قالت مصادر سورية مطلعة ل"الحياة" ان "التناغم" الذي ظهر اخيراً بين الامين العام ل"الحزب الشيوعي-المكتب السياسي" رياض الترك والمراقب العام ل"الاخوان المسلمين" علي صدر الدين البيانوني، أدى الى "معاودة خلط الاوراق في المعسكرين المتناقضين وحصول ما يشبه الانشقاق في كوادر الاخوان المقيمين في الخارج". وكشفت المصادر ان البعثات الديبلوماسية السورية تسلمت في الاسابيع الاخيرة نحو 200 طلب لقياديين وكوادر، يريدون ب"حسن نية طي المرحلة العقيمة من حياتهم والعودة الى البلاد، ووافقت السلطات المختصة على طلبات بعضهم وتدرس طلبات الآخرين بتوجه ايجابي". وكان بين العائدين شقيق زعيم الجماعة، الشيخ محمد ابو الفتح البيانوني الذي عاد اخيراً الى حلب، بعد نحو عشرين سنة امضاها في الخليج، خصوصاً في الكويت حيث عمل مدرساً في كلية الشريعة. وقال ابو الفتح البيانوني في اتصال هاتفي بحلب أجرته "الحياة": "انضمام اخي الى الجوقة القائمة وتعاطفه مع الترك وكانهما صديقان لدودان، أديا الى انشقاقات في الحركة، لأن ما فعله يتناقض مع العقيدة الدينية، فاقتنع عدد من الكوادر بأنها مجرد حركة سياسية فرطت بعقيدتها وليست تنظيماً دينياً". وبعدما اشار الى ان السلطات السورية أعطته جواز سفر مدته ست سنوات، قال: "وجدت كل الترحيب من المسؤولين السوريين ورحابة الصدر التي تتسع حتى لأولئك الذين لم يتركوا في البلاد سوى ذكريات سيئة. وسأبلغ اخي المراقب العام ل"الاخوان" ما شاهدته من استقرار وأمن تختلف صورتهما تماماً عما يصوره الاعلام الغربي". ونفى توليه "وساطة" بين الحكومة السورية و"الاخوان"، لأن ذلك يتطلب ان يكون "الشخص وسطاً بين الطرفين، الأمر الذي لا ينطبق عليّ لأنني أقف في خندق بلدي وأخي يقف في الخندق الآخر". واستدرك: "سأطلع اخي على ما شاهدته كي أسعى الى اصلاح موقفه. كانت تصريحات اخي صدر الدين جيدة في الاشهر الاخيرة تتحدث عن التوافق، لكن مداخلته الاخيرة عبر احدى الفضائيات العربية نسفت كل ما سبق". وكان الدكتور ابو الفتح 61 سنة يشير الى "تعاطف" صدر الدين مع المعارض السياسي الترك، الذي قدم مداخلة في برنامج على قناة "الجزيرة" الفضائية، كانت بين اسباب توقيف رئيس "الحزب الشيوعي - المكتب السياسي" في اطار حملة طاولت تسعة آخرين. كما ان حديث بعض هؤلاء في المنتديات عن "تحالف" مع "الاخوان" كان احد اسباب اقتناع السلطات بتجاوز الناشطين ل"الخطوط الحمر التي حددها القانون". وتابعت المصادر ذاتها: "تأكدت السلطات ان هؤلاء تناسوا مهمة منتدياتهم التي سمحت بها الدولة لسماع الرأي الآخر، والمشاركة في عملية التطوير والتحديث، وقلبوها الى منابر للشتائم والحقد والاتهامات والتحريض وتجاوز القوانين". وكان الترك "تحدى" في "منتدى جمال الأتاسي للحوار الديموقراطي" اجهزة الاستخبارات امتلاك "اي وثيقة عن تعاون مع الاخوان"، لكن المصادر اوضحت ان "الذين كانوا يدفعون عن الترك تهمة التناغم مع الاخوان في الثمانينات بدأوا يعيدون حساباتهم ويقوّمون المسألة مجدداً، بحيث تأكد ان ما كان سابقاً هو أمر واقع، خصوصاً عندما ظهر التحالف مجدداً وطفح في وسائل الاعلام ومنشورات الاخوان، بحيث وجدت كوادر الحركة في دفاع صدر الدين عن الترك انقلابا عقائدياً، فأعادت تقويم المرحلة السابقة، ووصلت الى اقتناع بأن هدف الجماعة كان الغاء فكرة الوطن والبحث عن مكاسب سياسية". وقال ابو الفتح البيانوني: "قبل عودتي الى البلاد ناقشت مع اخي هذا الحلف الجديد مع الشيوعيين الذين لا يجمعهم معه اي شيء سوى الحقد على الوطن، ولمته لوماً شديداً على مواقفه".