"حامد الغامدي"اتحادياً حتى 2030    تراجع أسعار النفط    مقتل ثلاثة أشخاص في انفجار بمركز تدريب للشرطة في لوس أنجلوس    حرائق الغابات في كندا أتت هذا العام على مساحة بحجم كرواتيا    الأسهم الأمريكية تغلق على تباين    البرازيلي "شاموسكا" مدرباً للتعاون مجدداً    أمير الشرقية يدشّن المخطط العام لمطار الملك فهد الدولي... الأحد    إدارة "النصر"تعيّن البرتغالي"خوسيه سيميدو"رئسياً تنفيذياً    النصر: تعيين البرتغالي سيميدو رئيسًا تنفيذيًا مكلّفًا    القبض على (3) أشخاص في القصيم لترويجهم مواد مخدرة    أرقام رائعة تُميز ديفيد هانكو مدافع النصر المُنتظر    الهلال يدخل سباق التعاقد مع مهاجم نيوكاسل    للمسؤول … طريق لزمة – الوهابة في انتظار كاميرات ساهر والإنارة    توزيع (3.255) سلة غذائية في عدة مناطق بباكستان    "وِرث" و"السودة للتطوير" تطلقان برنامجًا تدريبيًّا لفن القط العسيري    2000 ريال تكلفة كتابة السيرة الذاتية للباحثين عن عمل    1.9 مليون مصلٍ بالروضة الشريفة وأكثر من 3.4 مليون زائر للنبي صلى الله عليه وسلم    «التعاون الإسلامي» تدين استهداف الكنائس والمقدسات الفلسطينية    المعيقلي: «لا حول ولا قوة إلا بالله» كنز من كنوز الجنة    حسين آل الشيخ: النميمة تفسد الإخاء وتورث العداوة    حساد المتنبي وشاعريته    حملات إعلامية بين «كيد النساء» و«تبعية الأطفال»    ميراث المدينة الأولى    أبعاد الاستشراق المختص بالإسلاميات هامشية مزدوجة    رياح نشطة وطقس حار على معظم مناطق المملكة    "هيئة الطرق": الباحة أرض الضباب.. رحلة صيفية ساحرة تعانق الغيوم عبر شبكة طرق متطورة    الجبل الأسود في جازان.. قمم تعانق الضباب وتجذب الزوار بأجوائها الرائعة    إنقاذ مريضة تسعينية بتقنية متقدمة في مركز صحة القلب بمدينة الملك سعود الطبية    جراحة تنهي معاناة مريضة من آلام مزمنة في الوجه والبلع استمرت لسنوات ب"سعود الطبية"    تجمع مكة الصحي يفعّل خدمة فحص ما قبل الزواج بمركز صحي العوالي    القادسية يُعلن رحيل أوباميانغ    مهند شبير يحول شغفه بالعسل إلى علامة سعودية    معادلة عكسية في زيارة الفعاليات بين الإناث والذكور    انطلاق أول تدريبات ⁧‫قدم الدانة‬⁩ للموسم الكروي المقبل    اختتام أعمال الإجتماع الأول للجان الفرعية ببرنامج الجبيل مدينة صحية    خارطة لزيادة الاهتمام بالكاريكاتير    السعودية: نرفض كافة التدخلات الخارجية في سوريا    جامعة الإمام عبد الرحمن تختتم فعاليات برنامج موهبة الإثرائي الأكاديمي    (إثراء) يعلن عن فوز 4 فرق في المنافسة الوطنية لسباق STEM السعودية    برنامج تطوير الثروة الحيوانية والسمكية يعلن توطين تقنية «فيچ قارد»    المملكة تعزي العراق قيادة وحكومة وشعبًا في ضحايا «حريق الكوت»    تعليم الطائف يختتم فعاليات برنامج موهبة الإثرائي الأكاديمي لأكثر من 200 طالب وطالبة    صدور بيان عن السعودية و 10 دول حول تطورات الأحداث في سوريا    أمير منطقة جازان يستقبل وكيل الإمارة والوكلاء المساعدين الجدد    المدينة المنورة تبرز ريادتها في المنتدى السياسي 2025    الأولى عالميا.. التخصصي يزرع جهاز دعم بطيني مزدوج بمساعدة الروبوت    تنفيذ حكم القتل تعزيرًا بقاتل الدكتور عبد الملك بكر قاضي    وزارة الحج والعمرة تكرم عمر بالبيد    المفتي يستعرض أعمال "الإفتاء" ومشاريع "ترابط"    20 قتيلاً.. وتصعيد إنساني خطير في غزة.. مجزرة إسرائيلية في خان يونس    ضبط 275 كجم مخدرات والإطاحة ب11 مروجاً    د. باجبير يتلقى التعازي في وفاة ابنة شقيقه    " الأمن العام" يعرف بخطوات إصدار شهادة خلو سوابق    بوتين لا ينوي وقف الحرب.. روسيا تواصل استهداف مدن أوكرانيا    نيابة عن أمير عسير محافظ طريب يكرم (38) متفوقًا ومتفوقة بالدورة (14) في محافظة طريب    أمير تبوك يطمئن على صحة الشيخ عون أبو طقيقه    عزت رئيس نيجيريا في وفاة الرئيس السابق محمد بخاري.. القيادة تهنئ رئيس فرنسا بذكرى اليوم الوطني لبلاده    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الشثري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فرص للعرب أم مخاطر ؟ . تجمع المحيط الهندي بمشاركة أربع دول عربية يطرح قضايا متنوعة للخليج والبحر الأحمر
نشر في الحياة يوم 17 - 04 - 2001

انعقد أخيراً في سلطنة عُمان الاجتماع الوزاري لتجمع الدول المطلة على المحيط الهندي، وشاركت فيه ثلاث دول عربية أعضاء هي اليمن وعُمان والإمارات العربية المتحدة، اضافة إلى مصر وهي "شريك حوار" في التجمع، وعلى رغم أهمية هذا التجمع الجديد، فإنه لم يحظ بقدر كاف من الاهتمام يوازي تأثيره المحتمل على الدول العربية وبالذات دول مجلس التعاون الخليجي، فما هو تجمع دول المحيط الهندي، وما هي الفرص والمخاطر التي يطرحها بالنسبة إلى الدول العربية؟
نشأت فكرة إنشاء تجمع دولي يضم الدول المطلة على المحيط الهندي من خلال جمهورية جنوب افريقيا، إحدى دول المحيط الهندي، وذلك حينما قام وزير خارجيتها آنذاك، بيك بوتا، بزيارة الهند سنة 1993 مقترحاً إنشاء هذا التجمع، وفي العام التالي زار مانديلا، رئيس جمهورية جنوب افريقيا، الهند وأعاد تأكيد الاقتراح ذاته، وكان ذلك جزءاً من محاولة جنوب افريقيا القيام بدور جديد في العلاقات الدولية بعد رفع المقاطعة الدولية التي كانت مفروضة عليها نتيجة نظام الفصل العنصري.
ورحبت الهند بالاقتراح، بل وتحمست له، لأنها تعتبر المحيط الهندي إحدى مناطق الأمن المحورية بالنسبة إليها خصوصاً أن اختفاء الاتحاد السوفياتي أوجد مصادر جديدة للخطر في المحيط الهندي كالقرصنة وتهريب المخدرات والأسلحة الصغيرة. وفي تشرين الأول اكتوبر سنة 1994 قدمت الهند أيضاً مشروعاً لإنشاء "تكتل تجاري لدول المحيط الهندي"، أعلنه وزير التجارة الهندي آنذاك وبدورها اهتمت استراليا بالمقترحات الهندية - الجنوب افريقية، باعتبارها إحدى القوى الكبرى في المحيط.
وهكذا تلاقت إرادات الدول الثلاث وقاموا بدعوة سنغافورة وكينيا وعُمان وموريشيوس لعقد مؤتمر وزاري في موريشيوس، لمناقشة إنشاء تجمع لدول المحيط الهندي، وذلك في آذار مارس 1995، وقرر المجتمعون تكوين لجنة لإنشاء التجمع ووضع مشروع ميثاق وصوغ "خطة عمل". وفي أيلول سبتمبر 1995 اجتمعت الدول مرة أخرى في موريشيوس بعد توسيع العضوية لتشمل سبع دول أخرى هي: إندونيسيا ومدغشقر وماليزيا وموزمبيق واليمن وسري لانكا. وفي المؤتمر اتفقت الدول على المفهوم الثلاثي للشكل التنظيمي للتجمع، و"خطة العمل". فقد تم الاتفاق على أن يكون التجمع المقترح بمثابة تجمع حكومي وغير حكومي يضم فقط ليس الحكومات، وإنما أيضاً رجال الأعمال والأكاديميين، وأن توزع المشاريع الواردة في خطة العمل بين الأجنحة الثلاث للتجمع، واتفق ضمن إطار خطة العمل على عشرة مشاريع في مختلف ميادين التعاون التجاري، وتبادل الاستثمارات، والتنمية البشرية، وفي مؤتمر موريشيوس الثاني حدث خلاف هندي - استرالي حول مفهوم التجمع المقترح، فبينما طالبت استراليا بأن يشمل التجمع القضايا السياسية - الأمنية بما في ذلك القضايا النووية، فإن الهند عارضت ذلك التوجه تماماً وطالبت بأن يقتصر التجمع الجديد على التعاون الاقتصادي، على أن تدخل القضايا الأمنية - السياسية في مرحلة لاحقة، حتى لا تعطل الخلافات السياسية إنشاء التجمع. كما صممت الهند على استبعاد القضايا النووية، مما يشير إلى أن قرارها بالتحول إلى قوة نووية سابق على وصول حكومة فاغباي إلى السلطة في 1998.
وفي آذار 1997 اجتمعت الدول الأربع عشرة في موريشيوس للمرة الثالثة، وتم إعلان إنشاء التجمع الجديد باسم تجمع دول المحيط الهندي للتعاون الاقليمي.
وفي آذار سنة 1999 قررت الدول الأعضاء في الاجتماع الوزاري المنعقد في موزمبيق ضم الإمارات وبنغلاديش وإيران إلى عضوية التجمع وإعطاء مصر واليابان وضع الدولة الشريكة في الحوار Dialogue Partner، وهو وضع شبه العضوية المنتسبة.
ونص ميثاق التجمع على أن للتجمع مجموعة من الأهداف هي:
1- تطوير التنمية المتواصلة والمتزامنة لإقليم المحيط الهندي والدول الأعضاء، وإنشاء إطار مشترك للتعاون الاقتصادي الاقليمي.
2- التركيز على مجالات التعاون الاقتصادي التي توفر الفرص القصوى لتطوير المصالح الاقتصادية المشتركة، بما في ذلك تسهيل التبادل التجاري وتحرير الاستثمارات والتبادل العلمي والتكنولوجي والسياحة على أسس غير تمييزية.
3- تحديد مجالات أخرى للتعاون بحسب ما يتفق عليه.
4- تحرير التجارة وإزالة العقبات أمام تدفق السلع والخدمات وتدفق الاستثمارات والتكنولوجيا.
5- دعم وتنويع تدفق التجارة.
6- تشجيع التفاعل بين المؤسسات الصناعية والتجارية والأكاديمية.
7- تطوير التعاون بين الدول الأعضاء في المحافل الدولية حول القضايا الاقتصادية.
8- تطوير التعاون في ميدان الموارد البشرية.
ويلاحظ أن هذه الأهداف تدور حول التعاون الاقتصادي بمختلف أشكاله. كذلك نص الميثاق على مجموعة من المبادئ هي:
1- احترام المساواة في السيادة والتكامل الإقليمي والاستقلال السياسي وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء.
2- عضوية الرابطة التجمع ستكون مفتوحة أمام الدول التي تحترم الأهداف والمبادئ.
3- تتخذ القرارات في التجمع على اساس الإجماع ويعني ذلك أن لكل دولة في التجمع حق الاعتراض على أي قرار.
4- القضايا الثنائية وغيرها التي يمكن أن تكون سبباً للخلاف وتعوق التعاون الإقليمي سيتم استبعادها من التعاون الاقليمي وفي ذلك اشارة قوية الى المطلب الهندي باستبعاد القضايا النووية واستبعاد قضية كشمير محل الخلاف مع باكستان من أنشطة التجمع.
5- التعاون في إطار التجمع لا يتعارض مع التعاون في الاطر الاقليمية الاخرى.
6- يتم تنفيذ انشطة التجمع بشكل اختياري.
ونص الميثاق على ان أعضاء التجمع هي الدول ذات السيادة التي تقع في المحيط الهندي، ولكنه لم يعرّف المقصود بالمحيط الهندي لجهة هل يشمل منطقة الخليج العربي أو البحر الاحمر، والأهم من ذلك أنه نص على أن قبول اعضاء جدد يخضع لقاعدة الاجماع في اتخاذ القرارات ومن ثم تستطيع اي دولة الاعتراض على عضوية أية دولة اخرى، وفي الاجتماع الوزاري الذي عقد سنة 1999 في موزمبيق تمت اضافة شرطين جديدين، اولهما ان تكون الدولة طالبة الانضمام مطلة على المحيط الهندي، وأن توافق على اعطاء معاملة تجارية غير تمييزية لكل الدول الاعضاء، أي أن تعطي باقي الدول الاعضاء الامتيازات نفسها في التبادل التجاري، ومثل ذلك عقبة اضافية امام انضمام باكستان، إضافة الى عقبة الاجماع في قرار القبول، لأن باكستان لم توافق على إعطاء الهند المعاملة التجارية نفسها التي تعطيها للدول الاخرى.
قدمنا ان مفهوم التجمع ينشأ على أساس التعاون الثلاثي بين الحكومات أو رجال الاعمال، والاكاديميين، فالتجمع ليس مجرد إطار تنظيمي لتعاون الحكومات ولكنه يضم مسارين غير حكوميين آخرين، اولهما منتدى رجال الأعمال ومقره في استراليا ومنتدى الاكاديميين ومقره في جنوب افريقيا ويتميز المنتديان بأنهما غير حكوميين.
وتسير اعمال المسار الحكومي على أساس الهيكل التنظيمي الآتي:
1- المجلس الوزاري، يجتمع مرة كل عامين أو كلما اقتضت الضرورة ذلك ومهمته صياغة السياسات العامة ومراجعة التقدم.
2- لجنة كبار الموظفين، وتجتمع كلما أتفق على ذلك لمراجعة تنفيذ قرارات المجلس الوزاري ومتابعة التعاون مع تجمع رجال الأعمال والأكاديميين، وهذه اللجنة تتألف من الحكومات.
3- الأمانة العامة، وتشرف على سير أعمال التجمع، ولم يحدد الميثاق مقرها، ولكن أتفق على أن يكون مقرها في بورت لويس عاصمة موريشيوس.
4- اللجان الوطنية، ويقصد بها اللجان التي تكونها الدول للتنسيق مع الأمانة العامة.
من السابق لأوانه تحليل الاحتمالات التي قد يتطور إليها تجمع المحيط الهندي، ولكن يمكن القول إن مستقبل تجمع المحيط الهندي سيعتمد على عوامل عدة هي:
1- مدى قدرة الدول الأعضاء على التوفيق بين عضويتها في التجمع وعضويتها في مؤسسات إقليمية أخرى، فجميع أعضاء التجمع هم أعضاء في مؤسسات اقليمية أخرى، كرابطة دول جنوب آسيا السارك. ومجلس التعاون لدول الخليج العربي، والابيك، فإلى أي حد سيتعارض التجمع مع التزامات تلك الدول إزاء المؤسسات الأخرى.
2- أما العامل الثاني فهو السياسة الاميركية تجاه التجمع، فمن المعروف أن للولايات المتحدة مصالح مهمة في المحيط الهندي، وأنها تسعى لحماية وجودها الأمني ومصالحها الاقتصادية هناك، وفي رأينا فإن الولايات المتحدة لن تدخل في التجمع طالما أنه لم يمس القضايا الأمنية التي تمس وجود الولايات المتحدة في المحيط، ولكنها ستعمل على عرقلة تطوره إلى تنظيم أمني، طالما أنه لا يضمها.
واستطاع تجمع دول المحيط الهندي أن يساهم في زيادة حجم التجارة وانتقال الاستثمارات بين الدول الأعضاء، وأن ينشئ رابطة جغرافية جديدة بين دول تنتمي إلى ثلاث قارات مختلفة، وأن ينشئ إطاراً للحوار العلمي والاكاديمي بين الدول الأعضاء.
وهذا التجمع من شأنه أن يوفر للدول العربية المرتبطة بالمحيط الهندي، وبالذات دول مجلس التعاون الخليجي، مجالاً استراتيجياً جديداً لتنويع البدائل، وتطور مصالحها الآسيوية، ومقاومة الضغوط التي يمارسها الاتحاد الأوروبي عليها في مجال منطقة التجارة الحرة الأوروبية - الخليجية، والأوروبية - المتوسطية. ومن المفيد أن ينشأ حوار استراتيجي عربي خليجي/ مشرقي حول الارتباط بهذا التجمع، وحول اساليب الاستفادة من الفرص التي يطرحها في مجال تحرير التجارة، ونقل الاستثمارات والتكنولوجيا. ولعل من المزايا التي يتمتع بها هذا التجمع هي عدم وجود دولة كبرى واحدة مسيطرة عليه ما يعطي الدول الأعضاء القدرة على التفاعل بشكل أكثر مرونة، كما أن الدول الأعضاء وافقت على أن تعطي بعضها شروط الدولة الأولى بالرعاية، وهو ما يفتح افاقاً مهمة للتجارة العربية مع استراليا وجنوب افريقيا والهند. كذلك، فإن هذا التجمع يمكن أن يتطور ليشكل إطاراً أمنياً للتعاون يناقش تأمين المحيط الهندي ومداخله، وعلاقة أمن المحيط الهندي بأمن الخليج والبحر الأحمر. وتزداد أهمية بلورة العلاقات العربية مع تجمع المحيط الهندي مع تزايد قوة التوجه الآسيوي لدول مجلس التعاون الخليجي بحثاً عن أسواق لمنتوجاتها النفطية ولتنويع موارد الاستثمار خصوصاً إذا تذكرنا أن اليابان بما يمثله من أهمية للدول العربية، هو شريك حوار في هذا التجمع.
* كاتب مصري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.