لزينب 30 سنة تجربة حول انتهاك خصوصيتها تقول عنها: "طالت فترة خطوبتي أكثر مما يجب، ناهزت العامين، بدأت أسرتي تشعر بالتململ. حاول اسامة 33 سنة خطيبي طوال هذه الفترة البحث عن شقة مناسبة من دون جدوى، فأسعار الشقق واصلت ارتفاعها وابتلعت التجهيزات من أثاث وأجهزة كهربائية معظم مدخرات خطيبي، وبدأت أشعر بالضيق وخصوصاً كلما وجدت صديقاتي يتزوجن الواحدة تلو الأخرى. كنت أشعر بعدم الارتياح كلما سمعت كلمة عقبالك وبدأت أخشى أن تنطفئ جذوة الحب تجاه شريك حياتي، فقررنا الاسراع بعقد القران والسكن مع اسرة اسامة إلى أن يحين الوقت الذي يستطيع فيه تدبير الشقة المناسبة. أسرة اسامة مكونة من أم مسنة، ربة منزل تجاوزت الخامسة والخمسين من عمرها وشقيق أصغر يبلغ من العمر ثلاثين عاماًَ يعمل محاسباً في إحدى شركات المقاولات، كان الاختيار صعباً، لكنه بدا افضل من العيش معلقة في الهواء كما يقولون. عُقد القران، وسافرت معه لقضاء اسبوع في الغردقة، عدنا لنحاول العيش كزوجين وسط أسرة زوجي، أعتدنا أن نعود أنا وزوجي في الخامسة مساء كل يوم من العمل، أتناول الطعام الذي تعده لي "حماتي" التي لم تكن تقبل أن أشاركها في طهيه، فالمطبخ بالنسبة إليها مملكة يجب ألا يشاركها فيها أحد حتى لو كانت زوجة ابنها، عرضت المساعدة مراراً لكن الإجابة كانت "متحفظة" أحياناً و"جافة" أحياناً أخرى. ويا ليت الأمور وقفت عند هذا الحد، بدأت أشعر بأن العيون تلاحقني، لم أكن استطيع ارتداء الملابس التي تريد كل "عروس" ارتداءها لزوجها، إلا في غرفة النوم فقط، ولم يكن مستساغاً أن أخرج خارج الغرفة السجن وأنا ارتدي هذه الملابس إلا ووجدت نظرات الدهشة ترتسم في عيني حماتي وشقيق زوجي، ألست أنا "عروسة" تريد الاستمتاع مع زوجها في بداية حياتهما الزوجية. وطوال المدة التي اقضيها خارج البيت كان باب الغرفة مفتوحاً، لم يكن مقبولاً أن أغلقه على خصوصياتي، وشعرت بأن حماتي، بحجة تنظيف الغرفة، تقلّب ملابسي الخاصة وتستخدم أحياناً العطور ومساحيق الوجه التي احتفظ بها في غرفتي، وهذه ليست هواجس بل حقائق تأكدت منها عندما وجدتها تسألني أسئلة محددة عن مقتنياتي. اعتدنا أن ندخل غرفتنا أنا وزوجي في العاشرة مساء نشاهد التلفزيون الذي نحتفظ به في الغرفة. في أحد الأيام رن جرس الهاتف في الحادية عشرة. كان خال زوجي، فتحت حماتي الباب ودخلت علينا من دون استئذان فشعرت بغصة في حلقي، ورأيت خصوصيتي تنهار أمام عيني، لم أحتمل هذا الموقف، طلبت منها أن تحترم خصوصيتي وتطرق الباب قبل اقتحام الغرفة، عندها نزل عليها حديثي مثل الصاعقة، فانفعلت وبدأ الكلام الحاد ينهمر من شفتيها، حاول زوجي تهدئة الموقف لكنها لم تستجب، قالت الكثير، ولكن ما علق بذهني عبارة "هذا بيتي يا هانم"، لم احتمل هذه العبارة وأجهشت بالبكاء، تركت المنزل في الصباح كالعادة، وعدت في المساء. ألقيت التحية عليها فلم تجب اعتذرت منها وسارت الحياة بيننا شديدة التحفظ والجمود. اعتدت أن أسمع تعليقاتها الجارحة كل يوم، فتارة تتحدث عن الحمل الذي لم يحدث خلال الأشهر الخمسة الأولى من الزواج، وطوراً تتحدث عن "مكياجي الصارخ" بالنسبة إليها، وكنت أسمع منها عبارات جارحة كلما طالت المكالمات الهاتفية التي كنت أجريها، وعرفت من طريق المصادفة أنها تبلغ زوجي يومياً بتحركاتي متى غادرت المنزل، ومتى عدت إليه، من اتصل بي هاتفياً وما الأشياء التي كنت أحملها عند عودتي الى المنزل؟ بدأت أشعر بأن حماتي تحصي نظراتي وابتساماتي وكلماتي حتى أنفاسي، لم أكن أشعر بأن من اليسير استقبال ضيوف لي في المنزل. كيف يمكن أن أتحدث معهم بصراحة وحماتي تشارك كل ضيوفي مجلسهم؟ تساءلت أين ذهبت خصوصيتي؟ إنهار حلمي شأني شأن كل الفتيات في التمتع بالحرية بعد أن أترك بيت الأسرة، حلم الحرية والاستقلال وبناء الحياة الخاصة الذي يراود كل فتاة، لقد أصبحت ضيفاً غير مستحب في منزل فيه سيدة أخرى غيري. ضحيت بالخصوصية في سبيل إتمام مشروع الزواج المتعثر وها أنا أدفع الثمن الذي يبدو إنني سأظل أدفعه لفترة طويلة، وكما قالت لي والدتي "الاحتمال هو خير سبيل"، لأن البديل صعب وهو العودة مرة أخرى الى بيت أسرتي ولكن مطلقة!! أخشى أن أفقد زوجي الذي بدأ يشعر بالضيق كلما احتدمت أزمة العلاقة مع حماتي، قال لي يوماً "تزوجت حتى أرتاح لكنني لم أجد راحة".