كشفت صحيفة "لوموند" الفرنسية عن معلومات قضائية جديدة، تشير الى تورط الرئيس الفرنسي جاك شيراك في عمليات التمويل غير المشروعة لحزبه "التجمع من أجل الجمهورية" عندما كان يتولى رئاسة بلدية باريس. وقالت إن القاضي اريك هالفين الذي يتولى التحقيق في هذه القضية منذ سنة 1994، استمع الى شاهد جديد هو فرنسوا تشيولينا المدير المساعد السابق لرئيس المكتب المختص ببناء مساكن شعبية "أوباك" الذي أكد أن شيراك كان خلال رئاسته بلدية باريس بين عامي 1977- 1995 بمثابة "المهندس" والمستفيد الرئيسي من العمولات غير المشروعة التي جناها حزبه من التلزيمات العامة. وذكرت ان تشيولينا هو الشاهد الوحيد الحي الذي يوجه تهمة مباشرة لشيراك في إطار تحقيقات هالفين. وكان اسم الرئيس الفرنسي ورد في شهادة مسجلة على شريط فيديو لرجل الأعمال الراحل جان كلود ميري الذي قال إنه سلم مدير مكتب رئيس بلدية باريس في حينه بيار روسان مبلغ خمسة ملايين فرنك فرنسي، كعمولة على التلزيمات العامة التي حصل عليها. وتشكل المعلومات التي أوردتها "لوموند" تطوراً جديداً، في إطار حملة قد تنعكس سلباً على صورة شيراك لدى الرأي العام الفرنسي حيث يحظى بتأييد حوالى 60 في المئة منه، وتأتي قبل حوالى عام من انتخابات الرئاسة الفرنسية. كما ان الكشف عن هذه المعلومات يتبع السابقة التي سجلها هالفين في تاريخ الجمهورية الفرنسية، باستدعائه شيراك كشاهد في إطار تحقيقاته حول التمويل غير المشروع للأحزاب عبر بلدية باريس، وهو ما رفض الرئيس الفرنسي تلبيته لأنه منافٍ للدستور. كما أنه يتبع فشل المحاولة التي قامت بها مجموعة ضئيلة من نواب اليسار الفرنسي، للتوجه الى المحكمة العليا الفرنسية، أملاً في إرغام شيراك على الإدلاء بشهادته امام القضاء. ولم يدل قصر الإليزيه بأي تعليق على المعلومات التي أوردتها "لوموند"، لكنها تشكل بالطبع إحراجاً واستياء في أوساط شيراك، خصوصاً أنها مثلها مثل الاستدعاء الذي أصدره هالفين، تتبع التقدم الكبير الذي سجله اليمين الفرنسي في الانتخابات البلدية التي عقدت في آذار مارس الماضي. في الوقت نفسه، فإن رئيس الحكومة ليونيل جوسبان، التزم الصمت التام حيال الموضوع، مثلما كان تجنب الإدلاء بأي تعليق على استدعاء شيراك من قبل هالفين. وعلى رغم القناعة في فرنسا بالاستقلال التام للقضاء، فإن الملفات القضائية المختلفة التي تتعلق بالوحدة السياسية والشخصيات العامة، تؤثر بشكل أو بآخر على موقع وشعبية المعنيين بها. والمرتقب في إطار الأجواء الانتخابية المبكرة المخيمة على الطبقة السياسية الفرنسية، ان تشهد هذه القضية المزيد من الفصول والتطورات التي يصعب التكهن بمدى الانعكاسات السلبية التي قد تؤدي إليها.