبه فهم أقل مشكلات الشرق الأوسط تعقيداً.
ويقول تايلر "أعتقد بأننا كنا نعيش داخل فقاعة. اليوم فقط صرت أدرك مدى ارتباطنا بسائر العالم وأنا آسف لكل الذين اضطهدهم صدّام حسين وأشعر بأن من واجبنا كقوة عظمى أن نحمي المظلومين".
وفي الحديث عن الإرهاب في نيويورك، تختلط الأمور... ويقبع في خندق "الإجرام" مقاتلو أفغانستان ومجاهدو فلسطين و"فدائيو صدّام". وتعتبر هيذر، وهي مدرّسة وتبلغ من العمر 28 عاماً "هذه المجموعات مترابطة ومتداخلة".
أما روكو، سائق الباص، فيذهب الى أبعد من ذلك اذ يخبرك عن سبب اختيار الإرهابيين تاريخ الحادي عشر من ايلول. "في مثل ذلك اليوم في الماضي، أبرمت الولايات المتحدة اتفاقاً مع اليهود... وهم منفذو الاعتداء لا يريدوننا أن نساعد اليهود. ألا تسمعين بالتفجيرات في إسرائيل؟ لذلك هم يكرهون أميركا!". ويتابع روكو وعلامات الأسى الصادق بادية على وجهه: "لماذا يكرهون الفرح... لماذا يكرهون الحرية؟ أنا لا أفهم".
تغادر الجزيرة الجميلة وشبابها البسطاء. تودع الفراغ الهائل في سمائها وتتجه إلى أقرب مطار. هناك تخلع حذاءك وتنتظر دورك في طابور المسافرين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.