يزيد عدد الوفيات الناتجة من سوء التغذية في صفوف الأطفال على عدد الوفيات التي تسببها الحروب والكوارث الطبيعية. وفي كل سنة، يفقد سبعة ملايين طفل حياتهم من جراء سوء التغذية، كما يفيد تقرير منظمة اليونيسف. وبخلاف ما هو شائع، يصيب سوء التغذية الطفل النحيل والبدين على حد سواء. ولا يستثني سوء التغذية أطفال البلدان الصناعية التي نجحت في وقف انتشار الأوبئة، وخفضت نسبة وفيات الأطفال، ووفرت عناية صحية وتعليمية لجميع شرائح مجتمعها. ويعاني ثلاثة عشر مليون طفل في الولاياتالمتحدة من سوء التغذية، وتنفق الأسر المحتاجة في فرنسا ربع دخلها لتأمين الغذاء لأفرادها من دون أن تنجح في درء سوء التغذية عن أطفالها. ومنع المعلنون الفرنسيون من عرض دعايات تظهر أطفالاً يتناولون الأطعمة السريعة التي تسهم في بدانتهم. وقام مطعم "ماكدونالدز" بحملة تدعو الأهل إلى عدم اصطحاب أولادهم إلى فروعه أكثر من مرة أسبوعياً. وفي لبنان، يتعرض عدد كبير من الأسر لمشكلات صحية نتيجة العجز عن تأمين غذاء متكامل في نهاية الربع الأخير من كل شهر. وتقول سعاد، ربة أسرة في الخمسين من العمر، ولها ولدان في سن المراهقة، ان وجبات الغذاء التي تعدها لأولادها تقتصر على الفول والحمص وغيرهما من الحبوب في الأيام الأخيرة من كل شهر، أي قبل حصول زوجها على راتبه. وتذهب ربيعة، أم لثلاثة أطفال، إلى أنها تشتري لحم البقر مرتين في الشهر فقط، وإلى أنها تقصد ضاحية بيروت لتحصل عليه بكلفة تقل عن تلك الموجودة حيث تقيم. وعلى غرار الكثير من الأمهات، تشكو ريما، ربة منزل، ولها طفلان، من إصرار ولديها على تناول البطاطا المقلية والهامبرغر يومياً، ومن رفضهما تناول الخضار والفاكهة. تغير العادات الغذائية وفي حين كان انتشار البدانة الناتجة عن تناول ما يعرف بالأطعمة السريعة من لحوم وبطاطا مقلية مقتصراً على البلدان "الصناعية والحديثة"، باتت البدانة وباء عالمياً، كما يرد في تقرير منظمة الصحة العالمية. وتعزو المنظمة زيادة نسب بدانة الأطفال والراشدين في أنحاء الكرة الأرضية المختلفة، بدءاً بأفريقيا ومروراً بالشرق الأقصى وشبه الجزيرة العربية ووصولاً إلى أميركا وأوروبا واستراليا، إلى تغير العادات الغذائية في المدن، وإلى نمط العمل المكتبي الذي لا يعتمد على الجهد الجسدي. فسكان المدن يجمعون قلة الحركة والمشي إلى تناولهم طعاماً تكثر فيه الدهون، وإلى استهلاكهم كميات كبيرة من السكر. ويعرف أخصائيو التغذية البدانة بزيادة وزن المرء ثلاثين كيلوغراماً عن الوزن الذي يفترضه طوله. ووفقاً لمنظمة الفاوو تبلغ معدلات البدانة في تونس 42 في المئة، وفي المملكة العربية السعودية 33 في المئة، وفي الكويت 37 في المئة، وفي إيران 40 في المئة، وفي مصر 33 في المئة، وفي الولاياتالمتحدة 31 في المئة، وفي البرازيل 19 في المئة. مرض السكر واليوم يعاني كثير من الأطفال في البلدان العربية من نوع من مرض السكر الذي كان يصيب الراشدين فقط قبل ثلاثة عقود. ويعتبر أطباء الصحة تناول الشوكولا والسكاكر سبباً لظهور السكر في صفوف الأطفال. وغالباً ما تكون آثار ارتفاع نسبة السكر بين الصغار والمراهقين وخيمة. فتتدنى معدلات توقع الحياة بين المصابين خمسة عشر عاماً عن مثيلاتها بين الأطفال الأصحاء. وبدأ عدد من المدارس اللبنانية بنشر وعي صحي بين الصغار. فتشمل دروس العلوم فصولاً عن الأطعمة الصحية وفوائدها وعن الأطعمة المضرة بالصحة. وفي حصص الأشغال اليدوية، يقوم الأطفال بصناعة لوحة تظهر سلة نفايات تحتوي على الشيبس والشوكولا والمشروبات الغازية. وبخلاف إدراج التوعية الصحية في البرنامج الدراسي، اكتفى عدد من المدارس بمنع بيع المشروبات الغازية التي تكثر فيها نسبة السكر في مقاصفها، وأجبر الأولاد على تناول عصير الفاكهة الطازجة.