المنظمات والجماعات التي حرضت بغداد على العناد ضد الإرادة الدولية عام 1990، وغرّرت بها لمواجهة قوات التحالف الدولي والاستمرار في احتلال الكويت، والدخول في حرب غير متكافئة نتيجتها معروفة سلفاً، ودفع فاتورة الدمار والحصار، هي ذاتها التي تحرض حركة "طالبان" هذه الأيام على رفض المطالب الأميركية والباكستانية بتسليم اسامة بن لادن وبقية الإرهابيين الموجودين على أراضيها، وخداعها بأن ما تقوم به جهاد في سبيل الله ونضال ضد الظلم والعدوان. الأصوات الغوغائية التي ترتفع الآن دفاعاً عن "طالبان"، لم تشوه صورة العرب والمسلمين إبان غزو الكويت بالمقدار الذي تفعله الآن، وما جرى سابقاً شأن عربي خاص لا علاقة له بالرأي العام الأميركي والأوروبي، والخلافات التي حدثت أيام الغزو على وجود القوات الأجنبية ومشاركتها في الحرب، بقيت آثارها محصورة داخل العالم العربي. لكنها اليوم تتعاطى مع قضية دولية تمس المواطن الغربي في شكل مباشر، وتكرس الصورة المغلوطة عن العرب والمسلمين، وتسوّغ الإرهاب بدعوى حماية أفغانستان، على رغم أن الدفاع عن "طالبان" في هذه القضية مساندة للإرهاب، وموافقة على الدمار الذي تعيشه أفغانستان منذ سنوات، وسكوت على الاتجار في المخدرات، وقمع المرأة وحرمانها من التعليم، وتدمير الآثار، وتشويه صورة الحضارة الإسلامية، ومحاربة الوعي والفن، وزرع التخلف والحرب. لا شك في أن الإعلام العربي يمر الآن بالظروف التي عايشناها إبان غزو الكويت، والأصوات التي تدعو إلى تحريض "طالبان" على رفض الطلب الأميركي تسليم بن لادن، والخروج من الأزمة بسلام، نجحت حتى الآن في تهييج الرأي العام العربي والإسلامي، في شكل يدعو إلى وقفة من العقلانيين، وقادة الرأي في وسائل الإعلام العربية والإسلامية، وفتح حوار هادئ مع هذه الأصوات لئلا نصل الى النتيجة المؤلمة التي وصلنا إليها بعد الغزو العراقي للكويت.