سجلت أمس في بيروت محاولة اختراق ايجابية للأزمة السياسية الحادة التي تعصف بلبنان منذ حملة الاعتقالات وما رافقها والتي تسببت بانقسام حكومي لا تزال مفاعيله تتردد. ويتوقع أن يطرح رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط اليوم في لقائه مع رئيس الجمهورية أميل لحود أفكاراً قال إنها "تتجاوز التهدئة إلى التعاون جميعاً لانقاذ الوضع الاقتصادي الذي لا يجوز أن يبقى على حاله". ومعلوم ان جنبلاط زار أول من أمس دمشق حيث التقى الرئيس بشار الأسد. في الوقت نفسه يتوقع أن يصدر لقاء "قرنة شهوان" الذي اجتمع أمس في بكركي بياناً سياسياً مهماً اليوم اثر لقاء آخر يعقده في الصرح البطريركي. وعلمت "الحياة" أن البيان سيشدد على ثوابت "قرنة شهوان" لجهة المطالبة خصوصاً بتطبيق اتفاق الطائف. وقال مصدر في اللقاء ل"الحياة": "لا يتوقعن أحد منا أن نتنازل عن ثوابتنا أو انجازاتنا ولا عن مطلبنا بالمصالحة الوطنية". وذكر أن اللقاء سيطالب بالافراج عمن تبقى من المعتقلين لدى المحكمة العسكرية، مشيراً إلى أن النائب بطرس حرب وضع اللقاء في أجواء غير مريحة تتعلق بسير الاستجواب الذي خضع له الدكتور توفيق الهندي مستشار قائد "القوات اللبنانية". وفي سياق آخر، يعقد اجتماع السبت المقبل في اللقلوق بين ممثلين للقاء "قرنة شهوان" وممثلين عن "حزب الله" لاستكمال حوار كان بدأ في سويسرا قبل أسابيع. وأحال النائب العام التمييزي القاضي عدنان عضوم أمس الزميل حبيب يونس على مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي نصري لحود للادعاء عليه بتهمة الاتصال مع مسؤولين اسرائىليين، في حين اطلق المحتجزة كلوديا حجار التي كانت استدعيت كشاهدة في التحقيق. وأفادت مصادر قضائية "ان التحقيقات الاولية في وزارة الدفاع أظهرت ان لدى الزميل يونس علاقات واتصالات قديمة ومستمرة تعود الى الثمانينات مع اسرائىليين وتوجد وثائق في هذا الشأن عثر عليها في منزله، وهي عبارة عن أوراق دوّنها بخط يده". وحسب التحقيقات فإن يونس زار اسرائىل بحراً عام 1988 ونسج علاقات مع ضباط اسرائىليين، وانه يعرف اوديد زاراي، واجتمع به في شهر نيسان ابريل الماضي حين ذهب الى قبرص حيث التقى أيضاً رئيس "حراس الأرز" اتيان صقر المطلوب للعدالة في اجتماع واحد. وقالت المصادر القضائية إنه "جرت خلال الاجتماع تحضيرات لتحريك الشارع عقب ضربة اسرائيلية مخطط لها في تموز يوليو الماضي". وترك القاضي عضوم المحتجزة كلوديا حجار بسند اقامة لأن التحقيق لم يثبت أي علاقة لها بالإسرائيليين رغم انها حضرت الاجتماع مع زاراي وصقر. وتمنعت المصادر القضائية عن كشف دور الزميل يونس في لبنان، إلا أنها ادعت إن زاراي اشترى ليونس جهاز كومبيوتر ليرسل اليه عبره رسائل مشفرة. وأشارت الى ان الزميل يونس كان على علاقة بالصحافي انطوان باسيل وكان يزمع العمل في الاذاعة "المشرقية" اذاعة اسرائيلية. وقالت ان اشخاصاً وردت اسماؤهم خلال التحقيق مع الزميل يونس كان يجب استدعاؤهم لكن ذلك سيحصل لاحقاً. ونُقل الزميل يونس، مكبّل اليدين وبادياً عليه الارهاق، الى نظارة المحكمة العسكرية في انتظار الادعاء عليه وتحويله الى قاضي التحقيق العسكري للاستماع الى إفادته مجدداً. على وقع هذه التطورات، يحمل جنبلاط إلى القصر الجمهوري اليوم أفكاراً للملمة الوضع. وكشف جنبلاط ل"الحياة" ان "الرئيس السوري شجعه على القيام بمبادرة لتهدئة الوضع في لبنان بغية تحقيق التماسك السياسي على كل الصعد، للانصراف الى معالجة الأزمة الاقتصادية التي لم تعد تحتمل". وأبدى جنبلاط ارتياحه للأجواء التي سادت اجتماعه بالرئيس الأسد، وقال: "لم ندخل ابداً في تفاصيل المبادرة، ولكننا استعرضنا كل القضايا المطروحة على الساحة اللبنانية"، لافتاً الى أن "التوافق كان تاماً على ضرورة المبادرة لإنقاذ الوضع الاقتصادي لا سيما بعد الخطورة التي بلغها". وأضاف: "ان البحث الأساسي مع الرئيس الأسد تركز على الوضع في المنطقة، لا سيما الوضع الراهن في الأراضي المحتلة، وقد وضعته في اجواء الاجتماعات التي عقدتها في عمّان مع الدروز العرب في فلسطينالمحتلة". وشدد جنبلاط على "أننا كلقاء ديموقراطي نيابي نتميز عن غيرنا بحرية التحرك لطرح ما لدينا من افكار"، مشيراً الى أنه يود التأكيد منذ الآن ان مبادرته "ليست موجهة ضد هذا الرئيس لمصلحة ذاك الرئيس، وأن ما يهمنا ايجاد المناخ الذي يساعدنا على تخطي الأزمات التي نحن فيها". وفي هذا الإطار اجرى جنبلاط فور عودته من دمشق اتصالاً برئيس الحكومة رفيق الحريري الموجود حالياً في سردينيا، وأوفد إليه امس وزراء اللقاء الديموقراطي النيابي مروان حمادة، فؤاد السعد وغازي العريضي الذين اطلعوه على نتائج محادثاته في دمشق ورغبته في اطلاق مبادرة عنوانها الرئيسي تضافر كل الجهود لإنقاذ الوضع الاقتصادي. واستمع الوزراء الذين عادوا ليل امس الى بيروت ليطلعوا جنبلاط على اجواء اللقاء، الى وجهة نظر الحريري العائد مساء الأحد المقبل من اجازته.