جمعية "تطوير" تحتفي باختتام النسخة الثانية من "مسرعة وتير"    شبكة القطيف الصحية تطلق مبادرة "توازن وعطاء" لتعزيز الصحة النفسية في بيئة العمل    تطبيق نظام التأمينات الاجتماعية على اللاعبين والمدربين السعوديين (إلزاميًا)    "التجارة": ضبط عمالة مخالفة تُعبئ أرز منتهي الصلاحية في أكياس لعلامات تجارية شهيرة بتواريخ جديدة    البدء بتطبيق نظام التأمينات الاجتماعية على اللاعبين والمدربين السعوديين ابتداءً من 1 يوليو    البرلمان العربي: وفد رفيع المستوى يتوجه في زيارة لمعبر رفح غدا    لجان البرلمان العربي الدائمة تختتم اجتماعاتها    بدء أعمال صيانة ورفع كفاءة نفق طريق الملك فهد مع تقاطع الأمير فيصل بن فهد بالخبر    وزارة الرياضة تعلن توقيع عقود تنفيذ فندقين في مدينة الملك عبدالله الرياضية بجدة    الأمير تركي الفيصل : عام جديد    تدخل طبي عاجل ينقذ حياة سبعيني بمستشفى الرس العام    القيادة تهنئ رئيس جمهورية مدغشقر بذكرى استقلال بلاده    القبض على 3 مخالفين لنظام أمن الحدود ظهروا بمحتوى مرئي في صبيا    النفط يرتفع مع انخفاض مخزونات الخام الأمريكية، وتعزيزات قوة الطلب    رونالدو يقترب من تجديد تعاقده مع النصر السعودي    محافظ صبيا يرأس اجتماع المجلس المحلي، ويناقش تحسين الخدمات والمشاريع التنموية    مفوض الإفتاء بمنطقة جازان يشارك في افتتاح المؤتمر العلمي الثاني    مونتيري المكسيكي يفوز على أوراوا الياباني برباعية ويصعد لدور ال16 بكأس العالم للأندية    الخط العربي بأسلوب الثلث يزدان على كسوة الكعبة المشرفة    ترامب يحث الكونغرس على "قتل" إذاعة (صوت أمريكا)    لوحات تستلهم جمال الطبيعة الصينية لفنان صيني بمعرض بالرياض واميرات سعوديات يثنين    مجلس الشورى" يطالب "السعودية" بخفض تذاكر كبار السن والجنود المرابطين    الذكاء الاصطناعي.. نعمة عصرية أم لعنة كامنة؟    روسيا تسقط 50 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    "الغذاء " تعلق تعيين جهة تقويم مطابقة لعدم التزامها بالأنظمة    في جولة الحسم الأخيرة بدور المجموعات لمونديال الأندية.. الهلال يسعى للتأهل أمام باتشوكا    في ربع نهائي الكأس الذهبية.. الأخضر يواصل تحضيراته لمواجهة نظيره المكسيكي    الخارجية الإيرانية: منشآتنا النووية تعرضت لأضرار جسيمة    تصاعد المعارك بين الجيش و«الدعم».. السودان.. مناطق إستراتيجية تتحول لبؤر اشتباك    أسرة الزواوي تستقبل التعازي في فقيدتهم مريم    بحضور مسؤولين وقناصل.. آل عيد وآل الشاعر يحتفلون بعقد قران سلمان    طقس حار و غبار على معظم مناطق المملكة    الجوازات: جاهزية تامة لاستقبال المعتمرين    غروسي: عودة المفتشين لمنشآت إيران النووية ضرورية    حامد مطاوع..رئيس تحرير الندوة في عصرها الذهبي..    تخريج أول دفعة من "برنامج التصحيح اللغوي"    10.9 مليار ريال مشتريات أسبوع    وزير الداخلية يعزي الشريف في وفاة والدته    سلمان بن سلطان يرعى حفل تخرّج طلاب وطالبات البرامج الصحية بتجمع المدينة المنورة الصحي    عسير.. وجهة سياحة أولى للسعوديين والمقيمين    استشاري: المورينجا لا تعالج الضغط ولا الكوليسترول    "التخصصات الصحية": إعلان نتائج برامج البورد السعودي    مؤتمر صحفي يكشف ملامح نسخة تحدي البقاء لأيتام المملكة    «الظبي الجفول».. رمز الصحراء وملهم الشعراء    الإبداع السعودي يتجلى في «سيلفريدجز» بلندن    جبر الخواطر.. عطاءٌ خفيّ وأثرٌ لا يُنسى    صيف المملكة 2025.. نهضة ثقافية في كل زاوية    رخصة القيادة وأهميتها    صوت الحكمة    مرور العام    دورتموند يكسب أولسان ويتصدر مجموعته بمونديال الأندية    نائب أمير منطقة مكة يستقبل القنصل البريطاني    أمير تبوك يستقبل مدير فرع وزارة الصحة بالمنطقة والمدير التنفيذي لهيئة الصحة العامة بالقطاع الشمالي    من أعلام جازان.. الشيخ الدكتور علي بن محمد عطيف    أقوى كاميرا تكتشف الكون    الجوز.. حبة واحدة تحمي قلبك    الهيئة الملكية تطلق حملة "مكة إرث حي" لإبراز القيمة الحضارية والتاريخية للعاصمة المقدسة    الرواشين.. ملامح من الإرث المدني وفن العمارة السعودية الأصيلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الدور المهدور" للمسيحيين العرب والأقليات ؟ . باب الحضارات المفتوح : صراع أم حوار ؟
نشر في الحياة يوم 28 - 01 - 2002

بدأ غبار الحملة العسكرية الأميركية في افغانستان بعد عمليات التفجير في واشنطن ونيويورك ينجلي شيئاً فشيئاً لتتضح معالم المشهد المتغير للعالم الجديد، وتظهر صورة المسرح المعد للمستقبل ليس في موقع العمليات فحسب بل في كل بقعة من بقاع العالم ولا سيما في منطقة الشرق الأوسط بالذات.
وبعيداً عن تعقيدات حرب أفغانستان وتداعيات انهيار حكومة "طالبان" ومصير "قاعدة" بن لادن واحتمالات وقوع حرب عصابات تشنها بقايا الجماعات المنضوية تحت لوائه، فإن المشهد يبدو مأسوياً في مجمله وكارثياً في آثاره ومخلفاته وانعكاساته على قضايا كثيرة أبرزها قضايا التحرر العربية والاسلامية ولا سيما في فلسطين وكشمير والشيشان وقضية "الوجود" و"الهوية" لملايين العرب والمسلمين المقيمين في الغرب والحاصلين على جنسيات دوله وحقوق شعوبها، وبالأخص وهو موضوع هذا المقال، العلاقة المستقبلية بين الاسلام والغرب... وبالأحرى والعالم، والعرب والعالم، وهل ستكون علاقة حوار وتفهم وتفاهم أم علاقة صدام وصراع وحروب لا نهاية لها ولا ضوابط ولا مبررات؟ فالعقل الشيطاني الذي وقف وراء عمليات التفجير حقق لأعداء العرب والمسلمين من صهاينة وغيرهم ما لم يحلم به أي "عقل شيطاني" مقابل لدى هؤلاء من مكاسب ومطامح وأهداف ومطامع وغايات خبيثة كان يتم التداول بها همساً، وعلى حياء فتحولت الى صراخ وكلام صريح وتهديدات علنية ترتدي قناع الحق والحرية وحقوق الانسان والدفاع عن الحضارة الغربية ومحاربة الارهاب. فاضافة الى ما تعرضت له افغانستان من دمار ونكبات ومآس، وما دفعه شعبها من ثمن باهظ من أرواح وكرامة ودم أطفاله وحاضره ومستقبله تسبب هذا "العقل الشيطاني" بالاساءة للعرب والمسلمين وتشويه صورة الاسلام وبث روح الكراهية ضد العرب في كل مكان... وحتى في افغانستان التي ذبح فيها المئات منهم ذبح النعاج بعدما غرر بهم من قبل الجماعات المتطرفة وسيقوا الى المذبح بعدما تركوا أوطانهم وأهاليهم بحجة الجهاد "المزيف" في افغانستان، لا في فلسطين حيث الجهاد الحقيقي المقدس، وبزعم أن الإمارة الاسلامية المنهارة هي "ديار الهجرة" والمنطلق للجهاد الأكبر ضد العالم بأسره بلا حساب لتوازن القوى أو لطبيعة الحرب الخاسرة ولا للمتغيرات العالمية.
ولن يمضي وقت طويل على انحسار غيوم الحرب الجديدة حتى يكتشف المتضررون حجم الكارثة التي تسبب بها نفر من الناس سيطرت على عقولهم ونفوسهم غرائز التطرف والعنف وعقد التسلط والزعامة ومزاعم النقاء وتكفير الناس بدون وجه حق، وفتح الأبواب على مصراعيها لصراع بين المسلمين وأبناء الديانات السماوية الأخرى وهو ما كان يخطط له الأعداء والصهاينة بالذات لتثبيت أقدام اسرائيل في فلسطين والعالم وإلهاء الجميع بهذه الحرب المدمرة. ولو أردنا احصاء قائمة الأضرار والخسائر الراهنة والمستقبلية لاحتجنا الى مجلدات ولوجدنا أن من أيقظ هذه الفتنة النائمة تحول الى أداة غبية للأعداء والطامعين ووقوداً رخيصاً للحملات المغرضة ضد العرب والمسلمين والاسلام دين السماحة والمحبة والسلام. وعلى رغم ان معظم الضحايا المباشرين من العرب الأفغان وأعضاء "القاعدة" وغيرهم كانوا من المغرر بهم، وأن معظم الذين تعاطفوا معهم هم من أصحاب "النوايا الحسنة" فإنه لا بد من التذكير بمقولة ان "طريق جهنم مفروشة بالنوايا الحسنة" وأن من خطط وحرض ثم ورط الأمة بهذه النكبة الجديدة لم يكن من هؤلاء لأنه لو كان يدري بأن النتائج ستكون وخيمة فتلك مصيبة وان كان لا يدري فالمصيبة أعظم.
والآن وقد "وقع الفاس في الرأس" ماذا يمكن للعرب والمسلمين أن يفعلوا لانقاذ ما يمكن انقاذه واعادة جسور الحوار والتواصل مع العالم وترميم بنيان الثقة بالنفس وتصحيح المسار، ليبقى الصرح قوياً صامداً وصاحب حضارة انسانية راقية لا مجال لتجاهلها أو الانتقاص من دورها وقيمها أو تشويه صورتها ورميها في أتون حرب ظالمة مع الحضارات الأخرى التي هي في الأساس لم تقم إلا على أسس الاستفادة والتعلم والاقتباس من الحضارة العربية والاسلامية؟
قبل كل شيء لا بد من الاعتراف بالقصور والتقصير لدى العرب والمسلمين من حكومات ودول وأفراد وقيادات ومفكرين، فقد ساد جو من الارتباك والضياع والرعب منذ اللحظة الأولى لوقوع تفجيرات واشنطن ونيويورك وما نجم عنها من حملات عدائية وما خرج علينا من أصوات واجراءات عنصرية وتحريضية لم يتم الرد عليها بطريقة منهجية وموضوعية من قبل المؤسسات والهيئات المختصة في ظل غياب إعلامي واضح. وحتى الجامعة العربية عادت لعادتها القديمة في التقصير وغياب التحرك الفاعل والمتطور بعيداً عن الروتين والأساليب البالية ولم تستخدم الامكانات المتاحة في التصدي للحملات ولو بتنفيذ قرارات وزراء الاعلام، وبينها قرار نشر اعلانات في الصحف الأجنبية فور وقوع التفجيرات لتفنيد المزاعم وتعزية أهالي الضحايا والتأكيد على رفض العرب للارهاب ونبذهم لكل من يمارسه. أما المؤتمر الذي دعا إليه الأمين العام للجامعة لبحث موضوع "حوار الحضارات" فقد جاء متأخراً وانتهت كما انته إليه المؤتمرات العربية على رغم ما قيل عن مشاركة "مفكرين ومثقفين" وما أعلن عن لجان وصناديق ننتظر لكي يتم وضع آلية عمل لبرامجها وخطة تحركها.
ولولا بعض الأصوات التي استدركت أبعاد الأزمة لتعمقت هوة القصور والتقصير وسادت أجواء العداء. من بين هذه الأصوات فتاوى ومواقف لهيئات دينية محترمة في المملكة العربية السعودية ومصر وبيانات للأزهر ومجمع البحوث الاسلامية، أعلى هيئة في الأزهر الذي أكد "ان للاسلام آداباً وأحكاماً واضحة تحرم قتل غير المقاتلين، كما تحرم قتل الأبرياء من الشيوخ والنساء والأطفال أو تدمير المنشآت والمواقع والمباني التي لا علاقة لها بالقتال" وأن الجهاد له مفهوم يقوم على الدفاع عن الدين والوطن ضد احتلال الأرض ونهب الثروات كما ان "الاسلام يعتبر تعدد الملل والشرائع والقوميات والثقافات سنة من سنن الله تعالى في الكون لا تبديل لها ولا تحويلا"، كما أشير الى تصريحات للأمير تركي الفيصل أكد فيها أن ما جرى هدد مصالح المسلمين وأن معالجة هذا الوضع تنطلق من تعاملنا مع الحدث وسلوكنا في إبراز صورة الاسلام على حقيقته كدين محبة وسلام وليس دين تعد على الناس. وهذا يستدعي بالطبع المسارعة الى تصحيح المسار والعمل على فتح باب حوار الحضارات رغم التأخر والبطء في هذا المجال حتى قبل التفجيرات الأخيرة، لأن عقلية الصراع والنوايا الشريرة عمدت منذ زمن الى محاولة إشعال نار الفتنة، ولا يستطيع أحد الادعاء بأنه فوجئ بالأحداث لأن ارهاصاته سبقته بأشواط بعيدة وجاءت تفجيرات نيويورك وواشنطن تشعل نار الصراع وتعطي إشارة الانطلاق لأصحاب هذه العقلية. وللتذكير فقط بإرهاصات ما نشهده حالياً وما يثار من قضايا ومواقف حول هذا الصراع المزعوم لا بد من الاشارة الى الأحداث التالية:
فور انهيار الاتحاد السوفياتي والمعسكر الاشتراكي وانتهاء الحرب الباردة بدأ الحديث في الغرب عن عدو جديد لما يسمى بالحضارة الغربية روجت له العقلية الشرعية بزعمها انه "الاسلام" وصدرت عدة مواقف وكتب من بينها كتاب "صراع الحضارات" لصامويل هانتنغتون.
نشرت تقارير ودراسات في الغرب تتحدث عن تزايد قوة العالم الاسلامي وازدياد المخاوف من انتشار المسلمين في شتى أنحاء العالم مما أدى الى بروز ظاهرة "الاسلامونوبيا" أي الخوف من الاسلام.
وقوع أحداث وثورات وحروب لها علاقة بالاسلام والعرب وصب فيها البعض الزيت على نار نظرية صراع الحضارات مثل الثورة الايرانية والحرب اللبنانية والحرب العراقية - الايرانية، ثم الغزو العراقي للكويت وحرب الخليج ثم حروب البوسنة والهرسك وكوسوفو ومقدونيا وما رافقها من عمليات قتل ومذابح وجرائم حرب استهدفت المسلمين، ومواقف تحذر من قيام "جيوب" أو دول إسلامية في قلب الغرب من بينها الموقف المعلن للرئيس الفرنسي الراحل فرنسوا ميتران الذي قال صراحة: اننا لن نسمح أبداً بقيام دولة اسلامية في قلب أوروبا.
تمكن باكستان من صنع قنبلة نووية اطلق عليها البعض مباهاة أو تخويفاً "القنبلة الاسلامية".
وقوع أحداث عنف وارهاب داخل الدول العربية والاسلامية وفي دول أخرى نسبت للاسلام وبالذات لمن يطلق عليهم اسم "الأفغان العرب" الذين استغلتهم الولايات المتحدة في حربها ضد الشيوعية والاتحاد السوفياتي واستخدم الاسلام حينها كسلاح ضد الالحاد الشيوعي، ثم تخلت عنهم ليتحول الاسلام بعد انتفاء الغرض وسقوط الاتحاد السوفياتي الى عدو للغرب والحضارة الغربية؟!
ظهور حركة "طالبان" ومعها "القاعدة" ومساهمتها في الترويج لمثل هذا الصراع وتوسيع قاعدته ومداه الى حرب بين المسلمين النموذج الأفغاني والقاعدي وكل المسلمين الآخرين من القمة الى القاعدة الذين تم تكفيرهم، والمسلمين و"النصارى واليهود" والعالم الآخر أي حرب مفتوحة لا قرار لها ولا نهاية سوى الدمار وهذا ما نشهد بداياته هذه الأيام.
هذه الارهاصات والظواهر الشاذة تدفعنا للعودة الى توجيه نداء جديد لتغليب الحكمة والعقل والدعوة للحوار البناء وتلافي الأخطار وإحلال روح السلام والمحبة والتفاهم محل روح الكراهية والحقد والصراع. وهذا يستدعي توحيد كل الجهود وحشد الطاقات على المستويات كافة لتصحيح المسار ومنع العقليات الشريرة من تنفيذ مخططاتها الجهنمية التي تصب كلها في النهاية لمصلحة اسرائيل والصهيونية العالمية.
وهناك أوراق قوة كثيرة يملكها العرب والمسلمون وتستند الى الحقائق والوقائع والامكانات المتاحة التي لم تستغل أبداً بل تم اهمالها وهدر ثرواتها وقيمها اللامتناهية، وبينها قوة ونفوذ الجاليات العربية والاسلامية في الغرب والجاليات الآسيوية والافريقية... وأيضاً الأقليات العربية التي لم تلق آذاناً صاغية منا على مدى العصور واقفلت في وجهها الأبواب والصدور في أحيان كثيرة حتى تم تنفيرها وإحراجها ثم إخراجها، بدلاً من اتخاذ اجراءات وخطوات عملية لتطمينها وإعادة الثقة الى نفوس أبنائها واحساسها بالأمان والاطمئنان وبأنها جزء لا يتجزأ من هذا الكيان الذي تعلمنا على ثوابت حضارية تحتوي كل من أقام على الأرض العربية وفي ديار الاسلام.
أما الثروة المهدورة الأهم منذ زمن، ونفتقدها كما نفتقد دورها هذه الأيام فهي كتلة المسيحيين العرب إذا صح التعبير ولا سيما في لبنان ومصر وفلسطين والأردن والعراق. فهؤلاء هم جزء أصيل في الأمة العربية ولهم امتدادات مهمة وفاعلة في العالم والغرب... وفي الولايات المتحدة بالذات، إلا أن "الهدر" المتكرر تمثل إما في إهمال هذا الدور أو عدم التنبه لأهميته أو في نفيه وتنفير أصحابه وعدم التواصل معهم بعدما هاجروا أو هجروا وفي قلوبهم حسرة وفي بعض الأحيان عداء أو على الأقل لامبالاة تجاه القضايا العربية. فقضية فلسطين مثلاً كان يمكن أن تكسب أكثر وتحظى بدعم أكبر لو عولجت كقضية عربية اسلامية - مسيحية، كذلك قضية القدس لأن العداء الصهيوني ينصب على المسيحيين والمسلمين معاً بل ان نصيب المسيحيين كان أكبر في أحيان كثيرة من تهجير وتفريغ للمدن وضرب وتدنيس للمقدسات.
واليوم في ظل الحديث عن "صراع الحضارات" ومقابلته بالدعوة الملحة للحوار يمكن أن يلعب المسيحيون العرب دوراً بارزاً وفاعلاً بين العرب والغرب وبين المسلمين والمسيحيين بشكل عام، نظراً لتفهمهم لأهمية هذا الحوار وقربهم من عقليات مختلف الأطراف بالاضافة الى نفوذهم في الغرب وتمكنهم من الوصول الى مراكز قيادية في الولايات المتحدة وغيرها من دول الغرب.
هذا الدور يمكن أن يكون مفصلياً ينزع فتيل التوتر ويعيد الحوار الى منطلقاته الايجابية الهادئة بعدما رفعت أحداث نيويورك وواشنطن درجة حرارتها الى الذروة وكادت العقليات الشيطانية وتصريحات أصحابها ونداءاتهم المشبوهة من هنا... وهناك الى إشعال نار حرب مدمرة وتأكيد نظرية صراع الحضارات... فهل يتنبه العرب الى أهمية هذا الدور... ومعه الامكانات الأخرى المتاحة لاطلاق عجلة حوار جدي؟.. ولكن على أي حوار ومع من... وعلى أي أساس؟ هذا ما سأحاول الاجابة عليه في مقال لاحق بإذن الله.
* كاتب وصحافي عربي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.