نائب أمير عسير: الخطاب الملكي يعكس ثقل المملكة السياسي وتجسيدها للإنسانية    أوقية الذهب تصعد الى 3645.04 دولار    نائب أمير منطقة عسير يتوّج المنتخب السعودي تحت 19 عامًا بكأس الخليج في نسخته الأولى    وزير الداخلية لنظيره القطري: القيادة وجهت بتسخير الإمكانات لدعمكم    أرامكو تصدر صكوكاً دولارية دولية    إسهاماً في تعزيز مسيرة القطاع في السعودية.. برنامج لتأهيل «خبراء المستقبل» في الأمن السيبراني    «الفطرية»: برنامج لمراقبة الشعاب المرجانية    وزير الدفاع لرئيس وزراء قطر: نقف معكم وندين الهجوم الإجرامي السافر    200 شخص اعتقلوا في أول يوم لحكومة لوكورنو.. احتجاجات واسعة في فرنسا    السعودية ترحب وتدعم انتهاج الحلول الدبلوماسية.. اتفاق بين إيران والوكالة الذرية على استئناف التعاون    المملكة تعزي قطر في وفاة أحد منسوبي قوة الأمن الداخلي جراء الاعتداء الإسرائيلي الآثم    إثارة دوري روشن تعود بانطلاق الجولة الثانية.. الاتحاد والهلال يواجهان الفتح والقادسية    هوساوي: أعتز برحلتي الجديدة مع الأهلي    الدليل «ترانسفير ماركت»    أكد أن النجاحات تحققت بفضل التعاون والتكامل.. نائب أمير مكة يطلع على خطط طوارئ الحج    نائب أمير منطقة مكة المكرمة يستقبل رئيس فريق تقييم أداء الجهات الحكومية المشاركة في تنفيذ الخطة العامة للطوارئ    منافسة نسائية في دراما رمضان 2026    معرض الصقور والصيد السعودي الدولي 2025.. موروث ثقافي يعزز الأثر الاجتماعي والحراك الاقتصادي    نائب أمير المنطقة الشرقية: الخطاب الملكي الكريم خارطة طريق لمستقبلٍ مشرق    اليوم الوطني.. نبراس للتنمية والأمان    حساب المواطن ثلاثة مليارات ريال لمستفيدي شهر سبتمبر    فيلانويفا يدافع عن قميص الفيحاء    باتشيكو حارساً للفتح    واشنطن تستعد لتحرّك حازم ضد موسكو    سكان غزة.. يرفضون أوامر الإخلاء ومحاولات التهجير    هيئة الشرقية تنظّم "سبل الوقاية من الابتزاز"    الكشافة السعودية تشارك في الجامبوري العالمي    مبادرات جمعية الصم تخدم ثلاثة آلاف مستفيد    العراق: الإفراج عن باحثة مختطفة منذ 2023    الفضلي يستعرض مشروعات المياه    "التعليم" توقع اتفاقية "الروبوت والرياضات اللاسلكية"    «آسان» و«الدارة» يدعمان استدامة التراث السعودي    «سلطان الخيرية» تعزز تعليم العربية في آسيا الوسطى    «الحج والعمرة» تُطلق تحدي «إعاشة ثون»    التأييد الحقيقي    "الشيخوخة الصحية" يلفت أنظار زوار فعالية العلاج الطبيعي بسيهات    إنقاذ حياة مواطنَيْن من تمزّق الحاجز البطيني    2.47 تريليون ريال عقود التمويل الإسلامي    59% يفضلون تحويل الأموال عبر التطبيقات الرقمية    الهجوم الإسرائيلي في قطر يفضح تقاعس واشنطن ويغضب الخليج    هل توقف العقوبات انتهاكات الاحتلال في غزة    المكملات بين الاستخدام الواعي والانزلاق الخفي    مُحافظ الطائف: الخطاب الملكي تجسيد رؤية القيادة لمستقبل المملكة    الأمير فهد بن جلوي توَّج الملاك الفائزين في تاسع أيام المهرجان    تعليم الطائف يعلن بدء استقبال طلبات إعادة شهادة الثانوية لعام 1447    السبع العجاف والسبع السمان: قانون التحول في مسيرة الحياة    فضيلة المستشار الشرعي بجازان: " ثمرة تماسك المجتمع تنمية الوطن وازدهاره"    نائب أمير منطقة تبوك يستعرض منجزات وأعمال لجنة تراحم بالمنطقة    ختام بطولات الموسم الثالث من الدوري السعودي للرياضات القتالية الإلكترونية    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل رئيس وأعضاء جمعية الوقاية من الجريمة "أمان"    البرامج الجامعية القصيرة تمهد لجيل من الكفاءات الصحية الشابة    أمير المدينة يلتقي العلماء والمشاركين في حلقة نقاش "المزارع الوقفية"    أحلام تبدأ بروفاتها المكثفة استعدادًا لحفلها في موسم جدة    نيابة عن خادم الحرمين.. ولي العهد يُلقي الخطاب الملكي السنوي لافتتاح أعمال الشورى في الدور التشريغي 9 اليوم    "التخصصي" يفتتح جناح الأعصاب الذكي    إنتاج أول فيلم رسوم بالذكاء الاصطناعي    مجلس الوزراء برئاسة ولي العهد: سلطات الاحتلال تمارس انتهاكات جسيمة ويجب محاسبتها    أهمية إدراج فحص المخدرات والأمراض النفسية قبل الزواج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لجنة تقصي الحقائق توصي بوقف العنف واجراءات ثقة ومعاودة المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية قسم أول
نشر في الحياة يوم 07 - 05 - 2001

رفعت لجنة تقصي الحقائق في الاراضي الفلسطينية المحتلة تقريراً بخلاصة عملها الى الرئيس جورج بوش، كما سلمت نسخة منه الى كل من الحكومة الاسرائيلية والسلطة الفلسطينية. وشددت اللجنة التي ضمت كلاً من سليمان ديمريل الرئيس التركي السابق وتوربيان ياغلاند وزير خارجية النروج وجورج ميتشل رئيساً عضو سابق ورئيس الغالبية في مجلس الشيوخ الأميركي ووارن رودمان عضو سابق في مجلس الشيوخ الأميركي وخافيير سولانا الممثل الأعلى لسياسة الأمن والتعاون في الاتحاد الأوروبي، في توصياتها على ضرورة ان تعمل الحكومة الاسرائيلية والسلطة الفلسطينية، عبر اجراءات اقترحتها، على وقف العنف فوراً ومعاودة التفاوض لتأكيد التزام الاتفاقات الموقعة والتفاهمات المشتركة. وفي ما يأتي تنشر "الحياة" نص التقرير
لجنة شرم الشيخ لتقصي الحقائق
ابريل 30/4/2001
السيد جورج بوش المحترم
رئيس الولايات المتحدة الأميركية
البيت الأبيض
واشنطن د-سي 20500
عزيزنا السيد الرئيس:
نرفق طيه تقرير لجنة شرم الشيخ لتقصي الحقائق:
لقد طلبنا وتلقينا المعلومات والمشورة من قطاع واسع من الأفراد، والمؤسسات، والحكومات. وعلى رغم ذلك فإن النتائج والتوصيات صادرةٌ عنّا فقط.
نقدم شكرنا للدعم الذي قدمته للجنة أنت وإدارتك
باحترام
سليمان ديميريل
توربيان ياغلاند
وارن رودمان
خافيير سولانا
جورج ميتشل رئيس اللجنة
خلاصة التوصيات:
على الحكومة الاسرائيلية والسلطة الفلسطينية أن تتصرفا بسرعة وحزم لوقف العنف. الأهداف الفورية لكليهما في ما بعد هي بناء الثقة واستئناف المفاوضات.
أثناء مهمتنا، كان هدفنا هو إنجاز التفويض الذي اتفق عليه في شرم الشيخ. نثمن الدعم الذي حظي به عملنا من الأطراف المشاركة في المؤتمر، ونقدر الفرقاء على تعاونهم. إن توصيتنا الأساسية هي التزام الفرقاء بروح شرم الشيخ، وتنفيذ القرارات التي اتخذت هناك في العامين 1999 و2000، إننا نؤمن أن المشاركين في المؤتمر سيدعمون الجهود الشجاعة للفرقاء من اجل تحقيق هذه الاهداف وعليه، فإننا نوصي باتخاذ إجراءات من أجل:
إيقاف العنف:
{ على الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية إعادة تأكيد التزامهما بالاتفاقات القائمة وما يترتب عليها، والتنفيذ الفوري لوقف اطلاق النار غير المشروط.
{ على الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية الاستئناف الفوري للتعاون الأمني.
إعادة بناء الثقة:
{ على السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية أن تعملا معاً لبناء "فترة تهدئة" ذات معنى، وتنفيذ إجراءات إضافية لبناء الثقة، تلك الإجراءات التي تم تفصيلها في تشرين الأول أكتوبر 2000 في مذكرة شرم الشيخ، والتي تم تقديم بعضها من قبل الولايات المتحدة في كانون الثاني يناير 2001 في القاهرة، لمزيد من التفصيل راجع الجزء الخاص بالتوصيات
{ على السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية استئناف جهودهما لتحديد، وشجب، وعدم تشجيع التحريض بكافة أشكاله.
{ على السلطة الفلسطينية أن توضح للفلسطينيين والإسرائيليين على السّواء من خلال إجراء ملموس أن الإرهاب غير مقبول، و لا يمكن الموافقة عليه، وأن السلطة الفلسطينية ستبذل جهداً بنسبة 100 في المئة للحيلولة دون القيام بعمليات إرهابية ومعاقبة مرتكبيها، هذا الجهد يتضمن خطوات فورية لاعتقال وسجن الإرهابيين الذين يعملون من مناطق ضمن سيطرة السلطة الفلسطينية.
{ على الحكومة الإسرائيلية تجميد كافة النشاطات الإستيطانية، بما في ذلك النمو الطبيعي للمستوطنات القائمة.
{ على الحكومة الإسرائيلية ضمان ان جيش الدفاع الإسرائيلي يتبنى ويعزز سياسات وإجراءات تشجع استجابات لاعنفية ضد التظاهرات غير المسلحة، وبما يقلص الاصابات والاحتكاكات بين المجتمعين الاسرائيلي، الفلسطيني.
{ على السلطة الفلسطينية منع المسلحين من استخدام المناطق المأهولة بالفلسطينيين لإطلاق النار على مناطق مأهولة بالإسرائيليين ومواقع جيش الدفاع الإسرائيلي. إن ذلك الأسلوب يعرض المدنيين في كلا الجانبين لمخاطر غير ضرورية.
{ على الحكومة الإسرائيلية أن ترفع الإغلاقات وأن تحول للسلطة الفلسطينية عائدات الضرائب المستحقة، وأن تسمح للفلسطينيين الذين كانوا يعملون في اسرائيل بالعودة الى أعمالهم، كما على الحكومة الإسرائيلية أن تضمن عدم قيام قوات الأمن والمستوطنين بتدمير البيوت والشوارع، وكذلك الأشجار والممتلكات الزراعية في الأراضي الفلسطينية. إننا ندرك أن موقف الحكومة الإسرائيلية وإجراءاتها بهذا الشأن اتخذت لأسباب أمنية، ومع ذلك فإن التأثيرات الاقتصادية لتلك الإجراءات ستستمر لسنوات عديدة.
{ على السلطة الفلسطينية تجديد التعاون مع الجهات الأمنية الإسرائيلية لتضمن، والى اقصى حد ممكن، أن العمال الفلسطينيين المستخدمين في اسرائيل قد تم فحصهم بدقة وليس لهم ارتباطات مع منظمات أو أفراد متورطين في الإرهاب.
{ على السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية النظر في المسؤولية المشتركة للمحافظة على وحماية الأماكن المقدسة في تقاليد اليهود والمسلمين والمسيحيين.
{ على الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية أن تصادقا على وتدعما بشكل مشترك المنظمات الفلسطينية والإسرائيلية غير الحكومية العاملة في مجال مبادرات التقارب بين الشعبين.
استئناف المفاوضات:
بروحية اتفاقات شرم الشيخ وتفاهمات 1999 و 2000، فإننا نوصي أن يلتقي الفرقاء لتوكيد الالتزام بالاتفاقات الموقعة والتفاهمات المشتركة، واتخاذ إجراءات رديفة. يجب أن يكون هذا هو أساس مفاوضات كاملة وذات مضمون.
مقدمة:
في السابع عشر من تشرين الأول أكتوبر 2000، وفي اختتام أعمال مؤتمر الشرق الأوسط للسلام في شرم الشيخ - مصر، تحدث رئيس الولايات المتحدة نيابة عن المشاركين حكومة إسرائيل، السلطة الفلسطينية، حكومة مصر، الأردن، الولايات المتحدة، الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي. من بين أشياء أخرى، قال الرئيس:
"إن الولايات المتحدة سوف تطوّر مع الإسرائيليين والفلسطينيين، وبالتشاور مع الأمين العام للأمم المتحدة، لجنة لتقصي الحقائق حول أحداث الأسابيع الماضية وكيفية منع تكرارها، إن تقرير اللجنة سيكون ملكاً لرئيس الولايات المتحدة والأمين العام للأمم المتحدة والفرقاء قبل نشره، وسيتم تقديم تقرير نهائي للنشر تحت رعاية رئيس الولايات المتحدة".
وفي السابع من تشرين الثاني نوفمبر 2000، وبعد التشاور مع باقي المشاركين، طلب منّا الرئيس أن نعمل في ما أصبح يعرف لاحقاً بلجنة شرم الشيخ لتقصي الحقائق، وفي رسالة موجهة إلينا يوم السادس من كانون الأول ديسمبر 2000، قال الرئيس:
"إن هدف اللقاء والاتفاق الناتج عنه هو انهاء العنف، ومنع تكراره، وإيجاد طريق العودة الى مسيرة السلام. في إجراءاتها وطريقة عملها، على اللجنة أن تسترشد بهذه الأهداف الملزمة: على اللجنة وأي عضو من أعضائها محاولة قيادة الأمور بعيداً عن أي خطوة من شأنها تكثيف اللوم المشترك أو التأشير بإصبع الاتهام بين الفرقاء، وكما أوضحت في رسالتي السابقة، لا ينبغي أن تصبح اللجنة مصدر خلاف أو نقطة تركيز للّوم أو الاتهام، بل عليها أن تخدم ككابحة للعنف والمواجهة وتقديم العبر للمستقبل. إنها لا يجوز أن تكون محكمة هدفها تحديد جُرم أو براءة أفراد أو فرقاء، عوضاً عن ذلك، عليها أن تكون لجنة تقصي حقائق هدفها تحديد ما حدث وكيفية منع تكراره في المستقبل".
بعد اجتماعنا الأول، الذي عُقد قبل زيارتنا للمنطقة، طلبنا وقف كل أنواع العنف، أما اجتماعاتنا وملاحظاتنا أثناء الزيارات المتعاقبة للمنطقة فقد زادت من قناعاتنا بهذا الخصوص، وبغض النظر عن المصدر، فإن العنف لن يحل مشاكل المنطقة، إنه فقط سيزيدها سوءاً، إن الموت والدمار لن يأتيا بالسلام، بل سيعمقان الكراهية ويصلّبان العزيمة لدى الجانبين. ثمّة طريق واحد للسلام، وللعدل، والأمن في الشرق الأوسط، ألا وهو المفاوضات، فبالرغم من التاريخ الطويل والجوار ، يبدو أن بعض الاسرائيليين والفلسطينيين لا يتفهمون بشكل كامل مشاكل وهموم الطرف الآخر، يبدو واضحاً أن بعض الإسرائيليين لا يستوعبون الإذلال والإحباط الذي يتحمله الفلسطينيون بشكل يومي نتيجة اضطرارهم للعيش مع نتائج الاحتلال المدعوم بوجود قوات عسكرية إسرائيلية، ومستوطنات مغروسة في وسطهم، ولا يفهمون إصرار الفلسطينيين على الحصول على الاستقلال وتقرير مصير حقيقي، ويبدو واضحاً أن بعض الفلسطينيين لا يتفهمون مدى الخوف الذي يخلقونه في أوساط الشعب الإسرائيلي مما يضعف إيمانهم بإمكانية التعايش، أو إصرار الحكومة الإسرائيلية على عمل كل ما هو ضروري لحماية شعبها.
إن الخوف، والكراهية، والغضب، والإحباط قد تصعّد لدى الطرفين. إن الخطر الأعظم هو على ثقافة السلام، التي تمت تغذيتها عبر العقد السابق، والتي تحطمت، وبدلاً منها هناك إحساس متعاظم من عدم الجدوى واليأس، ولجوء متزايد نحو العنف.
إن على القادة في كلا الطرفين التصرف، والكلام بحزم لكبح هذه التوجهات الخطرة، عليهم أن يعيدوا إضاءة الرغبة والدافعية للسلام. إن ذلك سيكون صعباً، لكنه ممكن ويجب عمله، لأن البديل غير مقبول ولا يجوز أن يكون مجال تفكير.
إن شعبين لهما كبرياء يقتسمان الأرض والمصير، وقد أدت ادّعاءاتهما وخلافاتهما الدينية الى صراع مستعر أضعف الروح المعنوية وضرب الفهم بقيمة الإنسان. بإمكانهما أن يستمرا في الصراع، أو أن يتفاوضا لايجاد طريق للعيش جنباً الى جنب بسلام.
ثمة سجل من الإنجازات، ففي العام 1991 عقد أول مؤتمر للسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين في مدريد من أجل انجاز سلام قائم على أساس قراري مجلس الأمن الدولي 242 و338. وفي العام 1993 التقت منظمة التحرير الفلسطينية واسرائيل في اوسلو في مفاوضات وجهاً لوجه وللمرّة الأولى، وأدى ذلك الى اعتراف مشترك والى اعلان المبادئ "وقّعته الأطراف في واشنطن دي سي يوم 13 أيلول/ سبتمبر، 1993" وكان ذلك بمثابة خريطة طريق للوصول الى نهاية المطاف المتفق عليه في مدريد. منذ ذلك الوقت، اتخذت خطوات ضرورية في القاهرة وواشنطن وأماكن أخرى، وفي السنة الماضية اقترب الفرقاء كثيراً من انجاز حل نهائي.
كل ذلك أُنجز لكن الكثير في خطر، اذا نجح الفرقاء في اكمال الرحلة الى هدفهم النهائي، فإن الالتزامات المتفق عليها يجب أن تُنفذ، وأن يتم احترام القانون الدولي، وحماية حقوق الانسان. إننا نشجعهم على العودة الى المفاوضات، مهما كانت الصعوبات، إنها الطريق الوحيد الى السلام والعدالة والأمن".
النقاش :
يفهم من أقوال المشاركين في لقاء أكتوبر تشرين الاول الماضي تعبيرهم عن الأمل بأن انفجار العنف، الذي كان قد مضى عليه أقل من شهر، سيزول سريعاً، إن رسائل رئيس الولايات المتحدة لنا، والتي تطلب منا وضع توصيات حول كيفية منع استئناف العنف، توضح النية بازالة العنف.
مع ذلك فإن العنف لم يتوقف، وازدادت الأمور سوءاً، وعليه فإن الهمّ الأساسي بالنسبة الى الذين تحدّثنا معهم في المنطقة هو إنهاء العنف، والعودة الى عملية هيكلة السلام المنشود. هذا ما أخبرنا به، وما طُلب منّا أن نعالجه مع كل من الإسرائيليين والفلسطينيين. وكانت تلك أيضاً الرسالة التي فهمناها من الرئيس المصري حسني مبارك والملك عبد الله عاهل الاردن، والأمين العام الأمم للمتحدة كوفي انان.
إن همّهم هو همُّنا، فلو كتب لتقريرنا أي تأثير، فإنه يجب أن يتعامل مع الوضع القائم، والذي يختلف عن الوضع الذي تصوره المشاركون في اللقاء، في هذا التقرير سنحاول الإجابة التي كلفنا بها لقاء شرم الشيخ : ماذا حدث ؟ لماذا حدث ما حدث ؟
في ضوء الوضع الحالي، علينا أن نشرح الجزء الثالث من مهمتنا : كيف يمكن منع حدوث العنف؟.
إن أهمية عملنا وتأثيره ، في نهاية المطاف، سيقاسان من خلال التوصيات التي نقدمها في ما يتعلق بالأمور الآتية :
- إنهاء العنف
- إعادة بناء الثقة
- استئناف المفاوضات
ماذا حدث ؟
نحن لسنا محكمة. لقد التزمنا ما طلب منّا أن لا نحدّد جرم أو براءة أفراد أو جهات. ولم تكن لدينا قوة إجبار أحد على الشهادة أو تزويدنا الوثائق. وجاء معظم المعلومات التي تلقيناها من الفرقاء. ومفهوم، إنها تميل الى دعم وجهات نظرهم .
في هذا الجزء من تقريرنا، لا نحاول أن نضع الأحداث منذ أواخر سبتمبر ايلول2000 وما تبعها بشكل متسلسل. عوضاً عن ذلك، فإننا نناقش تلك الأحداث التي تلقي الضوء على الأسباب المؤدية للعنف.
في أواخر سبتمبر 2000، تلقى الإسرائيليون والفلسطينيون، ومسؤولون آخرون تقارير مفادها أن عضو الكنيست الذي يشغل الآن منصب رئيس الوزراء أرييل شارون يخطط لزيارة الحرم الشريف،جبل الهيكل في القدس. وحثّ المسؤولون الفلسطينيون والأميركيون رئيس الوزراء آنذاك، ايهود براك، على منع تلك الزيارة.
قام السيد شارون بزيارته تلك يوم 28 سبتمبر يرافقه ما يزيد على ألف من قوات الشرطة الإسرائيلية. ورغم أن الإسرائيليين صوّروا الزيارة ضمن سياق السياسة الداخلية، فقد رآها الفلسطينيون استفزازية. وفي اليوم التالي، وفي المكان نفسه، حدثت مواجهة بين عدد كبير من الفلسطينيين المتظاهرين غير المسلحين وعدد كبير من قوات الشرطة الإسرائيلية، وبحسب تقرير من الخارجية الأميركية "قام الفلسطينيون بتظاهرات ضخمة وقذفوا قوات الشرطة بالحجارة في منطقة الحائط الغربي ، واستخدم الجيش الرصاص المطاطي والذخيرة الحية لتفريق المتظاهرين مما أدى الى قتل أربعة أشخاص وإصابة حوالي مئتي شخص بجروح. ووفقاً لمصادر الحكومة الإسرائيلية فقد تم جرح أربعة عشر شرطياً إسرائيليا. وحدثت تظاهرات عدة خلال الأيام اللاحقة. هكذا بدأ ما عرف فيما بعد "بانتفاضة الأقصى" الأقصى هو مسجد في الحرم الشريف / جبل الهيكل
الحكومة الإسرائيلية تؤكد أن الدافع الفوري للعنف كان انهيار محادثات "كامب ديفيد" يوم 25 تموز يوليو 2000 و "التقدير المتزايد في المجتمع الدولي لمسؤولية الفلسطينيين عن الطريق المسدود كامب ديفيد ". وبحسب وجهة النظر هذه، فإن العنف الفلسطيني كان مخططاً له من قيادة السلطة الفلسطينية، وكان هدفه "استفزاز وإيقاع ضحايا فلسطينيين كطريقة لاستعادة المبادرة الديبلوماسية".
لقد أنكرت منظمة التحرير الفلسطينية الاتهامات بأن الانتفاضة كان مخططاً لها. وهي تدعي، على كل حال، أن "كامب ديفيد" لا تمثل أكثر من محاولة من قبل إسرائيل لمدّ نفوذها الذي تمارسه على الأرض الى المفاوضات و"ان فشل القمة ومحاولات إلصاق الاتهام بالجانب الفلسطيني أضاف الى الاحتقان على الأرض".
من خلال وجهة نظر منظمة التحرير ، استجابت اسرائيل لأحداث الشغب بعنف زائد واستخدام غير قانوني للأسلحة الفتاكة ضد المتظاهرين، وهو تصرّف، من جهة نظر منظمة التحرير عكس احتقار اسرائيل لحياة وأمن الفلسطينيين _ بالنسبة للفلسطينيين، فإن المشاهد التي نشرت بكثافة لمقتل ابن الثانية عشرة محمد الدرة في غزة يوم 30 سبتمبر، والذي قُتل وهو يحتمي بوالده، يعزز ذلك التصوّر.
ومن منظور الحكومة الإسرائيلية، فإن التظاهرات كانت تُنظم وتوجه من القيادة الفلسطينية لخلق حال من التعاطف الدولي مع قضيتهم من خلال استفزاز قوات الأمن الإسرائيلية لإطلاق النار على المتظاهرين، خاصة الصبية الصغار. وبالنسبة للإسرائيليين، فإن تنفيذ حكم الموت بإسرائيليين من قوات الاحتياط هما الملازم الأول فاديم نوفيتش والعريف الأول يوسف أفراهايمي، في رام الله يوم 12 أكتوبر 2000، عكس كراهية متأصلة عميقة لإسرائيل واليهود.
وما بدأ كسلسلة من المواجهات بين المتظاهرين الفلسطينيين وقوات الأمن الإسرائيلية، والذي كانت نتيجته أن فرضت الحكومة الإسرائيلية قيوداً على حركة الناس، والبضاعة في الضفة الغربية وقطاع غزة الإغلاقات تطوّر منذ ذلك الحين الى مجموعة من الأعمال العنفية وردود الفعل. كان هناك تبادل لإطلاق النار في مناطق مكتظة، وحالات قنص، وصدامات بين المستوطنين الإسرائيليين والفلسطينيين. وكانت هناك أيضاً حوادث إرهابية وردود فعل إسرائيلية صنّفتها الحكومة الإسرائيلية على أنها كبح للإرهاب بما في ذلك عمليات قتل وتدمير للأملاك وإجراءات اقتصادية. وأخيرا كانت هناك هجمات بقذائف المورتر على مواقع إسرائيلية تلتها غارات لجيش الدفاع الإسرائيلي على المناطق الفلسطينية.
من وجهة النظر الفلسطينية، فإن قرار اسرائيل توصيف الأزمة الراهنة على أنها "صراع مسلّح يقترب من الحرب" يعتبر ببساطة وسيلة "لتبرير سياسة الاغتيال، وسياسة العقوبة الجماعية، واستخدام الأسلحة الفتاكة". ومن وجهة النظر الإسرائيلية "إن القيادة الفلسطينية حرّضت ونظمت ووجهت العنف. لقد استخدمت وتستمر في استخدام الارهاب والاستنزاف كأدوات استراتيجية".
وفي العروض والوثائق التي قدموها ، تبادل كل من الفرقاء الاتهامات حول الدوافع ودرجة الضبط التي يمارسها الطرف الآخر. على أي حال لم نزوّد أدلة مقنعة بأن زيارة شارون كانت أكثر من عمل سياسي داخلي، كذلك لم نزوّد أدلة مقنعة على أن السلطة الفلسطينية خططت للإنتفاضة.
بناء عليه، لا يوجد لدينا أساس للإستنتاج أنه كانت هناك خطة متعمدة من السلطة الفلسطينية للبدء في حملة عنف واستغلال أول فرصة مواتية لذلك، أو للإستنتاج بأنه كانت هناك خطة متعمدة للحكومة الإسرائيلية للرد بأسلحة فتاكة.
مهما يكن الأمر، لا توجد آدلة للإستنتاج بأن السلطة الفلسطينية قامت بجهد متواصل للسيطرة على التظاهرات وعلى العنف لحظة حدوثه، أو أن الحكومة الإسرائيلة قامت بجهد متواصل لإستخدام وسائل غير فتّاكة للسيطرة على التظاهرات وعلى الفلسطينيين غير المسلحين. ووسط الغضب المتزايد والخوف وعدم الثقة، افترضت كل جهة ما هو أسوأ عن الآخرى وتصرفت بناء على ذلك.
إن زيارة شارون لم تكن سبب "انتفاضة الأقصى"، لكن توقيتها لم يكن موفقاً. وكان بالإمكان التنبؤ بما يمكن أن تسببه من استفزاز. وحقاً، تنبأ بنتائجها أولئك الذين طلبوا منع الزيارة. والأمر الأكثر أهمية هو الأحداث التي تلت : قرار الشرطة الإسرائيلية يوم 29 سبتمبر باستخدام وسائل فتاكة ضد المتظاهرين الفلسطينيين، وما ترتب على ذلك من فشل، كما أشرنا سابقاً ، لدى الطرفين في ممارسة الضبط.
لماذا حدث ما حدث ؟
ان جذور العنف الحالي تمتد أكثر عمقاً. واي قمة أو مؤتمر لا يحل الأمور من جذورها. لقد عمل كلا الجانبين بوضوح على خلق وهم عميق في ما يتعلق بتصرف الآخر وفشله في ارضاء التوقعات المنبثقة عن مسيرة السلام التي بدأت في مدريد سنة 1991 ثم في أوسلو سنة 1993، واتهم كل طرف الآخر بانتهاك تعهدات محددة وبالنيل من روح التزامه لحل الخلافات السياسية بطرق سلمية.
توقعات متباينة :
لقد صدمتنا التوقعات المتباينة التي عبّر عنها الفرقاء في ما يتعلق بتطبيق مسيرة أوسلو. ان النتائج التي انجزت من خلال تلك المسيرة لم يكن يتخيلها أحد قبل أقل من عشر سنوات. وخلال الجولة الأخيرة من المفاوضات، كان الفرقاء أكثر قربا من أي وقت مضى من حلٍ نهائي.
مع ذلك، فإن كلاً من الفلسطينيين والإسرائيليين أبلغونا أن الأساس الذي بنيت عليه مسيرة أوسلو - الوضع الصعب للحل النهائي يؤجل الى نهاية المسيرة - قد وقع بالتدريج تحت ضغط خطير. إن مسيرة الخطوة - الخطوة التي تم الاتفاق عليها من قبل الأطراف بنيت على الإفتراض بأن كل خطوة في مسيرة التفاوض ستؤدي الى تعزيز الثقة. ومن أجل انجاز ذلك كان على كل فريق أن يطبق الالتزامات المتفق عليها وعدم اتخاذ ما قد يراه الآخر محاولات إساءة للمسيرة من أجل التحديد المسبق لشكل الحل النهائي. وإذا لم تتم مراعاة هذا المطلب، فإن خارطة طريق أوسلو لن تؤدي بنجاح الى مآلها المتفق عليه. واليوم يلوم كل فريق الآخر لأنه يتجاهل هذه السمة الجوهرية، مما تسبب في أزمة في الثقة، وهذه المشكلة أصبحت أكثر إلحاحاً مع افتتاح محادثات الوضع النهائي.
لقد أعطت الحكومة الإسرائيلية أولوية للتحرك نحو اتفاق للوضع النهائي ضمن مناخ من عدم العنف، يتمشى مع الالتزمات المدرجة في الاتفاقات بين الفرقاء، "حتى لو سارت الأمور أبطأ مما تم تصوره في البداية، فقد كان هناك منذ بداية مسيرة السلام في مدريد سنة 1991، تقدّم متواصل نحو اتفاق الوضع النهائي من دون اللجوء الى العنف المتصاعد الذي وسم الأسابيع القليلة الماضية".
وترى منظمة التحرير أن اعاقة العملية نجم عن محاولات اسرائيل إطالة الاحتلال وتعزيزه، واعتقد الفلسطينيون أن "اتفاق أوسلو سيؤدي الى نهاية الاحتلال الإسرائيلي في غضون خمس سنوات" وهي المدة الزمنية التي حدّدت كمرحلة انتقالية في وثيقة اعلان المبادئ. وبحسب وجهة النظر الفلسطينية، بدلاً من ذلك وصلت الاعاقات الإسرائيلية المتكررة الى ذروتها في قمة كامب ديفيد حيث "عرض الإسرائيليون ضم ما يقارب 2،11 في المئة من أراضي الضفة الغربية باستثناء القدس كما عرض الإسرائيليون عرضاً غير مقبول بشأن القدس والأمن واللاجئين. "وفي المجمل فإن العروض الإسرائيلية في كامب ديفيد تضمنت بالإضافة الى ضم أفضل المناطق الفلسطينية لإسرائيل، السيادة الدائمة لإسرائيل على القدس الشرقية واستمرار التواجد العسكري الإسرائيلي في المناطق الفلسطينية والسيطرة الإسرائيلية على المصادر الطبيعية الفلسطينية، والأجواء والحدود الفلسطينية وأخيراً عودة أقل من 1 في المئة من اللاجئين الى موطنهم".
لقد ارتأى الطرفان أن عدم التزام الإتفاقات التي تم التوصل إليها منذ بدء العملية السلمية يعود الى ضعف الايمان بها. وأدت هذه النتيجة الى انعدام الثقة تماماً حتى قبل مرحلة المفاوضات النهائية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.