سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
فتح الأجواء فوق العراق سيدر 100 مليون دولار سنوياً لكنه رهن بالأوضاع الأمنية . الأميركيون يفضلون تصفية "الخطوط العراقية" والعرب دعمها واسقاط ديونها مقابل حصص فيها
تدفع شركات الطيران العربية في اتجاه إعادة احياء شركة "الخطوط الجوية العراقية"، ويبدي بعضها استعداده للمشاركة في التمويل مقابل حصة مساهمة في ملكيتها، في وقت يتحكم الوضع الأمني في سرعة فتح الغطاء الجوي والمطارات العراقية أمام حركة الطيران التجاري الدولية. قال جيوفاني بنسنياني، رئيس "الاتحاد الدولي للطيران المدني" اياتا، إن العراق سيحصل على مئة مليون دولار سنوياً في عائدات مرور الطائرات فوق أراضيه إذا تحسن الوضع الأمني وصار ممكناً ضمان سلامة حركة الطيران التجاري في أجوائه. وكشف ل"الحياة" أن اتحاد "اياتا" يجري مفاوضات حالياً مع سلطة الطيران المدني في بغداد لتوقيع عقد يُكلف الاتحاد الدولي بموجبه "استيفاء رسوم المرور في أجواء العراق لمصلحة السلطات العراقية، ما سيتيح عوائد سنوية يمكن استخدامها في دعم جهود إعادة التعمير"، مشيراً إلى أن "حجم هذه العوائد مرتبط بمدى تطور وتيرة النقل الجوي فوق العراق". وأضاف: "نحن في مرحلة تفاوض حالياً على هذه المسألة، والقضية برمتها مرتبطة بمسألة الأمن". وأشار إلى أنه تم نصب ثمانية أجهزة توجيه ملاحية، ذات موجة تردد سريع في العراق مرتبطة بالأقمار الاصطناعية، "ضمن عقد أشرف عليه اياتا ونفذته شركة بكتل الأميركية لمصلحة سلطة الائتلاف الموقتة في العراق"، لكنه رفض تحديد قيمة العقد، مكتفياً بالقول إنه "لم يتجاوز الثمانية ملايين دولار". وقال إن "اياتا" أولى عناية خاصة لموضوع العراق وتأثيره المحتمل على خطوط الطيران الدولية التي تربط بين أوروبا والشرق الأقصى. وأضاف: "هذا دور جديد اضطلع به اياتا، إذ اننا عادة غير منخرطين في نشاط من هذا القبيل. وبدايتنا كانت في أفغانستان حيث تولينا تنظيم الاتصالات الملاحية واستيفاء الرسوم، ضمن رؤيتنا لدور جديد لنا يقوم على مساعدة دول منهكة مثل أفغانستانوالعراق على تطوير نوع من البنية التحتية التي تحتاجها صناعة النقل الجوي، وبأسرع ما يمكن". وكشف ان جهود "اياتا" سمحت خلال السنة الجارية وحدها، وعبر إعادة تخطيط مسارات الرحلات الجوية العابرة حول الفضاء الجوي العراقي، بتوفير 400 مليون دولار على شركات الطيران العربية والدولية، و"ذلك بالتعاون مع الولاياتالمتحدة والمنظمة الدولية للطيران المدني ايكاو". وقال: "كنت في الأردن أخيراً حيث شكرت العاهل الأردني الملك عبدالله وسلطات الطيران على تعاونهم معنا وفتحهم ممرات جوية عسكرية عدة أمام حركة الطيران المدني". وأكد أن الخطة التي أطلق عليها "ابيمارش" والتي شملت 12 مساراً جوياً حول العراق، سمحت بتقصير مدة الرحلات بين أوروبا والشرق الأقصى بمعدل 35 دقيقة للرحلة الواحدة. وأشار إلى أن فتح الأجواء فوق العراق سيكفل أيضاً تخفيض معدل الرحلات بنسبة 20 دقيقة للرحلة الواحدة، "وهو ما سيحقق وفراً في الوقود قدره 110 ملايين دولار لشركات الطيران، وعلى أساس أن تعبر فوق العراق 150 رحلة جوية يومياً". لكنه حرص على التأكيد ل"الحياة" أن السماح بتحليق الطائرات المدنية فوق العراق لن يكون ممكناً حتى ولو حلقت على ارتفاع يتجاوز 30 ألف قدم، حيث تعجز صواريخ أرض - جو التي تطلق من الكتف عن الوصول. وقال: "لا يمكن أن نفتح المجال الجوي إلا عندما يكون الوضع آمناً وبمقدار الأمان نفسه المستتب في أي بلد طبيعي آخر. واستتاب الأمن واستيفاء شروط السلامة على الأرض هما الشرطان الرئيسيان لاستئناف الرحلات الجوية فوق العراق". على صعيد آخر، تتواصل المشاورات العربية لايجاد حل لموضوع "الخطوط العراقية"، في وقت أكد الاتحاد العربي للنقل الجوي "اكو" الذي يضم في عضويته 22 شركة طيران عربية، وجود تفاهم ضمني بين الناقلات الجوية العربية على دعم العراق لتنشيط الناقلة الوطنية العراقية. وقال الأمين العام ل"اكو" الدكتور عبدالوهاب تفاحة ل"الحياة" إن اتصالات عدة جرت على مدى الشهور الخمسة الماضية في هذا الاتجاه وشاركت فيها أطراف عربية عدة "بعيداً عن الأضواء". وكشف أنه التقى مطلع أيار مايو الماضي في الأردن مسؤولي "الخطوط العراقية" التي هي عضو في "اكو"، وان اللقاء أسفر عن تفاهم يتعهد بموجبه "اكو" رسمياً "دعم الخطوط العراقية وإعادة تدريب موظفيها بأقل كلفة ممكنة ومساعدتها على إعادة تأهيل نفسها". وأضاف: "وجهة النظر هذه عبّرت عنها كل الناقلات الجوية العربية سواء العمانية او الكويتية او السعودية او مصر للطيران او القطرية او طيران الخليج او الامارات او غيرها وجميعها أبدى استعداده لمساعدة الخطوط الجوية العراقية على استعادة دورها". الا ان اعادة احياء "العراقية" تواجه مشكلتين اولاهما الحجم الهائل للاعباء المالية والديون والتعويضات المترتبة عليها، والتي قد تتجاوز 1.5 بليون دولار، علاوة على قدم اسطولها الذي يعود اغلبه الى السبعينات وعدم صلاحية طائراته للطيران وما اعاق ايضاً اعادة احياء الشركة، كما علمت "الحياة" هو التردد المستمر للحاكم المدني للعراق، السفير بول بريمر، وعدم حسم رأيه في ما يخص ابقاء "العراقية" او تصفيتها، في وقت بجعل الوضع الامني ومعه عجز الاميركيين والبريطانيين عن اعادة افتتاح المطارات، اضافة الى تعرض الطائرات المدنية للاسقاط بصواريخ ارض جو، الطابع الملح لموضوع "العراقية" اقل اهمية في نظر بريمر على الاقل آنياً" بينما يظهر المسؤولون الاميركيون في واشنطن ميلاً اكيداً لفكرة تأسيس شركة طيران خاصة بديلة، بعد تصفية "العراقية". وقال تفاحة: "اجرينا اتصالات مع اياتا وايكاو، وايضاً مع وزارة النقل الاميركية على اعتبار ان قرارات مجلس الامن الدولي تقر بسلطتها بغرض المساعدة على تسيير رحلات طيران وتشغيل المسارات الجوية المدنية فوق العراق. وتقدمت كذلك شركات طيران عربية عدة بطلبات للبدء بتشغيل خطوطها الى العراق. لكن فتح المطارات والفضاء الجوي تأخر، بسبب تقويمهم للوضع الامني، ونأمل ان يحل ذلك قريباً". واضاف: "الحلول المطروحة هي إما اعادة احياء الخطوط العراقية او ان يجري حلها واقامة شركة طيران عراقية مكانها ونحن مستعدون للمساعدة في كلتا الحالتين". وعلمت "الحياة" ان رأي المسؤولين في "سلطة الائتلاف الموقتة" في بغداد وكذلك وزارة النقل في واشنطن بات يميل الى حل "العراقية" وتشكيل شركة جوية تابعة للقطاع الخاص على اعتبار انه حل اقل تعقيداً. وقال تفاحة: "نفضل، في حال تقرر تأسيس شركة طيران جديدة بعد حل العراقية، ان تستبقي الحكومة العراقية حصة ملحوظة منها، على ان تفتح الحصة المتبقية امام مشاركة القطاع الخاص العراقي او العربي الذي يملك الخبرات والرساميل لأن تأسيس شركة تابعة بكاملها للقطاع الخاص لن يتيح للعراق والعراقيين الاستفادة من المشروع الجديد بصورة كاملة ذلك ان القطاع الخاص العراقي لا يملك الامكانات والخبرات اللازمة لدعم مشروع من هذا القبيل، ولو أتت شركات اجنبية فهي قد لا تراعي بالضرورة حاجة السوق العراقية وحاجات المسافرين العراقيين". وأظهرت الآراء التي سادت الجمعية العمومية السادسة والثلاثين ل"أكو" التي اختتمت في مسقط ان شركات طيران عربية عدة تطالب دولها "العراقية" بمستحقات وتعويضات مالية، راغبة في العمل على اقناع بلدانها بإسقاط مطالباتها شرط السماح لهذه الشركات، بالمقابل بالحصول على مساهمة في "العراقية". واكد عدد من رؤساء شركات الطيران العربية ممن تحدثت اليهم "الحياة" واشترطوا عدم ذكر اسمائهم انهم يريدون المساهمة في مشروع تطوير "العراقية" لثقتهم بأن "شركة الطيران العراقية المقبلة ستكون واحدة من اكبر شركات الطيران العربية وأحدثها" وان "العراق سيكون واحداً من أسرع أسواق النقل الجوي في العالم العربي نمواً واكثرها ربحية".