مكتبة الملك عبد العزيز العامة تطلق جولتها القرائية ال7 إلى جازان الأحد المقبل    القيادة تهنئ رئيس جمهورية التشيك بذكرى اليوم الوطني لبلاده    المياه الوطنية: تدعو سكان حي البيان بالرياض لطلب خدمة المياه بعد تنفيذ المشروع بأكثر من 24 مليون ريال    بدء جلسات النسخة ال9 من مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار في الرياض    تدشين الملتقى التاسع للمشرفين والمشرفات المقيمين بالطائف    مركز الملك فهد الثقافي الإسلامي بالأرجنتين يُكرّم 40 فائزًا وفائزة    واشنطن وطوكيو توقّعان اتفاقية ل"تأمين إمدادات" المعادن النادرة    مدير عام الدفاع المدني: استضافة المملكة لبطولة الإطفاء والإنقاذ تعكس جهودها في تعزيز التعاون الدولي    زلزال بقوة 5.8 درجات يضرب شمال مصر    قدم الشكر للقيادة على الدعم الإنساني.. مصطفى: السعودية خففت معاناة الشعب الفلسطيني    مطالب دولية بحمايتهم.. «الدعم السريع» يقتل مدنيين في الفاشر    اقتحموا مقرات أممية بصنعاء.. الحوثيون يشنون حملة انتقامية في تعز    ارتفاع تاسي    ضبط مشعل النار في «الغطاء النباتي»    بثلاثية نظيفة في شباك الباطن.. الأهلي إلى ربع نهائي كأس خادم الحرمين    في ختام دور ال 16 لكأس الملك.. كلاسيكو نار بين النصر والاتحاد.. والهلال ضيفًا على الأخدود    الهلال بين فوضى جيسوس وانضباط إنزاغي    تعزيز الشراكة مع الولايات المتحدة وبريطانيا    الدفاع المدني.. قيادة تصنع الإنجاز وتلهم المستقبل    لماذا يعتمد طلاب الجامعات على السلايدات في المذاكرة؟    شدد على تعزيز أدوات التصدير والاستثمار المعرفي.. الشورى يطالب بالرقابة على أموال القصر    كباشي: شكراً صحيفة «البلاد»    القيادة تعزّي ملك مملكة تايلند في وفاة والدته الملكة سيريكيت    « البحر الأحمر»: عرض أفلام عالمية في دورة 2025    العلا تفتح صفحات الماضي ب «الممالك القديمة»    350 ألف إسترليني ل«ذات العيون الخضراء»    الحوامل وعقار الباراسيتامول «2»    إنجاز وطني يعيد الأمل لآلاف المرضى.. «التخصصي» يطلق أول منشأة لتصنيع العلاجات الجينية    وزير الداخلية يدشن وحدة الأورام المتنقلة ب«الخدمات الطبية»    ولي العهد يلتقي رئيسة جمهورية كوسوفا    وزارة الحرس الوطني⁩ تطلق البطاقة الرقمية لبرنامج "واجب" لأسر الشهداء والمصابين    أكثر من 54 مليون قاصد للحرمين الشريفين خلال شهر ربيع الآخر 1447ه    التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب يستقبل وفدًا من جامعة الدفاع الوطني    اكتشاف يفسر لغز المطر الشمسي    المعافا يقدّم التعازي لأسرتي العر والبوري في القمري    53% من صادرات المنتجات البحرية لمصر وعمان    2600 نحال يقودون تربية النحل بمدن عسير    "موهبة" تشارك في مؤتمر "الطفولة تزدهر 2030"    "عفت" تشارك في مهرجان البحر الأحمر بأفلام قصيرة    نائب أمير الشرقية يطّلع على جهود "انتماء وطني"    اليوسف يلتقي عددًا من المستفيدين ويستمع لمتطلباتهم    «الشورى» يطالب بمعالجة تحديات إدارة وتنمية الأصول العقارية للقُصّر    التواصل الحضاري يسلط الضوء على واقع ذوي التوحّد    "تجمع القصيم" يستعرض برامجه النوعية في ملتقى الصحة    الخليج يكسب التعاون ويتأهل لربع نهائي كأس الملك    الأمير عبدالعزيز بن سعود يرعى حفل افتتاح بطولة العالم لرياضة الإطفاء والإنقاذ ومئوية الدفاع المدني    إسرائيل بين تحولات الجنوب وتصاعد التوترات مع لبنان    الأمير تركي بن طلال يزور جناح جامعة جازان في ملتقى التميّز المؤسسي    الأميرة نجود بنت هذلول تتابع تطوير أعمال تنظيم وتمكين الباعة الجائلين بالشرقية    نائب أمير مكة يتسلم تقريرًا عن استحداث تخصصات تطبيقية بجامعة جدة    "التخصصي" يوقّع أربع اتفاقيات لتعزيز الوصول إلى الرعاية الصحية التخصصية    رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية يغادر المدينة المنورة    أكثر من 11.7 مليون عمرة خلال ربيع الآخر    تركي يدفع 240 دولاراً لإعالة قطتي طليقته    المعجب: القيادة حريصة على تطوير البيئة التشريعية    أثنى على جهود آل الشيخ.. المفتي: الملك وولي العهد يدعمان جهاز الإفتاء    116 دقيقة متوسط زمن العمرة في ربيع الآخر    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على هيفاء بنت تركي بن سعود الكبير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فيلم هزلي جديد لشريف عرفة :"مافيا" أميركية ... ولكن بصناعة مصرية
نشر في الحياة يوم 23 - 08 - 2002

شاب مصري تستقطبه جماعة ارهابية منظمة لها جذور صهيونية لتنفيذ عمليات اغتيال سياسية خارج البلاد يُرحَّل الى مصر ويزج في احد سجونها. وهناك يلتقي بإثنين من المساجين يساعده احدهما على الهرب. ويكتشف الشاب احمد السقا ان زميل السجن هو ضابط استخبارات مصري اسمه حسام مصطفى شعبان ويسعى الى تجنيده لحساب الاستخبارات المصرية للإيقاع بالسفاح الاسرائىلي "الجزار" الوجه الجديد عباس أبو الحسن. وفي النهاية ينجح الشاب المصري في تنفيذ المهمة بعد تلقيه تدريباً طويلاً على يد الضابط وطبيبة علم النفس منى زكي التي يقع اسير الاعجاب بحسها الوطني. ويسدل الستار على "ملحمة بطولية" جديدة يمكن ان تضاف الى رصيد الاستخبارات العامة المصرية. ساعد في نسج خيوطها السداسي شريف عرفة ومدحت العدل وأحمد السقا ومدير التصوير سامح سليم والمونتير معتز الكاتب والمطرب مدحت صالح الذي غنى من قبل في فيلم "بركان الغضب"، و"شورت وفانلة وكاب" الذي كان التجربة الاولى للسداسي الذي اجتمع مرة اخرى في "مافيا" ليقدم هذه المرة عملاً متماسكاً نلمح فيه بعض النضج والجدية التي انسحبت بدورها على اداء الممثلين. وهكذا يبدو "مافيا" فيلماً جيداً مصرياً صميماً لكنه عالمي النزعة والتوجه والطموح، يسهل استيعاب الجمهور الغربي له، وتحديداً الجمهور الاميركي بعد احداث 11 ايلول سبتمبر. والسبب في ذلك يرجع الى عنصرين: اولهما تقنية الفيلم وثانيهما مضمونه والأفكار التي طرحت خلاله. ولا بد من القول اولاً ان تقنية الفيلم اميركية وهي مسألة جزئية إن كانت تحسب على الفيلم فإنها قطعاً تحسب له. والفضل في ذلك يرجع الى شريف عرفة المخرج المتمكن الذي احسن ادارة كاميرته وأجاد في العمل ككل، فظهر الاخراج افضل من المتوقع بعد مهزلة "ابن عز". ففي "مافيا" لم يقع شريف عرفة في شرك الطموح او الحلم بخلق تقنية متطورة تضاهي تقنية الافلام الاميركية من دون إمكان تحقيق ذلك بحرفية عالية، كما يحدث مع غالبية الافلام المصرية التي تطمح الى ذلك وتكون المحصلة النهائىة افلاماً ساذجة مثيرة للضحك والسخرية في آن واحد.
ان مفردات التقنية الاميركية في الفيلم تبدأ باسمه "مافيا" ومن ثم بالاعتماد الكامل على الاثارة منذ اللحظة الاولى وحتى اللقطة الاخيرة، وتدعيم ذلك بحركة الكاميرا والموسيقى. لكن هذا لا يعفينا من التساؤل: لماذا عمد شريف عرفة الى نقل حركة الكاميرا في المشاهد مع احمد السقا نقلاً حرفياً من الفيلم الاميركي الشهير "المهمة المستحيلة" لتوم كروز؟ وهو ما سبق ان فعله في فيلمه "أفريكانو"، وان كانت المحاكاة هذه المرة اكثر وضوحاً وتكررت في اكثر من موضع في الفيلم. كذلك لا بد من التساؤل لماذا تم تقليد "أفيش" الفيلم الاميركي Swortdfish. وكل هذا الى جانب المؤثرات الخاصة، ومشاهد المطاردات والثياب السود والشقراوات والمطر، حتى الديكور الذي صممه محمود بركة ظهر دخيلاً على العمل وكأننا نتابع حركة مجموعة من الضباط المصريين في بهو ال"سي آي ايه" لا لدى الاستخبارات المصرية. وساعد على تدعيم ذلك الاحساس كثافة شاشات الكومبيوتر والأجهزة المتطورة التي اشك في امتلاك الاستخبارات المصرية او العربية لها، كذلك مشاهد العراك المفتعلة سواء بالمسدسات او بالأيدي واشتراك البطلة منى زكي فيها! حتى المطاعم التي ظهرت في الفيلم كانت جميعها مطاعم اميركية شهيرة، ولذلك لن يجد المشاهد الاميركي او غير العربي غرابة في مشاهدة فيلم "مافيا" المصري بل ستصل افكاره ومضامينه حتماً للمتلقي، تلك المضامين التي ابتعد مدحت العدل فيها وللمرة الاولى عن المزايدة التي سادت اعماله الاخيرة. فهو تطرق في الفيلم الجديد الى قضايا مهمة دافع فيها عن صورة العربي والمسلم بعد احداث 11 ايلول وعمد الى تصحيح بعض المفاهيم الخاطئة الملتصقة بالإسلام مثل العنف وتعدد الزوجات على لسان البطلة منى زكي في حديثها مع الاميركية صوفيا، كما ركز على الوحدة الوطنية بمشاهد الصلاة المتفرقة في الجامع والكنيسة على حد سواء. وعقد مصالحة ذكية بين الاقباط الارثوذكس والمسيحيين الكاثوليك بمشهد فداء المصري القبطي احمد رزق لبابا الفاتيكان وتلقيه رصاصة الغدر بدلاً منه في مشهد دالٍ على سماحة المصري القبطي وفدائه لأخيه الكاثوليكي الغربي مجسداً في شخص البابا. ودحض العدل كذلك فكرة الهجرة او الهرب الى الخارج مهما كانت الصعاب وهي "التيمة" التي طرحها العدل من قبل بإستحسان في فيلمه "همام في أمستردام". وهنا نلاحظ طرح نموذج المصري الناجح في الغربة همام نقيض حسين او احمد السقا الذي آثر البقاء في بلاده ملبياً نداءها وقت الحاجة، مشدداً ايضاً هذه المرة على دور الاستخبارات والجيش في حماية البلد وتأمين بقاء الشخصيات المهمة على ارضها عزيزة في بلد آمن.
وساق الكاتب في الفيلم رمزين للسلام البابا وكوفي أنان وإن جاء اسم الاخير مقحماً في السياق من دون ضرورة او مبرر، فالشخص المستهدف في عملية الاغتيال كان البابا وليس انان. اما الملمح الجديد في الفيلم والذي لم يكن متوقعاً من مدحت العدل، فيخص ثقافة الجنوب التي تمت الاشارة اليها في شكل قصدي في تحية رقيقة من فريق عمل الفيلم لأبناء النوبة والجنوب، وإن لم يخل ذلك من نيات اخرى تخص الغرب المعروف بإنجذابه لأصحاب البشرة السمراء، ومن ثم يصبح ذلك الملمح الجديد عنصر جذب آخر "للخواجات"، بل ومبرراً منطقياً لإقحام اسم انان في العمل! وبهذا يكون مدحت العدل قد اصاب اكثر من عصفور بحجر واحد، كان آخرها التذكير برسالة الفن ودور الفنان مجسداً في شخص حسين فهمي الذي اطل على الجمهور بشخصه الحقيقي ليعطي درساً في الوطنية ورسالة الفن للشاب حسين او احمد السقا.
لقد نجح "السداسي" مع بقية طاقم العمل في تحقيق المعادلة الصعبة بين الجودة والجماهيرية، سعياً الى جذب الجمهور المصري العربي والغربي على حد سواء. فأداء الممثلين كان جيداً في المطلق، ولا سيما احمد السقا الذي بدا وكأنه "ترافولتا" في الأفيش، و"توم كروز" وهو يخلع نظارته و"سلفستر ستالوني" وهو حزين يفكر وجيمس بوند وهو يقاتل في المغارة وينتصر. هنا كان السقا شاباً رياضياً يافعاً، لم ينتقص شيئاً من رصيده وإن لم يضف اليه جديداً، في حين اضاف مصطفى شعبان الكثير الى رصيده. كذلك فعل احمد رزق، وتلك ظاهرة عجيبة صارت سمة في افلام التسعينات التي تُصنع في الاساس لنجم معين، فتصنع نجوماً آخرين.
إذاً ها هو "مافيا" يصنع نجومية مصطفى شعبان الذي كان اداؤه في الفيلم قوياً ثابتاً راسخاً وأكثر نضجاً وتمكناً بعد فيلميه "النعامة والطاووس" و"رومانتيكا" لزكي فطين عبدالوهاب. كذلك كان اداء احمد رزق. اما منى زكي فشأنها شأن حنان ترك وحلا شيحة وأضيف الى القائمة بسمة ونيللي كريم ومنة شلبي فهن جميعهن مجرد "سنّيدة" للبطل الرجل، وهو توجه عجيب وعنصري ظهر في سينما الشباب التي تصنع دائماً نجومية الرجل النجم لا النجمة. منى زكي او الدكتورة مريم في الفيلم، لم تضف جديداً الى رصيدها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.