نائب أمير الشرقية يستقبل منتسبي "طويق"    «الداخلية» تطلق خدمة الهوية الرقمية للقادمين بتأشيرة حج هذا العام    جميعة الدعوة نور تكرم المتطوعين والجهات بعد نجاح مخيم إفطار ودعوة 1445ه    أمير تبوك يدشن التمرين التعبوي "استجابة 14"    قمة البحرين ظروف استثنائية لحلحلة الأزمات    واشنطن مستمرة في دعم إسرائيل بالأسلحة    ولي العهد يهنئ رئيس وزراء سنغافورة    أمير الرياض يطلع على تقرير السجون    خادم الحرمين يصدر أوامر ملكية    «الداخلية» تطلق ختمًا خاصًا للمستفيدين من «مبادرة طريق مكة»    فالفيردي: نلعب باسترخاء كبير في الوقت الحالي ونتطلع لنهائي دوري الأبطال    المدربات السعوديات يكتسبن الخبرة الإفريقية    الأهلي يتمسك بذهب السيدات    أمير منطقة تبوك يتفقد مبنى مجلس المنطقة وقاعة المؤتمرات    تحرك لضمان توفير السلع الأساسية واستقرار أسعارها    بجامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل يختتم دورة "تدقيق سلامة الطرق    ارتفاع أسعار النفط إثر انخفاض مخزونات الخام في أمريكا    انطلاق الملتقى العربي لهيئات مكافحة الفساد    حالة رئيس وزراء سلوفاكيا حرجة بعد تعرضه لمحاولة اغتيال    4 أحزمة ملاكمة تنتظر من يحملها على أرض "المملكة أرينا"    القبض على مقيم لارتكابه أفعال خادشة للحياء    الأحزاب المصرية: تصريحات متطرفي إسرائيل محاولة يائسة لتضليل العالم    غوارديولا: لولا تصدي أورتيغا لكان أرسنال بطلا للبريميرليغ    محافظ القطيف: رؤية القيادة الرشيدة وضعت التعليم على سلم الأولويات    «البلسم» تختتم حملتها الطبية في اليمن وتنجح في إجراء 251 عملية قلب مفتوح و«قسطرة»    زيلينسكي يلغي جولة خارجية.. أوكرانيا تنسحب من خاركيف    زين السعودية تعلن عن استثمارات بقيمة 1.6 مليار ريال لتوسعة شبكتها للجيل الخامس 5G    تشغيل 4 رحلات أسبوعياً للخطوط الجوية البريطانية من هيثرو إلى جدة    الجامعة العربية تدعو مجلس الأمن لاتخاذ إجراءات سريعة لوقف العدوان الإسرائيلي ضد الفلسطينيين    مدير تعليم الأحساء يكرم الطالبة الفائزة ببرونزية المعرض الدولي للاختراعات    رئيس جمهورية المالديف يُغادر جدة    وزير العدل يلتقي رئيس المجلس الدستوري في فرنسا    ضبط 264 طن مأكولات بحرية منتهية الصلاحية    أمير تبوك يثمن للبروفيسور " العطوي " إهدائه لجامعة تبوك مكتبته الخاصة    «النيابة»: باشرنا 15,500 قضية صلح جنائي أسري.. انتهاء 8 آلاف منها صلحاً    زلزال بقوة 5.1 درجات يضرب جزر قبالة سواحل نيوزيلندا    «الصحة» تدعو الراغبين في الحج إلى أخذ واستكمال جرعات التطعيمات    فيغا يعود للتدريبات الجماعية للأهلي    نيمار يبدأ الجري حول الملعب    أمير حائل يكرم عدداً من الطلاب الحاصلين على الجائزة الوطنية بمبادرة «منافس»    السوق السعودية ضمن أول 10 دول في العالم المملكة أكثر الاقتصادات تسارعاً آخر 6 سنوات    أفضل الإجراءات وأجود الخدمات    وزير الحرس الوطني يرعى تخريج 2374 طالباً وطالبة من «كاساو»    شرف الخدمة    مكانة بارزة للمملكة في عدد مقاعد «آيسف»    تمكين المواهب وتنشيط القطاع الثقافي في المملكة.. استقبال 2200 مشاركة في مبادرة «إثراء المحتوى»    محتوى الغرابة والفضائح !    ليس لأحد الوصول    اطلع على تقرير« مطارات الدمام» واعتمد تشكيل «قياس».. أمير الشرقية يؤكد على تجويد الخدمات ورضا المستفيدين    طموحنا عنان السماء    أمير تبوك ينوه بالخدمات الراقية لضيوف الرحمن    انطلاق برنامج الرعاية الأكاديمية ودورة البحث العلمي في تعليم الطائف    حمام الحرم.. تذكار المعتمرين والحجاج    ..أنيس منصور الذي عاش في حياتنا 2-1    ( قلبي ) تشارك الهلال الأحمر الاحتفاء باليوم العالمي    الكلام أثناء النوم ليس ضاراً    تأثير العنف المنزلي على الأطفال    مواد كيميائية تسبب السرطان داخل السيارات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عزمي بشارة : أربعة تغييرات طرأت على القضية الفلسطينية زياد عمرو : حرب الارهاب والاحتلال عززا الحركات الاسلامية عزام الأحمد : القدس محور للابتزاز في "الاصلاحات" المطلوبة
نشر في الحياة يوم 16 - 09 - 2002

يجزم الفلسطينيون ان هجمات 11 ايلول سبتمبر على الولايات المتحدة كان لها التأثير الاكبر في قضيتهم، بصورة هي الاكثر تعقيدا وتداخلا حتى من افغانستان نفسها التي كانت بداية الانطلاق ل"الحرب على الارهاب" التي اعلنتها الادارة الاميركية في اعقاب هذه الهجمات واعدت لها ما استطاعت من قوة.
تتجاوز تداعيات هذه الهجمات على القضية الفلسطينية الاجتياج الشامل الذي نفذه الجيش الاسرائيلي لمناطق الضفة الغربية والذي اعاد بموجبه منذ اذار مارس الماضي حتى الآن احتلال المدن الفلسطينية واحكم سيطرته وحصاره على نحو ثلاثة ملايين ونصف مليون فلسطيني في الضفة والقطاع، بل تتجاوز خضوع القيادة الفلسطينية وسلطتها لحصار خانق وقع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بموجبه سجين مقره في رام الله منذ اكثر من تسعة شهور.
يبرز المفكر الفلسطيني عزمي بشارة اربعة تغييرات مركزية طرأت على القضية الفلسطينية في وقت كان الفلسطينيون منخرطين في انتفاضتهم ضد الاحتلال.
وقال بشارة انه قبل احداث ايلول لم يكن لدى الادارة الاميركية اي تصور في ما يتعلق بالفلسطينيين، وانها كانت في "حال تخبط وتحاول ايجاد نموذج بديل" لذلك الذي انتهجته ادارة بيل كلينتون حيال الصراع الفلسطيني - الاسرائيلي والذي انتهى الى الفشل في مفاوضات قمة كامب ديفيد الثانية. ولكن في كل الاحوال، لم يكن لدى الرئيس جورج بوش تصور داعم للفلسطينيين، ومع ذلك لم يكن لديه تصور معاد. بعد وقوع الهجمات، حدث التغير الاول الذي ظهر بشكل صارخ في "التبني الكامل" لتصور اليمين الاسرائيلي. إذ تبنى الرئيس الاميركي "عالم المفردات والمفاهيم والتصورات لليمين الاسرائيلي والتي كان يستخدمها رئيس الوزراء الاسبق بنيامين نتانياهو اثناء توليه منصب مندوب اسرائيل في الامم المتحدة، مثل "تقسيم العالم الى قسمين عالم متنور وقوي يحارب الجزء الاخر الظلامي" وان التحدي الذي يواجهه هذا العالم "المتنور" هو "الارهاب والارهاب فقط".
اما المتغير الثاني الذي ما كان ليحصل بموجبه المتغير الاول فهو الارتكاز الى الجانب "الميثولوجي - اللاهوتي" لتبرير هذه التقسيمات في العالم بين "قوى الظلام" و"قوى النور"، وكان يجب ان يكون لاسرائيل "موقع الشرف" فيها، بالاستناد الى مرجعيات "توراتيه". ويتابع بشارة: "شاهدنا كيف ان وزير الدفاع الاميركي رامسفيلد بات يقول بما يسمى الاراضي المحتلة"، بل وصف الضفة الغربية باسمها التوراتي "يهودا والسامرة"، اي ان حقيقة وجود احتلال اسرائيلي للارض الفلسطينية اصبحت من "الامور المشكوك فيها".
وثالثا، رافق ذلك التحالف "الاصولي الديني" في اميركا، تحديداً ما يسمى "الكنائس الخاصة"، مع اللوبي الاسرائيلي الذي اصبح قوة مؤسسة اقتصادية واجتماعية ولم يعد هنالك ارتباط ليبرالي بين هذا اللوبي وبين القوى والمجتمعات الليبرالية في اميركا وهذا ما حافظ عليه في الماضي. الان ابتعد اللوبي الاسرائيلي عن هذه القوى الليبرالية، وهذا ما يحمل في داخله بذور خلاف بين اللوبي وبين القوى الليبرالية الاميركية على المدى البعيد.
اما المتغير الرابع فهو ان كل هذه العوامل جعلت القضية الفلسطينية في السياسة الخارجية الاميركية ليس في اطار حسابات مصالح فقط بل شانا داخلياً اميركيا "وهذا امر غير عقلاني".
لكن بشارة يلاحظ، على رغم كل هذه المعطيات ان القضية الفلسطينية "في انضج مراحلها دولياً"، مشيرا الى ان الرأي العام الاوروبي يدرك ان القضية الفلسطينية "لا تزال قضية كولونيالية وليست ارهاباً".
وعلى الصعيد الاسرائيلي الداخلي، يرى بشارة ان المجتمع الاسرائيلي في مجمله مهيأ لطرح "حل راديكالي شامل"، غير ان المعوق الاساسي لهذا التوجه هو هذا التحالف غير المسبوق بين الولايات المتحدة واليمين الاسرائيلي، و"هو نفسه الذي يمكن رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون من الوقوف على قدميه حتى الان".
ويعتبر بشارة ان "هجمات ايلول" هي التي انقذت التيار الاسلامي السياسي الذي يؤمن بالعنف من الدخول في ازمة تاريخية شاملة كانت بدايتها واضحة قبل وقوع هذه الهجمات، وذلك بسبب استمرار الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية. ودلل على ذلك. ان اسامه بن لادن لم يأت على ذكر فلسطين في السابق وكان دوما يتحدث عن افغانستان والشيشان والوجود الأميركي في الخليج.
الحركات الاسلامية الفلسطينية واحداث ايلول
ويشير الدكتور زياد عمرو المختص بشؤون الحركات الاسلامية الى ان موقع الحركات الاسلامية في فلسطين، تحديداً حركة المقاومة الاسلامية حماس ازداد قوة في الشارع الفلسطيني، وذلك بمعزل عن احداث ايلول وطبعاً بسبب استمرار عدوان الاحتلال الاسرائيلي وتصعيده في الضفة والقطاع في اعقاب تلك الهجمات. ويشرح عمرو ان الحركات الاسلامية وضعت في موقع "الدفاع" وكان عليها ان تبذل جهداً كبيراً لاقناع العالم بأن ما تقوم به هو عمل مشروع يندرج في حق الشعوب بمقاومة الاحتلال بكل الاشكال وفقاً لما تكفله الشرائع الدولية وليس عملاً "ارهابياً"، ولكن بعد احداث ايلول وبعدما اصبحت الولايات المتحدة اكثر تقبلا للرؤية الاسرائيلية في هذه المسألة، سارعت الادارة الاميركية الى وضع هذه الحركات "والتنظيمات العلمانية الفلسطينية الاخرى" على قائمة الارهاب واعتبارها خارجة عن القانون. لكن ما حدث، وبخلاف ما جرى في بداية الانتفاضة حين بدأت هذه الحركات تفقد بعضاً من التأييد الشعبي لها لمصلحة قوى المقاومة العلمانية، ارتفعت شعبية "حماس" وتعزز موقعها بسبب الاحتلال وسياسة شارون، لما الحقته من أذى وعدوان. وتحولت "حماس" الى "العنوان" الاساسي للقيام بدور صد هذا العدوان الاسرائيلي ورد الأذى الذي يتعرض له الفلسطينيون.
ويرى عمرو ان واقع الاحتلال حاول تثبيت وفرض الرؤية الاسرائيلية - الاميركية بوصم "حماس" بالارهاب، إلا ان الحركات الاسلامية وفي مقدمها "حماس" رفضت التسليم بالرؤية الاميركية وطريقة معالجتها.
ويشرح عمرو اسباب ما حدث باعتبار ان الهجمات جاءت "نتيجة" وليست سبباً للسياسات الاميركية العدائية. إذ رأت هذه الحركات الاسلامية ان اميركا هي التي زرعت بسياساتها بذرو الكراهية وخلقت لدى افراد وجماعات وشعوب توجهاً لمحاولة المس بالمصالح الاميركية. وأرادت ان تبقى عنوانا لرفض الهيمنة الانحياز الاميركي الكامل لاسرائيل التي تحتل الارض الفلسطينية.
ويؤكد عمرو ان هذه الحركات "ليست بصدد التسليم" على رغم ما حدث في افغانستان لانها تعتقد ان في امكانها التصدي وردع التوجهات العدائية الاميركية، وما يحدث في العراق الان يشجعها على "هدف ردع اميركا ومنعها من التمادي في عدوانها من وجهة نظرها".
ويقول الخبير الفلسطيني ان السلطة الفلسطينية، على رغم انها "محاصرة وضعيفة وتستجيب للضغوط التي تتعرض لها"، الا انها "لا تسطيع ان تبيع نفسها للولايات المتحدة كأداة طيعة سواء بسبب احداث ايلول او لأي سبب آخر. فهناك تناقض موضوعي بين الطرفين. هي لا تسطيع ان تتحول أداة بيد الاميركيين لان الاميركيين يتبنون بالمطلق نهج شارون، وتدرك السلطة انها ان فعلت ذلك "وهي لا تريد اصلا" فإن ذلك يفقدها شرعتيها من جانب الشعب الفلسطيني.
ويضيف عمرو ان القيادة الفلسطينية تستجيب للضغوط الاميركية "في ما يتعلق بالاصلاح وغيره" من منظور انها بمثل هذا السلوك تستطيع ان تنقذ نفسها من محاولات التخلص منها "ولا اعرف ان كان هذا السلوك سينقذها بالفع"ل. وهو يرى توجهين: الاول ان تتجاوب السلطة مع المطالب الاميركية لئلا تدخل في صدام او قطيعة نهائية مع اميركا. والثاني انه يجب العودة الى الشعب الفلسطيني بشأن طريقة التعامل مع تقديم التنازلات المتبادلة بين السلطة والمعارضة للاتفاق على حد أدنى ولملمة الوضع الفلسطيني.
السلطة الفلسطينية
وفي خضم الامواج العتلية التي دفعت بها احداث ايلول، لا تزال السلطة او القيادة الفلسطينية تحافظ على "بقائها" وهي التي كانت في فوهة المدفع الاسرائيلي منذ بدأت حكومة شارون تربط المقاومة الفلسطينية بالارهاب.
يقول الوزير الفلسطيني عزام الاحمد انه في البدايات "وبعد ادراك القيادة الفلسطينية لمحاولات الربط الاسرائيلية هذه والتي اراد منها شارون ان يجرد حق الشعب في تقرير مصيره ليحوله الى "ارهاب" لتقدم شراكة اميركية - اسرائيلية لمحاربته، استطاعت القيادة من خلال حركتها الديبلوماسية في الامم المتحدة ومع اوروبا وبالتنسيق مع الاطراف العربية افشال مخطط شارون. ولكن مع استمرار الانتفاضة وتصاعد العدوان الاسرائيلي واتخاذه اشكالا تصعيدية مرفقة بتصاعد في النزعة العدوانية في الولايات المتحدة والحملة الاعلامية التي شنها اللوبي الاسرائيلي بدات الولايات المتحدة تتقبل فكرة شارون بربط النضال الفلسطيني بالارهاب الذي تسعى الولايات المتحدة لمحاربته كما تدعي. وبلا شك امام العجز العربي ومحدودية الامكانات الفلسطينية نجح شارون في تجنيد الولايات المتحدة.
وتجسد ذلك بالاجتياح الشامل للاراضي الفلسطينية والموقف الاميركي الصامت في البداية والمتردد والمنحاز بشكل كامل فيما بعد للجانب الاسرائيلي في مواجهة النضال الفلسطيني". ويضيف الأحمد ان خطاب بوش الذي طالب فيها بإحداث تغييرات في القيادة الفلسطينية واصلاحات اساسية، ليضع الجانب الفلسطيني في مأزق اكثر خطورة واكثر صعوبة، بل وضعه امام ابتزازات ابرزها "الدعوة الى تغيير نظام الانتخابات، بحجة اصلاح قانون الانتخابات لشطب دائرة القدس تارة باعتماد التمثيل النسبي على اساس الدائرة الواحدة، وتارة اخرى اعادة توزيع الدوائر بطريقة تبعد القدس عن الدوائر الانتخابية التي حددت في الانتخابات الاولى عام 1996 بكل ما يحمله ذلك من تنازلات حتى في الشكل عن الحقوق الفلسطينية في القدس".
ويعتقد الأحمد انه من دون حوار فلسطيني عميق ومنسجم وطنيا بالمصالح الفلسطينية العليا وبدون تنسيق فلسطيني - عربي ومع الاطراف الدولية المتضررة من وجهة النظر الاميركية والاسرائيلية لن نكون قادرين على معالجة الاضرار التي لحقت بنا ونضالنا بعد احداث ايلول.
"حماس": أحداث ايلول ليست شراً محضاً وفيها جوانب ايجابية على الفلسطينيين ان يستثمروها
في الوقت الذي يسود الرأي القائل بأن حكومة ارييل شارون نجحت في استغلال احداث 11 ايلول سبتمبر 2001 لوصم النضال الفلسطيني ضد الاحتلال الاسرائيلي ب"الارهاب"، وتتبنى حركة المقاومة الاسلامية حماس رأياً آخر مفاده ان هذه الأحداث التي هزت العالم "ليست محض شر" وانها "تحوي جوانب ايجابية على الفلسطينيين ان يستثمروها".
سألت "الحياة" أبرز قادة الحركة والناطق باسمها الدكتور عبدالعزيز الرنتيسي، على انعاكسات 11 ايلول على القضية الفلسطينية وعلى "حماس"، وكان هذا الحوار:
هناك من يقول ان "حماس" لم تستوعب تداعيات أحداث ايلول الهائلة على القضية الفلسطينية وان العمليات التفجيرية التي ينفذها الجناح العسكري للحركة استغلت من جانب شارون لالحاق حركة التحرر الفلسطيني بكل تنظيماتها في قائمة "حرب اميركا على الارهاب".
- حركة المقاومة الاسلامية وعت تماماً تداعيات أحداث ايلول، ولكن هناك فارق بين من يرى ان من واجب "حماس" ان تذعن امام الغطرسة والارهاب الاميركي والتهديد الاميركي وبين موقف "حماس" التي لا ترى في أحداث ايلول بأنها "شر محض"، ولكن نرى ان في هذه الاحداث جوانب ايجابية يجب ان نستثمرها لصالح القضية الفلسطينية.
يعتقد هؤلاء الذين ينتقدون الحركة بأن اعلى لجانب الفلسطيني ان يرفع الراية البيضاء وان يستسلم للاحتلال لأنه لا يملك القوة وان يترك الأمر لأجيال قادمة تتغير فيها موازين القوى لصالح العرب والمسلمين. وهذا يعني شيئاً واحداً هو القبول بالاحتلال وذله.
"حماس" ترى ان هنالك ايجابيات في هذه الأحداث يجب ان تستثمر ومن هذه الايجابيات ان العالم الغربي بات يدرك تماماً ان المستضعفين يملكون الرد وان عدم استسلامهم يعني أنهم يمكن ان يقوموا بالرد مرة وثانية وثالثة، وهذا سيجبر الأعداء من الصهاينة ومن يتبعهم الى التفكير ملياً وعميقاً في وقف العدوان والقهر والاحتلال سواء ضد الشعب الفلسطيني أو دولنا العربية والاسلامية. إذن من واجبنا ان نكرس اننا أقوياء على رغم ضعفنا، وهذا لن يتم إلا من خلال المقاومة، مشكلتنا في فلسطين تحديداً ان العدو يراهن على بعض النماذج لتقوم بدور الشرطي للمحتل والمستوطن اليهودي. لو انتفى هذا الرهان لتحول الواقع مئة في المئة لصالح الشعب الفلسطيني، وسيقف العدو الاسرائيلي أمام أمرين: أما ان يستسلم أو ان يستمر في تلقي الضربات التي دمرت معنوياته واقتصاده وحولت الهجرة الى فلسطين الى هجرة معاكسة.
ولكن هناك من يقول ان العمليات التفجيرية الاستشهادية، تحديداً التي التي تنفذها "حماس،" أضرت بالمقاومة والنضال الفلسطيني وتم وسمها بالارهاب وهو الشعار الذي تستخدمه الولايات المتحدة لشن حربها على أطراف عدة، ألا يمكن ل"حماس" ان تغير من اساليب المقاومة وفقاً لما يرى فيه البعض قراءة جيدة لتداعيات أحداث ايلول؟
- الغرب يصف العمليات الاستشهادية بأنها "القنبلة الهيدروجينية" التي يملكها الضعفاء والتي أحدثت توازناً مع الآلة العسكرية الهائلة التي يملكها الغرب. علينا ان نقرأ الأحداث جيداً، هذا سيكلفنا ثمناً ولكن هذا الثمن سيكون أقل بكثير من الاستسلام والرضوخ والانحناء. منظمة التحرير الفلسطينية وصفت بالارهاب وهي لم تنفذ عمليات استشهادية وكذلك بعض التنظيمات الكشميرية وكذلك في الفيليبين. نحن في نظر الغرب لا أتحدث عن المستوى الشعبي ارهابيون سواء عملنا أم لم نعمل. لماذا لا يصف هذا العالم قصف المدن والمدنيين بطائرات "أف 16" بأنها ارهاب، لماذا نوقف المقاومة في اطار محاولة محكوم عليها بالفشل لتحييد الولايات المتحدة ووقف انحيازها الصارخ لاسرائيل. هذا لن يكون حتى لو بقينا تحت الاحتلال وتوقفت العمليات، ونحن نعلم جميعاً الأسباب والمصالح وراء ذلك. نحن لن نقبل بأن يكون ثمن إزالة الاحتلال ان يبقى الشعب الفلسطيني محتلاً، على طريقة "الرموت كونترول" أي احتلال غير مباشر والاعتراف باسرائيل على حساب حقوق الفلسطينيين، فالثمن أقل بكثير إذا ما واصلنا المقاومة.
لكن وبسبب تداعيات أحداث ايلول، تمت دعوتكم الى وقف العمليات الاستشهادية، فلماذا لا تقومون بذلك؟
- نحن لا نقاوم من اجل المقاومة. نحن نقاوم من أجل كنس الاحتلال عن أرضنا ولا يمكن ان نعترف بدولة اسرائيل حتى لو أُبدنا جميعاً وهذا الاحتلال لا يفهم سوى لغة القوة.
احدى تداعيات هذه الأحداث ان عدداً من الدول العربية، خصوصاً الخليجية أوقفت دعمها المالي لحركتكم. وهذا ما ينذر بإضعاف الحركة...
- نحن لا نتلقى دعماً من دول عربية ولا اسلامية. نحن لسنا منظمة التحرير التي تلقت الدعم من كل الدول العربية وتعرضت للضغوط من هذه الدول. نحن نتلقى الدعم من الشعوب وبطريقة سرية بشكل فردي وتبرعات من أثرياء مسلمين ولذلك فلا نتعرض ولا نستجيب لضغوط دول. وسائل الإعلام تحدثت عن وقف الدعم السعودي مثلاً، ولكن أحداً لم يطالب باثبات أو دليل واحد على وجود مثل هذه الضغوط ونقلتممن الى من. وبصورة عامة نحن لا ننظر الى الاحداث حسب ما هو قائم الان. كان المطلوب التصفية الجسدية للوجود والقضية الفلسطينية، وظهرت اميركا بوجهها الحاقد تماماً، وهذا أدى الى اصطفاف الشعب الفلسطيني في خندق المقاومة. نحن لا ننظر الى الأحداث القائمة الآن، نحن بحاجة الى استنهاض أمة معبئة ومهيئة ضد الكيان الصهيوني، وهذا يخدم القضية الفلسطينية، واذا نظرنا الى المستقبل في البعد المتوسط وليس حتى البعيد فإننا نرى ان حال استنعاج واستسواق الشعوب العربية في طريقها الى الزوال".
المسار الذي تسيرون عليه في المقاومة المسلحة السرية يتناقض مع واقع وجود سلطة فلسطينية علنية عليها ان تتعامل مع اسرائيل وتنفذ التزامات بحكم اتفاقات اوسلو، وهذا وضع يصعب الاستمرار فيه؟
- التناقض موجود، ولكن الذي أوجده هو اتفاقات اوسلو، ولسنا نحن المسؤولين عن هذه الاتفاقات التي اوجدت السلطة الفلسطينية، من كان يدري من الفلسطينيين ان اناساً ذهبوا ودخلوا في نفق يريدون لنا ان نستجيب لالتزامات تعهدوا بها سراً داخل هذا النفق. الشعب الفلسطيني ليس هو المذنب، المذنب هو من وقع على اوسلو وهو الذي يستطيع ان يزيل هذا التناقض ولا يتجاوب مع الشر الذي جاءت به اوسلو.
العقلية الغربية لا تستطيع ان تتفهم أو تستوعب المرجعية العقائدية للعمليات الاستشهادية، فكيف لكم ان تخترقوا هذا الأمر؟
- نستطيع ان نقنع الغرب عندما نمتلك القوة. مهما بذلنا من طاقة اعلامية وفلسفية لن نستطيع اقناعهم الغرب، الذي أباد شعباً كاملاً في هيروشيما وناكازاكي ولديه عقلية تدميرية تخريبية قتلت المدنيين في افغانستان والعراق. نحن نمارس ما نحن مقتنعون به ولست مطالباً بالعمل في حدود ما يقتنع به هذا الغرب الذي لا يريد سوى ان أبقى مطية له.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.