يقدم الرئيس ياسر عرفات السبت المقبل مرشحه لمنصب رئيس الوزراء الفلسطيني امام المجلس التشريعي الفلسطيني للمصادقة على تعيينه، وذلك بعد استكمال الاجراءات القانونية والدستورية لاستحداث المنصب. وقالت مصادر فلسطينية ل"الحياة" ان المرشح الأوفر حظاً لاشغال هذا المنصب هو امين سر اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية محمود عباس ابو مازن، مشيرة في الوقت ذاته الى امكان ان يترك الرئيس هذه المسألة للتداول ولو لبعض الوقت في ظل الظروف الاقليمية والدولية الراهنة. بعد اسبوعين من اعلان الرئيس ياسر عرفات رسميا امام ممثلي اللجنة الرباعية، باستثناء الولاياتالمتحدة، موافقته على تعيين رئيس وزراء فلسطيني، دعا عرفات اعضاء المجلس المركزي لمنظمة التحرير والمجلس التشريعي الى الاجتماع في رام الله لاقرار الصيغ الدستورية والقانونية لاستحداث هذا المنصب الذي لم يرد في القانون الاساسي الدستور او مواثيق وقوانين منظمة التحرير. وأكد نبيل ابو ردينة مستشار الرئيس الفلسطيني للصحافيين امام مقر الرئاسة في رام الله ان المجلسين سينعقدان في الفترة ما بين الثامن والثاني عشر من الشهر الجاري، مشيرا الى ان القيادة الفلسطينية اتخذت "البروتوكولات" اللازمة لعقدهما، في اشارة على ما يبدو الى طلب قالت مصادر اسرائيلية ان السلطة الفلسطينية تقدمت به لاسرائيل للسماح لأعضاء المجلسين الذين يزيد عددهم عن 200 الوصول الى رام الله والمشاركة في الاجتماعين المنفصلين والمتتابعين. وأعرب ابو ردينة عن أمله بألا تمنع سلطات الاحتلال الاسرائيلي وصول الاعضاء المعنيين، موضحا ان المجلسين سيعقدان اجتماعهما "بكامل الأعضاء" لابداء الرأي والنقاش الحر. وفي الوقت الذي امتنع فيه مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون عن اصدار رد بهذا الخصوص، نقلت وسائل الاعلام عن مصادر سياسية اسرائيلية انها ستسمح بوصول اعضاء المجلسين الفلسطينيين شرط الا يكون في عدادهم من تعتبرهم ضالعين في اعمال مسلحة ضدها. وكانت حكومة شارون رفضت السماح لعدد من نواب المجلس التشريعي القاطنين في محافظات قطاع غزة من المشاركة في جلسة له قبل اسابيع. ومن المقرر ان يقر المجلس المركزي استحداث هذا المنصب بصفته المؤسسة الاعلى في منظمة التحرير التي ابرمت اتفاقات اوسلو مع اسرائيل. ويتألف المركزي من 128 عضوا، منهم 86 عضوا في الضفة الغربية وقطاع غزة، فيما يتألف المجلس التشريعي الفلسطيني، وهو بمثابة برلمان للفلسطينيين في الاراضي المحتلة عام 1967 من 88 عضواً. ويستعد التشريعي الى ادخال تعديل على قانونه الاساسي يشمل استحداث منصب رئيس الوزراء بعد ان يطرح الرئيس نفسه اسم الشخصية التي يرشحها لهذا المنصب للتصويت على منحها ثقة اعضاء المجلس. ويتوقع ان يحدد في هذه الاجتماعات صلاحيات رئيس الوزراء ومرجعيته العليا ان كانت للرئيس فقط او المجلس التشريعي والرئيس معا. ومعلوم ان اسرائيل والولاياتالمتحدة رفضتا التعامل مع الرئيس الفلسطيني منذ اكثر من عام، ودعتاه الى استحداث هذا المنصب بهدف تحجيم صلاحيات عرفات في حال واشنطن والى ازاحته وفقاً لما تريده اسرائيل التي ترى في الحرب المرتقبة على العراق اجواء مواتية لتنفيذ مخططاتها بهذا الشأن. ورجح عدد من نواب المجلس التشريعي المشكل في غالبيته من اعضاء حركة "فتح" ترشيح ابو مازن للمنصب الجديد. واشار هؤلاء الى ان "لا احد يعلم بعد بفحوى الورقة التي ما زال الرئيس يحتفظ بها في جيبه حتى اللحظة الاخيرة". وكانت اسرائيل تولت من ذاتها ترشيح وزير المال سلام فياض لهذا المنصب، غير ان الاخير اكد ل"الحياة" انه غير معني بإشغاله. وبدا ان القيادة الفلسطينية تسرع من خطاها باتجاه تنفيذ طلبات اللجنة الرباعية في شأن الاصلاحات وما تنص عليه خطة "خريطة الطريق"، في سباق مع الزمن تحت ضغوط دولية اوروبية اساسا لاستباق تداعيات الحرب ضد العراق على القضية الفلسطينية. وفي هذا الشأن، كشف وزير المال الفلسطيني التفاصيل الكاملة لاستثمارات السلطة الفلسطينية واعمالها التجارية المقدرة بما يزيد عن 600 مليون دولار، مقسمة على 79 استمثارا تجاريا وحساباته البنكية المقدرة بنحو 73 مليون دولار. ووزع في مؤتمر صحافي عقد في القدس التقرير الذي يحصر الموجودات والنشاطات التجارية والاستثمارية الخاصة والذي اعده فريق من المتخصصين لصالح صندوق الاستثمار الفلسطيني - الشركة القابضة التي انشئت اخيراً لدمج اموال السلطة واوصولها. ونفى فياض ان تكون السلطة تدخلت في اعداد هذا التقرير، مؤكدا في الوقت ذاته ان الخطوات الاصلاحية المالية نفذت بناء على تعليمات من الرئيس الفلسطيني نفسه. وقال ان هذه الاموال ليست للرئيس بل للدولة، كاشفاً انه تم تحويل 30 مليون دولار من ارباح الشركات والاستثمارات لخزينة الدولة كباقي الأموال العامة. ويأتي اعلان تفاصيل هذا التقرير جزءاً من سياسة "الشفافية" التي تعهدت السلطة الفلسطينية ووزارة المال تحديداً باتباعها في ما يخص الاموال العامة. ولفت فياض الى ان وزارة المال لن تسمح للأجهزة الأمنية الفلسطينية باقتطاع نسب من ارباح الشركات والاستثمارات لصالحها في رده على ما تردد عن هذا النهج داخل السلطة الفلسطينية في السنوات الاخيرة. ورحب المبعوث الروسي الخاص للشرق الاوسط اندريه فيدوفين بخطوات الرئيس الفلسطيني، مشيراً إلى انها "سليمة وفي الاتجاه الصحيح وتنسجم تماما مع خريطة الطريق"، مؤكدا ان هذه الخطة تتضمن "التزامات على الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي". وصرح عقب لقائه عرفات: "لم نبحث في الثلوج ولا بداية الربيع، بل في الوضع الذي يزداد صعوبة يوما بعد يوم. نحن لسنا من انصار القوة لا في العراق ولا هنا بالنسبة الى الوضع الفلسطيني. لا شيء يبرر الحل العسكري وهناك ضرورة واصرار على الحل السياسي من خلال تعاون العراق مع المفتشين الدوليين ... لكن مهما كان الوضع متأزما في العراق، يجب عدم تجاهل القضية الفلسطينية. هنا ايضا الوضع خطير ويستدعي قرارات حكيمة وشجاعة وقرار عرفات تعيين رئيس وزراء قرار سليم"، مضيفا ان هذا القرار "خطة نوعية".