اصرار وتمسك شعبنا بالسلام هو المخرج الوحيد من الدوامة. والتوجه نحو الحل السلمي العادل، الذي يستند لقرارات الشرعية الدولية والاتفاقات الموقعة والمبادئ التي اقرها وشهد عليها العالم بأسره، هو الحل. والقيادة الفلسطينية لم تدخر جهداً من اجل العودة الى المفاوضات السلمية والجادة. والتجاوب مع كافة الجهود والمساعي الدولية الهادفة لاستئناف مسيرة السلام ووقف العدوان يقابله اصرار اليمين الإسرائيلي على المضي في سياسته العدوانية والإرهابية. وطريق السلام وتوفير الأمن يمران عبر إنهاء الاحتلال. والعالم يشهد إجماعاً لم يتحقق له مثيل، منذ نكبة عام 1948، يؤكد ان حل المشكلة بإنهاء الاحتلال وقيام دولة فلسطينية، ورفض كل محاولات التدخل في الشؤون الفلسطينية الداخلية، او محاولة فرض الوصاية، والخيارات على الشعب الفلسطيني، او الطعن في اهلية وشرعية القيادة المنتخبة. لذلك على الإدارة الأميركية، وهي تدعي التوق الى اصلاحات شفافة، ان تمارس الضغط على إسرائيل لإنهاء احتلالها، فيتمكن الشعب الفلسطيني من التوجه الى صناديق الاقتراع، وانتخاب قيادته، وممارسته حقه الديموقراطي وتعدديته السياسية. ان السلطة، وهي تتحرك في دائرة اشبه بخيوط العنكبوت، تؤكد في كل مواقفها ان اي اتفاق امني لا بد ان يرتبط، بكل وضوح، بالأفق السياسي لإنهاء الصراع، وإزالة الاحتلال المؤدي الى اقامة الدولة، وعاصمتها القدس وحق عودة اللاجئين. وجاءت الموافقة على تفاهم غزة - بيت لحم، لأن القيادة الفلسطينية ترى ان هذا التفاهم يجب ان يكون في سياق الانسحاب الإسرائيلي المستمر الى مواقع 28/9/2000، والعودة الى طاولة المفاوضات، وتحقيق اهداف مشروع السلام وثوابته غير منقوصة. والأمر ليس اختباراً للقيادة الفلسطينية، لأنها اثبتت على الدوام انها صاحبة مشروع سلام، بل الاختبار هو للجانب الإسرائيلي. وأولت القيادة الفلسطينية جهداً خاصاً لصون وحماية الجبهة الداخلية، عبر الحوار المكثف الذي توّج، اخيراً، بلقاء وزير الداخلية الفلسطيني مع القوى الوطنية والإسلامية من اجل تعميق وحدة قوى المجتمع الفلسطيني، ورص الصفوف على برنامج الثوابت الوطنية. وفي الوقت نفسه تسعى القيادة الفلسطينية للتنسيق مع الأشقاء العرب والأصدقاء في المجتمع الدولي، ومع القوى المحبة للسلام داخل اسرائيل، من اجل دحر الاحتلال والخلاص من هذا الكابوس البغيض. ان الحوار الفلسطيني الداخلي بين كافة القوى ونجاحه هو ضمانة اكيدة لتعزيز صمود شعبنا، وترسيخ انجازاته وانتصاراته، والحفاظ على كينونته وتعدديته السياسية. لذلك من الضرورة افشال حملة شارون العسكرية لتصفية المشروع الوطني المتجسد على الأرض بكيان السلطة الوطنية، اللبنة الأولى للدولة المستقلة. وهذا يتطلب ممارسة الحرص، وعدم الانجرار الى اي مواقف او اعمال يمكن استغلالها لتدمير الجميع. كما يتطلب الإقرار، قولاً وعملاً، بالقاعدة الأساسية وهي وحدانية السلطة التي لا تلغي حق احد في التعبير عن مواقفه الخاصة، والممارسة ضمن الإطار الذي تكفله القوانين والأعراف الدولية. وهذا لم يعد مطلب السلطة فقط بل هو مطلب الشعب. لبنان - إحسان الجمل كاتب وصحافي فلسطيني