قرر المغرب تحويل مكتب السكك الحديد الى شركة مساهمة تحت اشراف الدولة تتولى ادارة قطاع النقل بالسكك الحديد، في خطوة اولى تمهد لمشروع تخصيص قطاع النقل الجوي والبري والبحري، من المقرر تنفيذه في النصف الثاني من العقد الجاري. وسيتزامن تغيير قانون المكتب من ادارة عامة الى شركة مساهمة باطلاق برنامج استثماري كلفته 5,5 بليون درهم 500 مليون دولار وتحرير اسعار النقل بالسكك الحديد. قال مكتب السكك الحديد انه تقرر تحرير نشاط قطاع السكك الحديد بالكامل خصوصاً ما يتعلق بنقل السلع التي ستخضع لمعايير السوق. وأضاف المكتب في بيان عقب اجتماع مجلس الادارة أول من أمس ان أسعار نقل المسافرين ستخضع الى مراجعة لتحقيق توازن بين النفقات والايرادات ولاعتماد التكنولوجيا والبرامج الاعلانية، مشيراً الى ان الدولة ستدفع مساهمات بقيمة 200 مليون دولار لزيادة رأس مال المكتب وضمان القروض التي سيحصل عليها المكتب من السوق المالية المحلية لتعويض العاملين الذين سيحالون على التقاعد. وينتظر ان يعرض مشروع قانون تحويل مكتب السكك الحديد الى شركة مساهمة على البرلمان في دورة الربيع التي ستنطلق في منتصف الشهر الجاري، على ان يبدأ تنفيذ الخطة النصف الثاني من السنة الجارية وتشمل أيضاً شركات اخرى تابعة للقطاع العام. وحسب صيغة مسودة المشروع، ستنقسم انشطة مكتب السكك الحديد الى ثلاث شركات تقنية وتجارية وتدبيرية وسيسمح للقطاع الخاص بتأسيس شركات نقل جهوية محلية واستخدام شبكة السكك الحديد بصيغة الايجار، وهي التجربة التي سيتم اعتمادها في منطقة تاوريرت شرق المغرب لربط القرى المنتشرة حول جبال الريف بمدينة الناظور نحو 200 كلم. وقال المكتب انه سيقوم بتنفيذ مشروع قطار انفاق مترو في الدار البيضاء باستخدام الشبكة الحالية واستيراد 24 قطاراً جديداً من نوع "آر. أي. آر" لتخفيف أعباء المواصلات في المدينة وبينها وبين مطار محمد الخامس. ويتضمن البرنامج الاستثماري تحديث السكك وتغيير انظمة الاشارة الضوئية بكلفة 180 مليون دولار. وكان المكتب انفق العام الماضي نحو 100 مليون دولار لتحويل السكك الفردية الى سكك مزدوجة بين مدينتي فاس ومكناس 60 كلم وتحديث الاجهزة في عدد من المحطات الذي قامت بانجازه شركات كهرباء فرنسية. وتقدر كلفة البرنامج الاستثماري الى سنة 2005 نحو 500 مليون دولار وتشمل تأهيل السكك واعتمادها المصدر الاساسي للنقل في المغرب وتقليص الاعتماد على النقل عبر الطرق والذي تسبب العام الماضي في مقتل ما يزيد على ثلاثة الاف شخص. ويستهدف المشروع اعطاء الاولوية الى السكك الحديد في مجال شحن السلع والمواد الاولية مثل الفوسفات والطاقة والمنتجات الكيماوية ومنع نقلها على الطرق البرية. وكان المكتب حقق في الشهور التسعة الاولى من العام الماضي ايردات مقدارها 135 مليون دولار ونقل 10,4 مليون مسافر، بزيادة نسبتها 4,5 في المئة على العام السابق، وشحن نحو 28 مليون طن من السلع المختلفة، بتراجع نسبته 15 في المئة عن عام 2000. ويمثل نقل الفوسفات احدى الانشطة الرئيسية لمكتب السكك الحديد، اذ يشكل 13 في المئة من اجمالي الايرادات. وقدرت استثمارات مكتب السكك الحديد بين اعوام 1996-2000 نحو 500 مليون دولار اقترض معظمها من "البنك الافريقي للتنمية" والبنك الدولي. وحقق مكتب السكك الحديد الذي تأسس عام 1922 ارباحاً صافية في مجال النقل بلغت العام الماضي 280 مليون درهم 25 مليون دولار وارباحاً في الانشطة السياحية قدرت بنحو مليون دولار من خلال فندق "قصرالجامعي" في فاس وفندق "مشلفن" في جبال الاطلس المتوسط. ويبحث المغرب منذ أعوام في امكانية مد السكك الحديد الى مدن اغادير على المحيط الاطلسي والعيون في الصحراء انطلاقاً من الشبكة الحالية التي تنتهي في مراكش. وتقدر كلفة المشروع نحو ثلاثة الى اربعة بلايين دولار ويحتاج الى خبرة تقنية عالية لشق جبال الاطلس التي يصل ارتفاعها الى 4500 متر. وكان المغرب اسند القيام بدراسات ميدانية الى شركات بلجيكية وهندية وصينية وروسية لاستقراء الجدوى الاقتصادية للمشروع الذي في حال انجازه سيفك عزلة مئات القرى المنتشرة على طول سفوح جبال الاطلس الى الصحراء. يذكر ان شبكة السكة الحديد في المغرب تصل الى 1900 كلم وهي كانت تتجاوز 2500 كلم غداة استقلال المغرب في عام 1956.