العمل رسالة وأمانة    من المؤثر الحقيقي    ابدأ يومك بهذه الكلمات    «فيها إيه يعني» ينطلق بعرض خاص    قواعد بسيطة تحمي قلبك    377 ألف مولود سعودي في عام    اللجنة المنظمة لدورة ألعاب التضامن الإسلامي – الرياض 2025 تطلق شعار "أمة واحدة"    اختتام دورة المدربين لكرة القدم المصغرة بالمنطقة الشرقية وسط حضور لافت    التحالف الدفاعي الإستراتيجي السعودي الباكستاني        ملتقى الصم الصحي": مشاركة واسعة وجهود تكاملية لخدمة فئة الصم    ترمب يطلب من إسرائيل التوقف «فورا» عن قصف غزة    ضبط (3) إثيوبيين في جازان لتهريبهم (84) كجم "حشيش"    معرض الصقور والصيد السعودي الدولي 2025 يقدّم "السفاري"    الرِّياض تقرأ والكتاب يَطرق أبواب العالم    سفاري جديد معرض الصقور والصيد السعودي الدولي 2025    أمير جازان ونائبه يطمئنان على صحة الشيخ العامري    مستحقو الضمان الاجتماعي ما بين الحاجة والبيروقراطية    الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام بنجران تحصد المركز الأول على مستوى الجمعيات الأهليه    طرح الدفعة الثانية من تذاكر مباراتي الأخضر في الملحق الآسيوي    اليونيسف: لا توجد أي مناطق آمنة للفلسطينيين في جنوب غزة    رئيس وزراء لبنان: درء الفتنة لا يمكن أن يتم على حساب تطبيق القانون    الأزياء والموضة يلتقيان في معرض أسبوع أسلوب الحياة السعودي بالرياض    تكريم طلاب الصف الرابع (ج) المشاركين في الإذاعة المدرسية بمدرسة ابتدائية مصعب بن عمير    اللائحة التنفيذية لتنظيم الدعم السكني تدخل حيز التنفيذ    الأمن العام يشارك في معرض الصقور والصيد السعودي الدولي 2025    الأسهم الآسيوية والأوروبية تسجل مكاسب قوية وسط توقعات بخفض الفائدة الأمريكية    الشؤون الإسلامية في جازان تنفّذ أكثر من 81 ألف جولة رقابية على المساجد والجوامع خلال الربع الأول من عام 1447ه    «زاتكا» تُحبط تهريب 19.2 كجم من "الشبو المخدر"    وزير الداخلية: معرض الصقور منصة عالمية لصون الموروث الثقافي السعودي    إمام المسجد الحرام: تزكية النفوس سبيل السعادة والعيش الطيب    إمام المسجد النبوي: التباهي والتفاخر مظهر كبر وجهل وزيف دنيا    جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل تطلق خطتها الاستراتيجية الثالثة (2025–2030) الاحد المقبل    رئيس إنتر ميلان يكشف حقيقة رحيل أوسيليو لنادي الهلال    أمين الطائف يدشن مبادرة "تحسين وتطوير مداخل المويه"    شراكة استراتيجية بين "إكرام الجود" والهيئة الملكية لدعم مستهدفات رؤية 2030 في خدمة ضيوف الرحمن    97 ألف زائر يتعرفون على تقنيات طباعة المصحف في مجمع الملك فهد بالمدينة المنورة    القهوة.. رمز عالمي للتواصل ومورد اقتصادي يفوق 100 مليار دولار سنويًا    قنديل في مهب العاصفة    وكالة شؤون الأفواج الأمنية تشارك في معرض الصقور والصيد السعودي الدولي 2025    الأخضر السعودي في مجموعة قوية بكأس آسيا تحت 23 عامًا 2026    هيئة المساحة الجيولوجية: رصد زلزال بقوة 5.1 درجات في وسط إيران    "الهجن السعودية" تتصدر قوائم كأس الاتحاد السعودي ب 4 كؤوس و45 شوطاً    ديشان يدعم قاعدة (البطاقة الخضراء) ويدعو لاستغلالها بشكل إيجابي    الرخص الرياضية استثمار منظم يفتح أبواب الاقتصاد الجديد    الإعلاميان الكبيران : محمد عابس وعبدالعزيز خزام في مهرجان القصيدة الوطنية    نحترق لتنضج الطبخة    الشيخ والغوغاء 2/2    مواقف المملكة العربية السعودية «الأفعال تصنع الفرق قبل الأقوال»    التكيُّف مع الواقع ليس ضعفًا بل وعي وذكاء وقوة    هجوم حوثي صاروخي يستهدف سفينة هولندية في خليج عدن    أمراء ومسؤولون يقدمون التعازي والمواساة في وفاة الأميرة عبطا بنت عبدالعزيز    إرث متوارث.. من قائد (موحد) إلى قائد (ملهم)    تصاعد العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين.. اقتحام الأقصى وتصاعد حصيلة الشهداء في غزة    باحثون يطورون علاجاً يدعم فعالية «المضادات»    شيءٌ من الوعي خيرٌ من قنطار علاج    معتمرة تعود من بلدها لاستلام طفلها الخديج    نائب أمير تبوك يستقبل مدير عام الأحوال المدنية بالمنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالقادر الحصني يواصل قصيدة الستينات
نشر في الحياة يوم 22 - 03 - 2001


الكتاب: ينام في الأيقونة
المؤلف: عبدالقادر الحصني
الناشر: دارالكنوز الأدبية - بيروت 2000
عبدالقادر الحصني واحد من شعراء السبعينات في سورية. ولكنه، في الواقع، ينتمي الى تلك الحقبة زمنياً اكثر من انتمائه الى شكل قصيدتها وتجاربها التي كوّنت منعطفاً في مخيلة الشعر السوري. فالحصني لم يواكب النصوص التي كانت تتحرك وقتها بعيداً من موضوعات قصيدة الستينات ومعالجاتها البلاغية والسياسية والعاطفية.
وفي حين كان شعراء مثل منذر مصري وعادل محمود ونزيه أبو عفش ورياض الصالح الحسين وبندر عبدالحميد يصنعون بصماتهم الخاصة ويطبعون تلك المرحلة بنبرة شعرية تحتفل بالسرد والمتقشف العاطفي والإيجاز والأشياء الملموسة، وتقل فيها الثرثرة البلاغية والصورة الكلية والمباشرة، وتزداد مساحة التفاصيل وأمكنة الحياة اليومية وشؤون إنسانها الصغير والمطحون واليائس. في ذلك الحين كان الحصني، ويبدو انه ما زال، مع شعراء آخرين يكملون سيرة الستينات الشعرية ويجترّون روحها المعقودة على قصيدة غير ملموسة وغير مادية وغير متكتمة، كل شيء فيها واضح ومغنّى وملحن وموزون. حيث يخاطب الشاعر عالماً كلياً ويغرق في ذاتية انتجتها أحلام كبرى وأوطان مؤبدة وأحزان لا تنتهي والنساء مصنوعات من زبدة الكلام وعسل البلاغة وليس من صخب الحياة وسأم الأيام.
والأرجح ان القارئ يمكنه ان يجد كثيراً من خصائص هذا الشعر في قصيدة الحصني التي هي في معظمها ترجيع لهذا الشعر وتداول متكرر لإرثه الذي بات أشبه بالحذلقة الشعرية: "كأن الذي لم يُقل بعدُ/ قد قيل من قبلُ/ حتى تجيء السوابق من كل قولٍ/ وخيلٍ/ وليلٍ/ فتلقى سواها من القول والخيل والليل/ قد وصلت قبلها/ كأن المغني يحاول ان يتذكر ما سيغني".
هذا المقطع مثال شبه نموذجي لهذه الكتابة التي ما زالت تراهن على الغناء والتطريب والتفجع وصقل الكلمات على قياس التفعيلات التي تتحكم بصوغ القصيدة كلها. أما المعنى فيتم إرجاؤه لمصلحة الوزن، ويتأخر إكمال القصيدة وإنهاؤها في الوقت المناسب بسبب الولع بتحلية الكلام والاهتمام بجزالة الألفاظ وملاءمتها لدوران القصيدة حول نفسها، وكأن وظيفة الكتابة هي إرجاع ما يُنجز الى بدايته. ويصل هذا أحياناً الى حد الهذر ولكن المغلف بسكر الوزن، حيث الكلمات لا تضيف جديداً الى المعنى. اما إذا أراد الشاعر ان يكتب شعراً سياسياً أو نضالياً فيمكنه ان يقول: "كنت أريد بلاداً/ تسعُ الحلم/ إذا كانت تسعُ الحلم بلاد/ هذي رؤياي/ وهذا ما كنت أريد/ فماذا كان يريد الأوغاد".
يبدو أن المشكلة ليست في موضوع القصيدة بل في الكتابة نفسها. حيث يجد الشاعر غاية القصيدة في ذهاب مفرداتها الى هدفها المباشر والفوري، فتقع في الشرح والتفسير والوضوح بدل الكثافة والمفاجأة والتكتُّم، وتتورط في التسلسل المنطقي للمعنى. كأن الشاعر عليه ان يقول كل شيء وبكل صراحة، كأن عليه ان يقدم شهادة حسن سلوك في تأليف القصيدة. وتنطوي الكتابة في هذه الحال على إيمان راسخ أو يقين ثابت لا يطاوله شك في أن ما يصنعه الشاعر هو مآل كل شعر، ولذلك قلما يعثر القارئ في شعر كهذا على تفتيت لهذا اليقين يمكن ان يتبدى في تكسير التفعيلة الصارمة على الأقل، أو في استعمال اللغة على غير شيوعها الفصيح والمتسلّط. شعر كهذا، على الأرجح، تستبعد من مساحته التخييلية الضيقة وقوله الغنائي التقليدي الحياة الحديثة التي بات الشاعر فيها أكثر عزلة ولكن، في الوقت نفسه، اكثر انغماساً في صورة الكائن العادي والضعيف والمغمور، وبات قوله الشعري غير محتاج الى مستويات أدائية متضخمة. أي لا يحتاج الى أوزان لا تتلاءم مع الإيقاع المتشظي لوجود الشاعر ولمبدأ وجوده في العالم وفي الكتابة.
والحال ان شعر الحصني يبدو متأخراً عن كل التطور الذي لحق بالكتابة، وبعيداً من الاختبارات التي خاضتها على أكثر من صعيد، ومقصراً عن الارتيادات الكبرى التي كشفتها. وإذا قارنا هذا الشعر بما استأنفه شعراء الثمانينات وما بعدهم فإن هذا سيُبعد أكثر فأكثر ما يكتبه الحصني في قصائد مجموعته الرابعة "ينام في الأيقونة" عن الاستراتيجيات المتجددة والمتنوعة لمعظم ما يُنشر من شعر في لبنان وسورية ومصر مثلاً، بل إن مقارنة كهذه مع النماذج الأكثر تطوراً في قصيدة التفعيلة نفسها كتجارب غسان زقطان ونزيه أبو عفش وشوقي بزيع وغيرهم والتي نجحت بسبل مختلفة في تكييف التفعيلة وتجديد هويتها الإيقاعية مستفيدة من علاقات النثر لن تكون في مصلحة هذا الشعر. صحيح ان هناك بعض القصائد القصيرة في المجموعة كان يمكن ان تقدم حال كتابة مختلفة ولكن المشكلة انها مكتوبة بنَفَس القصائد الأخرى ومظهَّرة بالبلاغة ذاتها وبالغناء نفسه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.