تراجع الذهب إلى 3383 دولارًا للأوقية    استشهاد 11 فلسطينيًا في قصف إسرائيلي شمال وجنوب قطاع غزة    وزير الشؤون الإسلامية يصل المغرب ومندوب الشؤون الإسلامية المغربي في استقباله    عمدة كييف: مقتل شخصين على الأقل إثر سقوط حطام طائرات مسيرة في المدينة    68.41% من الموظفات الجامعيات حصلن على تدريب عملي    إنفاذًا لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد.. بدء عملية فصل التوأم الطفيلي المصري محمد عبدالرحمن جمعة    "زين السعودية" تحقق نمو في صافي أرباحها بنسبة 39.5% للربع الأول من العام 2025م    وزير الصناعة والثروة المعدنية يبحث الفرص المشتركة في صناعتي الطيران والأقمار الصناعية مع قادة شركة "إيرباص"    مؤتمر للأبحاث الصيدلانية والابتكار    رفع الوعي المجتمعي حول الصدفية والتهاب الجلد التأتبي    مسيرات "الدعم السريع" تصل بورتسودان وكسلا.. حرب السودان.. تطورات متلاحقة وتصعيد مقلق    ميليشيا الحوثي تدفع البلاد نحو مزيد من التصعيد .. ضربات إسرائيلية متتالية تعطّل مطار صنعاء    قصف عنيف بين الهند وباكستان عند خط المواجهة في كشمير    خالد بن سلمان يبحث مع بن بريك مستجدات الأوضاع في اليمن    في ختام الجولة ال 30 من دوري روشن.. كلاسيكو يجمع النصر والاتحاد.. ومهمة قصيمية للهلال والأهلي    في إياب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا.. سان جيرمان يأمل بضم آرسنال لضحاياه الإنجليز    في ختام الجولة 32 من دوري" يلو".. النجمة للاقتراب من روشن.. والحزم يطارده    كبير آسيا    ولي العهد موجهًا "الجهات المعنية" خلال ترؤسه جلسة مجلس الوزراء: العمل بأعلى درجات الكفاءة والتميز لخدمة ضيوف الرحمن    التعليم عن بعد في متناول الجميع    تسري أحكام اللائحة على جميع الموظفين والعاملين.. إجازة "فحص المخدرات" بما يتناسب مع طبيعة العمل    أمانة جدة تضبط 9.6 أطنان من الغذاء الفاسد    المرور: الالتزام بقواعد السير لحياة أكثر أمانًا للجميع    «متلازمة داون».. تمكين ومشاركة مجتمعية    8.4 مليار تمويل سكني    هل الموسيقى رؤية بالقلب وسماع بالعين ؟    أزمة منتصف العمر    اغتيال المعلّم بدم بارد    موقع حائل الاستراتيجي ميزة نسبية يجذب الاستثمار    المرأة السعودية تشارك في خدمة المستفيدين من مبادرة طريق مكة    "صحي مكة" يقيم معرضاً توعويًا لخدمة الحجاج والمعتمرين    «طريق مكة» تجمع رفيقي الدرب بمطار «شاه» الدولي    الرياض تستضيف النسخة الأولى من منتدى حوار المدن العربية الأوروبية    دشن مرحلة التشغيل الفعلي لمشروع النقل العام.. أمير تبوك: القيادة الرشيدة حريصة على تعزيز جودة الحياة واحتياجات المجتمع    إصابات الظهر والرقبة تتزايد.. والتحذير من الجلوس الطويل    ..و مشاركتها في معرض تونس للكتاب    «سفراء» ترمب في هوليوود    "البحوث والتواصل" يشارك في المنتدى الصيني - العربي    «فيفا» يصدر الحزمة الأولى من باقات المونديال    «أخضر الصالات» يعسكر في الدمام    القادسية بطل المملكة للمصارعة الرومانية    تتويج فريق الأهلي ببطولة الدوري السعودي للمحترفين الإلكتروني eSPL    فيصل بن مشعل: منجزات جامعة القصيم مصدر فخر واعتزاز    أمير الرياض يستقبل سفير إسبانيا    أمير الجوف يزور مركزي هديب والرفيعة    اتفاقيات بالعلا لتدعيم السياحة    الحوثي يجر اليمن إلى صراع إقليمي مفتوح    القيادة.. رمانة الميزان لكلِّ خلل    بيت المال في العهد النبوي والخلافة الإسلامية    ولي العهد.. عطاء يسابق المجد    بحضور وزير الرياضة .. جدة تحتفي بالأهلي بطل كأس النخبة الآسيوية 2025    منح البلديات صلاحية بيع الوحدات السكنية لغير مستفيدي الدعم السكني    الداخلية: غرامة 100 ألف ريال لنقل حاملي تأشيرة الزيارة إلى مكة ومصادرة وسيلة النقل المستخدمة    رشيد حميد راعي هلا وألفين تحية    الصحة النفسية في العمل    حكاية أطفال الأنابيب «3»    وزير الدفاع يلتقي رئيس مجلس الوزراء اليمني    أمير منطقة تبوك يرعى حفل تخريج طلاب وطالبات جامعة فهد بن سلطان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وزير الخارجية العراقي ل"الحياة": لا أفغنة ولا لبننة و"جيش المهدي" سينزع سلاحه وإن بالقوة
نشر في الحياة يوم 17 - 10 - 2003

اعتبر وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري ان ما يحدث في مدينة الصدر في بغداد "غير مشجع"، مشيراً الى وجود تعليمات صارمة بمنع حمل السلاح غير المرخص، ومؤكداً ان "جيش المهدي سيُنزع سلاحه" ولو بالقوة. واستبعد في حديث الى "الحياة" سيناريوات الأفغنة او اللبننة في العراق، وتحدث عن "ضوابط" لنشر القوات التركية مشدداً على ان "العراقيين يرفضون أي وصاية".
ورأى زيباري ان وراء التفجيرات والاغتيالات والعمليات الانتحارية "بقايا البعث" و"مجموعات اسلامية متطرفة" مثل "القاعدة" و"انصار الاسلام" و"جماعة التكفير والهجرة" و"الجماعة الاسلامية" مؤكداً السعي الى "تحجيم المتطرفين". ووصف تلك العمليات بالارهاب، موضحاً ان البحث في مسألة المقاومة يصبح وارداً اذا بقيت قوات "التحالف" فترة طويلة في العراق. كما وصف الحرب بأنها كانت "مبررة واخلاقية، تأخرت كثيراً"، لافتاً الى ان القبول بإبقاء قواعد عسكرية اميركية بعد انهاء الاحتلال "مسألة تبتّها الحكومة المنتَخَبة". وتحدث عن "مزايدات" في صفوف الشيعة، وقال ان اميركا "تريد سحب قواتها بأسرع ما يمكن ما ان تمسك السلطة العراقية بزمام الامور". وفي ما يأتي نص الحديث:
مَن وراء التفجيرات والاغتيالات في العراق؟
- هناك فئتان اساسيتان تنفّذان هذه العمليات: الاولى تضم أنصار النظام السابق وبقاياه من القيادات الوسطى لحزب "البعث" وبعض اعضاء التشكيلات الامنية والعسكرية، مثل الحرس الجمهوري الخاص والامن العام والاستخبارات، ولكن ليس هناك قيادة موحدة توجّه العمليات. اما الفئة الثانية فتضم المجموعات الاسلامية المتطرفة، من "القاعدة" و"انصار الاسلام" وجماعة "التكفير والهجرة" والجماعة الاسلامية. هدفها قتال الاميركيين وهي التي تنفّذ العمليات الانتحارية، ولا نعلم الى أي مدى يوجد تنسيق او تفاهم بين الفئتين، لكننا نسعى الى تحجيم المتطرفين.
الحاكم الاميركي بول بريمر تحدث مرات عن "تسلل ارهابيين" من دول عربية وايران. هل هناك أدلة، وكم عدد المعتقلين؟
- استغلت مجموعات سياسية الحدود المفتوحة التي اعتمدتها سلطة "التحالف" في البداية، من أجل تنشيط الوضع الاقتصادي في العراق، وتسللت عناصر من دول مجاورة، بينها ايران وحتى الكويت، وهناك معتقلون من "القاعدة" والتنظيمات الاسلامية في قبضة "التحالف".
بالمئات؟
- نعم.
ما الجديد في التحقيقات المتعلقة بتفجير مقر الامم المتحدة، واغتيال محمد باقر الحكيم، وعقيلة الهاشمي؟
- عناصر من "البعث" اغتالت الهاشمي، اما الشهيد محمد باقر الحكيم فاغتياله كان عملية معقّدة خُطط لها بعناية. وهناك مؤشرات الى تورط مجموعات متطرفة ارادت اشعال نار فتنة طائفية. هذه المجموعات قد تكون ايضاً ضالعة بتفجير مقر الامم المتحدة، ونشكّ في وجود تنسيق بينها وبين النظام السابق.
ألا يعتبر استمرار التفجيرات والهجمات على قوات "التحالف" فشلاً للاستراتيجية الاميركية؟
- مجلس الحكم قدّم مذكرة الى قيادة "التحالف" فحواها ان السيطرة على الوضع الامني لن تتحقق بجلب مزيد من القوات او نشر قوة متعددة الجنسية، وأن الوسيلة الوحيدة هي تحمّل العراقيين المسؤوليات الامنية، لأنهم أدرى بطبيعة شعبهم وطبيعة التهديد الذي يشكّله انصار "البعث". الهجمات تتزايد على قوات "التحالف" ومنشآت البنية التحتية، كما تزداد عمليات التخريب. منذ البداية لم يُستفد من الطاقات والقدرات العسكرية للقوى السياسية العراقية لملء الفراغ الامني بعد انهيار النظام، اي في الفترة الحرجة. اخيراً بدأت مراجعة افكار لإشراك عراقيين في ضبط الوضع الامني، ومن ذلك اعادة بناء الشرطة وتأسيس الجيش، وبينهما نحتاج الى قوة ثالثة مثل الدرك لتكون لها مرونة اوسع في التعامل مع الوضع. وأبدت كل القوى استعداداً لوضع قدراتها بتصرف وزارة الداخلية.
"جيش المهدي" و"الميليشيات"
في مدينة الصدر ظهر عناصر "جيش المهدي" مسلحين، الا تعتقد بأن هذه الخطوة تضيف مزيداً من التعقيدات للوضع؟
- حدثت مشاكل من هذا النوع، والتوجه العام لسلطة "التحالف" هو رفض وجود ميليشيات خاصة. في النجف وكربلاء عولجت حالات من ذلك النوع بالتفاهم، وما حدث في مدينة الصدر غير مشجع، لكن هناك تعليمات صارمة لدى الشرطة وقوات "التحالف" بنزع الاسلحة غير المرخصة.
وهل يُنزع سلاح "جيش المهدي" بالقوة؟
- بالتأكيد، وحصل أمر مماثل لدى محاولات تنظيم تظاهرات مسلحة في النجف وكربلاء، فأخفي السلاح.
اذاً، تؤيدون نزع السلاح من الجميع ومنع الميليشيات؟
- نحن مع حظر الميليشيات الخاصة، وهناك حركات مثل "مجاهدين خلق" الايرانية وحزب "العمال الكردستاني" غير مسموح لها بحمل السلاح، اما القوات الكردية فاستثنيت في هذه المرحلة التي تشهد دمجها في الجيش او قوى الامن.
هل هناك معلومات عن القياديين المعتقلين من رموز النظام السابق، واين ترجحون وجود صدام حسين وعزت ابراهيم؟
- المعلومات المتوافرة تفيد بتنقل صدام بين سامراء والبيارة جنوب الموصل، على ضفاف نهر دجلة، ونعتقد بأن اعتقاله مسألة وقت، وهو لا يسيطر على العمليات التي تنفّذ ضد الاميركيين، ففي بعض المناطق ظهرت قيادات محلية توجهها. اما الدوري فكان في الموصل ويعاني مشاكل صحية وأفلت من الاعتقال مرتين. اما القياديون المعتقلون فهم محتجزون في خيم قرب مطار بغداد، وظروفهم تعيسة جداً. خضعوا للتحقيق، ومجلس الحكم يعتقد بضرورة مثولهم امام محكمة عراقية لمحاكمتهم على الجرائم التي ارتكبوها، فهذا سيكون رادعاً لعناصر ما زالت تحلم بعودة النظام السابق.
ألا ترى ان هناك صدقية للرأي القائل ان من مصلحة واشنطن ابقاء صدام طليقاً، كما فعلت مع اسامة بن لادن، لانها في حاجة الى عدو، لاستكمال الحرب على الارهاب؟
- لا اوافق على هذا الطرح، فأميركا تريد اعتقال صدام ومحاسبته على جرائمه، والشعب العراقي لن يرتاح الى ان يرى هذه النهاية.
مجلس الحكم مع محاكمته في العراق ام اميركا؟
- مع محاكمة صدام، وكل اركان نظامه في العراق، اكرر ان اعتقاله مسألة وقت. فلنتذكر ان اعتقال علي حسن المجيد مثلاً كان مصادفة في منطقة سامراء، اذ ان الذين أوقفوه لم يعرفوه في البداية، وسلوكه الغريب هو الذي اوقعه في المصيدة خلال حملة تمشيط لم تكن تستهدفه.
نشر القوات التركية
عارضتم نشر قوات تركية، ثم تركتم الامر لما يقرر "التحالف" انه في مصلحته. وتردد ان هذه القوات لن تتمركز في المناطق الكردية، فهل تعتقد ان انقرة تقبل بذلك؟
- مجلس الحكم اعلن انه لا يؤيد نشر اي قوة من دول الجوار في اطار مهمات حفظ السلام في العراق، لأن لكل دولة أجندتها الخاصة، وهذا ليس من مصلحة الاستقرار في العراق. نعلم ان سلطة الامن هي في النهاية في أيدي "التحالف"، وليس مستعداً لاعطائها حتى للامم المتحدة. وبسبب الخسائر التي تتكبدها القوات الاميركية، سترحب واشنطن بمساعدة من دول حليفة لها تعرض نشر قوات في العراق. واذا تقرر نشر جنود اتراك، ستكون هناك ضوابط منها عدم تمركزهم في الشمال، لكن تأمين الامدادات لهم والتموين يتطلب ممراً من زاخو الى دهوك والموصل، أي عملياً سيكون هناك وجود عسكري تركي على الارض. تجربتنا في كردستان مع القوات التركية غير مشجعة، فهي دخلت سابقاً في مهمات محددة ولم تخرج لدى انجازها. مثلاً، قوات مراقبة وقف النار في المنطقة اثر الصراع الكردي - الكردي ما زالت موجودة في اربيل، على رغم اتفاق السلام الذي وقع في واشنطن بين حزبي طالباني وبارزاني عام 1998. وهناك قوات تركية دخلت اواسط التسعينات بدعوة منا لمكافحة حزب "العمال الكردستاني" في الشريط الحدودي. انتهت المهمة لكن هذه القوات باقية. هذه قرائن على نيّة انقرة، على رغم ضآلة عدد عسكرييها في الشمال 1300 جندي. مهمة القوات التركية الآن ستكون عملياتية، أي يفترض ألا تتدخل في الشؤون الداخلية أو تفرض مواقف سياسية، فالشعب العراقي يرفض الوصاية.
أنتم معنيون اذاً بإبعادها عن مناطق التركمان؟
- عن المناطق التي تشهد مشاكل وحساسيات. المفاوضات ما زالت مستمرة بين مجلس الحكم وسلطة "التحالف" وواشنطن وانقرة، لإيجاد صيغة مناسبة، على رغم تمسكنا بمبدأ رفض نشر قوات من دول الجوار.
الشيعة والحياد السلبي
في رأيك، هل المواجهات مع الاميركيين في مدينة الصدر بداية مرحلة جديدة وبداية تحول في موقف الشيعة، الذي اعتُبر نوعاً من الحياد السلبي ازاء الاحتلال؟
- معظم المرجعيات الدينية للشيعة وقياداتهم السياسية والاحزاب يتفهّم الوضع، وهي ممثلة في مجلس الحكم عبر الوزارات وتتعامل مع التحالف كأمر واقع. ولكن، هناك خيارات اخرى تظهر هنا وهناك وتسعى الى المزايدة على الآخرين، ويبقى الاتجاه العام مع بناء العراق استناداً الى الأسس التي اتُفق عليها، اي بالتفاهم وليس بالصدام والمواجهة ودفع الامور باتجاه مزيد من العنف. هذا كان موقف الشهيد السيد محمد باقر الحكيم.
بكلمة اخرى، مجلس الحكم يعتبر المقاومة غير مشروعة مرحلياً…
- نحن لا نؤيد ما يفعله انصار صدام، ضد "التحالف" او البنية التحتية لتخريبها، مثل نسف انابيب النفط او اغتيال موظفين. هذه العمليات غير مبررة، ونعرف ان هناك احتلالاً للبلد بالمعنى القانوني. القرار 1483 يشير الى ان مهمة قوات "التحالف" تحولت من قوة تحرير الى قوة احتلال. جاءت لمساعدة العراقيين للتخلص من النظام البائد وبناء نظام جديد اي ان مهمتها محدودة وموقتة. واذا ظلت في البلد فترة طويلة، يمكن البحث في مسألة المقاومة. اما الآن فلنعترف بأن ازالة النظام لم تكن لتتحقق من دون دعم اميركا وحلفائها. ان ما يقوم به المتطرفون هو تخريب وارهاب.
ممثل بريطانيا جيريمي غرينستوك قال ان قوات "التحالف" قد تبقى خمس سنوات او عشر سنين في البلد.
- في رأيي، ستكون هناك حاجة الى تفاهم بين العراق الجديد وحكومته الجديدة وقوات "التحالف"، هو الضمان للحفاظ على وحدة البلد وأمنه وبقائه ككيان موحد، وردع اي تهديدات او تدخلات من الجوار. ان الجهة الوحيدة التي يمكنها الآن حماية الامن الخارجي هي قوات "التحالف"، بسبب عدم وجود جيش عراقي. الجيش في مرحلة البناء، ومن المحتمل جداً ان تتوصل الحكومة الى اتفاقات مع "التحالف" طويلة الأمد، ولكن ليس بالشكل الحالي، اي وجود نحو 150 ألف جندي اجنبي، قد يعوّض عن ذلك باتفاقات دفاعية او امنية، وهذا تبته الحكومة التي ستنبثق من انتخابات. اعتقد ان اميركا وبريطانيا تريدان سحب قواتهما بأسرع ما يمكن بعد السيطرة على الاوضاع، وقيام سلطة عراقية تمسك بزمام الامور ودفّة الامن، وعودة الحياة الى طبيعتها.
اذاً، انت ضمناً تؤيد دعوة عضو مجلس الحكم احمد الجلبي الى ابقاء قواعد عسكرية اميركية في البلد، بعد انسحاب الاحتلال؟
- هذا الأمر تقرره الحكومة العراقية المنتَخَبة، وليس من حقنا حسمه. ولكن، الى ان يُشكّل جيش قادر على الدفاع عن الحدود، هناك حاجة الى وجود ما.
الادارة الاميركية تسعى الى اعداد جيش من اربعين الف عسكري، فهل يستطيع حماية حدود بلد بمساحة العراق؟
- هذا العدد مبدئي في المرحلة الاولى، وسيكون الجيش محترفاً لا يعتمد على مجنّدين، مهمته دفاعية ولن يتدخل في الشؤون السياسية، وسيتميز باعتماده التكنولوجيا المتقدمة. كلنا يعلم ان فرقتين ونصف فرقة من الجيش الاميركي هزمتا الجيش العراقي، وأحد اسباب انهياره السريع هو اضعافه على يد صدام.
جيش جديد ينشأ على عقيدة قتالية اميركية، كيف يمكن ان يحمي سيادة بلد هويته عربية؟
- مهمة الجيش ستكون الدفاع عن شعب العراق، وهناك كثير من جيوش الدول العربية تتدرّب على أيدي القوات الاميركية مثل الاردن. الجيش الجديد سيتدرّب على عقيدة عدم الاعتداء على الآخرين، وستكون عقيدة مختلفة جداً، لا تحوّل الهزائم الى انتصارات.
بعد كل الضجيج الذي واكب البحث عن اسلحة الدمار الشامل، وفضيحة انتحار ديفيد كيلي، وفضيحة عميلة ال"سي آي اي" وما سمي في الغرب "الخديعة" كيف تنظرون الى المسألة التي قدمتها واشنطن مبرراً لشن الحرب ولم تعثر على أدلة؟
- لا نحتاج الى أدلة على امتلاك نظام صدام تلك الاسلحة. نحن مقتنعون بأنه طورها واستخدمها ضد شعبه، وفي آب اغسطس الماضي حين ذهبنا الى واشنطن في اطار وفد من المعارضة والتقينا تشيني ورامسفيلد، كان رأي الوفد ان من الخطأ تركيز الادارة على الاسلحة المحظورة، والافضل التركيز على معاناة شعبنا وجرائم النظام السابق ضده. والرئيس جورج بوش في خطابه في ايلول سبتمبر تبنى هذا الموقف. قد يكون صدام دمّر قسماً من اسلحة الدمار الشامل، لكنه أخفى بعضها.
حتى الرأي العام الاميركي ليس مقتنعاً بوجود أدلة على امتلاك العراق قبل الحرب تلك الاسلحة.
- الرأي العام يرى جانباً من الصورة بسبب الاعلام، ونحن العراقيين نعتبر ان الحرب كانت مبررة وتأخرت كثيراً، وكانت اخلاقية بكل معنى الكلمة. فالنظام السابق ارتكب ابشع الفظائع والجرائم، وهناك مئات من المقابر الجماعية التي لم تُفتح بعد، وأطنان من الوثائق.
الدستور والنظام الفيديرالي
اين وصلت مهمة اللجنة التحضيرية لوضع الدستور الجديد؟ وهل الخلافات ستحبط مهمتها؟
- اللجنة الدستورية تولت عملاً جيداً وقدمت اقتراحاتها الى مجلس الحكم نهاية ايلول، تحديداً ثلاثة اقتراحات تتعلق بكيفية عقد المؤتمر الدستوري: الاول اجراء انتخابات لاعضاء المؤتمر 200 - 300 يشترك فيها الشعب، وبسبب المتطلبات اللوجستية هذا الامر قد يستغرق وقتاً طويلاً. حاولنا اشراك الامم المتحدة في هذه العملية، كما هناك رغبة في اجراء احصاء سكاني شامل، ليس من اجل تحديد الحصص بل للاستفادة منه في التنمية والتخطيط. المسار الثاني هو اقتراح انتخابات جزئية، في كل من المحافظات ال18، يدعى اليها المهنيون وممثلو الطوائف والاقليات، لتكون عيّنة من الواقع السياسي والاجتماعي. وستُشكّل لجنة لكتابة الدستور من اعضاء المؤتمر الذين لا بد ان يكونوا عراقيين ثم يعرض على استفتاء عام. المسار او الاقتراح الثالث، يفترض تشكيل لجنة لاعداد مسودة قبل المؤتمر الدستوري، تطرح للنقاش العلني لفترة شهرين من اجل تطويرها او تعديلها، وتعرض لاحقاً على استفتاء عام. كما هناك مبادئ عامة مُتفق عليها، مثل مراعاة الدستور الشخصية الاسلامية العراقية والديموقراطية وفصل السلطات وحقوق المرأة، وفصل الدين عن الدولة. المسألتان الاساسيتان هما فصل الدين عن الدولة، وطبيعة النظام الفيديرالي وشكله، واذا اتُفق على آلية محددة من بين الاقتراحات الثلاثة، وعقد المؤتمر الدستوري، يكون ذلك خط البداية. ربما تُنجز كتابة المسودة خلال ستة شهور.
عملياً هناك اكثر من سنة قبل اجراء انتخابات…؟
- انجاز العملية خلال سنة ممكن، لكن الامر يتوقف على الوضع الامني.
على رغم تفاؤل اعضاء مجلس الحكم، هناك من يعتبر ان استمرار التصفيات الجسدية، وان ما يصدر عن رجال دين من مواقف، وظهور جماعات دينية جديدة يصبّ في خدمة من يسعون الى إشعال حرب اهلية. العراق بعد ستة شهور على اسقاط نظام صدام، هل يمكنه تجنّب سيناريوات الأفغنة قبل "طالبان" او اللبننة؟
- الشعب العراقي خيّب ظنون كثيرين من المشككين في وعيه ونضجه السياسي، اذ عبّر عن اعلى درجات الوحدة والتسامح. كل التوقعات كان في اتجاه تفكّك البلد اذا رحل النظام، لكن كل القوى تعمل الآن ضمن صيغة مجلس الحكم والوزارات، وهي الصيغة الاكثر تمثيلاً للشعب. نحن لا ننفي دور آخرين غير ممثلين، لكنها الأقرب الى الواقع العراقي، والانتخابات ستفرز كثيراً من القيادات في البرلمان والحكومة الجديدين. هناك تهديدات وتدخلات لنسف هذه التجربة، وجعل مهمة "التحالف" صعبة ومنع العراقيين من تحقيق حلمهم في نظام ديموقراطي.
يُفهم من كلامك انك تستبعد الأفغنة واللبننة؟
- على رغم كل المشكلات والتوترات، نجحت محاولات احتواء الوضع في سبيل مصلحة هذا الشعب الذي من حقه ان يفتخر بنجاحه في الحفاظ على تماسكه.
"حليف" لسورية
الوجود العسكري الاميركي في العراق اي الاحتلال يُنظر اليه باعتباره سيمكّن "صقور" الادارة الاميركية من اكمال مخططهم في المنطقة، والضغط على دول مجاورة مثل سورية.
- نعم الوجود الكاسح للقوة الاميركية أرعب كثيرين في المنطقة، ولكن ليست لدى واشنطن حالياً، كما أبلغتنا، اي خطط لمهاجمة دول اخرى. إن مهمة تلك القوة موقتة، والمطلب الشعبي العراقي هو استعجال انهائها. بديهي ان هناك ضغوطاً على سورية، وحين التقيت وزير الخارجية السيد فاروق الشرع ناقشنا هذا الموضوع، ونحن في مجلس الحكم نريد علاقات اخوية مع دمشق، وأبلغنا الأخوة السوريين ان المجلس لن يُلحق الأذى بالمصالح السورية، ولن يكون شريكاً او داعماً لأي توجه ضدها.
حجم الاختراق الاسرائيلي للعراق، هل هو على مستوى شركات ورجال الاعمال، ام استخبارات وجيش؟
- لا اختراق استخباراتياً او عسكرياً، بل هناك تقارير اشارت الى وجود شركات اسرائيلية، وضُمّنَ ذلك في مشروع قرار في اجتماع المجلس الوزاري للجامعة العربية، فأكدنا ان لا وجود لتلك الشركات. اقتصاد العراق الجديد سيكون حراً، وهناك اكثر من وسيلة لدخولها عبر المشاريع المتعددة الجنسية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.