احتفلت دول كثيرة باليوم العالمي للقابلة القانونية La sage femme المصادف هذا الشهر. وهذه المهنة كما تقول رئيسة "تجمع القابلات القانونيات في كيبك" سيلين لومي هي "الأقدم في التاريخ، تزامن ظهورها مع حواء وعرفتها جميع الأمم والشعوب قديماً وحديثاً". وهي الى اليوم لا تزال تمارس في المستشفيات والمراكز الطبية. اما في بعض المجتمعات العربية، لا سيما في الأرياف، فقد عرفت القابلة القانونية ب"الداية" التي كان تنفرد بعمليات الولادة بالطرق التقليدية القديمة. اما البواعث التاريخية لظهور هذه المهنة فتعود الى اعتبارات عدة بينها العادات والتقاليد والوازع الديني والأخلاقي والاجتماعي حتى اليوم يفضل بعض النساء الحوامل او ازواجهن اجراء الولادة على يد قابلة قانونية من منطلق العفة او الخجل او تحريم الكشف على المرأة من الأطباء الرجال، وتخلف وسائل العناية الصحية وعدم توافر الأعداد الكافية من الأطباء المختصين وندرة الوسائل والعلاجات والمستشفيات والمختبرات والأجهزة التكنولوجية الحديثة. تجارب واعدة وتؤكد المعلومات الطبية ان القابلات القانونيات يشكلن اليوم جزءاً لا يتجزأ من النظام الصحي الوطني والعالمي. وتعترف الدول بشرعية وجودهن وحقهن في مزاولة اعمالهن تماماً كالأطباء الاختصاصيين، ولهن معاهد خاصة بعلوم التوليد يتخرجن منها بشهادات معترف بها رسمياً. والإقبال على بيوت الولادة يزداد عاماً بعد عام، ففي دول اوروبا الغربية تتم اكثر من 75 في المئة من الولادات على ايديهن. كما يشير "معهد الإليانس للنساء الأميركيات" الا ان هناك خمس دول هي صاحبة المعدل الأدنى في الوفيات بين المولودين الجدد والأقل استعمالاً للوسائل التكنولوجية الحديثة، تؤمن اكثر من 70 في المئة من مجموع الولادات في العيادات الخاصة بالقابلات القانونيات. وفي الولاياتالمتحدة تؤكد "الجمعية الوطنية للنساء الحوامل" انه حتى عام 1847 كانت جميع الولادات حكراً على القابلات القانونيات. وبين عامي 1910 و1920، وهي الفترة التي كانت فيها المرأة الأميركية محرومة من حق الانتخاب، كانت الولاياتالمتحدة تشهد حملة تشهير واسعة بالقابلات بحجة عدم اهليتهن المهنية والعلمية. ويبدو ان تلك الحملات لاقت استجابة كبيرة من المجتمع الأميركي إذ لم يتعد معدل الولادات حينها في بيوت التوليد اكثر من واحد في المئة. وهذه النسبة استمرت على حالها حتى مطلع الستينات. وبعد عام 1970، تشير احدى الدراسات الصادرة عن "الجمعية الوطنية الأميركية" الى تزايد الإقبال على بيوت التوليد بشكل لافت، ربما لتأسيس اول معهد للقابلات القانونيات الذي اضفى على ما يبدو، مزيداً من الثقة والمصداقية المهنيتين. فزاد تبعاً لذلك معدل الولادات من 20 ألفاً عام 1975 الى 200 ألف عام 1994. وفي بعض المقارنات تذكر الدراسة انه في 1994 انجزت القابلات القانونيات 6944 ولادة خارج المستشفيات، وأن الفحص الطبي والمخبري للأمهات وأطفالهن اكد سلامة تلك العمليات، وألمح الى ان نتائجها ربما كانت افضل من التي يقوم بها الأطباء الاختصاصيون. اما الحالات الصعبة التي كانت تتطلب اجراء جراحات قيصرية فكانت نسبتها 12 في المئة مقارنة بالمعدل العام الأميركي البالغ 21 في المئة. وتلفت الدراسة ايضاً الى حدة التنافس بين القابلات والأطباء وتدخلها في دائرة المشاريع الرابحة البزنس. ومما جاء فيها "ان ملايين الزيارات تقوم بها النساء الحوامل سنوياً الى عيادات الأطباء ليبلغ معدل الكلفة للمرأة الواحدة نحو 8 آلاف دولار ما يعني ان الأطباء يخسرون مبالغ كبيرة في كل مرة تذهب فيها الحوامل الى عيادات القابلات، بلغ عدد هؤلاء في الولاياتالمتحدة حتى عام 2002 نحو عشرة آلاف قابلة. اعتراف رسمي اما في كندا فتشير سيلين لومي، رئيسة تجمع القابلات القانونيات، في مقابلة نشرتها صحيفة "لا برسا" المونتريالية في اليوم العالمي للقابلة القانونية الى ان مقاطعة كيبيك اعترفت رسمياً بهذه الأخيرة عام 1999، علماً ان هذه المهنة كانت تمارس فيها منذ زمن طويل. وفي هذا العام انشئت "جامعة كيبيك في تروا ريفيير" خصيصاً لتخريج القابلات القانونيات، ومدة الدراسة فيها اربع سنوات تنتهي بشهادة "ليسانس". وتخرّج منها حتى اليوم فوجان يعمل افرادهما في بيوت الولادة عددها حالياً ستة وتؤمن 250 ولادة في السنة، اما السماح لهن بالعمل داخل المستشفيات فما زال مشروع قانون ينتظر صدوره في الصيف المقبل على حد تصريح وزير الصحة. وخلافاً للولايات المتحدة الأميركية، فإن جميع الولادات في كندا سواء حصلت في المستشفيات ام في دور التوليد هي مجانية لكل مواطنة تحمل بطاقة الضمان الصحي علاوة على منح المولود الجديد مساعدة مالية سنوية تستمر الى بلوغه السن القانونية 18 عاماً.