سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أكد ان خطاب واشنطن يتطابق كلياً مع الخطاب الاسرائيلي . مصدر ديبلوماسي فرنسي يعتبر سياسة الإدارة الأميركية تجاه عرفات والسلطة الفلسطينية "نهجاً خاطئاً وخطيراً"
انتقد مصدر ديبلوماسي فرنسي في حديث الى "الحياة" الموقف الأميركي مما يجري في المناطق الفلسطينية ومن الرئيس ياسر عرفات وقال "ان السياسة الأميركية ازاء السلطة الفلسطينية ورئيسها والشعب الفلسطيني تشكل نهجاً خاطئاً وخطيراً يؤدي إلى خلاف بين فرنساوالولاياتالمتحدة". وأضاف المصدر انه بعد 11 أيلول سبتمبر كانت الادارة الأميركية تقول انه بات من الضروري التوجه نحو استئناف المفاوضات وحل قضية الشرق الأوسط، لكنها عدلت لاحقاً عن هذا الموقف واعتمدت خطاباً باتجاه واحد. وتابع انه لدى كل حادث مثل العملية الانتحارية التي نفذتها الشابة الفلسطينية أو سواها تلقي الادارة الاميركية اللوم على عرفات وتعيد وتكرر ما يقوله رئيس الحكومة الاسرائيلي ارييل شارون الذي يرفع شعار "الحق على ياسر عرفات" الذي أصبح أيضاً شعار الادارة الأميركية. وذكر المصدر ان الخطاب الاميركي يتطابق كلياً مع الخطاب الاسرائيلي الذي يبدو كأنه لا يتحمل أي مسؤولية وكأن شارون بريء مما يحدث في الأراضي الفلسطينية رغم استخدامه المفرط للقوة. وعبر المصدر عن قناعته بأن هذا النهج الاميركي الخطير ينبثق من ادراك مفاده ان الولاياتالمتحدة لا تحتاج من الآن فصاعداً الى تحالف دولي لمواجهة الارهاب ولا الى تأييد الدول العربية والاسلامية وان هناك خلطاً تدريجياً في سياستها. وأشار الى أن الادارة الاميركية كانت نبهت بعد 11 أيلول الى ضرورة عدم الخلط بين الارهاب وكل ما هو عربي ومسلم، أما الآن فالادارة الاميركية تخلط بين تنظيم "القاعدة" والحركات المتطرفة وبين السلطة الفلسطينية "فكلها في نظر هذه الادارة أصبحت حركات ارهابية". وقال المصدر ان دائرة الشرق الأوسط وشمال افريقيا في الخارجية الفرنسية تعتبر أن سياسة الادارة الأميركية مقلقة جداً لأنها تنطوي على خطأ مأسوي بالنسبة الى المنطقة ومصالحها فيها. وتساءل المصدر: "هل يمكن حالياً القول، في ضوء الموقف الاميركي، ان هناك تحالفاً دولياً وهل مثل هذا التحالف موجود؟ بالنسبة الى افغانستان عبر الأوروبيون عن خيبتهم إذ ان الادارة الأميركية تتحرك حالياً وحدها ومن دون أي تحليل سياسي". وتابع المصدر ان ما قامت به الولاياتالمتحدة في اطار مكافحة "القاعدة" جيد و"لكن ماذا بعد ذلك؟"، وقال: "انهم يتحدثون عن مرحلة ثانية تستهدف مراكز القاعدة في الصومال واليمن لكن هذه المرحلة بدأت في الأراضي الفلسطينية حيث نرى ان الموقف الأميركي من الشعب الفلسطيني وعرفات مماثل لموقفهم من القاعدة". وتوقع المصدر ان تتخذ الادارة الأميركية في اطار هذه السياسة الخطيرة عقوبات بحق عرفات والسلطة الفلسطينية. وانتقد بشدة هذا الاحتمال وقال ان عرفات ربما أخطأ بالنسبة الى قضية الباخرة "كارين 1" لأن هناك تورطاً واضحاً لأعضاء في السلطة الفلسطينية فيها لكن ليست هناك أدلة تشير الى ان عرفات نفسه كان على علم بالأمر. وقال المصدر ان هناك في كل الأحوال حرباً قائمة بين الفلسطينيين والاسرائيليين وهذه الحرب تبرر الموقف الفلسطيني من قضية باخرة الأسلحة. ورأى ان هناك مسؤوليات مشتركة إذ يمكن لعرفات أن يبذل المزيد من الجهود خصوصاً أنه يعتمد خطاباً غامضاً، ولكن من جهة أخرى فإن الجانب الاسرائيلي لا يكشف عن أي أفق ويكتفي بالتدمير المنظم للبنية التحتية الفلسطينية مما يؤدي، مثلما قال وزير الخارجية الفرنسي، الى نتائج تكتيكية لكنه خطأ استراتيجي. وأضاف ان الذل اليومي مفروض على الفلسطينيين من الجانب الاسرائيلي فحتى لو اختفى عرفات هناك شعب فلسطيني سيظل يتعرض لذل مستمر. وتابع: "لو اعتبرنا السلطة الفلسطينية ورئيسها اختفيا فإن العمليات العسكرية ستتكثف لأن الشباب الفلسطيني يعاني من ذل يومي يدفعه الى اليأس، والطالبة الفلسطينية الانتحارية دليل على ذلك". لكنه أشار الى أن الادارة الاميركية لا ترى هذا الخطر وان وزير الخارجية كولن باول كان القى خطاباً جيداً جداً في لويزفيل تكلم فيه عن الدولة الفلسطينية وعن حقوق اللاجئين والقدس، لكن هذا الخطاب أصبح الآن في خبر كان. واعتبر المصدر ان سياسة واشنطن تتسم بالانطواء على الذات وعدم الإصغاء لأحد، وأن أوروبا وفرنسا حاولتا العمل مع الولاياتالمتحدة لإنشاء اطار لعودة المفاوضات وتكريس الدولة الفلسطينية التي تحظى بتوافق دولي لكن تعذر إقناع واشنطن بذلك لأنها لا تريد الاستماع لأحد. ورأى انه في ظل سياسة الانطواء هذه فإن الجهود الأميركية تستهدف السلطة الفلسطينية و"حماس" و"الجهاد" و"حزب الله"، وأن الضغوط التي تمارس على "حزب الله" تدخل أيضاً في اطار سياسة خطيرة للمنطقة ولمصالح اميركا فيها.