دهشة وعدم تصديق، لهث بين القنوات بحثاً عن الحدث، ايمان بصلة وثيقة بين ما حدث في تلك الدولة التي تسيطر على العالم وما يتعرض له الفلسطينيون من إبادة. تبني نظريات متفاوتة يصل بعضها الى حد المؤامرة على العرب. الشباب المصري تابع الهجمات المروعة التي تعرضت لها الولاياتالمتحدة الاميركية، شأنه شأن شباب العالم الا ان سبل المتابعة، وردود الفعل الاولية، والتحليلات التي تلتها اصطبغت بلون المجتمع المصري، وما يموج بين اجياله الصغيرة من مبادئ ومعتقدات ومشاعر تجاه العم سام. "الحياة" التقت عدداً من الشباب والشابات، وعرفت منهم متى وكيف عرفوا الخبر وتقويمهم له. محمد العزبي - طالب في الفرقة الثانية في كلية الحقوق - كان في زيارة الى بيت صديق له حين فوجئ بوالد الصديق يصيح من بهو المنزل طالباً منهما القدوم لمشاهدة ما يجري في التلفزيون. يقول: "للوهلة الاولى اعتقدت انها احد المشاهد التي تذاع في برامج تجارية اميركية يصورون فيها الطريقة المثلى للتخلص من المباني المطلوب ازالتها، أو انها احدى الخدع المستخدمة في هوليوود". ويضيف: "كانت المحطة التي يشاهدها الأب هي "سي ان ان" الاميركية لذا لم نتحقق تماماً مما يقوله المذيع، لكن بدا ان حدثاً مروعاً قد وقع، وأدرنا المؤشر الى التلفزيون المصري لنفاجأ بما حدث". وإذا كان العزبي لم يهدِه تفكيره الى جهات بعينها يمكن ان تدور حولها الشبهات، فإن حسين السيد 25 عاماً ويعمل سائق سيارة اجرة كان اكثر تحديداً، قال بثقة بالغة: "من هو اسامة بن "مازن" الذي يتهمونه بالقيام بهذا العمل الضخم؟ إن ما يمكنه عمله هو وضع بمبة في مطبخ، هذه شغلة دول، ودول كبيرة وليست صغيرة". وأدار مؤشر الاذاعة بعيداً من الاخبار التي استقى منها تحليلاته، واخذ يعبث في كومة شرائط وضعها امامه، واختار احدها، وضغط الزر لينطلق صوت شعبان عبدالرحيم صداحاً "باحب عمرو موسى وباكره اسرائيل". اسرائيل ايضاً كانت محور حديث الطالبة دينا التركي 20 عاماً، تقول: "كنت اصفف شعري في صالون التزيين المجاور لبيتي حين توقفت الاغنية التي كانت تبثها احدى الاذاعات المصرية، واعلن المذيع عن اصطدام الطائرات بمركز التجارة العالمي، ولأن شقيقي يعيش في اميركا، هرعت الى المنزل قبل أن اكمل تصفيف شعري لأتبين ما يحدث وأطمئن عليه، على رغم أنه يعيش في ولاية بعيدة تماماً عن نيويورك". وتشير التركي بلهجة واثقة الى ان اسرائيل هي الجهة الوحيدة التي يمكن ان تنفذ مثل تلك العمليات المحكمة، تقول: "أنا مع النظرية التي تميل الى اتهام جهاز استخباراتي قوي، واسرائيل بمثل تلك العمليات تكون قد اصابت غير عصفور بحجر واحد، فالاتهامات ستوجه آلياً الى المسلمين وتحديداً العرب وسيقتنع الاميركيون تماماً بأنهم والاسرائيليين يواجهون عدواً واحداً هو العرب". المهندس ايمن هدايت 29 عاماً صاحب احد المواقع على شبكة الانترنت، قال: "عرفت من خلال شبكة الانترنت، إذ كنت في احد مواقع الدردشة اتحدث مع شقيقتي التي تعيش في نيويورك على مقربة من موقع الاحداث، وابلغتني بعد ثانيتين من اختراق الطائرة الاولى لمركز التجارة العالمي". ويضيف: "شعرتُ برعب شديد على حياة شقيقتي وزوجها وابنتهما، لا سيما حين اتصل بي زوجها الذي يعمل في نيويورك واخبرني انه فقد الاتصال بها، وطلب مني الاتصال بها، وطمأنتها، ومعاودة الاتصال به مرة اخرى". ويضيف: "لماذا لا يكون الفاعل اسرائيل؟ ولماذا يركّز الغرب على الاعداء التقليديين فقط، ابن لادن، والعراق، والفلسطينيين؟". وإذا كان هدايت عاش الكارثة لحظة بلحظة من خلال الانترنت، فإن الصحافي حاتم محمد 26عاماً يقول انه انعزل عن العالم حين توجه الى بيته "لينفرد" بالفضائيات لكنه فوجئ بتعطل جهاز فك الشيفرة "الديكودر". ويقول: "استعنت بالقناة الاولى وألصقت المذياع على اذني اتابع اذاعة "بي بي سي" القسم العربي، احسست لوهلة انني اشاهد احد افلام الخيال العلمي والاثارة الاميركية التي تتعرض فيها مدينة اميركية لغزو خارجي، واستغرق الامر دقائق عدة لأستوعب حقيقة ما يحدث والحقيقة انني ارتعبت لأنني على يقين ان السهام ستوجه من دون تفكير الى منطقتنا العربية".